حفل
افتتاح مهرجان السينما في دمشق هل كان عاصفاً حقاً؟
نعمت خالد من دمشق
تصدر
العدد الأول من مجلة المهرجان عنواناً، على صفحة الغلاف"...وعاصفة سينما
أيضاً" لكن متابع حفل الافتتاح الذي تعهده منذ دورات إخراجاً الفنان ماهر
صليبي، سيجد أن عاصفة لم تهب، بل هو الملل والتأفف الذي ملأ فضاء قاعة
الأوبرا من طول مقاطع السينما التي تخص المكرمين في الافتتاح، وطول محاكاة
المقاطع السينمائية بمشاهد واقعية للتظاهرات السينمائية في فعاليات
المهرجان.
هو مهرجان
دمشق السينمائي، ولقد قررت إدارة المهرجان أن يكون دولياً، عبر مشاركات
موسعة لدول عديدة من العالم. لكن هل يبرر هذا أن يسعى الافتتاح ليكون في
استعراضه دولياً.
وهل توسل
رقصات مثل السامبا، أو مثل رقصة لامبادا، أو تشا تشا، هو الصورة الحضارية
التي أرادها محمد الأحمد لسوريا؟
إنني
أناشد العارفين بالرقص والموسيقا أن يبرروا لي ،استقدام لفرقة الرقص سمة،
وربما لأنني متخلفة قليلاً بالرقص لم أسمع بهذه الفرقة من قبل،والتي دربها
علاء كريميد، أن تكون رقصتها المرافقة لأغنية علي صوتك لمحمد منير، بحركات
باليه، تحمل سمة الغرب.
ثم من قال
أن افتتاح المهرجان بفقراته الاستعراضية يجب أن يكون لها علاقة بمضمون
المهرجان، أم أن ماهر صليبي، الذي حاكى بعض المشاهد السينمائية للتظاهرات
بمشاهد واقعية يؤديها، ليس فنانين تمثيل، بل الراقصين، هي المبرر ليطلق
مقولته هذه حول أن احفل الافتتاح يجب أن يرتبط بمضمون المهرجان، وما دام
مؤمناً بهذه المقولة، فلماذا لم يسع في افتتاحات سابقة للمهرجان كان قد
أخرجها ليطبق نظريته هذه. لعل افتتاح الألعاب الأولمبية في الصين، كانت
مخطئة حين لم يضم افتتاحها، فقرات من ألعاب القوى أو السباحة أو الملاكمة،
أو غيرها من الرياضات المشاركة في الأولمبياد.
على كل
حال، أجرؤ على القول أن الخصوصية السورية والعربية قد تجلت أكثر ما تجلت في
كلمة الدكتور رياض نعسان آغا وزير الثقافة الذي قال في الافتتاح: بي أضطرب
وأخشى أن تتنازعني مشاعر شتى بين فرح تصر الشام على أن يتألق تألقها
الحضاري الأعرق، وأناشيد حب تطلقها إلى البشرية كلها، وبين أسى يتدفق في
الوجدان لما تعرض له أهلنا في البوكمال على يد الأمريكيين.
لكننا بلد
حضاري، نصر على أن يبقى السلام شعارنا، وأن تبقى دمشق عاصمة الفرح
الإنساني، نصر على أن نقدم النموذج الأمثل والأجمل للتعايش بين الثقافات
والحضارات والأديان. ففي دمشق عرف الإنسان الأول حضارته، أهدت بلادنا من
قبل العهد السومري للبشرية كلها رسوماً قبل اختراع الأوغاريتيين الكتابة.
ولعل
الهرج والمرج الذي طغى على المنصة عند استدعاء لجان التحكيم والمكرمين إلى
المنصة، قد أوقع الافتتاح في إرباك، ربما يتحمل ذلك لجان التنظيم التي
شكلتها الإدارة، هذه اللجان الغير عارفة لا بالضيوف، ولا بالشخصيات
النقدية، مما وضع بعض هؤلاء بحرج مع من يعملون في العلاقات العامة، ولا
أريد أن أقع هنا في ظلم أحد، فمديرة العلاقات التي حملوها الكثير من البطيخ
في يديها، والتي من المفترض أن يكون حولها ذوي اختصاص حتى لا تقع الإشكالات
للضيوف، السيدة دينا التي بحق هي دينامو المهرجان، لم يكن ذنبها أن يهان
ناقد تونسي، أغلق بابا العلاقات في وجهه، وكأنه باب وزارة، دون أن يلبى
طلبه في الحصول على حقيبته الخاصة بالضيوف.
ولعل
أفضل ما قدم في الافتتاح، بعد كلمة وزير الثقافة التي كانت بحق هوية سورية
كان يجب أن تكون بوصلة الافتتاح، الهجين، الذي كان خلطة هويات، دون أن يكون
هناك تمايز بين هوية وأخرى، ولعمري هذا ينفع، حين تزال الحواجز بين العالم،
فلا شمال غني، ولا جنوب فقير، حين يصبح الإنسان مطلق إنسان قادر على العيش
بكرامة، دون أن يكون رهينة التجاذبات العسكرية والاقتصادية والسياسية. أعود
وأقول أن إدارة المهرجان قد وفقت في اختيارها لفيلم الافتتاح" ثلاثة قرود"
التركي، الذي نال جائزة أفضل إخراج في مهرجان كان، هذا الفيلم الذي جعلنا
نطل عل صورة أخرى لتركيا، غير ذاك الوجه السياحي الذي نعرف، صورة مرتبطة
بهموم ومواجع القاع الاجتماعي، وما تعانيه من فقر واستلاب، فيلم ناقش
المسكوت عنه في تركيا، سواء ذاك المتعلق بالجسد، أو بالفوارق الطبقية بفعل
السياسة، بالإضافة إلى البعد النفسي للشخصيات التي تقع تحت وطأة هذه
العذابات. وجاء الفيلم بلغة سينمائية عالية سواء على صعيد الصورة
وجمالياتها، أو على صعيد أداء الممثلين، الذين كانوا يطرحون مقولات الفيلم
بتعابير وجههم غالباً، فالحوار كان قليلاً، وتحدثت الكاميرا والوجوه، أكثر
مما تحدثت الأصوات. واستطاع المخرج عبر صورته أن يشكل التواصل الأمثل مع
المتلقي.
أخيراً
يبقى أن نقول أن المهرجان هو فرصة لرؤية أفلام، المشاهد السوري محروم منها،
فأفلام قد تكون منتجة في السبعينيات، نراها عبر المهرجان لأول مرة
أما
الملاحظة التي لا تغيب عن أحد فهي: هؤلاء المكرمون من الدول الأوروبية
والأمريكية، كلهم دون استثناء قد تجاوزوا الستين، أي أن هؤلاء قد وصلوا سن
التقاعد في بلدانهم، جميل أن يكرمهم المهرجان، لكن أين هم من دائرة الفعل
في السينما، ليكونوا جسر تواصل ما بين سينما عربية لم تصل إلى الحبو،
وسينما عالمية وخاصة الهوليودية التي غزت العالم.
موقع "إيلاف" في 5
نوفمبر 2008
ريتشارد هاريسون في مؤتمره الصحفي ، الحياة بين السياسة والسينما
نعمة خالد من دمشق:
في إطار
فعاليات مهرجان دمشق السادس عشر، نظمت الإدارة مؤتمراً صحفياً للفنان
الأمريكي: ريتشارد هاريسون. وقد بدأ حديثه بالتعريف عن نفسه قائلاً: بدأت
مسيرتي السينمائية في إطار شركتين، منهما شركة أمريكا للإنتاج الفني. ثم
بعد ذلك توجهت للشركات السينمائية الإيطالية. لم يكن المال هدفي. وعبر هذه
المسيرة، أنتجت 120 فيلماً، لم تكن كلها على سوية عالية فنياً. لأنني
اشتغلت بعض الأفلام التجارية من أجل العيش.
عملت مع
ساندي ماينزي، وهو معروف في الإنتاج والتوجه الجيدين في السينما.
كما أنتجت
أفلاماً لم يراها أحد، لكني أحبها. وهي أفلام غير تجارية، لا تغامر شركات
التوزيع بشرائها.
لعبت
أدوار أكشن في الأفلام الأمريكية، وهذه الأفلام نالت حب الجماهير، مثل دور
الرئيس في الولايات المتحدة في إيران، اسم الفيلم " السفير" وقد أثار هذا
الفيلم اهتماماً كبيراً، والفيلم يتحدث عن فترة رئاسة جونسون. كما لعبت
دوراً كسيناتور، بالإضافة إلى المشاركة في أفلم جيمس بوند. وقد استخدمت
السلاح في كثير من أفلامي لكني لم أرغب يوماً في حمل السلاح، ولم أقتل حتى
حيواناً صغيراً في حياتي.
وأضاف
ريتشارد هاريسون: في السينما نعمل ما يريد المشاهد، على الرغم من وجوب
الذهاب إلى التاريخ الحقيقي، فجونسون كان يعمل خياطاً في حياته العادية،
وكان لباسه بسيطاً، لكن في الفيلم أجبرت على لبس الكاوبوي.
من خلال
عملي في السينما زرت 62 دولة في العالم، ولأنني أحب السفر، فقد تصرفت بشيء
بعيد عن الحكمة حيث عملت في أفلام لم أكن لأختارها، لولا هذا الحب.
أحب
السياسة، وأعتبرها هي الحياة، على الرغم من معاناة الكثير من الناس منها،
خاصة في زمن بوش الإبن، وآمل أن ينجح أوباما، ليغير صورة أمريكا في العالم
التي شوهها المجنون بوش.
الشعب
الأمريكي لا يعرف شيء عن السياسة الأمريكية الخارجية، فالإعلام محجوب عنه،
أقصد الإعلام الذي يبين ما تفعله أمريكا في العالم. فهناك تعتيم من قبل
الإدارة الأمريكية عليه.
أعرف أن
من أولويات المهرجان التعريف بسوريا، لكني لم أكن أعرف عنها شيء إلا أثناء
زيارتي هذه، ووجدت فيها الحس الإنساني العالي، حيث الناس يحضنون بعضهم
بمحبة، وهذا ما نفتقده في الغرب.
عشت في
أوروبا: إسبانيا، ألمانيا، إيطاليا، في إيطاليا تنوع سياسي أكثر من أمريكا،
والعيش في أوروبا أسهل خاصة في إطار التعامل الإنساني.
اثناء
لقائي مع وزير الثقافة توافقت آراؤنا، وتطرقنا إلى السياسة، تحدثنا عن
أخطاء السابق والراهن، وقلت له: السياسة كلعبة الشطرنج، لكن علينا أن نفعل
ما بوسعنا وأن نتسامح.
ثم بدأت
أسئلة الصحفيين. وكان السؤال الأول: ماذا تعرف عن السينما العربية؟ خاصة
وأنك لعبت دوراً في فيلم أخرجه سهيل بن بركة، الاسم الموسوم ب" أمورك"؟
ج- سهيل
مخرج مهم، قام بإنتاج عدة أفلام، لكنها ليست تجارية، ليست بالمستوى المطلوب
للترويج. هي أفلام مهرجانات. على الفيلم أن يكون فيه القليل من السياسة.
أما على
صعيد الأفلام العربية، فلم تسنح لي الفرصة لرؤية هذه الأفلام، أتمنى أن
يتاح لي ذلك في هذا المهرجان.
س2 – سألت
إيلاف: قلت أن السينما تغيب الحقيقة عبر قولك: أن السينما تفعل ما يريده
المشاهد، على الرغم من وجوب الذهاب إلى التاريخ، هل نفهم من قولك هذا أن
السينما الأمريكية قد غيبت الحقيقة وضللت العالم؟
ج2 –
للإجابة سأعرض مثالاً: خلال فترة حكم جاكسون، وهذا من خلال بحث أجريته عن
الهنود الحمر، نصحوا الهنود بالذهاب إلى واشنطن لرفع قضايا بشأن ما يتعرضون
له من تعذيب وتهجير ومجازر، وفي طريقهم إلى هناك أعطى جاكسون الأمر بقتلهم
حالما يغادرون.
أمريكا
تعيش الزمن المتوحش في الحقيقة يظهر في بعض الأفلام، لكن غالبيتها هي أفلام
الأمريكي فيها لا يقهر، وهو صاحب بعد إنساني على عكس العيش خاصة الأفلام
التي توثق الحروب مثل حرب فيتنام.
وفي سؤال
عن أثر تكريمه في مهرجان دمشق السينمائي قال: صراحة لم أتوقع التكريم وقد
فوجئت به، لكن لا يهمني التكريم بقدر اهتمامي بمعاملة الشعب هنا، التكريم
يشعرني ببعض الحرج، أما المعاملة الجيدة فهي مكسبه، فأنا أحب أن يكون الناس
على مقربة مني، حيث الحميمية بالعلاقات.
وعن
إمكانية مشاركته في فيلم لمخرج سوري أجاب: سوف تقوم شركتي بإنتاج فيلم
بالتعاون مع المؤسسة العامة للسينما في سورية، شريطة أن يكون النص ذا سوية
عالية.
وعن رأيه
بالمهرجان قال: حتى الآن رأيت العديد من الإنتاج المصري، وأرغب بمشاهدة
السوري،. هناك اختلاف بالتصوير بين هوليود وهنا، في هوليود لا يتم تصوير
أكثر من ثلاث مشاهد في اليوم، بينما هنا قد يصل عدد المشاهد المصورة في
اليوم إلى عشرين. التوزيع في هوليود أفضل، فبعض الأفلام قد يتم بيعها قبل
الإنتاج، والتسويق يتم بآلية: فيلم جيد مع فيلمين وسط، لذا تكون السينما
بإنتاجها وتقنياتها أفضل,أرجو أن تصل السينما العربية إلى ذلك.
موقع "إيلاف" في 5
نوفمبر 2008
|