تغيبت
«دنيا»
فاختلطت المواعيد
مؤتمرات المهرجان تناقش «مذبحة» مونيكا و«ماء» ميهتا
والأفلام العربية القصيرة
نائل العالم
ثلاثة مؤتمرات صحافية عقدت أمس ضمن فعاليات مهرجان دبي السينمائي الدولي في
دورته الثانية، بعد أن اختلطت المواعيد وتضاربت، فقد كان مقررا أن يكون
افتتاح أحداث اليوم الثالث بمؤتمر لمناقشة فيلم »دنيا« المصري المثير
للجدل، غير أن الصحافيين تفاجأوا بتغيير الموعد وحضور المخرجة جوسلين صعب
التي بررت التأجيل برغبتها في أن يشاهد الصحافيون الفيلم قبل مناقشته، لكن
مصادر مطلعة أكدت لـ »البيان« أن الممثلة حنان ترك هي التي رغبت في التأجيل
لعدم استعدادها للحديث عنه في ذلك اليوم.
في كل الأحوال بدء المخرج الليبي محمد مخلوف مسؤول إعداد برامج الأفلام
العربية القصيرة رحلة المؤتمرات الصحافية، واصطحب معه مخرجي تلك الأفلام
التي بلغ عددها ثلاثة عشر فيلما، وقد عرف المخرجون الواعدون بأنفسهم
وبأفلامهم وقد حولوا المؤتمر إلى جلسة ودية نقاشية لم تتسع لها أسئلة
الصحافيين الكثيرة حول أفلامهم.
مخلوف أكد دعمه للأفلام القصيرة وتبنيه لها مطالبا القنوات التلفزيونية ببث
هذه النوعية من الإبداع بدلا من أغنيات الفيديو كليب والمسلسلات المصورة،
وقال انه شاهد حوالي 200 فيلم حتى استقر اختياره على الأفلام التي تشارك في
مهرجان دبي.
وأوضح المخرج الليبي أن الأفلام القصيرة تعبر عن قضايا كبيرة بدقائق
معدودات وهي مشغولة بإمكانات بسيطة وبتمويل شخصي لذلك فهي تحمل الكثير من
الصدق.
وقد تحدث عدد من المخرجين المتواجدين عن أفلامهم، وحظي فيلم »دوليون
فلسطينيون« الذي نفذه شابان اسبانيان هما البيرتو آرسي وماريا مورينو بأكبر
قدر من النقاش، وهو فيلم وثائقي صور داخل الأراضي الفلسطينية ويدعو للحرية
والنضال السلمي.
وقد تحدث الاسبانيان عن المعاناة التي تكبداها لدى تصويرهما الفيلم الذي
نفذ بأدوات بسيطة وبميزانية لم تتجاوز 2400 دولار أميركي، وقال البيرتو: «
ما أردنا التركيز عليه هو فكرة السلام التي من الممكن أن تتحقق في فلسطين
لو أريد لها ذلك، وأضافت زميلته: »أردنا دعم المقاومة الفلسطينية حتى ولو
من خلال فيلم قصير».
وكان لفيلم »تحالف« نصيب من أسئلة الإعلاميين المتواجدين، كونه أول فيلم
خيال علمي من إنتاج عربي، وقد تحدث مخرجه أجمل ظهير أحمد عن فكرة عمله التي
يجملها بالقول بأنها حرب المستقبل ضد الجنس البشري لكن بشكل مختلف عن
الأفلام التقليدية.
وأوضح أجمل أن ميزانية فيلمه كانت عبارة عن 130 ألف دولار فيما تستهلك
أفلام أخرى من هذا النمط حوالي 130 مليون دولار، مؤكدا أن ردود الفعل كانت
ايجابية جدا على الفيلم في الولايات المتحدة رغم أن بطلته كانت امرأة
مسلمة.
المخرج المصري الشاب شريف البنداري طرح وجهة نظره حول قضية تعايش ست فتيات
جامعيات في منزل واحد وانعكاس سلوكهن على المجتمع، وذلك كان ملخصا لفيلمه
»ست بنات«، وقال: »إن كل من شاهد الفيلم وصفه بالواقعي وغير التقليدي«.
وناقشت الحوارية أيضا فيلم »جزائريات« لجميل سلاني الذي يتطرق لحرب التحرير
الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي ويركز على معاناة النساء بشكل خاص من تلك
الحرب.
»مذبحة« مونيكا
»مذبحة« هو عنوان الفيلم الوثائقي الذي كان موضوع
النقاش في مؤتمر صحافي آخر في ثالث أيام المهرجان، والفيلم إنتاج ألماني
شارك في إخراجه ثلاثة مخرجين، منهم ألمانيان هما مونيكا بورغمن وهرمان
تيسن، وقد حضرا المؤتمر، وثالث لبناني هو لقمان سليم تغيب عن المؤتمر بسبب
الأحداث السياسية الجارية في لبنان وآخرها اغتيال الصحافي جبران تويني، كما
بررت بورغمن.
فيلم »مذبحة« يتناول مذبحة صبرا وشاتيلا التي حدثت في بيروت عام 1988 لكن
المخرجة الألمانية أكدت أن الفيلم يتعرض لظاهرة العنف الجماعي بشكل عام،
وهو موضوع ما زال حارا في لبنان.
وعن دوافع اختيارها لهذه المجزرة قالت بورغمن: إن هناك أسبابا شخصية لذلك،
تعود لاهتمامي بظاهرة العنف ودراستها وقد وجدت ذات الاهتمام عند المخرج
لقمان سليم الذي شهد فصول مجزرة صبرا وشاتيلا في بيروت.
وتحدثت مونيكا عن الصعوبات التي واجهت تصوير الفيلم خاصة بما يتعلق بعدم
رغبة كثيرين ممن حضروا المجزرة بالظهور من خلاله، كذلك »واجهتنا بعض
المشكلات مع السلطات اللبنانية«.
وقالت المخرجة الألمانية ان الفيلم يطرح العديد من التساؤلات أكثر من تلك
التي يجيب عليها، مؤكدة أن التركز كان على أولئك الأشخاص الذين يملكون
القدرة على تنفيذ هذه المذابح مع أنهم أناس عاديون يعيشون بيننا!.
»ماء« ميهتا
من ناحية أخرى أثار فيلم »ماء« ذي الإنتاج الكندي نقاشا ساخنا في الندوة
التي حضرتها مخرجة الفيلم وكاتبة السيناريو الهندية ديبا ميهتا. ويتحدث
الفيلم الذي عرض مساء أول من أمس، عن قصة العروس تشويا التي تنضم لمعبد
الأرامل بعد وفاة زوجها حيث تواجه النزيلات مصيرا متشابها من حيث الانعزال
عن العالم الخارجي.
ميهتا تحدثت عن فترة التحضير للفيلم والمشكلات التي سببت تأخير تصويره أربع
سنوات كاملة بسبب الأصوات المحتجة على ذلك. وقالت ميهتا إن فيلم »ماء«
يتعرض إلى ظلم المرأة الذي يأتي من العادات والتقاليد المتوارثة وأحيانا من
الأديان. وأكدت أنها اضطرت لتغيير السيناريو أكثر من مرة، كما تغير فريق
العمل حتى ظهر الفيلم بشكله الحالي.
####
«كوسوفو : يد الصداقة» و«تحت شمس الصحراء» يرويان اهتمامات
الإمارات الإنسانية والبيئية
استضاف مهرجان دبي السينمائي الدولي في دورته الثانية أمس، العرض العالمي
الأول لاثنين من الأفلام الإماراتية الجديدة التي تتميز بمضامينها البالغة
الأهمية، وتتشابه المضامين التي يطرحها الفيلمان الى حد كبير، حيث يحث
كلاهما على تحمل المسؤولية تجاه القضايا الإنسانية والبيئية، ويسلط الفيلم
الأول، وهو «كوسوفو: يد الصداقة»، الضوء على المهمة الإنسانية التي تقوم
بها القوات الإماراتية المشاركة ضمن قوات حفظ السلام الدولية في كوسوفو في
ظل الأزمة التي عانت منها تلك المنطقة.
فيما يتناول الفيلم الوثائقي «تحت شمس الصحراء»، للمخرج البريطاني المقيم
في دولة الإمارات جوناثان علي خان، البيئة الصحراوية الأصيلة والحياة
البرية في العالم العربي، حيث يطالب ببذل المزيد من الجهود لحمايتها.
ويركز الجزء الأول من الفيلم الذي عرض أمس في سينما «سيني ستار 12» مول
الإمارات، يعاد عرضه الجمعة المقبل في الساعة 45,11 مساء في سينما ستار 7
مول الإمارات، على صحارى المنطقة والحياة البرية التي تعج بمختلف أنواع
المخلوقات، كالطيور والزواحف والثدييات، بالإضافة الى الأشجار والنباتات.
ومن أبرز هذه الأشجار، شجرة الصمغ، وهي من أشهر النباتات الصحراوية التي
تزود سكان الصحراء بالغذاء والظل بما يساعدهم في المحافظة على حياتهم. كما
يرتبط وجود هذه الشجرة ببقاء العديد من المخلوقات على قيد الحياة، ومنها
الغزال المهدد بالانقراض.
كما يروي الفيلم، الذي تم تصويره في عدد من أجمل المناطق الصحراوية، قصة
حيوان «المها»، وهو من أشهر المخلوقات في منطقة الخليج العربي على وجه
الخصوص، وحينما تعرض هذا المخلوق الصحراوي الرائع للانقراض في فترة
السبعينات، تم إطلاق حملة دولية لحمايته وإعادة تكثيره في الحياة البرية.
** كوسوفو: يد الصداقة
تبدأ قصة الفيلم «كوسوفو: يد الصداقة» في عام 1999 عندما فرضت عمليات
التطهير العرقي التي شنها الصرب ضد مسلمي كوسوفو ونزوح أكثر من 100 ألف من
سكان المنطقة من بيوتهم بسبب فظائع تلك العمليات المروعة، وبوازع من الضمير
الإنساني الحي وفي استجابة فورية لتلك الأحداث تهرع دولة الإمارات الى نجدة
المتضررين من جراء ذلك النزاع بإرسال قوات عسكرية وهيئات إغاثة وإقامة مدرج
طائرات ومخيم للاجئين لتوفير المسكن والمأكل لعشرة آلاف شخص.
وكما ساهمت بصورة فعالة في العمليات الدولية الهادفة إلى حفظ السلام وإعادة
الإعمار، وتوفر القوات الإماراتية أيضاً الحماية للكوسوفيين والصرب حينما
يعودون الى موطنهم، كما تمول المساعدات القادمة من الإمارات بناء مستشفى
جديد في المنطقة يستقبل الصرب والمسلمين على حد سواء.
ويلقي فيلم «كوسوفو: يد الصداقة» الذي صوره المخرج الايرلندي جيري نلسون
على مدى 3 أشهر، الضوء على القوى التي تسببت في نشوب الحرب في كوسوفو، كما
يستعرض بعض الممارسات الإنسانية التي لا يلتفت اليها الكثيرون وساهمت في
إنقاذ أهالي تلك المنطقة.
وسيشهد برنامج «عملية الجسر الثقافي» وهو من البرامج الأساسية في المهرجان،
العرض العالمي الأول للفيلم وذلك في تمام الساعة 9 من مساء يوم الأربعاء 14
ديسمبر، في «مسرح المدينة» ضمن «سوق مدينة الجميرا» بحضور عدد من ضباط
القوات العسكرية الإماراتية.
####
المئات شاهدوه ضمن «سينما الهواء الطلق»
«باراكا» سفر الحواس حول الأرض
كارول ياغي
شاهد مساء أول من أمس المئات من محبي السينما فيلم «باراكا»، ضمن برنامج
«سينما في الهواء الطلق» على شاشة عملاقة في حديقة مدينة دبي للإعلام.
في الساعة الثامنة غصت الحديقة بالناس من مختلف الجنسيات والأعمار، لم
يفترشوا الأرض أو يحملوا معهم كراسيهم، بعد أن عكفت اللجنة المنظمة على
تزويد المكان بمقاعد خاصة ما تعرف باسم «بوف» متنوعة الألوان بين الأحمر
والأزرق والأصفر. إضافة الى تأمين أكشاك لبيع الاطعمة والمشروبات الغازية
والعصائر.
منهم من يشاهد فيلم «باراكا» لأول مرة ومنهم من شاهده على قرص «دي في دي»،
تقول آن ووكر إن متعة مشاهدة الفيلم على شاشة عملاقة في أحضان الطبيعة لا
يمكن أن تفوت. أما راجا التي أحضرت أولادها الثلاثة لمشاهدة الفيلم قالت
«عرفت أن الفيلم يتضمن مشاهد رائعة من بلادنا (الهند) فقررت أن احضر
وأولادي الذين لا يعرفون الكثير عن بلادهم بسبب إقامتنا الطويلة هنا.
جاين ورون ومروان وسعيد وليلى حددوا عددا من الأفلام التي يودون مشاهدتها
خلال المهرجان ومن ضمنها «باراكا»، يقولون إن السينما المفتوحة هذا العام
منظمة ومتقنة على خلاف دول أخرى ولكن المتعة هي نفسها من دون شك خصوصاً
للذين يأتون من اجل الفيلم وليس التسلية وتمضية الوقت».
قبل بدء العرض تحدثت هانا فيشر مسؤولة إعداد برنامج أفلام في دائرة الضوء،
فأشارت إلى الجهود التي بذلت لعرض الفيلم في الدورة الثانية لمهرجان دبي
السينمائي الدولي. وقالت إن «باراكا» هو اصدق مثال لشعار المهرجان بناء
جسور التواصل الثقافي». وقدمت مخرج الفيلم رون فريكيه، الذي وصف الفيلم
بأنه رحلة شيقة بين أضاد الطبيعة والبشر، يثير التساؤلات.
صور فيلم «باراكا» بعدسة 70 ملم الأمر الذي جعل الصورة أكثر شمولية،
وجاذبية وغنية بالتفاصيل. تحل الموسيقى فيه مكان الحوار، فتجوب برفقة
الصورة فيما يشبه جلسة تأمل وغوص في عجائب وتناقضات الأرض، جمالها
وبشاعتها، وعادات البشر من طقوس العبادة وصولا إلى اللاشيء.
أنتج «باراكا» عام 1992 ونال جائزة تقديرية في مهرجان مونتريال السينمائي
الدولي في العام نفسه. وبعد عامين رشح لنيل جائزة المؤلفين السينمائيين
الأميركيين. يبدأ فيلم «باراكا» الذي يعد تحفة فنية في عالم صناعة السينما
بتصوير كسوف الشمس والانتقال إلى تصوير لوحات جمالية طبيعية جبال، أنهار
سهول وديان...
ويغوص في عادات وتقاليد الشعوب خصوصاً تقاليد الصلاة بين مختلف الشعوب
والديانات السماوية وغير السماوية. ويصور بشكل فاضح عبث الإنسان بالغابات،
وحالات الفقر المدقع ويصور أناساً متسولين يعيشون على القمامة مقابل عيش
آخرين برفاهية غريبة. يصور الفيلم سرعة الحياة المدنية وامتدادها مقابل
سكينة الطبيعة. يصور السلم والحرب التصوف والفجور، ينتقد من دون أن يتكلم
ما اقترفته أيدي البشر من مجازر فتظهر أهوال الإبادة في كمبوديا التي
ارتكبها الخمير الحمر.
يصعب على المشاهد التلفت أو إغماض عينيه حتى لا يفوته أي جزء من الرحلة
الفريدة الصامتة من كل شيء باستثناء الموسيقى التي تشكل بتنوعها وتداخلها
مع الصورة لغة تنطق بلسان حال كل الشعوب. عرض فيلم «باراكا» ضمن برنامج
سينما الهواء الطلق الذي يتضمن خمسة أفلام هي: اليزابيث تاون الذي عرض مساء
أمس، و«البوسطة» الذي سيعرض الثامنة من مساء اليوم، فيلم الكارتون الياباني
«قلعة هول المتحركة» مساء الخميس ويختتم بالفيلم الأميركي «قاعة حفلات
مجنونة وساخنة».
####
على العرب أن يضعوا صوراً يرون فيها أنفسهم ويراهم الآخرون
كوستا غافراس : أحب دبي ويوسف شاهين
حوار: حسين قطايا
يقدم مهرجان دبي السينمائي الدولي في دورته الثانية فرصة حقيقية لان تلتقي
ثقافات كثيرة ببعضها بعضاً، مما يغنيها جميعاً إذ ان لا ثقافة من دون
التحاور والتجاور والتماهي والتناقض مع ثقافات أخرى فالحضارة الإنسانية
واحدة، وكلما تعددت ثقافاتها كلما أزدادت غنى وتقدما.
وما يحكى عن صراع حضارات كمصطلح يستخدم في هذه الآونة نتيجة للفروقات
الاقتصادية الضخمة والمرعبة بين الدول، ليس سوى شعار يقوم بتغطية أهداف
مصلحية لا تغير بمفهوم الحضارة الإنسانية الواحدة المتعددة الثقافات إلا
إذا كان المقصود تفريغ «الحضارة» من مدلولها.
من الفرص القيمة التي قدمها المهرجان في دورته الثانية التقاء بعض صناع
السينما العالمية الكبار أمثال مورغان فريمان وكوستا غافراس وسواهما من
نجوم التمثيل العرب والأجانب.
يحتل المخرج الفرنسي كوستنتين كوستا غافراس مكانة عالمية بين زملائه في
عالم الإخراج السينمائي، وهو ولد في اليونان لأب روسي وأم يونانية ثم هاجر
شاباً إلى العاصمة الفرنسية باريس ودرس في جامعة السوربون ثم التحق بالكلية
الوطنية الفرنسية للفنون السينمائية، بعد ان فشل بالحصول على فيزا إلى
الولايات المتحدة الأميركية بسبب ميوله اليسارية المعروفة عنه، أدرجته
الحكومة اليونانية اليمينية في ستينات القرن المنصرم على اللائحة السوداء
للأسباب نفسها.
بدأ عمله في السينما كمساعد مخرج لثلاث سنوات ليقوم بإخراج أول أفلامه في
العام «1965» الذي لفت الأنظار تحت عنوان «شوك تروبس» عن المقاومة الفرنسية
بوجه الجيش الألماني النازي وصدمه ان يكون بينهم أحد الخونة، في العام
التالي أخرج «ذا سليبنغ كار موردر»، يدور حول جريمة قتل تتحرى عنها الشرطة،
لكن أحد عناصرها يحاول إبعاد الشبهة عن أحد المتهمين.
في العام «1969» قدم فيلمه «زاد» الذي حقق له شهرة واسعة أكدت حضوره كواحد
من كبار صناع الفن السابع عن قصة حقيقية جرت في اليونان، حول مقتل عضو
برلمان عن طريق الدهس بشاحنة ليبدو الأمر قضاء وقدراً، لكنّ تحقيقاً
صحافياً يكشف ان الأمر كان مدبراً، ومنذ هذا الفيلم بدا غافراس كمنتج
للسينما السياسية التي ألهمته القيام بأكثر من فيلم.
مثل: «ستيت ان سيلج» عن دبلوماسي أميركي يخطف من قبل يساريين في أميركا
الجنوبية. وعلى المنوال نفسه استمر غافراس في شريطة «ميسنغ» الذي نال عنه
جوائز من مهرجانات عالمية كثيرة مثل «كان» وسواها تدور احداثه حول صحافي
أميركي يساري يختفي في أميركا اللاتينية في ظروف غامضة ويصر أهله بالبحث
عنه.
بطولة جاك ليمون الذي نال اوسكار عن أفضل ممثل فيه وسيسي سبايك اوسكار أفضل
ممثلة لعام 1982، بعد هذه الجوائز الكبيرة بعام واحد صدم غافراس الرأي
العام الغربي بإخراجه فيلم «هانا.ك» عن فلسطيني يعود بعد 20 عاماً الى بلده
ليجد امرأة اسرائيلية قد احتلت منزله.
كتب الفيلم الايطالي فرانك سولناس الذي عرف بمناهضته للصهيونية ولتشريد
عشرات الآلاف من الفلسطينيين، فتحمل مع غافراس أعباء حملات دعائية قادها
ضدهما الوكالات الصهيونية في أميركا وأوروبا.
حول أعمال غافراس وشؤون وشجون السينما كان لـ «البيان» هذا الحوار معه:
·
هل هذه زيارتك الأولى إلى دبي؟
ـ دعوت في العام الماضي إلى الدورة الأولى من المهرجان، وللأسف لم أتمكن من
الحضور لضيق الوقت.
·
كيف تقيم هذا المهرجان في دورته
الثانية؟
ـ في البداية لا بد أن أعلن عن إعجابي بالتنظيم المميز من بين مهرجانات
كثيرة عالمية. وكذلك لفتني فيلم الافتتاح «الجنة الآن» لحسن اختيار اللجنة
المنظمة له. وشاهدت عدة أفلام عربية من مستوى جيد، وكذلك هي مدينة دبي
الرائعة الجمال فيها عبق خاص أحببته.
·
هل شاهدت الأعمال القصيرة
الإماراتية؟
ـ شاهدت بعضها، وأعتقد أنها ليست كثيرة والمهم أنها حاضرة.
·
أعجبتك؟
ـ الأمر فيما يتعلق بالأفلام القصيرة والمشغولة بتقنيات بسيطة تتعدى مسألة
التقييم المادي إلى ما تحتاج إليها بالفعل. وهو التشجيع على الاستمرار في
المحاولة.
·
كيف ترى السينما العربية
الروائية؟
ـ لست من المتابعين بقوة للسينما العربية، رأيت بعض الانتاجات من الجزائر
ومن مصر ومن المغرب وهي جيدة إلى حد كبير وتعجبني سينما الصديق يوسف شاهين
الذي يمتلك حساً إبداعياً يلتقط عبره حركة الواقع ونبضه ويقدم مادة إشكالية
للحوار الذي يهجس به.
·
متى تعتقد أن السينما العربية
ستصبح قادرة على أن تثبت ذاتها بين السينمات الأخرى العالمية؟
ـ نصيحتي لكل البلدان العربية أن يشجعوا السينما وعمالها، وأن يفتحوا
آفاقاً لإنتاج الصورة التي تشكل مرآة يرون بها أنفسهم ويراهم فيها الآخرون.
·
صناعة السينما إجمالاً عمل متكامل بين عدة قطاعات، فلا يكفي أن يكون لديك
مواهب إخراجية أو تمثيلية إذا لم تمتلك قدرة على التوزيع ما رأيك بذلك؟
ـ هذا صحيح لذلك أقول لك على المؤسسات الرسمية العربية أن تدعم هذا القطاع
الفني المهم كما تفعل أميركا وفرنسا ودول كثيرة أخرى تدعم صناعة الفن
السابع لأنها تعرف أهمية تقديم الصورة للذات وللآخر.
·
على سيرة السينما الأميركية، ألا
تراها تطغى على السينما الأوروبية في الكم والنوع؟
ـ إذا كان المقصود من سؤالك أن أجيب أيهما أفضل السينما الأوروبية أو
الأميركية فالجواب واضح، الأوروبية بالطبع من حيث النوع والإشكالات التي
تطرحها.
وإذا كنت تقصد أيهما أفضل على شباك التذاكر وتحقيق الإيرادات فالجواب واضح
أيضاً الأميركية دون أدنى شك. لقدرة الأخيرة على التوزيع الواسع إضافة إلى
الميزانية الكبيرة التي يضعونها لإنتاج الأعمال الضخمة. والدعم الذي تؤمنه
لهم الإدارة الأميركية والشركات الكبرى.
·
لا أعتقد أنه يمكن اختصار
السينما الأميركية بضخامة الانتاج وبالقدرة على التوزيع الكبير فقط، أليس
كذلك؟
ـ بالطبع لا، لكن قلة قليلة هي الأفلام الجيدة، بالمقارنة مع حجم الكم
الهائل من الانتاجات السينمائية، ودعني أقول لك ان ثلثي الأفلام الجيدة
الأميركية ليست مصنوعة من أميركيين بل من أوروبيين من ايطاليا وفرنسا
وألمانيا وبريطانيا حتى أنا نفسي أعمل في أميركا، التي فيها انتاجات
هوليوودية جيدة ورديئة وهناك محاولات انتاجية من خارج هوليوود لكنها لم
تستطع ان تؤكد حضورها حتى الآن بقوة.
·
هل السينما مكاناً للصراع
السياسي أو للتنافس الفني؟
ـ الصراع مصطلح موجود بطبيعة الإنسان وحركته اليومية داخل منزله وفي علاقته
بكل الأشياء، ولا يفهم من الصراع فقط نظرية «القتال»، بل المقصود النضال
الذي يؤديه كل حي في سبيل قضايا كثيرة تبدو بالوجود والاستمرار وتنتهي
بالاقتصاد والثقافة وصولاً إلى جبهات الحرب.
·
تقلقك الأمور السياسية، حتى أطلق
عليك صفة المخرج السياسي؟
ـ السياسة بمعناها اليومي لا تعنينا مع أنني ألحظ وجودها وأراقبها، لكن
السياسة بتأثيراتها على حياة الناس تعنيني بقوة، ومن المهم لي كسينمائي أن
أرى تكون حركة الشخصيات في مجال «أيديولوجي» معين، وما هي ردات الفعل وإلى
أين يمكن أن تصل؟
·
لذلك أخرجت فيلم «أمين» عن
النازية، وأفلام أخرى تهجس بالشأن السياسي الذي ذكرت؟
ـ أنظر إلى السياسة كشأن منفصل عن الحياة، فأنا عندما أشير إلى مسألة
العدالة أكون أتكلم في السياسة، وإذا أشرت إلى غياب الديمقراطية أو إلى
اضطهاد الإنسان لإنسان آخر أكون في قلب الصفة السياسية، وهذا طبيعي، فأنا
مخرج معني بالحياة بكل ما فيها من حقائق وأوهام.
·
إلى أي مدى يتوهم غافراس أنه
يصنع حياة بالصورة السينمائية؟
ـ سؤال جيد، بقدر ما تتوهم أنت أنك تضع مقالة جيدة، أو يتوهم الشاعر بأنه
ينشد ملحمة ستؤثر بحركة التاريخ، الوهم هو أصل التحريض على الاستمرار بلعبة
الحياة ولعبة الفن والابداع.
·
متى يتوقف الفنان عن اللعب؟
ـ عندما يستدعيه الموت فتهدأ فيه روحه وتدخل الكاميرا في الكادر ويصبح
المشهد المسيس في أصله أبيض تخترق سكونه الأشياء السوداء لوحدها.
####
المجموعة العربية للإعلام تكرم عادل إمام
«الزعيم» : المقاومة الفلسطينية والعراقية مشروعة
أمينة عماري
كرمت أمس المجموعة العربية للإعلام الفنان المصري عادل إمام في مكاتب جريدة
«الإمارات اليوم» في دبي التي زارها إمام ظهراً حيث كان في استقباله الرئيس
التنفيذي للمجموعة عبد اللطيف الصايغ ورئيس التحرير سامي الريامي والعاملون
في المؤسسة.
اتخذ اللقاء طابعا غير رسمي أتاحه حضور «الزعيم» الذي تربع على عرش
الكوميديا المصرية والعربية طيلة أكثر من نصف قرن وما زال يشكل الرقم الصعب
في الأفلام الكوميدية الهادفة والتي تقحم الحياة الاجتماعية والسياسية في
صلب سيناريو الفيلم وتسلط الضوء على هموم الشارع المصري والعربي.وببساطته
المعهودة وخفة ظله جلس عادل إمام أكثر من ساعة مع الزملاء في «الإمارات
اليوم» ورغم ان الكثير لا يعرفه بشكل شخصي لكن المؤكد أن جميع الحضور كان
يعرف «الزعيم» من خلال أعماله الرائدة التي رغم مرور سنوات طويلة مازالت
محفورة في وجدان الجميع ،فمرة بشخصية «الواد سيد الشغال» وأخرى بشخصية
التلميذ المشاغب .
وغيرها من أدوار رسمت ملامح عادل إمام عند الجميع حيث أصبح يحتل جانبا
كبيرا من ذاكرة الأمة. وتركز كلام الفنان إمام خلال الزيارة حول أهم
القضايا التي تطرح بقوة على الساحة العربية والعالمية كقضية الإرهاب التي
تشغل الرأي العام العالمي حيث أكد أن الإسلام بريء من الإرهاب وعلى العالم
بأسره ان يستوعب الموضوع.
وأعرب عن حزنه العميق للحالة المتردية التي وصل إليها الشارع العراقي وقال:
«أنا زعلان لأن الأطفال العراقيين لا يستطيعون الاستمتاع بطفولتهم التي
سلبت منهم»، وحول المقاومة العراقية قال إنها «مشروعة ضد المستعمر مثلها
مثل المقاومة الفلسطينية التي تطالب بالحياة الكريمة».
وأكد كسفير في الأمم المتحدة للنوايا الحسنة «أن المنظمة تسعى لتقديم
المساعدات للجميع من دون التركيز على الانتماء ولا فرق بين العرب والأجانب
والجميع يحرص على المساعدة»، وتكلم عن نشاط زملائه الفنانين العرب والأجانب
وعن شخصيات مثل الملاكم محمد علي كلاي ومايكل دوجلاس وكذلك الفنانة صفية
العمري وحسين فهمي، وأثنى على عمل ملكات الجمال وقال «إن ملكات الجمال
المنتدبات في المنظمة كسفيرات للنوايا الحسنة يمتلكن ثقافة وقدرا كبيرا من
المعرفة حول أوضاع الشعوب».
وحول فوز الإخوان المصريين في الانتخابات الأخيرة قال: «أتوقع صدام بينهم
وبين الحركات الثقافية والفنية»، وأضاف قائلاً: «لكن لا أحد ينكر أنهم
وصلوا عن طريق الاقتراع لذلك أمامهم فرصة كبيرة».
وفي الختام تحدث عن تجربة «العمل البطولي الجماعي في (عمارة يعقوبيان) الذي
جمع أسماء كبيرة في التمثيل إلى جانبه»، مؤكداً أن «هذا العمل سيكون علامة
فارقة في الدراما العربية».
####
«ماء» تحفة سينمائية جريئة
أرامل حزينات وحب محرّم على ضفة نهر «الغانج»
كتب: إسماعيل حيدر
لم يكن اختيار »ماء« فيلم الافتتاح لعروض شبه القارة الهندية، سوى تحية حب
من اللجنة المنظمة لمهرجان دبي السينمائي الدولي في دورته الثانية. وهي
جاءت أيضاً بعد تقدير آخر من مهرجان تورنتو السينمائي في دورته الثلاثين
التي أقيمت في شهر سبتمبر الماضي.
فهذا الفيلم البديع الذي تعرض خلال الإعداد له في الهند عام 2000، للعديد
من العثرات والحملات المناهضة من قبل الجماعات الهندوسية الأصولية، ظهر إلى
النور في العام 2005، بعد جهود متميزة قامت بها المخرجة ديبا ميهتا، حيث
تمكنت مع فريق جديد من الممثلين والتقنيين وفي مقدمتهم المنتج دايفيد
هاميلتون والممثلان جون إبراهام وليزا راي، والطفلة المعجزة سارلا ابنة
الثماني سنوات، من تصوير مشاهد الفيلم في سيريلانكا، لكن باسم مستعار هو »full moon«
أي القمر المكتمل »ماء« تحفة سينمائية بامتياز.
وهو رغم التراجيديا المؤلمة التي تتوالى في أحداثه، غير أنه يشعر المشاهد
بالامتلاء الروحي إلى أقصاه، لعمق فكرته، وجرأة طرحه لقضية حساسة في
المجتمع الهندي، بل في صلب الديانة الهندوسية، تعتبر الأرامل حاملات لخطايا
موت أزواجهن، ما يجعلهن نصف أموات أو غير جديرات بالحياة الطبيعية،
وبالتالي عليهن إكمال سنوات أعمارهن في مأوى متواضع للأرامل يقام قريباً من
نهر الغانج الملحمي المقدس لدى الهندوس، هناك حيث يلقى برماد جثث أزواجهن
في الماء.
وكان طبيعياً أن تمتلئ قاعة »ارينا« الفسيحة في مدينة جميرا مساء أول من
أمس، برواد من جنسيات مختلفة، وطغى على المكان الحضور الهندي الارستقراطي،
وكان بين الحضور مخرجة الفيلم ديبا ميهتا وجمع من الفنانين. هذا الحشد الذي
غصت به القاعة، كان كافياً لتكوين فكرة مسبقة اننا أمام فيلم غير عادي.
فيلم لم تألف السينما الهندية إنتاج مثيل له إلا في ما ندر ولا ندري ما إذا
كان الإنتاج الكندي هو ما جعل الأمر يخرج عن السياق الكلاسيكي المعهود
للسينما الهندية التي غالباً ما تحمل إلى المشاهدين أفكاراً تراجيدية
وبوليسية مكررة وسطحية.
كنا في أمسية »ماء« مبللين حقاً، حيث اندمجت القاعة كلها، بينما العيون
كانت مسمرة نحو الشاشة، حوالي الساعتين من الوقت، وهي تتابع المشهد تلو
الآخر.
تبدأ الحكاية في العام 1938، بينما كان الاحتلال الانجليزي يجثم على الأرض
الهندية الشاسعة، الغارقة في التقاليد الصارمة المكرسة دينياً .. تقاليد
متوارثة من عمر الزمن، حيث الزواج مباح منذ الطفولة. وكان المجتمع الهندي
في ذلك الحين منقسماً بين أغنياء مترفين وفقراء معدمين .. بينما المهاتما
غاندي الذي كان يقود حركة سلمية لإخراج الإنجليز من بلاده، يقبع في سجنه.
وليس بعيداً عن مأوى الأرامل الحزينات، يلتمع على الضفة الأخرى قصر لأحد
الأثرياء، يرسو بالقرب منه بين الحين والآخر، مركب صغير تستخدمه »غولابي«
وهي امرأة قاسية الملامح تجلب نساء من المأوى ليقدمن المتعة للرجل الغني،
رغم إقامة زوجته وابنيه الشابين اللذين تخرج أحدهما من لندن ويدعى »نارايان«،
يلعب دوره الممثل جون ابراهام.
يقوم الفيلم على خمس شخصيات رئيسية، تلعب الطفلة سارالا التي تجسّد شخصية
الأرملة الصغيرة »شويا«، دوراً محورياً في الفيلم، بحضورها اللافت وأدائها
الآسر.
بينما يقوم جون ابراهام بدور »نارايان« الجامعي والمثقف والثري الذي يلتقي
صدفة »كالياني« التي تلعب شخصيتها العارضة الممثلة ليزا واي، وهي الأرملة
الشابة الساحرة بجمالها وهدوئها، وتدور بين »نارايان« و»كالياني« قصة حب
مرتبكة ومعقّدة، حيث التقاليد الهندوسية تحظر على الأرامل الحب والزواج،
وترغمهن على تمضية العمر في المأوى. وإلى هؤلاء هناك »شاكونتالا« التي تلعب
دورها الممثلة سيما بيسواسي وهي امرأة غامضة هادئة الطباع وتحترم التعاليم
الهندوسية.
أما مادهوماتي، فهي الحاكمة في المأوى وفقاً لإرادة »الاله كريشنا« فهي
تمثّل دور المرأة التي تطبق التعاليم وفقاً لأهوائها، فهي صارمة في منع
الأرامل من مغادرة المأوى التزاما بالتقاليد والتعاليم الدينية، بينما
تسهّل خروج الجميلات من الأرامل اللواتي يطلبهن الزبائن للمتعة.
تدور المشاهد في فضاءات محددة، مراكب تعبر نهر الغانج من ضفة إلى أخرى،
مأوى الأرامل، وقريباً منه قصر الثري، وضمن هذه المساحات كانت الكاميرا
تلتقط المشاهد ببراعة، لكأننا أمام لوحات تنطق شعراً، بينما كانت النساء
تغتسلن للتطهّر من الخطايا، كان الرجال يقومون بالفعل ذاته »ايمانا« بقدرة
مياه النهر المقدسي على تحقيق أمنياتهم لدى الاله كريشنا.
ثلاثة أجيال من الأرامل، بينهن من تشارف على نهاية العمر وهي تحلم بطعم
الحلوى التي لم تذقها منذ الطفولة. وواحدة تتمتع بالجمال لكنها لا تحسن سوى
الركون إلى قدرها، صارت أرملة، وليس لديها سوى الاله كريشنا تتضرع إليه،
أما الطفلة »شويا«، فقد كانت صديقة الجميع ما عدا رئيسة المأوى، التي كانت
عرضة لشتائمها كلما قامت بتصرف خاطئ مع احدى نزيلات المأوى. وكانت أيضاً
ساعي البريد بين العاشقين كالياني ونارايان.
في الفيلم، يحضر الماء كثيراً، من مشاهد الاغتسال في المأوى، إلي التطهّر
في »الغانج«. ومثلما يحضر الماء تحضر النار، ليكونا متجاورين قرب النهر
المقدس.
والحزن يخيّم أيضاً في معظم المشاهد من وجوه الأرامل العجائز الحزينات، إلى
النهاية المؤلمة للعاشقة كالياني التي تنهي حياتها غرقاً في النهر، بعد
اكتشافها وهي برفقة حبيبها »نارايان«، انها مارست البغاء مع والده وصولاً
إلى علامات الخوف والألم على وجه »شاكونتالا«، حين تهرع للبحث للبحث عن
الطفلة »شويا« لتجد أنها كانت ضحية أخرى للثري والد »نارايان«.
في هذا الوقت يخرج غاندي طليقا، ويلتقي بأنصاره ومحبيه. ويدعوهم بكلمات
مقتضبة إلى العيش بسلام وحرية وعدالة، ونبذ التقاليد البالية، وحين غادر
غاندي بالقطار إلى مدينة أخرى، كان »ناريان« الذي رفض حياة أسرته وسلوك
أبيه، وآمن بأفكار غاندي..
وكانت »شويا« بين يدي »شاكونتالا« التي سارعت باتجاه »نارايان« صارخة بأعلى
صوتها: خذها إلى غاندي لتعود إلى الحياة.
وتتوقف الكاميرا عند وجه شاكونتالا، وهي تتأمل رحيل القطار، بينما ظهرت على
الشاشة عبارة: 33 مليون أرملة هندية مازلن يعانين قسوة الوحدة حتى يومنا
هذا«!
####
يوميات.. حضور أبيض
محمد حسن أحمد **
إنه الشكل الذي أحبه في النوم حين لا يمتد بي الوقت سوى لساعات قليلة، انه
اليوم الثاني للمهرجان حيث الجدول الطويل الذي يشرف عليه نواف الجناحي
ويلخصه لنا فجراً حيث نجتمع بكل الآراء حول كل العروض اليومية لنختار
أفضلها في التوقيت.
حيث في منتصف النهار تكون الغرفة رقم 529 بلا عافية وهي تتكدس بترتيبات قبل
اليوم الطويل، كانت وجهتنا الأولى قبل العروض في »مول الإمارات« مدينة
جميرا حيث مقر المهرجان والندوات واللجان، كانت السجادة الحمراء في مكانها
تدهن أرضية المكان بخمرتها وتنزع فتيل العدسات واللقاءات، العباءة
الإماراتية تستقبلك في اللجان المنتشرة التي تخدم الضيوف والمشاركين
والصحافة، حيث بنات الإمارات وهن في الوقار ذاته يتفوقن في إدارة المكان،
لا شيء هناك يمكن أن يبقى بلا حراك، توزعنا في قراءة الصحف اليومية حول
المهرجان وتنقلنا بين غرف اللجان.
والكثير من الأحاديث الودية حول اليوم الذي سيبدأ، وبعد أن اجتمعنا
كسينمائيين إماراتيين، انتقلنا إلى مول الامارات لحضور عرض الفيلم التسجيلي
السريلانكي »
From
Dust « الذي يلخص حياة بعض العائلات والشباب
السريكلاني بعد تسونامي وبواقعية تذهب للسخرية والإنسانية معا، حين تتقزم
الحالة امام الطبيعة.
كان الوقت على شكل الحصص المدرسية لتركض بنا الأولويات على الساعة الثالثة
ظهرا لقطع تذكرة دخول فيلم »
I Did Kill Gandhi
« بحضور مخرج وبطل وبطلة الفيلم، الفيلم الذي يمنحك كل الوقت مساحة كاملة
للمشاعر بشكل دقيق حيث تبدو الحالة البصرية متزنة مع تفاصيل العمل.
ويمكن القول بأنه الحصاد الثاني لنا من الأفلام الجيدة بعد فيلم الافتتاح،
كانت القاعة ممتلئة بالكثير من الأجناس بينما بياض » الكنادير « يوضح
حضورنا في المكان، وعند حلول المساء زاد في باحة السينمات توافد الجمهور
لحضور العروض الثانية.
لا أملك » كرشة « مع بعض الحسابات الدقيقة بان جوعي يدخل في الاحتضار،
تناولت وجبة سريعة في ركن المطاعم قبل ان يقرع جرس الحصة الثالثة من
الأفلام حين قابلت السيد انطوان خليفة الفرنسي من أصل لبناني الذي دعاني
للفيلم حين قابلته فجرا وتسامرنا معا لأكثر من ساعة في حديث طويل في فندق
القصر حيث مشاعره المليئة بالود لنا كإماراتيين وفرحته الشديدة كونه
يشاهدنا في أرجاء المهرجان، كان الفيلم للمطرب الشاب فضيل بعنوان»
Bab Web
«وهو عمل بصيغة كوميدية خفيفة مع قصة جميلة تدخلك في متعة الفيلم بشكل سريع
مع تألق نجوم العمل.
الساعة كالعادة في تراص تدفع باعتناء الثواني المتراكمة، بينما نجتمع في
الطابور الطويل على الكشك الأحمر الوحيد التابع للمهرجان، حيث تباع تذاكر
الدخول للعروض، وصل لنا خبر انتهاء تذاكر فيلمين من قائمة الأفلام المرشحة
لهذا اليوم في جدول أفلامنا، وعلى ازدياد الحضور في المول وباحة السينمات.
اخترنا فيلم » انتظار
Waiting
« وهو فيلم عربي فلسطيني يتحدث عن قيام مخرج ومذيعة ومصور بالبحث في مخيمات
اللاجئين عن ممثلين للمسرح الوطني الفلسطيني، وتدور تفاصيل الفيلم لنجد
انفسنا أمام واقع يقدم بشكله الإنساني والساخر أحياناً، حين يجسد العمل
فكرة الانتظار حيث يطلب من المتقدمين بتمثيل هذا الدور، وبما أن الأفلام
التي تتناول فلسطين لا نهاية لها، لكن الفيلم انتهى بخبر تفجير، ومع انتهاء
الحصص الاربع تفرقنا لنجتمع في مطعم هندي صغير خارج »مول الامارات«، لنركن
بعض الأحاديث حتى الفجر .
نلتقي غدا ..
** كاتب وسينمائي إماراتي
me170@hotmail.com
|