هل يمثل "سقوط بغداد" مصر رسمياً فى مهرجان
القاهرة؟
وائل عبد الفتاح
فيلم مصر في المهرجان. هذه قضية كل مهرجان. في القاهرة أو غيرها.
السينما المصرية "الجبارة".. ذات التاريخ المجيد... تعجز في كل عام عن
انتاج فيلم يليق بالتمثيل الرسمي (الافلام كلها.. افلام لاستهلاك المواسم..
مثل اوبرا الصابون في التليفزيون تقتل الوقت وتحشو بها النفوس المجهدة
الوقت وصفحات الصحف الباحثة عن خبر او نميمة او صراع الديوك (المصنعة
باستخدام هرمونات غير طبيعية(..) على شباك التذاكر.
لا سينما تقريباً خارج الهوس العمومي بالنجوم والصراع على اموال جمهور
عشوائي... مضطرب اقتصادياً وفكرياً.. ويطلب خلطة سرية على طريقة الوجبات
السريعة.. والصناعة تستجيب.. وتستجيب حتى اصبحت مجرد مطبخ ملحق يكمل بناء
العشوائية المنظم في المجتمع.
لهذا اصبح الفيلم الرسمي عقدة كل مهرجان.
وتنفجر العقدة اكثر في مهرجان القاهرة .على اعتبار ان المهرجانات الاخرى هي
التي تختار من بين افلام مرشحة لكن في القاهرة الذى يختار ويحكم على
الاختيار واحد.
محمد خان حل العقد في مهرجان دمشق بانجاز فيلمه "بنات وسط البلد" في موعد
مناسب تماماً (بالصدفة).
لكن ليس هناك فيلم مثلاً لمهرجان مراكش (يبدأ بعد ايام).
المهم ان مهرجان القاهرة لم يستقر بعد على فيلم.
ولأن مساحة الاختيار محدودة جداً فان الادارة تختار على اسم المخرج او
المؤلف.. تنتظره او تطلب منه انهاء الفيلم في موعد مناسب للمهرجان.
وحيد حامد كان الاسم المعتمد هذا العام وفيلمه "دم الغزال" كان الهدف.. لكن
المخرج محمد ياسين لم ينته من اللمسات الاخيرة من الفيلم حتى الآن.
لم يحسم احد متى سيكون الفيلم جاهزاً ولهذا كان في الانتظار فيلم "في منتهى
اللذة" اول افلام منال الصيفي (ابنة المخرج حسن الصيفي والنجمة زهرة
العلا).. وهو فيلم "بناتي" (المخرجة والمؤلفة والبطلات حنان ترك ومنة
شلبي.. مع يوري مرقدي.. (والمنتجة ايضاً).. اثار مشكلة في اسمه مع الرقابة
قبل التصريح بعرضه وكان على قائمة افلام العيد لكن تم ترحيله الى العيد
القادم.
والجرأة الموحية هنا من العنوان ..ربما تكون عاملاً ثانياً بعد فكرة اسم
صاحب الفيلم (على اساس ان ايناس الدغيدي بفيلمها "الباحثات عن الحرية" اثار
ضجة تغطي على مستواه ومستوى السينما المصرية).
اما صاحب الفرصة الحقيقية فى ان يكون الفيلم الرسمي لمصر في مهرجان القاهرة
هو فيلم "ليلة سقوط بغداد".
وتردد ان لجنة المشاهدة "طارت بالفيلم من الفرح".
وهذه علامة حماس لأول فيلم يتقاطع مع غزو اميركا لبغداد .. وفضيحة سجن ابو
غريب في فانتازيا.. غريبة على مزاج الجمهور العام ...تعتد على مزج الهلاوس
الجنسية التي تجسدها استعراضات الجنود الاميركان مع استربتيز الضحايا في
سجن ابو غريب ..وما توحي به هذه الهلاوس من معانٍ سياسية .. بل ان اشهر
مشهد من الفيلم (شهير لأن الخلاف مع الرقابة حوله خرج الى الصحافة..) اشهر
مشهد بطلته هي كونداليزا رايس وزيرة الخارجية..التي ظهرت في احلام البطل
الجنسية..كنوع من انتقام او رغبة في انتصار على طريقة مصطفى السعيد بطل
"موسم الهجرة الى الشمال".
الفيلم هو الثاني للمخرج والسيناريست محمد امين بعد "فيلم ثقافي".
له سيناريو ثالث في سلسلة افلام محمد هنيدي "جاءنا البيان التالي" و"...
سقوط بغداد" هو الاقرب الى الترشيح وفي هذه الحالة سيعرض كاملاً ( بدون حذف
لمشاهد هي محل خلاف بين الرقابة ومخرج الفيلم الذي يرى ان الحذف سيكون
خوفاً من اميركا وسيدتها الحديدية رايس.. والرقابة تريان المشاهد وقعت في
فجاجة جنسية مباشرة.. لاعلاقة لها بالسياسة..).
هل سيحل .. "بغداد" عقدة الفيلم الرسمي.. ويحجز لنفسه مكاناً في قائمة
افلام المهرجانات لأن من شاهدوا النسخة الاولى يرون انه بعيد عن مزاج السوق
العمومية...؟!
وتبقى ملاحظة ان الافلام المختارة في الدورات السابقة غلب عليها صفة "افلام
الحد الادنى..". لكنها اصبحت "افلام مهرجانات" .. وهي لعنة كانت تصيب افلام
يوسف شاهين ومن بعده يسري نصر الله.. ولطشت من بعيد افلام محمد خان وخيري
بشارة وداود عبد السيد.
حتى انه قبل سنتين رفضت اسعاد يونس منتجة فيلم اسامة فوزي "بحب السيما"
عرضه في مهرجان القاهرة لكي لا يوصم بخاتم "فيلم مهرجانات".. وفي العام
الماضي سحب منتج فيلم محمد ابو سيف "خالي من الكوليسترول" من المسابقة ..
لأنه لم يكن يأمل من الاساس في ايراداته (وفعلاً لم تتجاوز الـ300 الف جنيه
..اجر بطله اشرف عبد الباقي)..فما بالك والفيلم ينزل الى السوق المجنون
مضافاً اليه لعنة المهرجانات.
احوال عجيبة.
|