المخرج الكردي مانو خليل منشغل حاليا بتصوير فيلم دوكيودرامي باسم "جنان
عدن.. قصص من حدائق سويسر" وهو فيلم تلفزيوني, وثائقي طويل، من انتاج
سويسري والماني مشترك ممول من قبل القناة الاولى للتلفزيون السويسري
والقناة الالمانية "3 سات".
قال المخرج مانو خليل لايلاف عن هذا الفيلم، بأنه عبارة عن خمس قصص لعوائل
من أنحاء متفرقة من العالم, لعبت الاقدار بمصائرهم و اضطروا لاسباب ما الى
ترك اوطانهم, والبحث عن مكان آمن, وكانت سويسرا أحيانا مجرد محطة مرور
ولكنها أصبحت مع الأيام مسكن دائم لهم. أيطاليون جاؤوا للعمل بعد الحرب
العالمية الثانية, افريقي, كان واحد من أوائل الأفارقة الذين تواجدوا في
العاصمة السويسرية بيرن قبل أكثر من نصف قرن وبولونيون فروا من الحكم
الشيوعي وآخرون جاؤوا بحثا عن لقمة الخبز. تتعدد قصصهم, ولكن مصائرهم تبقى
واحدة. كانوا فتيانا يحلمون بالحرية و المال, والغنى, لم يخطر على بال
أحدهم أن فكرة الغنى السريع والعودة الى الوطن ستكون مع مرور الأيام ليست
إلا حلم سيتلاشى مع كل متر يحفر في أنفاق سويسرا.
وأضاف، هؤلاء لم يجهدوا في تعلم اللغة الالمانية, لانهم كانوا يأملون في
العودة الى أوطانهم. أطفالهم ولدوا هنا فهم سويسريون. أما الأباء فأصبحت
الغربة بمثابة مصير حتمي لحياتهم, بقوا غرباء عن طريقة الحياة السويسرية
من جهه وأصبحوا غرباء عن أوطانهم الأم بعد سنين من الغربة يتأرجحون على
جسور نصف الثقافات من جهه أخرى.
طليان و أسبان, صرب , بوسنيون وألبان, أتراك وأكراد, عرب ويهود, مسيحيون
ومسلمون, يتقاسمون مساحات صغيرة من الأرض لا تتعدى مساحة الواحدة 140 متر,
كل منهم يعلق علم وطنة فوق "مملكتة" فترى المكان وكأنة صورة مصغرة عن
العالم, يزرعون نباتاتهم المحببة لديهم.
وقال مانو أيضا عن سويسرا التي يعيش فيها حالياً، سويسرا البلد الاكثر
ديمقراطية في العالم قاطبة, الذي يتميز بدستورة حيث تعيش أربع قوميات
سويسرية من دون أية صراعات طائفية, وهذا له تأثير على الأجانب أيضا, فترى
العربي يجاور اليهودي والتركي مجاورا للكردي و والصربي يجاور الألباني,
الأحقاد ولو وجدت فأنها للحظات تختفي مع صراخ الأطفال, صوت الموسيقى, و
رائحة المشاوي التي تنتشر في المنطلقة من هنا وهناك, لغات تتداخل, خرفان
وخنازير تشوى بهدوء على جمر لموقد بني خصيصاً للأجانب أمام أعين من تبقى من
سويسريين مندهشين من هذا البذخ الذي يمارسة الأجانب, فالسويسري معروف عنه
الاقتصاد والادخار على عكس ولائم الأجانب المليئة اسرافا وبذخأ. لحظات من
سوء التفاهم بين السويسريين والأجانب الذين ومن خلال تصرفاتهم الغريبة على
التقاليد المترسخة في سويسرا منذ مئات السنين مما يخص الترتيب, الدقة,
النظافة واحترام الطبيعة و أوقات الهدوء مما يحسس السويسري وكأنها تنال
منه.
وأشار المخرج الكردي من كردستان سوريا عن مغزى الفيلم "الفيلم محاولة
لتقريب وجهتي النظر بين السويسري الأصلي والسويسري المهاجر بشكل لا يخلو
من السخرية والفكاهه. فالسويسري محق في حماية عاداتة و تقاليدة والحفاظ
عليها ليبقى سويسري و بنفس الوقت للمهاجر الحق في الحفاظ على عاداته و
تقاليده التي تتماشى مع الواقع الديمقراطي السويسري, انها دعوة للاندماج
وليس للانصهار".
وعن أماكن تصوير الفيلم قال: "الفيلم يتم تصويره حصرا في حدائق عائلية
صغيرة تشتهر سويسرا وألمانيا بهما وهي مساحات صغيرة من الأرض لا تتعدى الـ
140 متر مربع كانت منذ أكثر من مئة عام تقليد مقدس عند السويسريين
المشهورين بدقتهم, بترتيبهم للحياة و نظافتهم و اعتنائهم بالأرض والنبات,
حيث كانوا يزرعون تلك الواحات في البداية بالخضروات المنزلية وأصبحت فيما
بعد أماكن للراحة في أيام نهاية الأسبوع وهي واحات ملونة بكل انواع
الورود."
قال أيضاً:"وفي النهاية اذ لم تتحقق أحلام هؤلاء الناس في العودة الى
أوطانهم أغنياء فأن بقاءهم في سويسرا أعطاهم تجارب و صقل الكثير من
المفاهيم لديهم وهنا ينطبق عليهم المثل الياباني القائل "السعادة ليست في
الوصول الى نقطة النهاية, ولكن في الطريق اليها". وكأن قصيدة ايثاكا لشاعر
اليونان المعروف كافافيس هي موجهه الى هؤلاء الناس حين قال:
" لتكن ايثاكا في روحك دائما,الوصول إليها قدرك
لكن لا تتعجل انتهاء الرحلة, الأفضل أن تدوم سنوات طويلة
وأن تكون شيخاً حين تبلغ الجزيرة, ثرياً بما كسبته في الطريق،
غير آمل أن تهبك ايثاكا ثراء, إيثاكا منحتك الرحلة الجميلة
لولاها ما كنت شددت الرحال, وليس لديها ما تمنحك اياه أكثر من ذلك
حتى وإن بدت لك ايثاكا فقيرة، فإنها لم تخدعك
ومادمت قد صرت حكيما، حائزاً كل هذه الخبرة،
فلا ريب أنك قد فهمت ما تعنيه الايثاكات".
بطاقة الفيلم:
العنوان: جنان عدن ـ قصص من حدائق سويسرا
Our Garden of
Eden - stories from the allotment garden
ا
نوع الفيلم: دوكيودراما.
مدة الفيلم: ساعة تلفزيونية
جهة الانتاج: سويسرا ـ المانيا
القناة الأولى في التلفزيون السويسري- قناة 3 سات
المنتج و المخرج: مانو خليل
الموسيقى التصويرية: ماريو بادكوفيتش
تصوير: مانو خليل و ستيف بوسرت
مونتاج: توماس باخمان
صوت: اندريا ليلا كوهني
فترة التصوير: حزيران ـ اب 2009
تاريخ الاتمام: تشرين الثاني 2009
بطاقة المخرج:
مانو خليل من أكراد سوريا, بدأ بدراسة التاريخ والحقوق في جامعة دمشق وفي
العام 1986 انتقل إلى تشيكوسلوفاكيا السابقة ودرس الإخراج بتركيز على
الأفلام الروائية السينمائية ليتخرج عام 1993 بدرجة امتياز ويحصل على رسالة
الماجستير في الاخراج السينمائي و التلفزيوني. عمل في التلفزيون
التشيكوسلوفاكي كمخرج، حتى تم تقسيم تشيكوسلوفاكيا، واستمر بعد التقسيم في
العمل في التلفزيون السلوفاكي. ما بين العامين 1990 ـ 1996 شارك في العديد
من الأعمال الدرامية كممثل ولكنه بعد تخرجه ومنذ العام 1994 و إلى اليوم
صور أكثر من ألف ريبورتاج تلفزيوني أو فيلم اعلاني. كان يقوم بإخراج برنامج
في التلفزيون السويسري لمدة خمس سنوات يدعى بارتي بيوبل و يشارك في تصوير
برنامج آخر هو كلانز و كلوريا. الآن متفرغ بشكل تام للسينما و التلفزيون
حيث يمارس العمل السينمائي كمخرج منتج ومدير تصوير مستقل لأفلام وثائقيه
وروائية.
مانو مقيم منذ العام 1996 في سويسرا، وأخرج حتى الآن 14 فيلماً، كان آخرها
فيلما "الأنفال" (2005) و"دايفيد توليهلدان" (2006) وزنزانتي, بيتي (2009)
، ويعمل حالياً بالاضافة لفيلمة "جنان سويسرا" على فيلم روائي للسينما.
أفلام مانو خليل تنتج و تمول حصريا من قنوات التلفزة الأوروبية التي تعرض
تلك الأفلام أيضاً.
تتعرض أفلام مانو خليل للرقابة، من أشهر حالات المنع منع عرض فيلم "دايفيد
توليهلدان" في مهرجان أبو ظبي للأفلام قبل ساعات فقط من موعد العرض بعد
تدخل من الحكومة التركية. كما نجح التدخل التركي أخيراً في سنغافورا عندما
استطاع ممثلو تركيا اقناع السلطات هناك من الغاء عرض أحد أفلامه الذي كان
مدعواً رسميا للمشاركة في المهرجان.
Pasar82@yahoo.com
إيلاف في
22/07/2009 |