رغم ان اهتمام قطاعات المجتمع المستنيرة بحق المرأة كانسان في
الحياة الحرة الكريمة،
مثلها في ذلك مثل حق الرجل في نفس الحياة، ألا أنه
اجتاحت حياتنا مؤخرا مفاهيم
غربية تختفي خلف مصطلحات الأدب النسوي، والمسرح
النسوي، والنقد النسوي، تغالي
في
رؤيتها للمرأة، وتعاملها كجنس وليس
ككائن حي عاقل وفاعل في المجتمع لصالح جنسي المجتمع معا،
ويبدو ان مغالاة
المتحمسين للإبداع والنقد النسويين، لدرجة نصرة اي
ابداع مهما كانت درجة
جودته، لمجرد ان صاحبته أنثي، يبدو ان هذه المغالاة قد جاءت كرد فعل حاد ضد
الذكورية التي تنتصر لأي
إبداع رجالي، لمجرد ان صاحبه رجل، وتشكك في كل
ابداع نسوي، بالتفتيش عن الرجل المختبيء خلفه،
والعمل علي هدم صورة المرأة
مهما كان تفوقها، او بسبب تفوقها، وتحريض الزوج او الاب او الاخ او حتي
المارة بالشارع من الرجال عليه.
والمتابع لمسلسلي »مباراة زوجية« للكاتبة
والممثلة المتألقة »نادية رشاد« و»رمانة الميزان«
للكاتبة الواعية »فتحية
العسال«، والمذاعين حاليا علي قناة النيل للدراما، سيكتشف ان وباء المغالاة
النسوية لم يصل بعد للدراما التليفزيونية،
وان الكاتبتين تمتلكان رؤية
مجتمعية، تري ان مشاكل الواقع هي مشاكل مشتركة، يتحمل الرجل والمرأة معا
وزر حدوثها، رغم أن الاول
يتحمل مسئولية أكبر، لأنه مازال المتحكم في
حركة
المجتمع، ومازال يتسلح يوما بعد يوم بترسانة من التقاليد والعادات الموروثة
والمستوردة، التي تجعله قابضا علي زمام الأمور، وموجها لعقل المرأة ذاته،
مما قد يهدد قانون تمكين المرأة وتعزيز تمثيلها في
مجلس الشعب، والشهير بــ »كوتة المرأة«
في البرلمان، بالوقوع بأيدي نسوة
يشر عن باسم المرأة
نفسها المزيد من القوانين التي
تكبل حقها في الحياة، ويمنحن تقاليد التخلف
وجها قانونيا من الصعب الخروج عليه.
ولأنه لايمكن الحكم علي رؤية كاتبة من
مسلسل واحد، وأن أشار لتوجهاتها المؤسسة لهذه الرؤية، فإنه
يمكن ان نلاحظ
اهتماما بالعلاقات العائلية يهيمن علي مسلسلات
»نادية رشاد« الست وأفلامها
التليفزيونية الخمس والممتدة لما
يقرب من ثلاثين عاما،
سواء اكانت صاحبة القصة
ام مكتفية بكتابة سيناريو وحوار هذه الاعمال، والتي
تتجلي افكارها بداية في
عنوانها مثل »القانون لا يعرف عائشة« و»جواز في السر« و»آسفة ارفض
الطلاق« وحاليا »مباراة زوجية«، والتي تعنونها بدراما الحياة اليومية،
تأكيدا علي رصدها لما يجري في حياتنا بصورة معتادة، وطارحة فيه موضوع
الطموح البشري الذي
تشارك المرأة الرجل فيه،
وان خلق بينهما صراعا واضحا او
خفيا علي ارض الواقع، يتحول لمباراة علي الحب والجنس والتفوق العملي
بين
الزوجين داخل البيت، وبين ثنائيات الحياة خارجه، تعلقا بالأبناء بصورة اساسية،
وخروجا لمعترك الحياة وأزمنتها الماضية التي
تخبيء احلاما مجهضة وأفكارا لم
يستطع اصحابها تحقيقها.
أما مسلسل »رمانة الميزان«
لفتحية العسال،
فهو
يعرض لهموم الطبقة المتوسطة التي اختل توازنها خلال الأربعين سنة الأخيرة وفقدت
قدرتها علي العطاء،
مما انعكس علي أبنائها رجالا ونساء، وأشاع الظلم
الاجتماعي في
المجتمع، وافقد الحياة عقولا كانت تملك حلم التغيير بما تمتلكه
من علم ومعرفة،
فصار المال وحده هو الكنز الذي تسلك أسوء الطرق للوصول اليه،
لذا تهيمن علي هذا المسلسل،
وكل اعمال »فتحية العسال«، الرؤية السياسية
والخطاب الواضح الساعي
لعقل الانسان، بغض النظر عن جنسه.
رؤيتان
تتكاملان، وتحققان تقدما ملحوظا في
ميدان الابداع الذي
تنجزه المرأة علي
الشاشة، دون صراخ او تحيز لجنس ضد جنس اخر.
أخبار النجوم المصرية في
02/07/2009 |