من منا لم يستمتع يوما بالحكايات الجميلة ألف ليلة وليلة عندما كانت ترويها
لنا شهر زاد الشهيرة بزوزو نبيل.. ولكن مع الكاتب الكبير وحيد حامد تحول
الاستمتاع والاعجاب بالحكايات إلي كتابة وتأليف حكايات اضافية أخري جديدة
عليها, هذا طبعا مع مراعاة فروق التوقيت الزمني بين عصور الف ليلة وليلة
الساحرة وبين عالمنا المعاصر الذي نعيشه الآن..ومن هنا تنطلق حدوتة فيلمه
إحكي ياشهر زاد.
ورغم انهما أي وحيد حامد والمخرج يسري نصر الله يمثلان عالمين مختلفين إلا
أنهما ومن أجل تنفيذ هذا الفيلم توحدا تماما ولم يخطيء وحيد حامد عندما
أدرك بحسه ان خير من سيخرج قصته هو يسري نصر الله و لم يخيب الأخير حسن
ظنه.. وليس هناك أهم ولا أجمل من فيلم يجتمع فيه مؤلف مبدع مثل وحيد حامد
ومخرج كبير واع مثل نصر الله..وها قد حدث في الفيلم الذي جاء مختلفا
وجديدا وجميلا في كل شيء سواء من حيث الشكل أو المضمون. فالشكل وهذا ما
جعل الفيلم مختلفا عن أفلامنا جميعا حيث أنه تناول أربع قصص مختلفة داخل
الفيلم, وان كان هذا حدث من قبل في فيلم البنات والصيف إلا أن ما ميز
فيلم احكي ياشهر زاد ان الحكايات لم تكن منفصلة فهي حكايات تصلح كل واحدة
منهن قصة منفردة ولكن وبرغبة المؤلف جعلهن جميعا داخل سياق الفيلم.. وفي
رأيي كان هذا الفصل افضل من حيث التركيز.
أما المضمون فقد يبدو للوهلة الأولي انه يتكلم عن عالم الصحافة والاعلام
والفضائيات حيث ان البطلة هبة مني زكي مذيعة باحد برامج التوك شو التي
تهاجم الدولة في احدي القنوات الخاصة, اما زوجها كريم حسن الرداد فهو
نائب رئيس تحرير جريدة قومية, وهذا في حد ذاته خط اساسي في الفيلم حيث
تتعارض المصالح بين الاثنين لكنه ليس هو كل المطلوب طرحه في الفيلم فقط..
حيث انه ذهب إلي ابعد من ذلك فتحدث عن عالمنا بكل تفاصيله ومن ضمنها
الصحافة والفضائيات, وفي رأيي ان وحيد حامد وضع في هذا الفيلم أو صب فيه
كل همومه وهموم مجتمعه وكانت الفرص مهيأة له من خلال القصص المصرية
المختلفة التي ساقها في الفيلم.
فتكلم عن عالمنا المزيف من خلال قصة سلمي حايك المصرية التي تعيش عالمين
مختلفين ففي الصباح تعيش علي أحدث مستحضرات الموضة والتجميل العالمية ترتدي
أحدث صيحات الموضة وفي المساء ترتدي الحجاب لتلائم البيئة التي تعيش فيها
وهذا ما يقصده وحيد حامد أن الحجاب لم يعد زيا دينيا بقدر ما هو زي
اجتماعي.. أما الحكاية الثانية وتمثلها أماني سوسن بدر فيحكي عن نظرة
المجتمع للمرأة وكيف أننا عشنا ومازلنا في مجتمع ذكوري ومن ترفضه يكون
مصيرها مثل اماني في إحدي المصحات النفسية.. اما الحكاية الثالثة للثلاث
بنات صفاء القاتلة رحاب الجمل وأخوتها وفاء وهناء. وفي هذه الحكاية
نستطيع ان نجد فيها كل سلبيات الحياة مجتمعة واختر أنت ما تشاء منها سياسية
كانت أم أجتماعية أم اقتصادية أم نفسية أم دينية فهي في الحقيقة تستوعب كل
هذه السلبيات.
والحكاية الرابعة للدكتورة ناهد سناء عكرود فهي تعكس الواقع السياسي الاليم.
في النهاية نحن لسنا امام مجرد فيلم عادي ولكننا بصدد فيلم جريء نجح فيه
وحيد حامد في رصد كل سلبياتنا ولم يفلت من مخرجه يسري نصر الله أي سلبية
أثناء التنفيذ.. والأهم انه وبرغم كل هذه الزحمة في السلبيات لم يفقد
الفيلم متعة المشاهدة سواء علي مستوي السرد أو علي مستوي اداء الابطال
الذين نجح يسري نصر الله باقتدار في ادارة أدائهم جميعا فجاءت مني زكي في
أداء رائع ونستطيع ان نقولها صراحة ان مني من خلال هذا الفيلم دخلت مرحلة
فنية جديدة لابد ان تتمسك بعدم الخروج والرجوع عنها.
وجاء باقي الابطال علي نفس الأهمية في الاداء بدءا من محمود حميدة في دور
جديد عليه تماما كعادته. فكان مثل الطيف الجميل وكذلك سوسن بدر التي
تعتبر فاكهة الافلام الآن وكذلك خفيف الظل حسين الامام, اما الوجوه
الجديدة حسن الرداد ومحمد رمضان وسناء عكرود ورحاب الجمل ونسرين امين وناهد
السباعي فنجح يسري نصر الله في وضعهم جميعا علي اول مصاف النجومية.
ومن وراء كل هؤلاء كانت هناك كتيبة أخري ساهمت في نجاح الفيلم من خلال
موسيقي تامر كروان وديكور محمد عطية ومونتاج مني ربيع ومدير التصوير سمير
بهزان. ولايمكن ان ننسي دور الرقابة التي سمحت بعرض كل هذه الجرعات من
الجرأة في الفيلم.
في النهاية احكي ياشهر زاد يؤكد أننا مجتمع ذكوري وفيما عداه اللي هو نحن
نون النسوة كلنا امامهم لانزيد عن كوننا شهر زاد تتساوي في ذلك البائعة مع
الدكتورة مع الخادمة أو مع حتي المذيعة أو الصحفية.
الأهرام اليومي في
01/07/2009
من الحب الذي كان إلي احكي يا شهرزاد
كتب-سيد عبد المجيد
في أول أعماله أطل علينا المخرج علي بدرخان بأول أعماله وهو' الحب الذي
كان', والحق أن الشريط السينمائي كان مفاجأة رائعة من حيث الفكرة
والصياغة السينمائية بالغة العمق والرقي. لكن الصحافة المقروءة ومن باب
الإثارة لم تر في العمل سوي لقطة التقطها مصور خلسة لمشهد في أثناء التصوير
تجمع بين سعاد حسني ومحمود ياسين والمخرج يعطيهما توجيهاته طالبا منهما أن
تعبر القبلة عن اشتياق حقيقي, ولأن بدرخان كان زوج سندريلا الشاشة آنذاك
فقد كتب صاحب الصورة تعليقا يحمل إيحاءات لا يمكن وصفها سوي أنها منحطة.
وتمر العقود كان يفترض أن يتغير الحال وترتقي العقول, ولكن مع الأسف عاد
الذهن الجمعي إلي لغة التخلف والقهر, فها هي غيرة المدافعين عن القيم
والتقاليد الحميدة يهبون ناقمون يصبون لعناتهم علي فنانة, ولو طالوا
لجعلوها إيرانية يقتادها جلادوها إلي الحفرة تمهيدا لرجمها ظلما وبهتانا.
فمني زكي بدت وكأنها ارتكبت الفاحشة لأنها أدت دورا رئيسيا في فيلم احكي يا
شهرزاد, وكان عليها لزوم المشهد المطلوب أن تترك العنان لمشاعرها
الانثوية, ولا بأس من كشف بعض المستور وتسمح لرجل( مفترض أنه زوجها في
الشريط السينمائي) أن يداعبها بقبلات رقيقة, ولأنها في الواقع المعاش
متزوجة وأم, فراحت الغمزات والتلميحات تارة تتباكي علي الطفلة التي حتما
سيعايرونها أقرانها كون كتف أمها ظهر للقاصي والداني, أما الزوج الذي دفن
رجولته ونخوته فصار نسخة أخري من محجوب عبد الدايم في القاهرة الجديدة!!
تري ماذا لو كانت مني زكي هي كيت وينسلت بطلة فيلم القارئ والذي لن يعرض في
مصر بطبيعة الحال؟ وماذا لو كانت هذه الفنانة مثل هال بيري في تقاطع طرق,
وهو أيضا لم يجد طريقا لدور العرض ببلادنا ؟
بالقطع سيكون مصيرها جحيم الألسنة ودعوات الحسبة, ولن يكون الأمر غريبا
لو وجدت أمامها من يتهمها رسميا بالفعل الفاضح وخدش الحياء العام, مثلما
حدث مع معالي زايد ويحي الفخراني في للحب قصة أخيرة!
ولأنها أصبحت متهمة فراحت تتحدث في الصحف وتجري حوارات هنا وهناك تؤكد فيها
أن ما حدث لا يشكل إساءة لها كزوجة وأم.. والحق أن هذا لم يكن مطلوبا
منها, ولكن ماذا عساها أن تفعل أمام طوفان محاكم التفتيش ؟
فمتي تتغير نظرتنا؟ فالمرأة عندما تكون أما أو أختا أو ابنة أو زوجة لا
يعني أننا امتلكنا جسدها!!
الأهرام اليومي في
01/07/2009
فازت به جائزة الدولة التقديرية..
وحيد حامد مبدع انحاز دائما للناس
كتب-محمود
موسي
أكثر مايسعد المبدع أن يجد التكريم والتقدير من وطنه.. وأكثر ما ينعش
المبدع ويجدد خلايا ابداعاته ان يولد في وطن يقدر قيمة الكلمة.. وليست أي
كلمة.. انما التي ينتصر فيها للوطن والناس ولا ينحاز فيها لسلطة أو
حكومة.. كل هذا يتجسد في حالة الكاتب الكبير وحيد حامد الذي حصل قبل أيام
علي جائزة الدولة التقديرية عن مجمل أعماله السينمائية والاذاعية
والتليفزيونية.
ومنذ انطلاقته قبل نحو40 عاما اختار وحيد حامد ان ينحاز بابداعاته للناس
وقال لي في أحد الحوارات السابقة معه أنا مع الناس وسأظل مع الناس
والشارع.. ومن يكون مع الحكومات يخسر لأن الحكومات تمشي والناس تبقي فهم
الأصل.
ولهذا ليس غريبا ان يحتل مكانة بارزة.. بل انه يعد من أفضل من كتبوا
للسينما العربية.. فأفلامه تميزت بافكارها الطازجة الجريئة والتي تجاوزت
كثيرا الخطوط الحمراء فهذا هو وحيد حامد مثل القاطرة.. كان دائما يقود
وتحرك اعماله السكون وتحرض علي الكلام وتحدث نقلة في كسب مساحات جديدة من
مساحات الحرية, وتشهد علي ذلك أعماله الرائعة الكثيرة ومنها طائر الليل
الحزين والبرئ والمنسي وطيور الظلام واللعب مع الكبار والإرهاب والكباب
ومعالي الوزير واضحك الصورة تطلع حلوة.. اضافة الي مسلسلات أوراق الورد
والبشاير واحلام الفتي الطائر واوان الورد والعائلة.
وحيد حامد عبر عن سعادته الشديدة بحصوله علي جائزة الدولة التقديرية,
وقال كلمة للأهرام انا شعرت بفرحة كبيرة لأن الجائزة جاءت من الدولة وهي
تختلف عن أي جائزة أخري لأن اللجنة التي تمنح الجائزة تضم خيرة وصفوة رجال
الفكر والعلماء والأدباء في مصر وهذا في حد ذاته تقدير كبير أسعدني
كثيرا.
حصول وحيد حامد علي الجائزة ربما تأخر ولكنه جاء في الوقت المناسب جاء وقت
يحصد فيه نجاحا جديدا اضافة لمشواره وهو فيلم احكي ياشهرزاد والذي أكد به
أنه مبدع متجدد الفكر والرؤيا.. مبدع قادر علي ان يكون دائما قائد الدخول
في المناطق الساخنة وشديدة الجرأة.. واليوم ونحن نعدد بعضا من صفاته
فاننا نقول له كل عام وأنت يااستاذ وحيد دائما طيب تنتصر بابداعاتك للناس
والبسطاء.. فاليوم هو عيد ميلاده نتمني ان يولد ابداع جديد يضاف لاعمالك
التي أصبحت علامات في تاريخ الفن والسينما العربية.
الأهرام اليومي في
01/07/2009 |