|
هذا الفيلم المنتج اوائل العام 2008 والذي اخرجه وشارك في صياغته الدرامية
المخرج ادوارد زوهيك يشكل عودة جديدة للمعاناة التي تعرض لها اليهود في شرق
اوربا الذي اجتاحته القوات الالمانية فضلا عن غيرهم من الاوربيين من
الديانات الاخرى بالرغم من ان الفيلم لايقدم ذلك بأنصاف ولايعكسه
تماما.ويظل يرى الموضو ع من منظار واحد فقط.
وهنا لم يركز المخرج كثيراً على المشاهد المروعة التي شهدتها معسكرات
الاعتقال كما في الافلام السابقة التي تناولت القضية نفسها وأكتفى بتحرير
صور وثائقية حقيقية لما جرى وعلى نحو سريع واراد بذلك ان يمهد لرؤية جديدة
لليهودي القادر على النهوض من تحت الرماد .. مستلهما الاجواء ذاتها التي
روتها قصص العهد القديم ابان رحلة خروج بني اسرائيل من مصر حصريا من اضطهاد
المصريين لهم وتعرضهم للتيه في صحراء سيناء .
في الفيلم يتمكن ثلاثة اخوة من عائلة ( بيليسكي ) نجوا من المذبحة بعد
مقتل اسرتهم من اللجؤ الى الغابات النائية مصطحبين معهم عدداً من اليهود
الذين تمكنوا من الفرار ..
ولعب هؤلاء الاخوة الادوار نفسها التي لعبها انبياء بني اسرائيل القدماء من
حيث رعاية هؤلاء اليهود وتنظيم شؤونهم وتامين الغذاء لهم ولو عن طريق
السرقة والسطو على منازل الفلاحين القريبة وفوق ذلك كله حمايتهم وتدريبهم
على المواجهة في حال تعرضهم لهجمات مفاجئة .
فقد استطاعوا باختصار تشكيل مجتمع يهودي مصغر داخل غابة وتعاون الجميع على
خدمة هذا المجتمع وكانها المرة الاولى التي يشعرون فيها بحريتهم وانتمائهم
لبني جنسهم بعيدا عن الاضطهاد والتمييز الذي كان يمارس ضدهم من قبل
الاوربيين حتى قبل مجيء القوات الالمانية ..
وحاول الفيلم اظهار الطائفة اليهودية في اوربا باعتبارها طائفة غير مرغوب
فيها مع انهم ينتمون للارض نفسها ويشاركون اهلها الهموم ذاتها ، غير انه لم
يناقش المسالة ولم يخض في اسباب هذه الكراهية، وصور الروس الذين كانوا
اثناء الحرب حلفاء لليهود في مواجهة النازية ( خبثاء ) ارادوا الاستفادة
منهم لخدمة اهدافهم وكانوا على استعداد للتخلي عنهم في مرحلة لاحقة ..
وهذه الحقيقة اكتشفها احد الاخوة الثلاثة الذي انشق عن شقيقيه لاختلاف
وجهات النظر بينهم حول كيفية المواجهة والدفاع عن الشعب اليهودي .. فقد راى
الاخ الاكبر ( توفيا ادى الدور دانييل كريج ) ان حماية المجموعة وتامين
الرعاية لافرادها والحفاظ على ارواحهم اهم من قتل المزيد من الاعداد فالنصر
الحقيقي يتحقق عندما تنجح في اثبات ذاتك .. بينما راى الاخ الاصغر ( زوس –
ادى الدور ليف سكراييد ) ان قتل المزيد من النازيين يحقق المعادلة من الجهة
الاخرى .
وكلا الرأيين يقودان الى نتيجة واحدة فحماية الشعب وصون حقوقه تتطالب ايضا
قتل المزيد من الاعداد وهي الاراء ذاتها التي يتحلى حكام اسرائيل حالياً.
.. ويمكن القول أن الفيلم منحاز لرؤية اسرائيلية بامتياز، فقد تجنب أي ذكر
لمعاناة بقية شعوب أوربا وبالذات اوربا الشرقية ـ حيث دارت أحداث الفيلم ـ
جراء الاجتياح الألماني لبلدانهم، وبدا وكأن هؤلاء الألمان خاضوا هذه الحرب
الكبرى فقط لاجتثاث اليهود، ولم تكن هناك مطامع سياسية لهتلر وحزبه النازي
في قارة أوربا التي كان يعتبر أجزاء كثيرة منها من حق الأمة الألمانية،
أضافة الى عدم أظهاره أي عطف تجاه اليهود من الآخرين .وكما في مقدمة الفيلم
الذي أكد (أن القصة حقيقية) ووقعت في غابات روسيا البيضاء التي كانت تابعة
لبولندا آنذاك، فقد أورد في نهايته ما حدث لهذه المجموعة التي حافظت على
بقائها رغم الأفكار التي تعرضت لها، ووصل عدد أفرادها مع نهاية الحرب الى
نحو (1200 شخص) كما عرض الصور الحقيقية للأخوة (بيليسكي) الذين هاجروا في
أعقاب الحرب الى الولايات المتحدة وعملوا في التجارة، باستثناء (زوس
بيليسكي) المعروف بأندفاعه، فقد قتل في أحدى المواجهات مع القوات الألمانية
أدى نجم أفلام جيمس بوند (دانييل كريج) دور (توفيا) الأخ العاقل والقوي بلا
تهور، والرحيم الذي يقتل من تسبب في أراقة دم يهودي فقط!!أما الدور الأبرز
فقد كان دور الممثل (ليف سكرايبر) والذي رشح للأوسكار عن دور أفضل ممثل
مساعد والذي دخل هنا في هذا الفيلم في منافسة مع (كريج) وحقق الفيلم له
التفوق ولو مؤقتاً.. أما الأدوار النسائية فكانت غير مهمة ولكن كانت أبرز
الوجوه في الفيلم هي الممثلة الفرنسية (اليكسا دافالوس).
بلغت ميزانية الفيلم الانتاجية (32 مليون دولار) وشاركت في أنتاجه ثلاث
شركات واحدة منها تعود ملكيتها لمخرج الفيلم (ادوارد زويك) وتولت تنفيذ
الفيلم وتوزيعه ستوديوهات (برامونت) العملاقة الشهيرة..حقق الفيلم في أول
عروضه في شهر أذار من هذا العام مبلغ (عشرة ملايين دولار) في أول أسبوع عرض
وتواصلت عروضه لأكثر من ثلاثة عشر أسبوعاً جمع خلالها مبلغ (ثلاثين مليون
دولار) وايراداته العالمية وصلت نحو (خمسة عشر مليون دولار). ورشح الفيلم
لجائزة (الكولدن كلوب) وبعدها ترشح لجائزة الأوسكار في العام 2008 وكان
المرشح لها الموسيقار (جيمس نيوتن هيوارد) .الذي وضع الموسيقى التصويرية
للفيلم والتي كانت بحق رقم واحد أو البطل فيه حيث نجح الموسيقار في توصيف
الحالات التي مر بها هذا المجتمع المشرد الصغير موسيقياً وكانت تغني
أحياناً عن الحوار.
الإتحاد العراقية في
20/06/2009 |
