طرحت الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة الكثير من المسائل التي لها
مرادفات صورية على الشاشة الكبيرة.
في الأساس، العلاقة بين واشنطن وهوليوود بأسرها علاقة تحتاج إلى تأمّل كبير
من ناحيتيها التاريخية والحاضرة حيث وقفت معظم هوليوود مع أوباما، وحيث
ليبراليّتها لا زالت الواجهة التي يرفض اليمين الأميركي النظر إليها أو
التعامل معها. واشنطن تجد في هوليوود حب الثانية لنقد البيت الأبيض والنظام
والمؤسسة والحاشية اليمينية والكنسية المحيطة بهما، لكن العلاقة بين
العاصمتين غريبة للغاية كيفما نظرنا إليها. تاريخياً هي علاقة شد وجذب قوي
بين الطرفين، كما علاقة صراع بين ممثلي الطرفين في السينما? هوليوود
الصامتة (عشرات وعشرينات القرن الماضي) كانت مشغولة بالقضايا والطروحات
الاجتماعية والسياسية على جانبي خط الوسط.
United Snakes of America أو (اتحاد الأفاعي الأميركية)، سنة 1917 فيلم
يميني يهاجم أولئك الذين ينتقدون فكرة دخول الولايات المتحدة الحرب
العالمية الأولى. فيلم (تجنيد بَد) أو
Budصs
Recruit سنة 1918 انتقد التجنيد وحبّذ مجتمعاً مسالماً.
العشرينات الصعبة اقتصادياً دفعت نقابات العمّال واتحاداتهم لاحتمالات
تطبيق المبادئ الشيوعية التي عملت الأحزاب الشيوعية آنذاك على نشرها، ووصلت
إلى مستوى من التأثير ميّز العديد من الإنتاجات الأميركية والأفكار
المتداولة على الشاشة ومن بينها تلك التي هضمها ونفّذها تشارلي تشابلن،
جوزف لوزي، إيليا كازان (قبل إنقلابه)، جووَل داسِن، جون غارفيلد والعديد
سواهم. ما أن انتبهت واشنطن إلى ما يحدث بين العمّال والمثقّفين آنذاك حتى
أطلقت حملتها المضادّة والتي عرفت بالحملة المكارثية التي نجحت في إيقاف
ذلك المد ولو أنها لم تكن لتنجح إلا بوسائل فاشية من بينها إثارة الذعر من
الخطر الأحمر وإجراء المحاكمات لوضع المفكّرين (كتّاباً ومخرجين) في السجون
أو منعهم من العمل في مهنهم تلك.
ربما لهذا السبب نجد أن واشنطن وهوليوود تجاوبتا مع صرخات الحرب حين قررت
الولايات المتحدة دخولها وأواخر الأربعينات وطوال الخمسينات امتلأت السينما
الأميركية بمئات الأفلام التي دارت حول الحرب العالمية الثانية مع قلّة
قليلة انتقدت تلك الحرب.
حين نقفز لما بعد أزمة الصواريخ الكوبية إلى حيث نشوب الحرب الفييتنامية،
فإننا نجد الموقف قد تغيّر مجدداً. معظم الأفلام الأميركية في السنوات
الأخيرة من الستّينات ولمعظم السبعينات ولجزء من الثمانينات، كانت ضد تلك
الحرب بشكل أو بآخر. أفلام مثل (سفر الرؤيا... الآن) لفرنسيس فورد كوبولا
و(العودة للوطن) لهال أشبي ثم (سترة معدنية كاملة) لستانلي كوبريك كلّها
نظرت بعين ناقدة إلى مآسيها وفوضاها، طبعاً، كانت هناك أفلام مضادة للحرب
بمجرد إتاحة معايشتها واختبار العنف المتمثّل فيها مثل (إذهب واخبر
الأسبرطيين) و(همبرغر هِل) و(الفرقة سي) و(بلاتون) لكن كان هناك أيضاً
الأفلام المستمدّة منها. النابعة من مد الخيوط من تلك الحرب إلى تاريخ حافل
خصوصاً حين يأتي الأمر إلى تاريخ الأميركيين الحقيقيين (الهنود الحمر) كما
في فيلم آرثر بن (الرجل الصغير الكبير) وفيلم رالف نلسون (الجندي الأزرق).
وضع معاكس
الرجولة كانت مفقودة بسبب عار الهزيمة كما فسّر الإعلام والأوساط الثقافية
المختلفة نتيجة الحرب الفييتنامية. الجنود الذين عادوا كثيراً ما أصبحوا
مهمّشين (ألوف منهم لجأت إلى الجبال تعيش فيها بعيداً عن المجتمعات لأن
نظرة المجتمع الأميركي لهم هي أنهم إما ارتكبوا الفظائع في فييتنام أو أنهم
خسروا الحرب). وذلك انعكس على البطل الأميركي على الشاشة، حين لعب سلفستر
ستالوني بطولة (دم أول) (أخرجه تد كوتشيف سنة 1982 وكان التمهيد لسلسلة
رامبو) عالج هذا الوضع تحديداً: ها هو مجنّد عائد من فييتنام لا يبدو أن له
مستقبلاً في أي مكان. يحمل امتعته فوق ظهره ويمشي من مدينة إلى أخرى الى أن
يلتقطه رئيس بوليس بلدة شمالية (برايان دنهي) ويطلب منه مغادرة البلدة لأنه
غير مرحّب به. لكن رامبو يرفض ورفضه يؤدي به إلى الزنزانة حيث يحاول أحد
رجال البوليس الشرسين (جاك ستاريت) أن يلقّنه درساً. ينتفض رامبو غاضباً
ويضرب رجال البوليس مستخدماً مهارته العسكرية ثم يدخل معهم معركة يستخدم
فيها ما يجيده أكثر من سواه وهو القتال في الأدغال.
لكن في حين عاد الجندي الأميركي من الحرب العالمية الثانية، والكورية بطلاً
مظفراً فانعكس ذلك على نوعية البطولات التي نراها ورسالات الأفلام
الأخلاقية، يُلاحظ أن الوضع بعد الخسارة الأميركية في فييتنام معاكس
تماماً. البطولات الرجالية القائمة على المواقف الأخلاقية العالية اختفت أو
كادت لتليها بطولات مفتولي العضلات التي حملت قدراً كبيراً من الخيال
الجانح الساخر من نفسه ومن الواقع في حد ذاته. مهما بلغت جدّية تشاك نوريس
أو سلفستر ستالون أو أرنولد شوارتزنيغر فإنها جدّية مزيّفة وفي أفضل
مستوياتها عبارة عن انتقام سينمائي يميني من خسارة الحرب بصنع أفلام تدور
حول انتصار لم يقع.
وهذه ذابت في التسعينات. إنها التسعينات التي نشبت خلالها حرب جديدة (حرب
الخليج الأولى) والتي نشبت على إثرها (سنة 2002) حرب العراق الحاضرة، وإذا
كان الجذب والشد بين اليمين واليسار باستخدام السينما كوسيلة تعبير لكل
جهة، قد استرجع بعض وجوده من خلال أفلام العضلات الضخمة ذات المهام
العسكرية وأفلام تدعو إلى تنفيذ القانون من دون اللجوء إلى المحاكم أو إلى
البوليس، وهو منهج يميني، فإن المنهج اليساري عاد فاستولى على واجهة
الإنتاجات غالباً بسبب هذين الحربين إذ أفرزتا مواقف مناهضة لسنوات جورج
وبوش في الحكم على صعيدي الفيلم التسجيلي، وامتدت، طوال العام الماضي ومطلع
هذا العام لتشمل أفلاماً روائية أيضاً شاهدنا منها
In the Valley of Elah و
Stop-
Loss و
Redacted صحيح أن النجاحات التجارية ذهبت إلى تلك الأفلام المقتبسة عن شخصيات
الكوميكس، والتي خلفت أفلام العضلات، إلا أن حقيقة أن هوليوود اكترثت
لإنتاجها هو الموقف الذي أرادت أن تقوم به هذه الأفلام، والأفلام التسجيلية
التي سارت بمحاذاتها، وفي مقدّمتها سلسلة أفلام المخرج اليساري مايكل مور
آخرها (ثورة الأهالي)
Slackers Uprising
المتوفر على الإنترنت داخل أميركا مجاناً) كانت تعالج في الوقت ذاته عالم
ما بعد 11-9 وهذا العالم اختلف كثيراً عن سابقه حتى بالنسبة لتلك الأفلام
التي ظاهرياً لا علاقة له بالسياسة. فيلم ستيفن سبيلبرغ (حرب العالمين)،
وهو من الخيال العلمي، ينطلق من افتراض أن العدو يكمن في الداخل. فيلم
الرعب (كلوفرفيلد) لمات ريفز يصوّر وحوشاً تهدم نيويورك بذات التأثير
الناتج عن العملية الإرهابية التي تعرّضت المدينة لها (إعادة تأهيل) لكفن
هود هو عن الريبة في المواطن الأميركي ذي الأصل العربي في هذا العصر.
وإذا كانت أفلام شوارتزنيغر، نوريس، ستيفن سيغال وسواهم التي اعتمدت على
المهارة القتالية للفرد الواحد والقوّة العضلاتية التي تمكّنه من طرد البطل
المثقّف من الصورة، ذابت بفعل افتقارها إلى المصداقية في زمن حرب جديدة،
فإن أفلام الكوميكس وشخصياتها المؤلّفة من (سوبر هيروز)، أو أبطال خارقين
للطبيعة، مثل باتمان وسبايدر مان والأربعة الرائعين والعفريت ورجال إكس،
وهي الفترة التي لا تزال نشطة، هي التي خلفت الأبطال (الآدميين) السابقين
معلنة أنها البطل- البشر لا يستطيع أن يحرز انتصاراً كافياً في العالم الذي
نعيش فيه، أترك الحرب إذاً للأبطال الخارقين للعادة المقنّعين ولابسي
الأزياء الغريبة التي تمكّنهم من مقاومة كل المخاطر وكل أوجه الطبيعة بما
فيها قانون الجاذبية.
أفلام يمين ويسار
بالنسبة لمايكل مور، هو مخرج نشط في ممارسة موقفه السياسي المعادي لليمين
وللوضع السياسي السائد وفيلمه الحالي الذي قرر توفيره على الإنترنت لمن
يشاء، (ثورة الأهالي) ليس سوى استمرار لأعماله التسجيلية والريبورتاجية
السابقة في هذا المضمار وآخرها (سيكو) وقبله (فهرنهايت 9-11) الفيلم الذي
استخدم فيه ذلك المشهد الصادم حول الرئيس بوش وهو غير قادر على استيعاب ما
حدث حين جاءه نبأ تدمير مبنيي مركز التجارة الدوليين، والآلية التي تعمل
بها هوليوود، كونها مدينة ليبرالية، تهيؤ للأفلام المعادية لليمين مجالاً
تسويقياً أكبر حجماً من الأفلام اليمينية التي تنتجها جماعات واشنطن
ونيويورك أو أي مدينة أو منطقة أميركية أخرى. وهناك عدد كبير من هذه
الأفلام اليمينية التي تهاجم مايكل مور ونظرته اليسارية. لكن هذا يجب أن لا
يعني أن هوليوود ليس لديها نصيبها من هذه الأفلام التي كان آخرها كوميديا
بعنوان
American Carol جلب إليه ممثلاً يشبه مايكل مور وفرض عليه سيناريو يأخذه عبر التاريخ
الأميركي ليشرح له، وللمشاهدين، القيمة السياسية الأميركية ورجالاتها
السياسيين.
فيلم آخر له علاقة، ولو أنه لا يذكر الرئاسة بالاسم، هو فيلم تسجيلي للاري
تشارلز. فيلم رديء التنفيذ بعنوان (تديّن) (المخرج هو نفسه الذي حقق الفيلم
الرديء الآخر (بورات) وفيه يقوم المقدّم التلفزيوني المعروف (أميركياً على
الأقل) بل مار بالانتقال بين رجالات الدين، مسلمين ومسحييين ويهوداً،
ومناقشتهم في أمور الحياة والآخرة. بل مار ملحد معروف (ومعاد لمن يجلس على
سدّة البيت الأبيض) وما يطرحه هنا، من مفهومه وبلغته، هو كيف يسطو الدين
على عقول البشر ولماذا لا يزال الإنسان يؤمن بالمعتقدات. ثم حين يصل الأمر
إلى الدين الإسلامي، فلماذا هذا الدين يؤمن بالعنف ويمارسه.
المشاهد الأميركي المتخذ موقفاً من الإسلام لن يشعر بأن الفيلم أنجز له
شأناً كبيراً إذ هو أيضاً معاد للمسيحية (قسم محدود يتعرّض لليهودية وليس
بالقدر ذاته من الضدّية) والإقبال عليه محدود من قبل متطفلين أكثر من قبل
باحثين عن فيلم تسجيلي مزوّد برؤية واقعية أو مضمون قابل للطرح على صعيد
شعبي واسع
W
ولم يجد فيلم أوليفر ستون الأخير جمهوراً غفيراً على الرغم من محاولات
المخرج في أحاديثه التأكيد على أن الفيلم غير منحاز، لكن هذا الرأي لم
ينتشر بدوره بين المشاهدين والنقاد واعتبروا الفيلم أقل أعماله أهمية. بعده
قدّم المخرج رون هوارد (نيكسون- فروست) الذي لقي إعجاباً أكبر مكّنه من
دخول الأوسكار ودار حول الرئيس الأسق رتشارد نيكسون.
شاشة عالمية
Star Trek
النوع : خيال علمي
إخراج : ج ج أبرامز
تمثيل: كريس باين، زكاري كوينتو، ليونارد نيموي، إريك بانا.
نبذة: عودة إلى الأيام الأولى من مغامرات السفينة في رحلاتها الفضائية
البعيدة وكيف عالجت حروباً مستعرة ودافعت عن مستقبل الأرض.
رأي: الفيلم الجديد من السلسلة المعروفة لاقى آراءً نقدية إيجابية في معظم
الصحف والمواقع الإلكترونية، كذلك الإقبال الجماهيري الذي كان الفيلم ينشده
لتعزيز مكانة السلسلة التي كانت ضعفت في سنواتها الأخيرة.
معلومات: من بين كل الممثلين التقليديين الذين ظهروا في الحلقات الأولى من
هذا العمل وحده ليونارد نيموي يعود لممارسة دوره في هذا الفيلم الجديد الذي
تكلّف 150 مليون دولار.
***
Next Day Air
النوع: كوميدي- أكشن
إخراج: بَني بوم
تمثيل: دونالد فايزون، مايك إيبس، عماري هاردويك.
نبذة: مجرمان صغيران يتلقيان بطريق الخطأ شحنة كبيرة من المخدّرات فيحاولان
الهرب بها وبيعها بغية الإثراء السريع، لكن حياتهما وحياة آخرين تتأذّى.
رأي: كوميديا ناجحة ترفع المعنويات وتقدّم قصّة معقدة بتوقيت واضح وسلس-
روجر إيبرت.
معلومات: الفيلم الطويل الأول لمخرج أغاني سبق له وأن تعامل مع بعض نجوم
الغناء مثل (فيفتي سنتس) و(دف جام).
***
Wild Child
النوع: دراما
إخراج: نيك مور
تمثيل: إيما روبرتس، لكسي انزوورث، أيدن كوين، نتاشا ردتشارسون.
نبذة: فتاة شابة من عائلة بالغة الثراء (روبرتس) عليها الآن أن تنتقل إلى
مدرسة إنكليزية خصوصية لمواصلة تعليمها بعيداً عن الحياة الصاخبة، تتمرّد
ويصبح الصراع من يروّض من: الفتاة أم المدرسة.
رأي: على الرغم من أن الموضوع مطروق من قبل إلا أن هذا الفيلم لديه إضافة
وبل هو مميّز بين ما يأتينا اليوم من أعمال. معلومات: آخر فيلم مثّلته
نتاشا رتشاردسون قبل وفاتها المفاجئة في حادثة تزلّج.
يحدث الان
الميكانيكي في السينما
الباحثون عن أفلام قديمة يُعاد صنعها فوجئوا بأن فيلماً غير ذي قيمة تجارية
أو فنية أسمها (الميكانيكي) سوف يُعاد تحقيقه تحت ذات العنوان، الفيلم لمن
لم يسمع به يوماً يدور حول قاتل مأجور يحمل اسمه الحركي ذاك لأنه دقيق
كالميكانيكي المحترف فهو يعرف كيف يخرب السيارة مثلاً... (بدقّة) يتعاون
معه في مهمّة شاب يريد تقليده. الميكانيكي في فيلم 1972 لم يكن سوى تشارلز
برونسون والمتعاون ممثل شاب ظهر واختفى في غضون يومين هو جان- مايكل فنسنت.
قراصنة الكاريبي الصومالية
يتفاوض الممثل سامويل جاكسون على بطولة فيلم يتعرّض للمحادثات التي جرت بين
قراصنة البحر الصوماليين وبين مندوب عن هيئة مستقلّة للحفاظ على سلامة
بحارة إحدى السفن المحتجزة في الصومال، القصّة ذات أرضية حقيقية وشخصية
واقعية إذ إن جاكسون سيلعب شخصية أندرو موانغورا الذي جعل من التفاوض طريقه
لتأمين سلامة البحارة في أكثر من مناسبة. الفيلم لا يزال قيد التحضير وإذا
وجدوه في هوليوود مسالماً أكثر من اللازم فهناك دائماً حل تحويله إلى فيلم
أكشن على طريقة (رامبو).
تفاصيل في حياة لورا ليني
لورا ليني واليزابث بانكس وأنا فرايل سيقومون ببطولة فيلم عنوانه (تفاصيل)
أمام الممثل البريطاني جيمس مكافوي. يدور الفيلم حول زوجين (بانكس ومكافوي)
يكتشفان وجود قنافذ في حديقة منزلهما وبينما يحاول الزوج التخلّص منها
تسعى، من باب إنساني، الحفاظ عليها. العلاقات تتداعى وتتدخل صديقة الزوجة
(ليني) لإصلاح ذات البين لكنها تقع في حب الزوج.
نورتون ودينيرو والحجر
الممثلان أدوارد نورتون وروبرت دينيرو سيلتقيان في فيلم واحد لأول مرّة
حينما يدخلان تصوير تشويق بوليسي بعنوان (حجر). يلعب دينيرو دور ضابط بوليس
تغريه زوجة سجين فيرتبط بعلاقة معها. حين يخرج السجين نورتون من حبسه يكتشف
العلاقة ويحاول حلّها بنفس الطريقة التي أودت به إلى السجن.
اللقطة الأولى
تحالف نقدي
منذ ثالث ناقد سينمائي عربي في التاريخ بدأت التحالفات والشللية?
لا أدري من أول من كتب النقد السينمائي، ولا أدري من هو الثاني والثالث أو
بعده، لكن أعلم أن الشللية تمكّنت من الناس فقسّمتها إلى أحزاب وتحالفات
مما جعل المسألة النقدية تتعرّض لأذى. لن أقول إن التحالفات الشللية
أثّرت على مستوى النقد، فهذا المستوى له علاقة بمن كان -ولا يزال- يكتب،
لكنه منع -على سبيل المثال- إقامة جمعية لنقاد السينما العرب مستقلّة وقوية
إلى اليوم.
بمجرد التفكير بجمعية تعزز مكانة كل ناقد وتتعامل مع حيثيات وجوده الإعلامي
وتدافع عنه قدر استطاعتها ضد ألوان المهانة التي يتعرّض لها وتساعده على
بلوغ غاياته، يبدأ التفكير بمن يرأسها. وبمجرد التفكير بمن يرأسها يبدأ
التفكير... (ولماذا هو؟ لماذا لا أرأسها أنا) أو (لماذا لا يرأسها الآخر
فلان؟)... وهكذا.
نمنع عن أنفسنا حسنات وإيجابيات إقامة مثل هذا التجمّع المهني الذي يمكن له
أن يفعل الكثير لصالح النقاد جميعاً بترتيب الأفضليات على نحو من يحب من.
لقد مرّت في سماء السينما العربية شلل كثيرة، وواجهت هذا الناقد الشلّة
وراء الشلّة. من أيام بيروت إلى أيام لندن وحتى اليوم. شلّة تنشأ وشلّة
تندحر وليس هناك من سبب إيجابي أو ضروري واحد لمثل هذه الشللية. ليس هناك
منفعة لأحد إلا للذي يعتقد أنه بذلك إنما يؤذي، فالأذى هو المنفعة؟ تصوّر
أن جهد امرئ ما في الحياة قائم على أن يؤذيك من دون سبب وجيه، أو حتى من
دون سبب!
لكن هذا الكلام ليس فردياً، ولم يقع مع هذا الناقد فقط، إذ سيجد المرء أن
العديد من النقاد المنفردين خارج الشلل تعرّضوا أو لا يزالون متعرّضين إلى
المفهوم الشللي نفسه. ومع أن كل شلّة تستطيع أن تفكّر بمصير سابقتها إلا أن
التفكير ممنوع عليها أو على أفرادها.
أما مسألة إنشاء جمعية لنقاد السينما فلسان الحال الآن لنبقى كما نحن من
دون وجع دماغ أحسن.
م. ر
الجزيرة السعودية في
15/05/2009 |