كثيرة هي الافلام التي تناولت حياة الثائر الارجنتيني الاسطوري (ارنستو تشي
غيفارا) ومنها ماكان روائيا او وثائقيا ولكن فيلم (تشي) للمخرج الامريكي
(ستيفن سودربرغ) امتاز عن غيره من الأفلام بمعالجته شخصية غيفارا أنساناً
وليس الايقونة او الرمز الذي نعرفه جميعا. يتكون فيلم (تشي) من جزءين الاول
بإسم (الأرجنتيني) والثاني بإسم (الفدائي) وكان المخرج سودربرغ قد صور
فيلما واحدا بصورة متكاملة لكن مادعاه الى تقسيمه هو طول الفيلم، اذ بلغت
مدة عرضه اربع ساعات ونصف الساعة (وكان قد عرضه بصورة كاملة في مهرجان كان
الفائت). يتناول الجزء الاول الفترة التي شارك فيها تشي (اللقب الذي اطلقه
عليه الكوبيون) في الثورة الكوبية عند تجنده مع قوات كاسترو كطبيب للثوار
اولا وكقائد للجيش الثوري فيما بعد.
نشاهد في الفيلم الطريقة التي يعامل بها غيفارا الجنود الذين تحت امرته حيث
نراه في احد المشاهد يأمر احد المقاتلين في اوقات الاستراحة ان يخرج كراسه
ويقوم بحل بعض المسائل الرياضية، ويعلم مقاتلا اخر الكتابة- وهذه مواقف
تميزت بها الثورة الكوبية – ومن ناحية اخرى نشاهد الصرامة التي امتاز بها
في اتخاذ بعض المواقف، ففي احد المشاهد يأمر بإعدام احد المجندين الذي يقوم
بأعمال سيئة بأسم الثورة. تتداخل في سرد قصة هذا الجزء مرحلتين الأولى هي
مرحلة مشاركته في الثورة الكوبية والمرحلة الثانية هي الفترة التي زار فيها
مقر الأمم المتحدة في نيويورك (وقد تم تصوير المشاهد في المقر نفسه) وقد
ميّز بين المرحلتين بأسلوب التباين اللوني.ينتهي الجزء الأول بإنتصار
الثورة الكوبية ودخول الجيش الثائر إلى هافانا.
أما الجزء الثاني الذي حمل عنوان (الفدائي) فأنه يتناول الفترة التي ذهب
فيها تشي الى بوليفيا لينشر ثورته في جميع بقاع القارة الامريكية ويقوم
بتكوين بؤرة ثورية هناك، لكن محاولته تنتهي بالقضاء على الثوار والامساك به
واعدامه من قبل قوات الجيش البوليفي و بمساعدة من المخابرات الامريكية.
سيناريو الفيلم مقتبس من(يوميات الحرب الثورية) و (مذكرات بوليفيا)
والكتابان من تأليف ارنستو تشي غيفارا، وكما ذكرنا فأن الفيلم من اخراج
الاميركي ستيفن سودربرغ وهو مخرج افلام مهمة مثل(جنس،اكاذيب وشريط فيديو)
الحاصل على السعفة الذهبية في مهرجان كان و (التقاطع) الذي حصل من خلاله
على جائزة اوسكار أفضل مخرج و(تشي) هو ثاني فيلما بيوغرافيا عن شخصية يخرجه
سودربرغ بعد ان عمل فيلماً عن الروائي فرانز كافكا. وقام بأداء شخصية تشي
الممثل (بنيثو ديل تورو) حيث ادى الشخصية ببراعة على الرغم من إختلاف الشكل
بينه وبين غيفارا الا انه راعى أدق التفاصيل عند الشخصية في الأداء واستحق
على الدور جائزة أفضل ممثل في الدورة الاخيرة لمهرجان كان السينمائي.
طغى على الفيلم الاسلوب الواقعي من خلال حركة الكاميرا الطويلة والمتنقلة
مع الحدث والأيقاع البطيء، كذلك نحن امام صورة تشبه الصورة الوثائقية لتؤكد
لنا على واقعية الحدث.الفيلم يركز على تفاصيل دقيقة في حياة تشي كحواراته
الشخصية مع فيدل كاسترو ومع المقاتلين الذين تحت امرته وعلى علاقته
العاطفية والأسرية، فنحن هنا أمام غيفارا الإنسان في تفاصيل حياته اليومية
وهي جزء لا يتجزأ من حياته كقائد ثوري. ان الفيلم لا يعتبر من افلام شباك
التذاكر لكنه من الافلام التي حازت على اعجاب النقاد عند عرضه في مهرجان
كان.ويبقى السؤال هل الفيلم يضفي جمالا على الشخصية التي يتناولها ام ان
الشخصية نفسها تصنع فيلما جميلا ؟
المدى العراقية في
11/05/2009 |