بفيلم لا يتجاوز الدقيقة الواحدة حاولت
المخرجة البحرينية الشابة عائشة المقلة أن تسلط الضوء على قضية حرية
التعبير، في
البحرين والعالم العربي، التي تعتبرها الشرط الأول والأساسي للديمقراطية.
لا تلوم
في أعمالها الحكومات بقدر ما تلوم الشعوب التي لا تتكلم وتطالب
بحقوقها. بالإضافة
إلى ذلك، تعتبر عائشة أن السينمائيين يستطيعون تغيير العالم من خلال ما
يطرحونه من
أفكار تؤثر في المشاهدين. 'السدادة' هو ثاني أفلامها، وكان فيلم الافتتاح
في مهرجان
الخليج السينمائي الثاني في دبي رغم قصر مدته. عن أفكارها وأعمالها القادمة
تحدثت
عائشة إلى 'القدس العربي'، فكان الحوار التالي.
·
لماذا اخترت موضوع حرية
التعبير في فيلم 'السدادة'؟
اخترت هذه الفكرة لأن حرية التعبير من وجهة نظري هي
الشرط الأول والأساسي في الديمقراطية. أنا كمخرجة أعتقد أن الرقابة يجب أن
تكون على
العادات والتقاليد وليست على السياسة وحرية التعبير.
·
لماذا اختصرت الديمقراطية
في القدرة على التعبير فهي أيضاً القدرة على التغيير؟
صحيح، هي القدرة على
التغيير أيضاً. لكن إذا وُجِدَتْ حرية التعبير نستطيع عندها الحصول على
أشياء
ثانية. هناك دول كثيرة تدعي أنها ديمقراطية لكن لا يوجد فيها
حرية التعبير، ممكن أن
تجد فيها انتخابات وهي النتيجة والمحصلة. أهم نقطة من وجهة نظري أن يكون
هناك حرية
للرأي.
·
لماذا اخترت أن يكون الشخصان في
زجاجتين ؟
هناك زجاجتان مختلفتان
واحدة مغلقة بسدادة والأخرى مفتوحة. في داخلهما شخصان يحاولان التعبير
وإيصال
صوتيهما. الزجاجة تعبّر عن الحدود في الديمقراطية. ذلك لأن
أعظم الدول الديمقراطية
تكون الديمقراطية فيها محدودة، فلا يوجد ديمقراطية مائة بالمائة، أما
السدادة فتكمل
هذه الحدود.
·
ما الذي دفعك لطرح مسألة حرية
التعبير، هل لديك مشكلة مع هذه القضية
في البحرين؟
نحن في البحريين لدينا حرية التعبير لكن طبعاً لها حدود، كما أنه
من غير المسموح المساس بذات الملك وهذا شيء نحترمه ونتفهمه.
العيب ليس في الحكومة
بل في الناس لأنهم لا يتكلمون، وإذا لم نتكلم فكيف ستعرف الحكومة بمشاكلنا
ومطالبنا. في نفس الوقت، حرية التعبير لا تعني تحريض الآخرين وإثارة الشغب،
إنما هي
التعبير بشكل محترم وإيصال الرسالة بصورة جيدة وواضحة، عندها
سيستمع المسؤولون
لمطالبنا. ما أريد أن أقوله أن العيب في الشعب وليس في الحكومة، الفكرة
فيها نقد
للناس الذين يرفضون التكلم أكثر من نقد السلطة أو الحكومة.
·
هل يمكننا أن نقول أن
المشكلة ليست في حرية التعبير بل بالرقابة الذاتية عند الناس؟
هي ليست رقابة
ذاتية، المسألة أنهم لا يريدون التكلم لأنهم خائفون ويقولون بأنه يجب أن لا
نتكلم.
هم يتكلمون عن بعضهم البعض، لكن يرفضون التكلم عن المسؤولين، ويعتبرون أن
هذا عيباً
وليس من حقنا. البرلمانيون أيضا لا يتكلمون. في رأيي الشخصي، البحرين قبل
وجود
البرلمان كانت أفضل من الآن. لأن الانتخابات أصبحت تخيف أعضاء المجلس، وكل
واحد
يريد أن يحافظ على كرسيه.
·
ما هي دراستك الجامعية؟
دراسات دولية وعلوم
سياسية.
·
ما الذي جعلك تتجهين إلى
السينما؟
أنا أحب السينما منذ صغري، لكن
بسبب العادات والتقاليد لم يكن من السهل الدخول إلى هذا المجال كامرأة. أبي
وأمي
سانداني وكان شرطهما الوحيد أن أكمل تعليمي في الجامعة وأحصل على الشهادة.
·
كان
لديك فيلماً قبل 'السدادة' هل تخبريننا عن قصته، وهل كان
قصيراً أيضاً؟
كان
فيلماً قصيراً طوله خمس دقائق. هو فيلم صامت اسمه 'الصحوة' يدعو إلى توعية
الشباب
لكي لا يهمل التراث والتقاليد، والعادات، فالغرب يعرف عن
تراثنا أكثر مما نعرف
نحن.
·
ما هو عملك القادم؟
سيكون عندي فيديو كليب موسيقي لعازف 'غيتار'، هو
أسلوب جديد بالنسبة لمنطقة الخليج العربي، إنشاء الله بعد ذلك سيكون هناك
كتابة
سيناريو.
·
هل تكتبين السيناريو؟
يمكنك اعتبارها أفكار. فيلم 'السدادة' هو
عبارة عن فكرة خطرت في بالي وقمت بتحويلها إلى فيلم. عندي فكرة ثانية، هي
سياسية
نوعاً ما تتكلم عن الحرب وكيف تخرج الإنسان من إنسانيته وتظهره على أنه
يهودي، أو
عربي، أو مسيحي، وليس كانسان.
·
أشعر أنك متأثرة كثيراً بدراستك؟
هذا صحيح،
وأنا أحب السياسة، لكن مع الأسف الشعب العربي بشكل عام منغلق على نفسه،
ويهتم
بالمسائل الطائفية أكثر من مسائل وطنه وتطويره وهذا خطأ.
·
هل تنوين إخراج فيلم
يتكلم عن الطائفية في البحرين؟
إذا أردت أن أنجز فيلما سياسيا من هذا النوع، أحب
أن أطرحه بطريقة إيجابية مثلما فعلت في فيلم 'السدادة'. لقد مللنا من
الأشياء
السلبية التي تُشعرنا بالغضب والإحباط. نحن كمخرجين سينمائيين،أتكلم عن
نفسي كمخرجة
في المستقبل بإذن الله، ينبغي أن نطرح الأمور بطريقة يتقبلها الناس ويشعرون
أنها
الطريقة الصحيحة. نحن نستطيع من خلال السينما أن نغير العالم،
فالمخرجون يستطيعون
أن يزرعوا الحب أو الكراهية عند المشاهد الذي يتأثر بالرسالة التي يقدمها
أي
فيلم.
·
ألا تعتقدين أنك تحملين
السينمائيين أكثر من طاقتهم؟
عندما تشاهد أي
فيلم تتأثر به. عندما تشاهد الإسرائيليين يضربون الفلسطينيين تتأثر، ولا
ترى المشهد
على أن الإسرائيلي هو جندي ينفذ الأوامر، بل ترى أنه هو المسؤول عن
تصرفاته. كما
أننا لا نفرق بين اليهودي والصهيوني وهذه مشكلة كبيرة عندنا
كعرب. نحن على عداء مع
الصهاينة وليس مع اليهود، فهناك يهود عرب كثيرون بيننا. نحن كمسلمين نعاني
من نفس
الشيء في الغرب الذي يتهمنا بأننا إرهابيون ويشوه صورتنا من خلال إعلامه
وأفلامه.
لهذا، يجب أن لا نقلد الغرب بزرع الكراهية في النفوس. السينمائيون في رأيي
يستطيعون
إيصال هذه الرسالة.
القدس العربي في
26/04/2009 |