عندما نفكر بفيلم ساخر عن خفايا الصناعة الهوليوودية ـ التي لم تعد خافية
على أحد ـ وأروقتها الخلفية يقفز الى الخاطر فوراً شريط روبرت آلتمن الشهير
"اللاعب"
The Player (1992). وفي المقلب الآخر من صناعة الافلام المستقلة،
تشع تجربة توم دي شيللو
Living in Oblivion (1995) التي تروي بأسلوب الفيلم داخل الفيلم الحظ العاثر الذي قد
يواجه صانع الافلام المستقلة. بين الاثنين، يبصر "ما الذي حدث تحديداً"
What just Happened?
لباري ليفينسن الذي يدور حول الحظ العاثر لمنتج هوليوودي شهير يقف على شفير
المهنة. ولكن للأسف لن يشكل هذا الشريط اضافة تذكر الى ذاكرة اي من العملين
المذكورين ذلك ان من يخوض تجربة مماثلة عليه ان يكون مستعداً لحرق جسر
العودة.
المشكلة في
What Just Happened انه يعجز عن الارتقاء الى مستوى كاتبه ومخرجه.
فهو لا يقارن بأي من الاحوال بأفلام ليفينسن من طراز
The Untouchables و"رجل المطر"
Rainman وWag the
Dog. كما ان كاتبه المنتج آرت لينسن الذي يقتبس كتابه وتجربته لا ينقل
صورة عن منتج عظيم بالفعل قد نتعاطف مع مشكلاته وأزمته. في دور المنتج،
يقدم روبرت دينيرو شخصية لعوبة ديبلوماسية، لا تأبه كثيراً بالسينما ليس
بقدر لينسن نفسه على ألاقل الذي أنتج أفلاماً مهمة من طينة
Fight Club وInto the Wild.
فالفيلم يتلقفه في لحظة حرجة من حياته الخاصة والمهنية. على صعيد المهنة،
يبدأ الفيلم بعرض خاص لآخر أفلامه "بشراسة" من بطولة شون بن وتوقيع مخرج
بريطاني هستيري. من الواضح ان الحضور المؤلف من منتجين وموزعين من بينهم
منتجة الفيلم (كاثرين كينر) لا يتجاوب كثيراً مع الفيلم الذي تبدو مشاهده
المختارة متكلفة بعيدة من السينما. وما يزيد الطين بلة نهاية الفيلم
السوداء التي يتخللها قتل كلب على الشاشة. على الرغم من اختيار الفيلم
لافتتاح مهرجان كان السينمائي، يصر المنتجون على تغيير النهاية الامر الذي
عليه ان يقنع المخرج به. وهناك مشروعه السينمائي الجديد الذي سيبدأ تصويره
قريباً مع بروس ويليس (يلعب شخصيته الحقيقية انما بصورة مبالغة) المهدد هو
الآخر بالاجهاض ما لم يتمكن من اقناع النجم الهوليوودي بحلق لحيته الامر
الذي واجهه لينسن في الواقع انما مع الممثل أليك بولدوين قبيل تصوير فيلمه
The Edge.
وتلك مهمة تبدو صعبة بالنظر الى سلوك النجم الهستيري وخوف المخرج ووكيله
منه. على صعيد حياته الخاصة، يحاول "بن" أن يتخطى انفصاله عن زوجته (روبن
رايت بن) من دون جدوى ثائراً لمعرفته بمعاشرتها كاتب سيناريو (ستانلي توشي)
مقرب منه. في هذه الأروقة، تدور يوميات "بن" الذي يستيقظ يومياً في السابعة
صباحاً ولا تفارق سماعة الهاتف الخلوي أذنه للحظة.
على الرغم من نبرته الساخرة والكثير من المواقف الكوميدية، يفتقر الفيلم
الى الحدة والعمق. لا يقدم جديداً ولا يفضح ولا يدين على الرغم من ان
الكتاب المقتبس عنه يحمل العنوان الفرعي "حكايات هوليوودية مريرة من الخط
الأمامي". غير ان ما يعرضه الفيلم لا يحمل خصوصية النظرة التي يمكن ان
يتفرد بها خبير في مجاله او حتى شاهد أساسي. بل ان الفيلم يمكن ان ينسب
بسهولة الى خيال كاتب مبتدئ لم يسبق له التورط في عالم "الشوبيزنس" ذاك.
لعل أفضل ما في شريط ليفينسن أداء دينيرو السهل الممتنع الذي لم نشاهده فيه
منذ بعض الوقت وجون تورتورو في دور وكيل النجوم المصاب بالقرحة. ولكن على
آرت لينسن الاعتراف بانه يعشق هوليوود على الرغم من كل شيء. هذا ما يوحي به
أداء دينيرو الذي يجسد لينسن متماهياً تماماً مع حياة المشاهير ومجتمع
هوليوود انما خالياً من الشغف بالسينما. وهذا تحديداً ما يجعل شخصيته بعيدة
من تعاطف المشاهد العادي الذي لن يرى فيها سوى شخصية رجل ثري تتمحور مشكلته
في وقوفه في طرف الصورة الفوتوغرافية لأهم عشرين منتجاً في هوليوود! او لعل
لينسن يعمل بمقولة "اليد التي لا تستيطيع قطعها....".
المستقبل اللبنانية في
03/04/2009 |