لم يحقق جديد
المخرج الإنجليزي سام منديس Revolutionary Road (طريق
ثوري) ما حققه «جمال أميركي»
الذي حصد خمس أوسكارات وقد كان أول فيلم يخرجه، لا بل لم يحصل (طريق ثوري)
إلا على
ثلاثة ترشيحات، من بينها على صعيد التمثيل، أوسكار أفضل ممثل في دور ثان
لمايكل
شانون، ولم تجد زوجته طريقها إلى الأوسكار من خلال دورها فيه،
بل من خلال فيلم «القارئ».
كل ما تقدم لا يلغي أهمية الفيلم، ولمسة منديس المسرحية القادرة
على تحويل
رواية ريتشارد يتس إلى مساحة صراع درامي مشغولة بالحوار وتصعيده
والاعتماد على حدث افتراضي، لن يجد طريقه للتحقق، مع الحفاظ
على قدرته في تدمير
حياة أبريل (كيت وينسلت) وفرانك (ليوناردو دي كابريو) والتي سرعان ما تكشف
عن
رتابتها واحتكامها على قدر من العادية التي تتمكن في النهاية إلى إيصال
أبريل إلى
المأساة، وهي تتوق لحياة مغايرة تتسع للأحلام والأيام التي
تحمل جديداً
دائماً.
في العودة إلى مسيرة منديس الإخراجية، فإن حقيقة ستصرخ بنا تقول
بأنه مقل، بمعنى أنه يخرج فيلماً كل ثلاث سنوات، وهذا ما يؤكده
على الدوام، فهو
مازال على عشقه للمسرح، وإخراج المسرحيات، وما يحمله من جديد، يتمثل بفيلم
بعنوان «بعيداً نمضي» والذي سيكون كوميديا حسب
المتوافر عنه، ويحكي عن زوجين يجوبان أميركا
بحثاً عن أفضل مكان للعيش خصوصاً أن الزوجة حامل بالابن الأول،
ويحكى أيضاَ عن فيلم
بعنوان «منتصف مارس» مأخوذ عن رواية بالعنوان نفسه لجورج إليوت، ما يدفع
للقول بأن
منديس حريص على التنويع وكثيراً، حيث إنه سينتقل من الكوميديا إلى رواية
مكتوبة في
القرن الـ،19 مع الحديث عن فيلم غنائي مأخوذ عن مسرحية عرضت
على خشبات برودواي
يتوقع أن يقوم بإخراجه في 2011 بعنوان «فوليز» (حماقات).
بين «طريق ثوري» 2008
و«جمال أميركي» عام 1999 لم يقدم منديس سوى فيلمين الأول جاء بعنوان «رود
تو
بيرديشن» (الطريق إلى الهلاك) عام 2002 الذي كان لا بأس به،
على اعتباره يأتي بعد
جماله الأميركي، والثاني جاء بعنوان «جارهيد» والذي يبقى على قدر كبير من
الإهمال،
كما لو أن ما حصده ميندس في فيلمه الأول كان كافياً ومبرراً لأن لا يلقى
اهتماما
يذكر، ومن ناحية أخرى قد يكون «جارهيد» قد تم تجاهله باعتباره
ينال بشكل أو آخر من
مفهوم البطولة الأميركي وأسطورة مشاة البحرية الأميركية «المارينز»، عبر
تجسيده
كتاب الجندي الأميركي في حرب الخليج الأولى أنتوني سوفورد. وفي بحث عن
أسباب أخرى،
فإن الفيلم نفسه كان مملاً ربما على اعتباره يصور حياة الجنود
الأميركان في الصحراء
العربية على شيء من الملل وقتل الوقت بدل قتل الأعداء وصولاً إلى تأكيده
أنهم لم
يطلقوا رصاصة واحدة إلا لدى الإعلان عن انتهاء العمليات الحربية، حيث
أطلقوا رصاصهم
في الهواء تعبيراً عن الفرح.
المشروعات المستقبلية لمنديس تقول لنا إنه
يحاول الخروج عن وصفه بالمقل، لكن من دون أن يفعل على اعتباره يكره
الاستعجال
كثيراً، ويجد في كل فيلم مساحة لاختبار شيء جديد، فهو في «جارهيد» قدم
موضوعاً
أميركياً خاصاً جداً، وجد فيه ما يجعله على مقربة من مشكلة
الشرق الأوسط كما يقول،
أو ما يعبر عن عبثية الحروب وغبائها، وهذا الجديد يمتد إلى «جما ل أميركي»
كونه
قدّم فيلماً يغوص في البنية الاجتماعية الأميركية «دون أن أكون
أميركياً»،إنه
الموضوع ما يغريه، وإمكانات القصة الدرامية التي سيحقق منها
فيلماً جيداً لا محالة
إن كانت محكمة حسب تعبيره.
الإمارات اليوم في
17/03/2009 |