يعد مهرجان الخليج السينمائي منصة لعرض إبداعات المواهب في دول مجلس
التعاون الخليجي، وهو الحدث الأول والوحيد المخصص بالكامل للأفلام
السينمائية من منطقة الخليج. وتشهد دورته الثانية التي تنطلق في التاسع من
شهر إبريل المقبل، نقلة نوعية متميزة، تمثلت في زيادة عدد المشاركات بنسبة
50 بالمئة، مقارنة مع العام الماضي، وفي استعراض كامل لملامح دورة 2009 كان
لـ (الحواس الخمس) لقاء مع مسعود أمر الله مدير المهرجان، وفيما يلي تفاصيل
الحوار:
·
في ظل الأزمة المالية العالمية،
هل نتوقع وجود إجراءات، يمكن لها التأثير على شكل وقوة فعاليات الدورة
الثانية لمهرجان الخليج السينمائي؟
الأزمة عالمية وليست محلية فقط، وسيمتد تأثيرها على كل النشاطات،
وانعكاساتها لا تزال قائمة، لكن بالنسبة للمهرجان سيبقى الزخم موجوداً
والأفلام كذلك، وتركيزنا على فعالياته كونه احتفالاً للسينما بالدرجة
الأولى أكثر منه احتفال (بهرجة)، وفي النهاية إذا كانت الأفلام حاضرة،
والمخرجون موجودون، والندوات والورش قائمة، فهذا هو الغرض المطلوب، لكن
ربما يكون التأثر الوحيد، هو في عدد الضيوف غير المرتبطين بالأفلام، وقد
تقلص عددهم قليلاً.
أما النسخة الثانية من المهرجان، فسوف تكون مختلفة عن الأولى التي احتاجت
إلى دعاية وتكاليف مالية للتعريف بالمهرجان ومسابقته وبرامجه، سواء من حيث
الحضور الإعلامي أو عدد الضيوف.
·
مهرجان الخليج السينمائي، مرتبط
دائماً بظروف صناعة الأفلام في الخليج، فهل ترى أنه سوف يتأثر بأي تراجع
يصيب الأخيرة؟
بالتأكيد، لكنني أعتقد أن وجود المهرجان، هو الذي يحرض ويدفع الصناعة الآن،
وفي غياب المهرجان، من المؤكد أن الصناعة ستتأثر، طبعاً هذه قاعدة
استثنائية، وربما ظروف الإنتاج لدينا في الخليج، هي التي سمحت بأن تكون
المعادلة بهذا الشكل، فنحن ننعش البيئة التي تدفع للإنتاج، وليس العكس.
·
في مسابقة الأفلام الطويلة، نعلم
أن الإنتاج الخليجي لعام كامل، لن يصل إلى العدد المطلوب في اللائحة
الداخلية للمهرجان، وبالتالي، ما عدد وشكل الأفلام الطويلة في الدورة
الثانية؟
اللائحة الداخلية للمهرجان منصفة، لأن اختيار خمسة أفلام من ثماني دول في
عام حساب صحيح، ولا أجده في أي حال عدداً كبيراً، وبالفعل الإنتاج موجود،
ولن يكون هناك خلل في عدد الأفلام الطويلة ونوعياتها، وأتوقع زيادتها في
الأعوام المقبلة، لتصل في المستقبل إلى 20 فيلماً، ومن المحتمل إلغاء هذه
المسابقة، إذا لم يتم اختيار خمسة أفلام من حيث المستوى والجودة، إذاً،
العدد موجود، لكن المشكلة الحقيقية دائماً في النوعية.
·
هل نشاهد فيلماً إماراتياً
طويلاً في افتتاح هذه الدورة، أو ضمن مسابقته لهذه الفئة؟
هناك بالفعل أكثر من فيلم إماراتي طويل تقدم إلى هذه الدورة، أما كونه
سيكون فيلم افتتاح أو سيشارك في المسابقة، فهذا أمر يخضع للجنة الاختيار
المكلفة بذلك، وسيتم الإعلان عن هذه التفاصيل قريباً.
·
ماذا عن حجم المشاركات في الدورة
الثانية؟
بشكل عام، ارتفع عدد المشاركات لدورة عام 2009 بنسبة 50 بالمئة مقارنة
بالعام الماضي، فهناك 212 فيلماً تتم مراجعتها، لتحديد ما يشارك منها في
المسابقة الرسمية، وجاء على رأس قائمة الدول المشاركة السعودية 63 فيلماً،
تلتها الإمارات في المرتبة الثانية( 45)، ثم العراق ( 39 )، والكويت( 27)،
والبحرين(24 )، وسلطنة عمان(10 )، واليمن( 4 أفلام ).
وتشمل هذه القائمة كلا من أفلام الطلبة والمواهب الشابة، إضافة إلى مشاركات
الأسماء المعروفة في عالم السينما الخليجية، أما على صعيد تصنيف الأفلام
فقد تم تقديم أكثر من 20 فيلماً روائيا وتسجيلياً، ما يعكس الثقة المتزايدة
بالمهرجان من قبل صانعي الأفلام في الخليج.
·
بماذا تفسر ضعف المشاركة
الإماراتية هذا العام؟
أصبح لدى الفنانين الإماراتيين، نوع من التحفظ، للعمل بشكل سريع للمهرجان،
وأصبحت تكلفة الأفلام الإماراتية أكثر من أي دولة أخرى، فالفيلم القصير
الإماراتي اليوم تتراوح تكلفته ما بين 50 أو 60 ألف درهم، في حين أن
الأفلام الخليجية الأخرى حاليا تمر بالمراحل الأولى لبدايات السينما في
الإمارات. لذا أعتقد أن هذا الأمر مؤثر، لأن الإنتاج الإماراتي بدأ ينخفض
لصالح النوعية، وأفلام أكثر دقة واحترافية.
·
هل استفاد مهرجان الخليج
السينمائي من بنية مهرجان دبي السينمائي؟
لا أعتقد أن مهرجان الخليج استفاد بشكل مباشر، لكن أن يحرض على السينما،
ويجعلها حاضرة أمام الإماراتيين والخليجيين، نعم بالفعل قدم خدمة كبيرة في
هذا المنحى، وأعطى فرصة للتواجد الخليجي في مهرجان دولي، من حيث المشاهدة
وإقامة علاقات والعرض على جمهور ونقاد مختلفين.
·
ما الذي يضاف إلى انجازات ومكاسب
مهرجان الخليج السينمائي؟
المهرجان اليوم صار مركزاً لصناعة الفيلم في دول الخليج الثمانية، وهذا هو
المكسب الأهم، أما الإنجاز فهو الدفع بهذه الأفلام إلى مهرجانات أخرى،
ليكون هناك تواجد ملموس للسينما الخليجية عربياً ودولياً.
·
حمل المهرجان على عاتقه ترسيخ
الثقافة السينمائية في أذهان الجمهور، وفتح أبوابه مجاناً للجميع، ورغم ذلك
جاءت نسبة مشاركة الجمهور العادي على المهرجان ضعيفة، ما الأسباب.. وكيف
تتعاملون معها؟
لا اعتقد أنها ضعيفة، فهناك ما يقارب الخمسة آلاف شخص، حضروا عروض الأفلام
خلال فعاليات الدورة الأولى، وهي نسبة جيدة لأفلام غير معروفة، وفي وقت
نعرض فيه الأفلام في الصباح. وفي شهر أبريل الذي يكون فيه الجميع على رأس
أعمالهم. لكن من تجربة العام الماضي، رحلنا عروض الصباح التي كانت تقام في
العاشرة صباحاً إلى الثانية عشرة ظهراً لتوفير نسبة أعلى من المشاهدة،
وبالتالي، فإن برنامج عروض هذا العام، سيكون من 12 ظهرا إلي 12 مساء.
·
وهو توقيت يساعد على الإقبال،
وتفاعل الجمهور مع أفلام المهرجان. أغلب محاولات الأفلام القصيرة والطويلة
في الدورة السابقة، بعدت عن روح السينما لفقدها التكنيك السينمائي والعمق
في تعاطي موضوعاتها، ما تعليقك على هذا، خصوصاً وأنها لم تستمل فكر المشاهد
ليتعلق بها ويقبل عليها؟
هذه مسألة أذواق، الواحد ينظر إلى الفيلم بشكل مختلف، فأنا كمهرجان أنظر
إلى الفيلم بنظرة مختلفة، عن كل هذا الذي يقال. ما يهمني هو أن يكون هناك
فيلم كوميدي، وأفلام رعب من الخليج، لكن بعض النقاد يعتبرون هذه الأفلام لا
تناسب ذوقهم، وبالتالي يكون الحكم دائماً في غير صالحها.
الصناعة متكاملة وليست شكلاً واحداً، ثم مسألة التكنيك السينمائي التي
يرجعها البعض إلى استخدام كاميرا الديجيتال، وليس 35 ملليمتر، و أرى أن
العالم الآن يتجه إليها، لكن البعض عند مشاهدتهم للأعمال، التي تصور
بكاميرا الديجيتال، يصدر حكماً على أنها دراما تليفزيونية، هذه أمور تحتاج
إلى ترو قبل إطلاق أحكام على تجربة، تحتاج إلى وقت ومجهود حتى تنضج، ونحن
بالفعل نقصي الأفلام التي تقترب من الدراما التليفزيونية، وتنأى عن كونها
أعمال سينمائية.
·
تراكم الخبرات لدى السينمائيين
الخليجيين مطلوب لفرز أفلام جديرة بالمشاهدة، فكيف يكرس المهرجان تلك
الخطوة في دوراته؟
المهرجان مجرد منظم، لكن هناك لائحة قوية وصارمة تدفع لفرز الأفلام الجيدة،
وبالتالي تساعد على تراكم الخبرات لدى السينمائيين الخليجيين. وقبل صدور
أحكام، لابد أن نقيس عمر التجربة، وفي إطار ما هو موجود ومتوفر للسينما في
الخليج، هل هناك مدارس أو صالات تعرض أعمالاً فنية.. هل هناك محلات في
السوق تبيع أعمالاً سينمائية..
وهل القنوات الفضائية تبث أفلاما خليجية فنية.. والأهم هل هناك كتاب
سيناريو ومصورون وفنيون؟ كل ما أستطيع قوله إن عمر التجربة لدينا سبع
سنوات، وليس لدينا بنيه تحتية مقارنه بدول أخرى تعدت المئة عام، ورغم ذلك
أصبح من خلال المهرجانات موجود عندنا منتج فني ينافس ويحصد الجوائز.
·
تجارب الأفلام الحالية لا تخرج
عن كونها مبادرات فردية في ظل غياب الدعم الحكومي للشباب، فهل سيبقى الأمر
على المنوال ذاته، وهل ترى أن هذه المبادرات يمكن لها أن تؤسس لصناعة
سينما؟
هناك بعض التجارب التي سنراها قريباً بدعم من جهات ومؤسسات في الدولة، مثل
تجربة فيلم (دار الحي) للمخرج علي مصطفى. والطبيعي أن المخرجين في جميع
أنحاء العالم، هم الذين يسعون إلى توفير جهات لتمويل أفلامهم، وبعضهم
يستغرق سنوات من البحث، حتى يجد هذا التمويل، وبالتالي ستبقى المبادرات
الفردية موجودة، لكنني أرى لوجود سينما خليجية حقيقية لابد من وجود مؤسسات
حكومية في منطقة الخليج، تأخذ على عاتقها مهمة صنع أفلام فنية دون النظر
إلى المكسب المادي، ويكون هدفها السمعة الطيبة، وحفظ الذاكرة البصرية،
والتأريخ لمراحل بدأت تأخذ طريقها إلي النسيان.
·
كانت المشاركة السعودية
والعراقية متميزة العام الماضي، من حيث العدد وتنويعات الفئات، فما جديد
هذا العام؟
لا تزال السعودية والعراق من الدول المتميزة في حجم المشاركة هذا العام،
والسعودية على وجه الخصوص، تعاني من عدم وجود صالات سينما بها، وهذا حرضهم
على عمل أفلام وزاد نشاطهم العام الماضي، وأقاموا مهرجانات.
وانعكس كل هذا على نوعية أعمالهم المقدمة للدورة الثانية للمهرجان. أما
العراق فيتميز بوجود عدد كبير من المخرجين لهم تجارب سابقة تتخطى مخرجي
الخليج جميعهم.. واغلب المتميزين منهم يقيمون خارج العراق. وفي داخل
العراق، هناك أكثر من مهرجان بدأ يظهر إلى النور، والدفع بأعمال متميزة
سيكون له وجود مؤثر وقوي للعراق، التي ستبقى دائما متقدمة فنياً على دول
الخليج الأخرى.
·
ما السلبيات التي اعترضت هذه
الدورة ؟
السلبية الأساسية تقع على عاتق المخرجين، وعدم التزامهم بتواريخ تسليم
أعمالهم التي حددها المهرجان، ولأن لكل مهرجان خططه، سوف يكون هناك
ضحايا،إذا استمر تجاوز الوقت الأمثل.
·
بدأ العد التنازلي لانطلاق
المهرجان، ما الذي لم يكتمل بعد؟
كل شيء جاهز الآن، ومع العد التنازلي لمهرجان الخليج السينمائي، سيتم
الإعلان تدريجيا عن مفاجآت كثيرة، وأمور أفضل تصب في صالح السينما
الخليجية.
البيان الإماراتية في
17/03/2009 |