ما أن يذكر اسم دانيال كريج حتى يقفز جيمس بوند من سيارته، ويلحق
بالأشرار هزيمة لعينة متنقلاً من بلد إلى آخر، ويكاد الأمر في
الفيلمين الأخيرين من
السلسة اللامتناهية لبطل الجاسوسية والإثارة، أي «كازينو رويال» و«شيء من
العزاء»،
أن يحول هذا الممثل الانجليزي إلى العميل 007 من دون منازع، والذي سيمحي
ويمنع من
ظهوره في أدوار أخرى، حققها هذا الرجل الذي تجاوز الـ40 بسنة.
المرور سريعاً
على مسيرة هذا الممثل الذي سطع نجمه بالمعنى الجماهيري للكلمة مع العميل
بوند،
سيكون مع لعبه دوراً مهماً إلى حد ما في فيلم «تحد» الذي سيبدأ
عرضه غداً، والذي
سيكون دعوة خاصة لتفعيل الاسقاط السياسي، وإن لم يكن وارداً في أذهان صانعي
الفيلم -ربما -والتأمل جيداً بازدواجية عجيبة
يضيئها الفيلم إن تعلق الأمر بتاريخ الشعب
اليهودي وحقه المشروع بالمقاومة في وجه النازيين، الأمر الذي
يحيلنا إلى التاريخ
القريب وتبادل الأدوار تاريخياً مع إصرار الإسرائيليين على لعب دور الجلاد
الذي لا
يقبل بأن تنبت لضحيته الفلسطينية ولو حتى أظافر.
سبق استعراض الفيلم بشكل
مسهب على هذه الصفحة، ولكم في عرضه في الصالات المحلية ما يؤيد ما نعيد
التأكيد
عليه، ولنعود إلى كريج الذي لا خطط مستقبلية لديه على ما يبدو،
ولعل لعنة جيمس بوند
قد حلت عليه، فهو في انتظار جزء آخر لم يفصح عنه بعد.
المشروع الوحيد
المندرج على قائمة الأعمال القادمة لكريج تتمثل بأداء صوتي لشخصية ريد
راكهام في
فيلم «أنيماشن» جديد عن «مغامرات تان تان» الشهيرة في تجسيد جديد لأشهر
شخصية
«كوميك»
في الكون، وليتولى إخراج هذا الفيلم هذه المرة ستيفن سبيلبيرغ، والذي يتوقع
عرضه عام .2011
وبما أن الخطط المستقبلية لكريج غير واضحة المعالم وتكاد
تكون شبه معدومة، فإن فيلماً له قدمه العام الماضي إلى جانب
«تحد» يدعونا للتوقف
عنده، وهو بعنوان «فلاش باك الأحمق»، والذي لم يعرض في صالاتنا المحلية
لأسباب
تسويقية صرنا معتادين عليها وعلى خياراتها المتوقعة، ولعل هذا الفيلم يشير
بقوة إلى
الانتقائية العجيبة التي تتحكم بما نشاهد، بمعنى أنه يمكن أن تشاهد جميع
أفلام كريج
إلا هذا، لا لشيء إلا لأنه احتوى على قدر لا بأس به من
المغايرة، ولعل هذا أصبح من
بديهيات دور العرض التي تتحكم فيها شركات الانتاج والتسويق في اتباع أعمى
لشباك
التذاكر الأميركي.
هذا الفيلم الذي أخرجه بيلي ويلش في أوائل تجاربه
السينمائية مبني على ذاكرة مخرج سينمائي اسمه جو سكوت (دانيال كريج)، تعود
به إلى
مساحة تحتشد فيها القصص، إنها قصة حبه لامرأة تفوقه في العمر، ومقتل ابنتها
الصغيرة
المفاجئ حين تقوم الأم بطردها من البيت للتفرغ للعشق وتبادل
الحب مع ذلك الشاب،
ولتقضي البنت في انفجار لغم يكون موضوعاً على الشاطئ مقابل البيت.
هذا ملخص
سريع للفيلم، في تعقب لعقدة الذنب التي ستلاحق حياة سكوت والمسارات
والانعطافات
الحادة التي ستتخذها حياته، ولعل كريج قد جسد الكثير من
الأدوار التي مسحت من
الذاكرة بمجرد خروجه علينا جيمس بوند، ولتستحضر الذاكرة أشهر أدواره التي
جعلت له
موطئ قدم في هوليوود والذي كان دوره في فيلم سام منديس «طريق إلى
الهلاك».
التأمل في مختلف الأدوار التي قدمها في الآونة الأخيرة، سيمنح
شعوراً بأنه قيد الانحشار في أدوار لصيقة به، ويكفي استحضار
دوره في «ميونيخ» لنرى
فيه بوند أيضاً لكن الاسرائيلي، ولعل المرور على «فلاش باك الأحمق» سيصبح
من باب
التأكيد على محاولته الخروج من حصره في أدوار محددة، لنا أن نجدها أيضاً في
«تحد»،
وإن كان قد قدم في ما مضى شخصية الشاعر الانجليزي تيد هيوز في
فيلم «سيلفيا»،
وأدوار أخرى لا يمكن أن يؤديها في هوليوود.
الإمارات اليوم في
11/03/2009 |