منذ أواخر تسعينات القرن العشرين وُضعت دراسات لإعادة هيكلة التلفزيون
المصري، خلصت الى ضرورة تقسيم اتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري إلى كيانات
مستقلة، حتى اتخذ القرار ببدء تطبيق الهيكلة في شكل مرحلي وتتابع زمني
يتحدد وفقاً لظروف اتحاد الإذاعة والتلفزيون وإمكاناته. وفي نهاية عام 2007
أعلن وزير الإعلام المصري أنس الفقي مشروع إعادة هيكلة الإعلام المصري
الإذاعي والتلفزيوني، وبالفعل بدأ العمل في مشاريع التطوير بالتنسيق مع
قطاعات اتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري («ماسبيرو»)، فكان إطلاق شبكة
«تلفزيون النيل» بشكل ومضمون جديدين خطوة على درب التطوير في محاولة لإعادة
استقطاب الجمهور المصري الذي اختطفته الفضائيات بمضمونها الشيق وشكلها
الجذاب.
واعتباراً من أول آذار (مارس) الجاري امتد التطوير للقناتين الأولى
والثانية الأرضيتين والفضائية المصرية بخرائط برامجية جديدة. وبدأ تنفيذ
الخطة تحت إشراف وزارة الإعلام بالتعاون مع عدد من الشركات الاستشارية
المتخصصة في مجال الإعلام في منطقة الشرق الأوسط التي قامت بوضع الرؤية
للتطوير بالتعاون مع قيادات الاتحاد، أما التنفيذ لكل مراحل التطوير فقد تم
بالكامل بخبرات العاملين في الاتحاد والشركات الخاصة المصرية. وشهدت قنوات
التلفزيون في العام الماضي تطويراً استراتيجياً استهدف بعض البرامج أو
المواسم، ولكن لم تُطبّق خطة متكاملة تعيد ثقة المواطن المصري بالكامل في
قنواته الأرضية، لذلك أصبح تنفيذ خطة تطوير متكاملة للقنوات هدفاً رئيساً
بالنسبة الى اتحاد الإذاعة والتلفزيون.
يحوي مضمون القناة الأولى بعد التطوير كل المجالات، إذ تصل المادة
السياسية والإخبارية والثقافية والدينية وبرامج الخدمة العامة على شاشتها
إلى 60 في المئة من المحتوى الإعلامي مقابل 40 في المئة للمادة الترفيهية.
وبالنسبة الى القناة الثانية، يستهدف محتواها مخاطبة الشباب بلغة عصرية،
إضافة إلى تغليب الطابع الترفيهي الذي يصل إلى 60 في المئة، منها ما يقرب
25 في المئة من الإنتاج العالمي.
وفي قطاع الأخبار الذي يرأسه الإعلامي عبداللطيف المناوي تطور شكل
النشرات الإخبارية وبرامج الحوار التي تذاع على شاشات الأولى والثانية
والفضائية المصرية ليتواكب ذلك مع تطوير بقية البرامج والفقرات.
وتمكن ملاحظة التجديد جذرياً على مستوى الشكل، أما بالنسبة الى
المحتوى، فهناك تعديلات طفيفة، ولكن لا توجد تغييرات في الخطوط العريضة أو
السياسة العامة التي يتبعها قطاع الأخبار، وهناك تطوير في الاستوديوات التي
تبث منها النشرات الإخبارية وكل البرامج الإخبارية التي تتبع القطاع، علماً
ان هناك مراحل تطويرية لاحقة وفقاً لجدول زمني وترتيبات فنية وهندسية. أما
بالنسبة الى تطوير القنوات المحلية (3-4-5-6-7-8) فستظهر القناة الثالثة في
شكل جديد مع خريطة شهر رمضان المقبل، بينما تُضم قناتا «النيل الدولية» و
«مصر الإخبارية» الى قطاع الأخبار.
وقد يشهد حزيران (يونيو) المقبل مرحلة جديدة من التطوير تشمل دمج قطاع
الإنتاج مع شركة «صوت القاهرة» تحت اسم شركة مصر للإنتاج الدرامي برئاسة
إبراهيم العقباوى، وتحت إشراف راوية بياض (الرئيسة الحالية لقطاع الإنتاج)،
كما مع تحويل القطاع الاقتصادي إلى إدارة للمحاسبة. وفي قطاع الإذاعة ستلغى
إذاعة الكبار والإذاعة التعليمية وبعض الإذاعات الموجهة، كما تُطوّر بقية
الشبكات، وعلى رأسها إذاعة الأخبار. وأنشئت وكالة جديدة للإعلانات تعمل تحت
إشراف شركة «صوت القاهرة» لتصبح الشركة الوكيل الوحيد لكل الإعلانات التي
تبث على التلفزيون المصري.
على صعيد آخر، فاجأ الفقي، الأربعاء الماضي المخرجين والفنيين
المعتصمين أمام مبنى التلفزيون المصري (ماسبيرو) منذ أول آذار (مارس)، إذ
طلب لقاء عاجلاً معهم، فكان صدور القرار الوزاري الرقم 42 لسنة 2009،
ويتضمن تسعة بنود، أولها تشكيل لجنة تنفيذية للتطوير برئاسة عادل معاطي
نائب عضو مجلس الأمناء لقطاع التلفزيون بدلاً من رئيسة التلفزيون المصري
سوزان حسن، وعضوية ممثلين عن القنوات الأولى والثانية والفضائية المصرية،
كما تقرر تشكيل لجنة لدراسة مشاكل كل المتضررين من التطوير في القنوات هذه،
واستكمال العمل على تطوير البرامج التي تم رفعها من الخريطة لإعادة إطلاقها
في شكل جديد، واستيعاب كل العمالة الحالية في شكل يضمن عدم الاستغناء عنها،
وعدم الاستعانة بمنتجين فنيين من الخارج، في شكل يضمن مراعاة تحقيق العدالة
الكاملة في توزيع ساعات البث على المخرجين والمعدّين والمذيعين في تلك
القنوات، وتمويل البرامج بعد إعادة تحديثها من الموازنات المدرجة للتطوير.
وستكون اللجنة مطالبة بتقديم تقارير أسبوعية لما تم من إنجازات. وكانت
مطالب المخرجين أن يتم التطوير بأبناء ماسبيرو، وهو ما وافق عليه الوزير
فوراً على أن يعودوا الى العمل مع بداية نيسان (أبريل) المقبل حتى يتم
الانتهاء من إذاعة الحلقات الجديدة التي تم تسجيلها من البرامج والمدفوع
حقها. أما المذيعات والمذيعون المستبعدون فكانت تعليمات الفقي واضحة
بعودتهم على الفور، مؤكداً المبدأ الذي تنتهجه الحكومة في إطار عمليات
التطوير وهو ألا يتضرر أحد من هذه العملية، وأن يُستفاد من جهود العاملين.
وقرر الفقي تخصيص صندوق بريد وعنوان بريد إلكتروني لتلقي اقتراحات وأفكار
وشكاوى العاملين مع تعيين فريق عمل في مكتبه لحل أي مشكلات وعرضها عليه.
وأكد أن الإعلام المصري ليس مطروحاً للخصخصة، وأن تلفزيون الدولة تملكه
الدولة أرضياً وفضائياً، حيث إن القنوات المحلية ستظل تحت قيادة مركزية
تتمثل في ثلاثة مستويات ولن تتبع الإدارة المحلية ولن تباع.
وأضاف في لقاءين عقدهما مع العاملين في القناتين الثالثة والرابعة في
إطار لقاءاته التي بدأت الأربعاء الماضي، وتستكمل اليوم مع العاملين في
القناتين السابعة والثامنة «أن الفترة المقبلة ستشهد إعادة إطلاق القناة
الثقافية»، نافياً ما نشر حول منح وزارة الإعلام 350 مليون يورو لعمليات
التطوير، موضحاً أن تطوير التلفزيون يتم من موازنة الاتحاد وأنه لم يحصل
على أي تمويل أوروبي أو أميركي لهذا الغرض.
الحياة اللندنية في
10/03/2009 |