هل تستطيع الاختيار بين "روبرت دى نيرو" و "آل باتشينو" أنهما نجمان
كبيران ولا جدال فى ذلك لهما شعبية طاغية وعشاق فى جميع أنحاء العالم،
وأفلامها التى لا تزال حاضرة فى أذهان عشاق السينما جعلت هناك اتفاقا غير
معلن بين الكثيرين من عشاق الشاشة على أنهما نجمان استثنائيان فى تاريخ
السينما. وقد بدأ معا مرحلة الإبداع والتألق منذ بداية السبعينيات، وقد
تحول عشاق هذين النجمين حول العالم إلى متنافسين متطرفين فى نقاشهم أيهما
الأفضل "دينيرو" أم "باتشينو" وهو صراع تجده فى كل ميدان من ميادين
السينما، سواء فى المواقع الإلكترونية المهتمة بالنشاط السينمائى، أو عبر
الفضائيات السينمائية، أو حتى محلات الفيديو، حتى أصبحوا أشبه بفريقى كرة
قدم يتنافسان على القمة وهذا التنافس المحموم بين عشاق النجمين، يتخذ من
العاطفة غلافا له، حيث ينطلق المؤيدون والرافضون لهذا النجم أو ذاك من
منطلق عاطفى لا يمكن الاعتماد عليه فى تغليب كفة أحدهما على الآخر.
وقد التقيا لأول مره فى فيلم "الأب الروحي" دون أن يجمعهما مشهد واحد
ويتطلع عشاق الفن السابع إلى لقاء عملاقى السينما منذ جمعهما المخرج مايكل
مان فى فيلم "اللهيب" عام 1995 حيث قدما فى مشهد "المقهي" الذى هدد فيه (
دى نيرو ) (آل باتشينو ) بأنه لن يستطيع القبض عليه واحد من أهم وأقوى 50
مشهدا فى تاريخ السينما العالمية ليأتى لقاء القمة الثالث بين آل باتشينو
دى نيرو مع فيلم (القتل المبرر) وهذه المرة لن يكون هناك تحدٍ بين اللص دى
نيرو( والمحقق )آل باتشينو(، ولكن سيكون هناك تعاون بينهما).
تدور أحداث الفيلم فى إطار من الإثارة والأكشن حول ضابطى الشرطة (ترك)
روبرت دى نيرو, و(روستر) آل باتشينو، اللذين يضعان شخصا بطريق الخطأ
المتعمد خلف القضبان، بتهمة ارتكاب سلسلة من جرائم القتل والاغتصاب، وبعد
مرور عدة سنوات تقع جريمة قتل أخرى بنفس الأسلوب وتبدأ سلسله جديدة من
الجرائم تستهدف مجموعه من المجرمين الحاصلين على تبرئه من القانون وكلها
بنفس الأسلوب لتكتشف الإدارة والضابطان خلالها أنهما لم يقبضا على القاتل
الحقيقى ويعاد فتح التحقيق خلال ضابطى شرطة اصغر سنا ليجد الاثنان نفسيهما
فى ورطة شديدة و يضطران للتعاون معهما، وتحوم شبهات الضابطين الصغار حول أن
القاتل لابد انه احد رجال ألشرطه انه شرطى فاسد أو بالأحرى شرطى صالح.
يشارك فى بطولة الفيلم كارلا جوجينوو وجون لوجيزمو ودونى والبرج
والمطرب فيفت سنت، ومن إخراج جون أفينت وسيناريو راسل جوريتز.
السيناريست راسل جويرتيز صاحب فيلمى (بليند جوستيك 2005)، (اينسيد مان
2006) بدأ الكتابة للتليفزيون عام 2005 وبعد عملين انتقل للسينما ليقدم
فيلمين والثالث هو "القتل المبرر" ويقدم راسل فى الفيلم سيناريو بوليسيا
محبوكا بصنعة ومتماسك فرغم اعتماده على المفاجأة فى النهاية إلا أن معرفة
تلك المفاجأة لا تقلل بأى حال من متعة المتابعة بسبب البناء المعتمد على
التنويع الزمنى والانتقالات بين الشخصيات ولكن عابه محاوله التوازن بين
مساحه بطلى العمل التى لم تساعده الأحداث فى النصف الأول من العمل على
فعلها فتحول العمل إلى نصفين بالعدل يقوم كل من بطلى العمل بالدور الرئيسى
فى كل نصف على حدة.
المخرج جون افنيت ـ60 عاما ـ يعمل كمنتج تليفزيونى منذ عام 1976 ثم
اتجه للعمل كمخرج تليفزيونى عام 1984 وما زال مستمرا فى العمل التليفزيونى
رغم انه قدم مع ال باتشينو فيلم (88 دقيقةه) فى عام 2007 وبوجود مخرج ينتمى
إلى التليفزيون تكتمل الصورة البصرية والإيقاع فنحن أمام حلقه تليفزيونيه
بوليسية مثيرة والمخرج يعتمد بالفعل الأحجام التليفزيونية فى الكادرات
كأحجام رسميه للفيلم فنجد أننا أمام مجموعات متتالية من اللقطات المتوسطة
والزوايا المتقابلة بل انه فى مشاهد الطبيب النفسى يقدم زوايا وأحجام
اللقاءات التليفزيونية، رغم ذلك فان قضاء (100) دقيقة فى السينما لمتابعة
العرض ستمر فى لحظه والسر يكمن فى البطلين.
روبرت دى نيرو ـ 66 عاما ـ صاحب الدور الخالد فى (سائق التاكسي)
والأسطورى في(الثور الهائج) والرائع فى (اليقظة) والمتميز فى (صائد
الغزلان) انه يقدم دورا مركبا معتمدا على لعبة التمثيل داخل التمثيل فمنذ
اللحظة الأولى تضعنا ملامح دى نيرو داخل الخدعة وتظل تتلاعب بنا بين شد
وجذب حتى نضطر فى النهاية إلى أن ننحنى ونصفق لأدائه الرائع
أما العبقرى ال باتشينو ـ 68 عاما ـ صاحب شخصية (كورليوني) الهادئة فى
(الأب الروحي)، وشخصية (تونى مونتانا) الصاخبة المنفلتة فى (سكارفيس)
وشخصيته المكسورة فى (دونى براسكو)، وكذلك الرومانسى فى (فرانكى وجوني)
والجنرال فى (عطر امرأة) والمدرب فى فيلم (أنى جيفين صندي) فإنه يجد نفسه
فى حيرة فيلجأ إلى نفس لعبه صديقه ويلعب التمثيل داخل التمثيل حتى إن إعادة
مشاهدة الفيلم بعد المفاجأة ستجعلك تعيد التصفيق والوقوف تحيه لأداء الرائع
( ال باتشينو )
فى النهاية نحن أمام فيلم متوسط من الناحية الفنية لا يقدم للمتفرج
سوى شكل من أشكال الإثارة الكامنة فى المتابعة والتخمين لا يميزه شيء سوى
وجود النجمين الكبيرين والاهم فى العالم ليتحول الفيلم إلى حلقه دراسية
لتعليم التمثيل وبس.
العربي المصرية في
10/03/2009 |