ما ان تقرأ رواية جميلة ، حتى تعتقد انها تصلح للسينما. ولكن الواقع
يصدمك احيانا. ولكن ذلك ليس كل شيء. فهناك ما توافق مع الرواية وتناغم معها
ونتج عن ذلك عملا سينمائيا مبهرا وخالدا.
وفي كل يوم تظهر القضية"الروا ـ سينمائية" ، وتعود اسئلة المثقفين
للبروز. ايهما افضل الرواية الاصلية ام الفيلم السينمائي؟
هناك قاعدة هوليودية تقول: "كثير من الكتب السيئة تصنع أفلاماً رائعة
، ولكن أغلب الكتب الرائعة تصنع أفلاماً سيئة" ، على مدار تاريخ السينما
العالمية اثبتت صحة هذه القاعدة ، حتى أصبح النقاد بأنفسهم يسمونها قاعدة
لا نظرية والدليل الروايات التي تحولت الآن إلى أفلام. ومن الأمثلة على
الكتب الرائعة التي صنعت أفلاما سيئة. في عام 2006 أنتج الفيلم المثير
للجدل "دفنشي كود" المقتبس من رواية داني بروان ، جميع الذين قرأوا الرواية
ثم شاهدوها فيلما أجزموا بأن الرواية أمتع بكثير من الفيلم بفضل تفاصيلها
الدقيقة الرائعة ، رغم أن بطولة الفيلم كان يلعبها الممثل الكبير توم هانكس
، ومن إخراج ورن هوارد الفائز مخرج فيلم "العقل الجميل" في عام 2001 وفيلم
"أبلو "13 عام 1995م.
كذلك تحولت رائعة الكاتب الكبير جابريال جارسيا ماركيز "الحب في زمن
الكوليرا" إلى فيلم وكانت من إخراج ميك نيويل ، مخرج فيلم "دوني براسكو" في
عام 1997 و"هاري بوتور وكاس النار" في عام 2005 ، وكان الفيلم من بطولة
ممثل بانجيمن بارت ، خافير بارديم ، وجيوفان ميزوجيورنو. إلا أن الفيلم فشل
فشلا ذريعا ، وكانت مغامرة ربما نستطيع وصفها بالمتهورة من مخرج كبير في
هوليوود.
وفي عالمنا العربي تكرر ما حدث في عالم هوليوود ، في عام 2006 حولت
رواية علاء الأسواني "عمارة يعقوبيان" إلى فيلم يضم نجوما وممثلين مثل عادل
إمام ، نور الشريف ، يسرا ، سمية الخشاب ، هند صبري ، خالد الصاوي ، خالد
صالح ، أحمد بدير ، أحمد راتب ، ومن إخراج مروان حامد ، رغم إبداعات
الممثلين في الفيلم إلا أن الكثير ضرخ قائلا: "الرواية أفضل بكثير" بفضل
أسلوب الكاتب الكبير علاء الأسواني.
ولا ننسى روايات الأديب الكبير نجيب محفوظ التي حولت له ما يقارب 40
رواية لفيلم ، وكان أولها في عام 1960 حينما اخرج صلاح أبو سيف رواية
"بداية ونهاية" ، ثم توالت بعد ذلك الأفلام المعدة عن أعمال هذا الروائي
الكبير ، وقام بإخراج هذه الأفلام مجموعة من المخرجين يراوحون بين مخرجين
جيدي الصنعة الفنية ، ومخرجين هم أنصاف موهوبين ، لكن رغم هذا لم يستطع أي
من الأفلام المأخوذة عن إحدى روايات محفوظ أن يصل إلى جزء من مستوى الرواية
الأصل أو حتى يحيط بأبعادها المرجوة.
ومن الأمثلة على الرواية الفاشلة التي صنعت أفلاما عظيمة ، حفرت لها
مكانا مميزا في صخرة هوليوود ، ومن الروايات الفاشلة التي صنعت بعض الأفلام
العظيمة ، في مقدمتها الفيلم الحائز على جائزة الاوسكار أخيرا "لا موطن
لرجال مسنين" لكاتب كروميك مكارثي التي أخرجها الأخوان جويل وأيثان كوهين ،
ومن بطولة توم لي جونز ، خافير بارديم الذي فاز بالأوسكار بدوره عن هذا
الفيلم كأفضل ممثل مساعد ، وذلك بفضل السيناريو الرائع الذي اعده الإخوان
كذلك.
وفي عام 2002 إنتج فيلم "هوية بورن" المقتبس من رواية روبرت ليدليوم ،
فبفضل كاتبي السيناريو توني جلوري وويليام هيررون ، ثم لمسات المخرج دويج
ليمان ، وإبداع الممثل مات دايمون في تقمص شخصية الجاسوس الفاقد للذاكرة
جيسن بورن ، ظهر للجماهير السينما فيلم عالمي مقتبس من رواية مجهولة لا
يعرف عنها أحد. وهذا النجاح أكمل في عام 2004 2007و بعمل جزءين آخرين مع
المخرج بول جرينجراس وكاتب السيناريو سكوت بيرنز الذي شارك توني جلوري في
الجزء الثالث الذي حقق نجاحا أكثر من الجزءين السابقين.
وقدم فرانسيس لورينس فيلما يحمل اسم "أنا أسطورة" المقتبس من رواية
ريتشارد ماثيسون التي ألفها في الخمسينيات من القرن الماضي ، هذه الرواية
التي كتب بشكل سيناريو لما يقارب ثلاث مرات على مدار سنوات ماضية حتى خرجت
بالشكل المطلوب بفضل الكاتب السيناريو مارك بروتوسوفيش وأكيف جولدسمان ،
وما زاد إبداعها الممثل ويل سميث في تقمص الشخصية الفيلم.
وفي عام 1993 اطل علينا المخرج برادين دي بالما ، والممثل آل باتشينو
بفيلم "طريق كارليتو" الذي اقتبس من روايتين: واحدة تحمل اسم الفيلم
والآخرى تسمى "بعد ساعة" وكلتا الروايتين لكاتب إدواين تورس ، ومن خلال
هاتين الروايتين استطاع كاتب السيناريو ديفيد كويب من تحويلها إلى فيلم
يستحق المشاهدة ، والاستمتاع به.
وفي النهاية لكل قاعدة استثناء ، ومهما بلغت صحة القاعدة التي ذكرناها
في بداية موضوعنا ، فهناك فيلمان يحلقان خارج السرب ، فيلم "العراب"
بثلاثيته المشهورة ، المقتبسة من رواية ماريو بوزو التي تحمل نفس الاسم ،
وأخرجها فرانسيس فورد كوبولا ، وقام ببطولة الأفلام مارلون براندو (الجزء
الأول) ، آل باتشينو (جميع الأجزاء) ، روبرت دي نيرو (الجزء الثاني) ،
فالجزآن الأول والثاني ، حققا جائزة الأوسكار كأفضل فيلم ، والمخرج فرانسيس
فاز بجائزة الأوسكار كأفضل مخرج بفضل الجزءين الأول والثاني ، والممثل
مارلون براندو فاز بأفضل ممثل للأوسكار عن الجزء الأول ، وربرت دي نير فاز
بالأوسكار كأفضل ممثل مساعد عن الجزء الثاني.
أما الفيلم الآخر ، "تاجر الأسلحة" المقتبس من رواية أبي الأدباء
ويليام شكسبير ، الرواية تحولت إلى مسرحية وفي عام 2004 تحولت إلى فيلم من
بطولة النجم آل باتشينو ، ومن إخراج مايكل ريدفورد الذي كتب السيناريو بكل
براعة.
ويبدو أن الممثل آل باتشينو كان من أفضل من استطاع من إنجاح شخصية في
رواية متواضعة ، وإكمال نجاح شخصيات في روايات ناجحة وشهيرة.
الدستور الأردنية في
09/03/2009 |