في
البدء لابد من الاشارة الى ان هذا الفيلم مصنوع اواخر العام 2008 وهو
للمخرج (سول دب) وتمثيل كيرا نايتلي ورالف فينيس وهو انتاج اوربي مشترك
(بريطانيا وفرنسا وايطاليا).يقتبس الفيلم احداثه من رواية للكاتبة
البريطانية امامدا فورمان والتي نشرتها عام 1998 وحققت في وقتها ارقاما
قياسية واموالا طائلة في المبيعات وتناولت السيرة الذاتية للشابة جورجينا
سنبسرالتي تزوجت وهي في السابعة عشرة من عمرها من دوق لا يكبرها في العمر
الا انه بارد المشاعر والاحاسيس ولديه رغبة بالسيطرة عليها ولكنه خال من
الجاذبية فما ان استقرت جورجينا في قفصها الذهبي حتى تكتشف ان الرجل
المفترض انه ينحدر من شجرتها العائلية.
بالكاد يمت بصلة للبشر وهو اكثر تعاطفا مع الكلاب ولكنه لا يهتم
بالاشخاص وبها بالذات وان كل ما يهمه هو انجاب وريث ذكر يخلفه في تسيد
مقاطعته وبعد انجابها فتاتين عوضا عن الولد، ينفر منها زوجها ويتخذ لنفسه
عشيقة فتعيش بائسة مجروحة القلب الى ان تصاف الحب الحقيقي مع شاب من طبقة
فقيرة او لنقل اقل مستوى لكن تلك العلاقة لم تنضج لدرجة تقتنع بها جورجينا
وعندما يكتشف زوجها الامر تزداد وحشيته تجاهها ويضع حدا لهذا الحب عبر
التمادي في اذلالها.
تلك هي المراحل الرئيسة في حياة بطلة فيلمنا جورجينا سبنسر دوقة ديفو
نشاير التي ادت دورها ببراعة الشابة كيرا ناتيلي التي ظهرت فيها بفساتين
رائعة وشعر منسدل والتي اعطت للشخصية حقها..
في مقابل الرعب الذي عاشته في حياتها الخاصة فسنجد مشهدا متتابعا
ورائعا من حياتها العامة في الفيلم حيث كانت شخصية مشهورة في انجلترا خلال
القرن الثامن عشر على الصعيدين السياسي والاجتماعي علاوة على انها محبوبة
من الجميع باستثناء زوجها الذي لم يقدر قيمتها كالاخرين!
وان فضل المخرج الفيلم سول دب عدم التوغل في الشأن السياسي كما انه
اراد عدم وضع فيلمه هذا في خانة الافلام التاريخية الا من حيث الشكل
والديكورات ورغم الاحداث التي تشير الى تلك الفترة مثلا يدخل في خانة
الافلام الوثائقية.. فقد اراده فيلما انسانيا بالمطلق بغض النظر عن المرحلة
التاريخية التي جرت الاحداث فيها على الرغم من زخمها وحساسية الحدث فيها.
ويمكن القول ان هناك عدة اسباب دفعت بعض المتابعين والناقدين
السينمائيين لربط قصة دوقة ديفو نشاير بقصة الاميرة الراحلة ديانا على ان
حكايتها تنتمي لعائلة سبنسر العريقة.
وايضا جراتها في اقامة علاقة غرامية غير شرعية فيها تحد كبير للتقاليد
الملكية البريطانية المحافظة. لاسيما ان الاثنين من عائلة تجاور العائلة
المالكة في المستوى الاجتماعي.. وتنطبق عليها ذات الصرامة التقليدية التي
تكبل حرية الاميرات واختيار بطل العلاقة من الطبقة الادنى مستوى في حالة
بطلة فيلمنا اختارت كونت اقل درجة منها وفي حالة الاميرة ديانا اختارت شاب
من اصل مصري رغم انه ابن احد اثرياء العالم لكن صناع الفيلم وكاتبة الرواية
فضلوا ان يبقى المشاهد في اطار الفيلم وما يشاهده على الشاشة من دون النظر
الى ما يقع خارجه من احداث تؤول حسب وجهات النظر.استطاعت ممثلتنا كيرا
نايتلي ان تجسد الشخصية بدراما مؤثرة وان تحول تجارب الذل في العلاقة
الزوجية الى مأساة اجادت تجسيدها كما قلت وعلى نحو مقنع ونفضت عنها ثوب
الصرامة والمشاكسة التي اتسمت بها ادوارها قبل هذا الفيلم.
في المقابل لا نثير علاقتها الخاطئة مع الكونت تشارلز غراي ادى الدور
دومنيكم كوبر التعاطف المرجو رغم وسامته الا ان شخصيته غير مقنعة بما يكفي
لاحداث الاثر المطلوب في نفوس المشاهدين..
وعلى الجهة الاخرى يؤدي رالف فينيس دور الدوق وليم جافنريش ببراعة
مثيرة للقشعريرة فهو يجسد بالتفصيل شخصية الزوج ذو العواطف الباردة
والكريهة لدرجة الاشمئزاز.
غير انه في ختام الفيلم يلفت الانتباه الى انه قد لا يكون الوحش الذي
يبدو عليه ويتحدث عن فهمه الغامض لمعنى الحب فلمح بحذر الى منحرف اخر في
طبقتهم الراقية.
هذه هي التجربة السينمائية الثانية للمخرج سول دب الذي قدم فيلمه
الاول عام 2004
BulletBoy
والذي تناول فيه وضع المجتمعات الملونة في بريطانيا وتحديدا ذوو الاصول
الافريقية السود من خلال عائلة حكمت عليهم الظروف بان يبقى ابناؤها رهن
السجون بتهم مختلفة وحاز الفيلم على جوائز عالمية ، ان سول دب هو ابن
المخرج البريطاني الشهير مايك دب. بلغت ميزانية الفيلم الانتاجية 25
مليون دولار وعرض في امريكا محققا ايرادات بلغت 13 مليون دولار ثم تم عرضه
في دور العرض العالمية وجمع مبلغ 18 مليون دولار، صورت مشاهد الفيلم في عدد
من القصور البريطانية العريقة وفي صالات تاريخية كانت شاهدة على تلك الحقبة
من تاريخ بريطانيا.
الإتحاد العراقية في
07/03/2009 |