شهدت الساحة السينمائية في الفترة الماضية ظاهرة لافتة للنظر وهي تحول
بعض المنتجين إلي مخرجين يخرجون أعمالا من إنتاجهم مثل وليد التابعي الذي
خاض أولي تجاربه في الإخراج من خلال فيلم' أزمة شرف' وهاني جرجس فوزي
في فيلم' بدون رقابة' والصيف الماضي كانت التجربة الأولي للمنتج نصر
محروس مع المطرب تامر حسني وسبقهم بخطوة شريف صبري ومجدي الهواري, لكن
السؤال المهم الآن هل أضاف هؤلاء المخرجون الجدد للسينما أم أن التجربة لا
تتعدي أن تكون سحابة عابرة ولن تتكرر؟.
الأهرام العربي وضعت التجربة في الميزان وأخذت رأي بعض من خاض التجربة
بالإضافة لرأي النقاد في هذه الظاهرة.
في البداية تحدث المخرج هاني جرجس فوزي وقال أنا لست غريبا علي
الإخراج فقد تخرجت في معهد السينما قسم إخراج وعملت مساعد مخرج لكبار
المخرجين وكنت أسيرا في طريقي إلا أن وفاة أبي غيرت طريقي واتجهت للإنتاج
لكن في الوقت نفسه لم أنس حلمي القديم وكنت أحضر لبعض المشروعات السينمائية
لكنها كانت تتوقف لأسباب مختلفة, وعندما وجدت الوقت المناسب والسيناريو
الذي يصلح لم أتردد وخضت التجربة التي أعتقد أنها جاءت جيدة وليست سيئة كما
يظن البعض, خصوصا أنني أمتلك من الخبرة الإنتاجية ما يجعلني أعرف متطلبات
السوق ولو وجدت سيناريو أخر سوف أكرر التجربة.
أما المخرج وليد التابعي الذي أخرج فيلم' أزمة شرف' فقال أولا أنا
لم أعمل مساعد مخرج ولكني خريج معهد السينما قسم إنتاج عام89 وقد اكتسبت
خبرات كثيرة من عملي بالإنتاج مما شجعني علي خوض التجربة الأولي بسهولة فقد
استفزني السيناريو, فقررت أن أخرجه وأخذ مني فترة طويلة في التحضير حتي
وصلت للشكل النهائي, ولذلك لم أجد صعوبة عند بدء التصوير وقد فضلت أن
أبدأ مشواري بعمل مختلف ينتمي لنوعية الإثارة والتشويق وليس لنوعية
الكوميديا السائدة في السوق لأني أعشق السباحة ضد التيار, وأعتقد أن
الرسالة التي تمنيتها قد وصلت للجمهور, كما كنت أتمني إما نجاح أو فشل
التجربة فالجمهور والنقاد هم من يستطيعون الحكم, ولو وجدت موضوعا مختلفا
سوف أخوض التجربة مرة أخري.
ظاهرة موجودة لكنها ليست ناجحة
أما الناقد طارق الشناوي فتحدث عن هذه الظاهرة قائلا تحول المنتج إلي
مخرجين ظاهرة ليست جديدة, فقد سبق ورأينا رمسيس نجيب وعبدالحليم نصر في
الستينيات والسبعينيات لكنهما لم يحققا نجاحا يذكر فتوقفا وهناك بعض
المصورين خاضوا نفس التجربة مثل طارق التلمساني ومحسن أحمد لكنها لم تكن
سيئة وفي الوقت نفسه لم تحقق النجاح الكبير, لكن منذ بداية الألفية
الثانية رأينا مجدي الهواري عندما أخرج'55 إسعاف' وبعده شريف صبري في
فيلم' سبع ورقات كوتشينة' ثم نصر محروس وهاني جرجس فوزي ووليد
التابعي, وفي رأيي أن التجربة لا تتعدي نسبة نجاحها تحت المتوسط لأن كلا
منهم تصور أن وجوده كمنتج قريب من المخرجين يعطيه الخبرة اللازمة لتحمل
مسئولية إخراج فيلم, لكن نسي هؤلاء أنه ليس كل مساعد مخرج ناجح يستطيع أن
يحقق النجاح عندما يكون في صدارة العمل, ونفس الشيء ينطبق علي المنتجين
لأن الشاشة تفضح وهناك عوامل كثيرة يجب أن تتوافر في المخرج قد تخفي عن عين
المنتج, لذلك فالتجربة ليست في صالحهم وإن كنت أري أن وليد التابعي
أكثرهم نجاحا مقارنة بالباقي, لكنه اختار موضوعا يحتاج لخبرات تكتيكية في
عالم الإخراج فخرج الفيلم دون المتوسط لأنه يفتقد لهذه المهارات, ويأتي
بعده هاني جرجس فوزي, أما الباقي فلم يحققوا أي نجاح يذكر باستثناء مجدي
الهواري الذي اكتسب بعض الخبرات بعد تجاربه السينمائية العديدة.
ترشيدا للنفقات
الناقدة خيرية البشلاوي لها رأي مختلف حيث بدأت حديثها قائلة قبل
الدخول في الموضوع علينا أن نستشف حالة الفوضي التي نعيشها الآن في كل
المجالات, فلماذا نختزلها في السينما فقط؟ هذا المناخ أفرز العديد من
الظواهر منها دخول بعض المنتجين غير الواعين والبعيدين تماما عن مجال
السينما للإنتاج السينمائي فرأينا أفلام ليس لها معني ولا حتي طعم, أيضا
وجود أفلاما تفتقد للحد الأدني من البناء الدرامي الجيد للسيناريو وسط هذا
المناخ لماذا نندهش من تحول المنتجين إلي مخرجين؟ المشكلة الحقيقية أن
المنتج في الفترة الأخيرة هو سيد العمل يفرض شروطه ويختار الأبطال ويستطيع
أن يعمل كل شيء في الفيلم, وأثناء حضوره التصوير يناقش المخرج في كل
كبيرة وصغيرة بل ويفرض رأيه ومع استمراره يتصور أنه اكتسب خبرات كبيرة في
عالم الإخراج لكن في الواقع الدنيا تختلف الآن, إلمام المنتج بكل العناصر
السينمائية لا تجعل منه مخرجا علي عكس مدير التصوير أو المونتير الذي يتحول
إلي مخرج فيحقق نجاحا نظرا, لأنه أحد العناصر الأساسية داخل صناعة الفيلم
والدليل أن كل المنتجين الذين تحولوا لمخرجين لم يحققوا نجاحا يذكر حتي
الآن, بل خرجوا علينا بأفلام لا ترقي للمستوي المتوسط بل أقل منه بكثير
وفي رأيي أن هذه المسألة تخضع لحسابات إنتاجية, حيث يقوم المنتج بالإخراج
توفيرا لأجر مخرج جديد لا يعرفه أحد يقبل علي نفسه كل الضغوط الإنتاجية,
وفي النهاية الفيلم سوف يباع للفضائيات التي مهما كانت درجة رداءته
وبالتالي يغطي تكاليفه ودعني أسأل هل أفلام مثل' أزمة شرف, وبدون
رقابة, سبع ورقات كوتشينة' وغيرها تركت بصمة واحدة أو لفتت نظر جمهور
السينما؟ بالتأكيد لا لكنها انعكاس لحالة عامة تجتاح المجتمع بكل عناصره
والسينما هي مرآة للواقع علي عكس الثقافة ففي أصعب حالات المجتمع سوءا
تستطيع أن تجد رواية ممتازة لأنها حالة فردية تتحكم في الكاتب وحده, أما
السينما فتختلف لأنها تتفاعل تفاعلا طرديا مع حالة المجتمع والمناخ السائد
به.
لم يقدموا أوراق اعتمادهم
أما الناقد د. رفيق الصبان فقال: أنا لا أمانع إذا وجد المنتج
نفسه يستطيع تحمل مسئولية إخراج فيلم, لكن المهم الاستمرار لا أن يكون
مجرد فيلم والسلام, وهذه الظاهرة شائعة في العالم أجمع لكن المهم المحصلة
التي يصل إليها الفيلم, حتي الآن كل المنتجين الذين أخرجوا أفلاما لم
يقدموا أوراق اعتمادهم بشكل يسمح لنا بالنظر إلي تجاربهم, لأن معظمهم
ينظر للسينما نظرة تجارية بحتة تعتمد علي المكسب والخسارة في سبيل أن
النظرة الأساسية تعتمد علي القيمة الفنية التي يقدمها الفيلم, وهذا غير
موجود والدليل أن فيلم' أزمة شرف' أخطأ مخرجه وليد التابعي في اختيار
نص يستطيع أن يبدأ به مشواره الإخراجي, لأنه اختار فيلما بوليسيا يعتمد
علي الحركة ولم يمتلك الإمكانات اللازمة لإخراجه فظهر وكأنه سيناريو مهلهل
وبه الكثير من الملاحظات, في سبيل أن هاني جرجس اختار فيلما مبتذلا
يستطيع أن يدر عائدا ماديا لكنه بعيد عن السينما الحقيقية, أعتقد أن أكثر
هذه التجارب نجاحها حتي الآن هو مجدي الهواري الذي يتطور من فيلم لآخر.
الأهرام العربي في
07/03/2009 |