تبدو وينونا رايدر وكأن آثار المغامرة التعيسة التي عاشتها قبل خمس
سنوات، والتي أدت إلى غيابها عن الشاشة الفضية فترة ما، قد زالت كلياً.
وكانت الشرطة ألقت القبض على رايدر بتهمة سرقة ثياب ومكملات فاخرة من أحد
أكبر المحلات في نيويورك. وأثناء محاكمتها تبين أنها تعاني من حالة نفسية
صعبة دفعتها إلى تصرفات غير منطقية، خصوصاً أنها لم تكن في حاجة اطلاقاً
لارتكاب مثل تلك السرقة علماً أن وضعها المادي ممتاز وأنها تعتبر من
«أثرياء هوليوود». وتفضل وينونا عدم الدخول في تفاصيل حكايتها هذه،
واعتبارها في خبر كان.
من أهم أفلام رايدر التي ساهمت في شهرتها «إليانز: بعث الوحوش» الذي
شاركت في بطولته مع النجمة سيغورني ويفر بإدارة الفرنسي جان بيير جونيه.
وتعود شهرة رايدر إلى منتصف الثمانينات حينما اكتشفها النجم السينمائي
جوني ديب وتدخل لمصلحتها تحصل على أحد الأدوار الرئيسة في فيلم «بيتلجوس»
من إخراج تيم بورتون، ولم يكن عمرها في ذلك الحين سوى 16 سنة، وسرعان ما
نشأت بينها وبين مكتشفها حكاية حب ملتهبة دامت حوالى عشر سنوات إلى أن نجحت
عارضة الأزياء كيت موس في خطف قلب جوني الوسيم وحثه على مغادرة وينونا
علماً أن ديب غادر موس لاحقاً كي يرتبط بالفرنسية فانيسا بارادي زوجته
الحالية وأم أولاده.
وظهرت رايدر في «إدوارد ذي الأيدي الحادة» الذي شاركت ديب بطولته، و
«دراكولا» لفرانسيس كوبولا، و «بيت الأرواح» لبيل أوغست، و «ليلة فوق
الأرض» للألماني جيم جرموش، و «زمن البراءة» لمارتن سكورسيزي ثم «نساء
صغيرات» (بنات الدكتور مارش) وهو إعادة لفيلم شهير عائد إلى الأربعينات.
وتبدو رايدر في الحياة وكأنها خارجة من محل للأزياء في حي كوفنت غاردن
في لندن، فهي لا تخفي ميلها الشديد إلى الأسلوب «الغرانج» العائد إلى
ثمانينات القرن العشرين، وإلى ارتداء الجاكيت الجلدية العريضة والبنطلون
السميك الداخل عند جزئه الأسفل في أحذية «البوتس» العالية، ولا ينقصها سوى
الدراجة البخارية لتكتمل الصورة. وبما أنها قصيرة القامة جداً وتسريحة
شعرها قصيرة أيضاً تبدو وكأنها مراهقة تريد أن تتشبه بالفتيان من دون أن
تنجح في إخفاء جاذبيتها وأنوثتها الناعمة خاصة عندما تتكلم وتتحرك.
في باريس التي زارتها رايدر للترويج لفيلمها «المخبرون» التقتها
«الحياة» وحادثتها.
·
كيف واجهت دورك إلى جوار سيغورني
ويفر في الحلقة الرابعة من سلسلة «إليانز» المنتمية إلى لون المغامرات
المخيفة، علماً إنها اعتادت البطولة المطلقة في الأجزاء السابقة وأن هذا
الفيلم أطلقك أنت إلى سماء النجمات؟
- أنا سعيدة جداً ولا أزال، على رغم مضي زمن
الحادث، بمشاركتي في أحد أجزاء «إليانز». فأنا من أشد المعجبات بهذا اللون
السينمائي، حتى إذا كانت الشخصية التي مثلتها في الشريط قد جردتني بعض
الشيء من أنوثتي واضطرتني على التصرف مثل الآلة. وعلى العموم لست ضد
الأعمال الفنية التي تعطي الفرصة للمرأة بإظهار طاقتها ومواهبها على صعيد
جديد وبعيد عن جمالها الخارجي وحسب، وأعتبر نفسي محظوظة لأنني كنت
المستفيدة الأولى من رواج مجموعة أفلام «إليانز» السابقة، إذ إنني واكبت
المسيرة بعد ان قطعت مسافة كبيرة على طريق النجاح العالمي، الذي يعود الفضل
فيه إلى سيغورني ويفر طبعاً. وقد سمح لي الفيلم بفرض نفسي كممثلة متعددة
المواهب على مخرجين ظنوا، من قبل، انني صالحة لأداء الأدوار الكوميدية
والعاطفية فقط. أما عن علاقتي بسيغورني فكانت جيدة أثناء فترة التصوير،
وحاولت أن احترمها كفنانة قديرة وامرأة تكبرني سناً بحوالى 23 سنة وتسبقني
بثلاثين سنتيمتراً من ناحية الطول (سيغورني ويفر طولها 185 سنتيمتراً)،
وكان لابد لي من أن أراعي مكانتها كشريكة في إنتاج الفيلم إضافة إلى عملها
كممثلة فيه فهي كانت بمثابة «رئيستي» إلى حد ما.
المسرح ينتظرني
·
وقفتِ فوق خشبة أكبر مسارح
نيويورك قبل نجاحك السينمائي، فما موقفك تجاه المسرح الآن؟
- المسرح أحسن ما حدث لي في حياتي المهنية، وقد
عملت فيه بإدارة عمالقة وفي صحبة ممثلين مسرحيين مرموقين، وجربت الكوميديا
والدراما والأعمال الكلاسيكية، مثل مسرحيات شكسبير. صحيح إنني بذلت قصارى
جهدي للانتقال منه إلى السينما، ونجحت في محاولاتي. وأعترف بأن رفض الأدوار
المسرحية في ما بعد بسبب انشغالي السينمائي لم يكن مسألة سهلة، فأنا شعرت
في أكثر من ليلة برغبة ماسة في الفرار من الأستوديوات لمعاودة التدريب على
عمل مسرحي ما، وكدت أن أفعل ذلك لولا تدخل وكيل أعمالي لإقناعي بأن السينما
نعمة لا يمكنني رفضها في الوقت الحالي، وبأن المسرح سينتظرني ويقبلني حتى
وإن توجهت إليه وأنا في الخمسين من عمري.
·
أنت قصيرة القامة بالنسبة الى
سيغورني ويفر، ما أدى الى ناحية مثيرة للاهتمام في علاقتكما فوق الشاشة،
فهل لعب مظهرك دوره في شكل أساسي في حصولك على الدور في «إليانز»؟
- نعم، وأنا في شكل عام معتادة على تمثيل الأدوار
الأكثر نعومة، ولا شك في أن الفرق الشاسع في الطول بيننا، أنا وسيغورني،
أوجد علاقة غريبة ووضعني دائماً في موقف امرأة تدافع عن نفسها وتكافح من
أجل الوصول إلى مستوى زميلتها، فالطول هنا عملية رمزية طبعاً، ولكنه لعب
دوره في عين المتفرج. وبما أن سيغورني هي البطلة القديمة والأساسية في
سلسلة «إليانز»، ظهرت وكأنني كنت أحاول اللحاق بها على صعيد المهارة
والمغامرة والجاذبية. والذي حدث هو تقمصي شخصية المرأة الآلية في أدق
تفاصيلها وقيامي بدرس حركاتها وطريقتها في الكلام وتعبيراتها مع مراعاة عدم
تجاهل شخصيتها النسائية في شكل كلي حتى لا تكون آلة متحركة فوق الشاشة وكي
تبقى في نظراتها وجسدها ولو نبرة من الأنوثة لمنافسة شخصية سيغورني.
·
يقال إنك مولودة في ولاية
مينسوتا الأميركية وفي مدينة اسمها وينونا، فهل هذا صحيح؟
- نعم الخبر صحيح، واسمي وينونا على اسم بلدي،
واسمي الثاني هو وينا، وقد استخدمته في بداية حياتي الفنية في المسرح ثم
تخليت عنه لأحتفظ بوينونا فقط. أما رايدر فهو اسم مستعار لأن اسمي الحقيقي
لم يعجبني من حيث رنته الفنية.
·
وما هو هذا الاسم؟
- لن أقوله لأنني في نظر الجميع وينونا رايدر
وحسب.
·
أين تعلمت الدراما أساساً؟
- نشأت في عائلة ضمت العديد من الفنانين في ميدان
الموسيقى والمسرح، وسرعان ما سمح لي أهلي بالدخول إلى معهد للدراما عندما
لاحظا قلة اهتمامي بالدراسة الثانوية التقليدية.
لا يحترم الممثلات
·
عملتِ في فيلم لفرانسيس كوبولا
عنوانه «دراكولا»، فما ذكرياتك عن تجربة التمثيل تحت إدارة هذا العملاق
السينمائي الذي يعد بين أعماله «العراب» و «أبوكاليبس ناو»؟
- أنا خبيرة في تاريخ السينما العالمية، لا سيما
الهوليوودية، وشعرت بفرح شديد حينما حصلت على فرصة العمل مع الرجل الذي سبق
وأبهرني بأفلامه، وبالتالي كانت خيبة الأمل أشد عندما اكتشفت مدى رذالة
الرجل وكبريائه الزائدة عن حدها عند تعامله مع ممثليه، خصوصاً مع الممثلات
الشابات مثلي ومثل مونيكا بيلوتشي التي كانت تخوض تجربتها الأولى أمام
كاميرات السينما بعد نجاحها كعارضة أزياء دولية وقبل أن تصبح إحدى أهم
النجمات السينمائيات العالميات. وهذا لا يعني أنني غاضبة من كوبولا، فلكل
مخرج أسلوبه، ولكنني سأمتنع في المستقبل عن الحكم على الناس من خلال
عبقريتهم الفنية وحسب، فالمهم هو التعامل الإنساني أولاً وأخيراً.
·
أديتِ أحد الأدوار الرئيسية في
فيلم «القلب غشاش قبل كل شيء» من إخراج أسيا أرجنتو، فكيف عشت هذا التصوير
خصوصاً أن العمل يتيمز بقسوة لا نقاش فيها؟
- صحيح أن الفيلم يروي سوء معاملة الأطفال
وبالتالي يصعب على المتفرج تحمّل بعض مشاهده، ولكن أسيا أرجنتو أرادت تسليط
الضوء على شيء يحدث بكثرة في إطار العائلات المفككة أو عندما يجد الطفل
نفسه مع أحد الوالدين فقط وفي وضع اجتماعي فقير وصعب جداً. ولم يكن التصوير
على المستوى نفسه للنتيجة النهائية فوق الشاشة، وأقصد من حيث قوة المشاهد
القاسية، إذ أن المونتاج لعب دوره فيما بعد بأسلوب فعال جداً حتى يبدو
الصبي وكأنه في حال من البؤس التام. لكن الطفل الذي مثل الدور قد أحيط
برعاية مطلقة طوال أيام العمل وكان يمثل الأشياء المطلوبة منه من دون أن
يدري بالمؤثرات أو حتى بالتصرفات النابعة من الممثلين الآخرين التي كانت
ستضاف إلى كل مشهد في غيابه، وهو ممنوع من مشاهدة الفيلم بطبيعة الحال.
·
كم عمره؟
- كان عمره حوالى عشر سنوات عندما صورنا الفيلم ما
يعني أنه الآن في الرابعة عشرة تقريباً.
·
يستوحي أسلوبك الشخصي في ارتداء
الأزياء من فترة الثمانينات أليس كذلك؟
- اليوم نعم، ولكن الغد قد يأتي بأفكار مختلفة تماماً طبقاً لمزاجي في
لحظة ما، فأنا متقلبة جداً بالنسبة الى الموضة والعثور على الشيء الذي
يلائمني أكثر من غيره، لكنني عامة أعشق أسلوب «الغرانج» اللندني.
·
حدثينا عن فيلمك الجديد
«المخبرون»؟
- أنا محظوظة كوني شاركت بطولة هذا الفيلم مع كل
من بيلي بوب ثورنتون وكيم باسنجر، ونحن اتفقنا أثناء التصوير إلى درجة
حسدنا عليها كل من تواجد في الأستوديو، إذ أننا لم نعرف لحظة واحدة من
الاضطراب أو الغضب أو الغيرة أو من الخلاف مثلما يحدث أثناء تصوير أي فيلم
عادي. وأعتقد أن هذا الوفاق سبب جودة النتيجة النهائية، وهو يعبر الشاشة
ويصل إلى المتفرج بشكل أو بآخر. وعن السيناريو، فهو يروي المغامرات التي
تعيشها مجموعة من الشبان في هوليوود في الثمانينات من القرن الماضي، لاسيما
الانحلال وإدمان المخدرات والجنس والكحول، وهو فيلم مستوحى من الواقع
الهوليوودي. وأنا أمثل فيه شخصية شابة تطمع في النجومية وتعتقد أن الطريق
إليها هو الانحلال بالتحديد، في القيم والمبادئ، وأنتهي بطريقة تعيسة، مثل
أصدقائي.
الحياة اللندنية في
06/03/2009 |