بيروت - 'القدس العربي' في توقيعه السينمائي الأول أثار المخرج مارك أبي راشد حفيظة المجتمع اللبناني كونه خرج في فيلمه 'Help' عن النمط المعهود في إختياره للموضوع. وما أن عُرِض الفيلم للصحافة في 19 من الشهر الماضي مع جمع من المدعوين، بإنتظار أن يحل في الصالات بعدها بأيام حتى جاء قرار الرقيب بمنعه أو حذف ما يقارب ثلثه من المشاهد!

والرقيب في لبنان هو الأمن العام، لكن الرقيب الذي وقّع على إجازة عرض الفيلم هو غيره الذي وقّع على منعه. وقد تردد في الأوساط الصحافية والثقافية بأن الرقيب الذي شطب الفيلم بقلمه قال بأنه لا يستطيع السماح لأبنائه بحضوره لأنه فيلم مقزز. مع العلم أن الفيلم ممهور بكلمة 'للراشدين فقط'. وهو عرف متبع حتى في العالم الغربي المتحرر.

في مجمل الأحوال فإن المخرج مارك أبي راشد لم يذهب بعيداً جداً ليحضر موضوعه ومن ثم ليعالجه بعينه السينمائية. بل هو إستقاه من بيئة واقعية ولبنانية مئة بالمئة. أما في تفاصيل الموضوع فهو ليس بذلك السيناريو الذي يستدعي من المشاهد تركيزاً كبيراً. فـ'Help' لا يتضمن الكثير من الحوارات وشخوصه يتحركون أكثر مما يثرثرون. وهم في الغالب يفكرون بصمت. وقبل عرض الفيلم تحدث أبي راشد عن رحابة صدر الرقابة التي لم تطلب منه سوى تعتيم المشهد الذي تظهر فيه الممثلة عارية من الخلف. وكفى. لكن بعد ثورة المجتمع اللبناني 'المنضبط' مُنع الفيلم بالكامل.

في مجريات فيلم 'Help' أن جوانا أندراوس التي تؤدي دور ثريا بائعة الهوى مقابل 500 دولار، تلجأ للإحتماء لدى صديقها المثلي بعد أن يهددها رجل غني بالقتل. وفي الوقت نفسه تكون على صداقة مع علي أبن الـ14 سنة المشرد والذي يتخذ من سيارة عتيقة مسكناً له. صداقتها بعلي تؤنسها وتريحه. فهي تجد فيه الإبن الذي لم تنجبه وهو يجد فيها الأم التي يبحث عنها. وفي الفيلم رجلان توأمان أحدهما سائق تاكسي والآخر صاحب مصنع ألبسة لديه الكثير من المشاكل والعقد، والذي يقرر إنهاء حياة ثريا بعد أن تكون له الكثير من العلاقات معها. قلنا أن سيناريو الفيلم لا يشغل المتفرج بقدر ما تشغله مجريات الأمور. نتتبع حياة المثليين بالصورة التي نقلها لنا أبي راشد والتي لا لبس فيها ولا احتماء خلف الأقنعة. نتتبع تلك العاطفة القوية التي تجمع بين الغانية والولد المشرد دون تعبير ناطق. نرى حرصها عليه من المثليين وحمايته منهم. أما المشهد الذي قد يكون ترك تلك الضجة المناهضة للفيلم في المجتمع اللبناني فيتمثل بجمع الغانية مع رجلين في سرير واحد، ومن ثم قيامها عارية من السرير.

طرح فيلم 'Help' الكثير من الأسئلة حول الممنوع والمسموح في السينما اللبنانية. كما طرح السؤال حول هذا الكم من البشر الذين راحوا يدينون الفيلم قبل مشاهدته. وطرح السؤال حول من هم 'الأوادم ومن هم الزعران'. أما السؤال الأهم فهو لماذا تغافل النقاد عن المهمشين في المجتمع الذين أظهرهم الفيلم من خلال علي الطفل المشرد الوحيد. وعن السائق الذي يشقى ويتعب طوال اليوم ليعود إلى غرفة أقل من متواضعة. أليس هؤلاء جزءاً من هذا السيناريو المصور؟ أما بخصوص الغواني والمثليين فكل المجتمعات العربية تعجُّ بنماذج منهم وبخاصة المجتمع اللبناني. والمثليون تظاهروا في بيروت قبل أيام، كانوا نساءً ورجالاً وبحماية قوى الأمن طالبين منع العنف المعنوي والجسدي عنهم، دون أن يخفوا وجوههم.

يجيز الأمن العام اللبناني لفيلم غربي أكثر جرأة من 'Help' بأن يعرض في الصالات مع تنبيه للراشدين فقط . لكن من الممنوع أن يكون 'دود الخل منا وفينا'. مجتمعنا يجب أن يبقى مستوراً بورقة التوت. وما قاله الفيلم هو 'النجدة' من أمور بدأت تنخر مجتمعنا، منها ازدياد أعداد الأطفال المشردين، وازدياد الغواني، وإنتشار المثلية. فكيف يُسمح للمثلية أن تظهر على شاشة تلفزيون 'المستقبل' المعتبر تلفزيون العائلة اللبنانية والعربية في شخصيتي مجدي ووجدي ويمنع من السينما؟ الفاسد والمرتشي وسارق الأموال العامة أصبح أكثر شرفاً من الغانية ومن المثليين. وهؤلاء هم الذين حاكموا الفيلم الذي كسر المحظور. ونحن في هذا الصدد لا نقول بضرورة أن تكون الأفلام على الدوام من هذا النمط. لكن علينا أن نقبل التعبير الذي يقدمه جيل الشباب بالنقد البناء، وأن نراه بعينين مفتحتين وليس بعين واحدة نصف مغمضة.

مارك أبي راشد وفي أول محاولة سينمائية له دخل المحظور من وجهة نظر المهذبين المؤدبين في العلن. لكنه كان واقعياً لأنه إختار فيلمه من الواقع الذي نادراً ما يجذب إليه الفنانين. قدم عملاً بلغة سينمائية تستدعي التوقف عندها نظراً لجودتها وحرفيتها. وهو حالياً يخوض صراع حياة أو موت من أجل الإفراج عن مولوده الأول الذي كلفه التعب والمال والجهد. وعلّه يجد في صراعه هذا من يدعمه بعد أن تخلّى عنه كثيرون وتركوه في ساحة المواجهة مع الرقابة وحيداً بما فيهم وزارة الثقافة اللبنانية.

نذكر هنا أن الدعاية التي سبقت الفيلم في شوارع بيروت تمثلت بكلمة Help'' فقط. أما الدعاية التي حظي بها الفيلم حتى الآن وبعد منعه فتخطت كل أنواع وأشكال الدعايات. وإن سُمح له بالعودة إلى الصالات فسيشهد حضوراً كبيراً بكل تأكيد، وسيشكر مارك أبي راشد الرقابة بكل قوة. مع العلم أن كافة ممثلي الفيلم ليسوا من المحترفين ولم يسبق إن حضروا أمام الكاميرا لا في السينما ولا في التلفزيون.

ايمان الطيب - مارك ابي راشد

بسم الله الرحمن الرحيم تعتبر هذه المواضيع من اكبر المشاكل فى مجتمعنا العربي والتستر عليها لن ولم ينهيها بل ستزيد وتصل حتى العظام لذلك اعتقد بان فرصت عرض هذه الافلام سوف توعي الجيل الجديد الذى سيكون فى يوم من الايام امهات واباء لاجيال المستقبل

اغوب هارزيان – سؤال

انا ابن اوروبا ساقول لك يا سيد مارك و سيدة زهرة ماذا سيقول الاوروبي ان سمع بهذا الخبر: سيقول يا امة ضحكت من جهلها الامم لك لو وافقنا على قرف الشذوذ الا ترون ان ما فيكم مكفيكم ان الفيلم هو هروب من الواقع فلو كان المخرج شجاعا فليذهب و يرمي حجرا على حدود اسرائيل او ليهاجم من يسرق بلده من المتنفذين ولكن هيهات

فوزي سالم - تعليق على مقال help

برافو شكراً لك الأستاذة زهرة مرعي على هذا المقال الممتاز وعلى الأسلوب الراقي في التعقيب على فيلم help الذي تناول طرح طابوهات شرقية عربية! وأتوجه بالتحية إلى الكاتبة الصحفية الفاضلة مرعي لموقفها النبيل لعدم ترك مخرج الفيلم وحيداً. أن نطرح قضايانا المجتمعية بأنفسنا مهما كان موقف أي منا خير من طرحها مشوهة من غيرنا! مع أجمل تحياتي د. فوزي سالم

محمد عبد الله - لشئ بالشئ يذكر

وما دام الحديث عن الشرف والتفوق فيه للفاسدين والمرتشين على المومسات والمثليين وما دمنا في مجال المقارنة بين طبقتين منحلتين من البشر وحيث ان الشئ بالشئ يذكر سأضيف لهاتين الطبقتين طبقة هي دونهما شرفا بل هي اكثر خسة من كل مومسات الارض ومثلييها الا وهي طبقة العملاء العرب الذين تواطئوا مع العدو الصهيوني وهو ينفذ جرائمه بحق اطفال ونساء اهلنا في غزه ورهنوا انفسهم لهذا العدو ليكونوا خنجر غدر في ظهر كل فلسطينيي مقاوم وعربي شريف .

muhannad al nabulsi - الانحطاط!

في اعتقادي المتواضع ان مثل هذا المخرج يسعى لكي ينال فلمة الجوائز في مهرجانات السينما الغربية ولكي يحقق شهرة زائفة لا اكثر ولا اقل!وعناوين الجوائز واضحة ومعلنة:الانحطاط الخلقي والسلوكي بكافة انواعة,المحرقة اليهودية واضطهاد الاقليات,محاربة الاسلام والعرب تحديدا,انكار الذات الالهية,تمجيد القبم والمفاهيم الغربية والقائمة تطول!

بسيم نجيب - خطاء لغوي شائع

بعيدا عن ما جاء في المقال استوقفني الخطاء اللغوي الشائع كثيرا بين الناس وهو وصف المرأة المومس سيئة السمعة بالغانية و كلمة غانية باللغة هي المرأة التي غَنِيَتْ بحُسْنِها وجمالها عن الحَلْي، والغانِيَةُ من النساء:الشابَّة المُتَزَوّجة، وجمعُها غَوانٍ.

القدس العربي في

04/03/2009