ثلاثة أفلام معروضة في صالات بيروت، الجامع بينها أنها أفلام لبنانية، وهي
“تحت القصف” لفيليب عرقتنجي و”خلص” لبرهان علوية و”ليلة عيد” لكارولين
ميلان”.
لم يسبق أن وجدت السينما اللبنانية نفسها أمام مثل هذا الوضع، ففي العادة
يعرض فيلم واحد كل عدة أشهر، وأحياناً مرة أو مرتين في السنة”. الأكثر من
ذلك أن العدد كان يمكن أن يرتفع إلى أربعة أفلام لولا أن الأمن العام سحب
رخصة الفيلم الرابع، وعنوانه “مساعدة” قبل العرض بثمانٍ وأربعين ساعة”.
فيلم “تحت القصف” يتناول الاعتداءات “الإسرائيلية” على لبنان سنة 2006 من
خلال قصة أم تبحث عن ابنها الذي تركته في الجنوب حين سافرت. يساعدها في
البحث سائق تاكسي له علاقة سابقة مع فريق من المتعاونين مع الكيان الصهيوني
خلال الحرب الأهلية. بالنسبة إليه يقبل المهمة لأنوثة الأم ولمالها، لكنه
لاحقاً ما ينبري مؤمناً بدور إنساني عليه أن يلعبه لجانبها”.
المخرج برهان علوية في “خلص” يتوغل في موضوع الحرب الأهلية الكبرى، بطلا
الفيلم رجلان وجدا نفسيهما غير قادرين على إيجاد دور فاعل في حياة اليوم
فينقلبان إلى الجريمة”.
و”ليلة عيد” فيلم كريسماس بدأ عرضه قبل أسابيع بنجاح مقبول”، وهو دراما
خفيفة لكن فيها قدر من الاهتمام بالمسألة الاجتماعية يبدو صادقاً: الفارق
المعيشي الكبير بين وجهي المجتمع اللبناني: الأغنياء والفقراء، كما تكتشفه
مغنية معروفة حين تجول في الأزقة والحارات”.
الفيلم الرابع الذي كان من المنتظر له أن يعرض ولم يحدث هو “مساعدة”، وأثار
العديد من الاهتمام والنقاشات، لأنه مبني على سلسلة من المشاهد المثيرة
التي لم يتعود عليها الفيلم اللبناني أو جمهوره من قبل على هذا النحو.
وحسب المعلومات، فإن المخرج مارك أبو راشد حصل على إذن العرض في العاشر من
يوليو/ تموز الماضي، وحدد موعد عرض الفيلم في التاسع عشر من الشهر الماضي،
لكن الأمن العام سحب الرخصة على حين غرة”.
وهناك ما يُقال في هذا الشأن. النقاد الذين استهجنوا إقدام الأمن العام على
هذا الفعل يعترفون أن الفيلم فيه أخطاء ومشكلات فنية، لكنه لا يستحق المنع،
والصحافيون الذين أيدوا الخطوة ذهبوا في موقفهم إلى حد تحميل وزارة الثقافة
مسؤولية عرضه. وكان هؤلاء، حسب ناقد جريدة “السفير” نديم جرجورة السبب الذي
دفع الأمن العام للتدخل سريعاً: “الذي حدث أن هؤلاء شاهدوا الفيلم في عرض
خاص واتخذوا موقفاً أخلاقياً وهاجموا الفيلم قبل أن يُتاح للجمهور عرضه”.
ويؤيد ناقد “النهار” هوفيك حبشيان هذا التسلسل من المواقف، ويضيف “لكن
الفيلم لا يستدعي مثل هذه الضجة من قِبل من يعتقدون أن لبنان مجتمع خالص
خالٍ من الشوائب”.
على الرغم من ذلك، فإن الحقيقة الكامنة في عدد الأفلام اللبنانية المعروضة
في العاصمة هذه الأيام مثيرة للاهتمام كونها تعبيراً عن مرحلة جديدة، ولا
ننسى أن فيلم سمير حبشي “دخان بلا نار” (الذي هو في جزء كبير منه تمويل
مصري) عرض من نهاية العام الماضي ولبضعة أسابيع من هذا العام، ما يُثير
السؤال حول ما إذا كان ذلك كله فورة ولو غير مسبوقة على هذا النحو أم
تأسيس لوضع جديد منتعش ولا مرد عنه”.
أيضاً تضمنت العروض الأخيرة “بدي شوف” للزوجين جوانا حاجي توما وخليل جريج
وهو فيلم آخر مستوحى من حرب ال 2006 ويشهد حالياً عروضه الفرنسية أيضاً”.
وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن هناك أفلاماً صُورت في العام الماضي وتنتظر
العرض، من بينها على سبيل المثال “ميلودراما حبيبي” الذي شهده مهرجان دبي
الماضي، فإن المزيد في الطريق ومنه الفيلم الذي يصوره المخرج جان شمعون
حالياً، بينما تحضر زوجته المخرجة التسجيلية مي المصري لفيلمها الروائي
الأول الذي ستدخل تصويره، حسب مصادر، في غضون أسابيع ستة”.
قبل العرض
الجائزة انتظرت ايستوود
البعض يذكر أن كلينت ايستوود لم يصعد المنصة حين منحته لجنة تحكيم مهرجان
“كان” الأخير، تحت قيادة الممثل شون بن، جائزة خاصة تقديراً لفيلمه
“استبدال”، حين أدرك المخرج والممثل أن الجائزة كانت بالمشاركة وأن وجوده
سيكون نوعاً من الديكور، توجه إلى مطار نيس عوض التوجه إلى حفل التوزيع
وطار سريعاً، لكن الفرنسيين لا بد أن يمنحوه جائزتهم بصرف النظر عما حدث.
لذلك انتظروا وصوله إلى العاصمة باريس بغية الترويج لفيلمه الجديد “غران
تورينو” والتقدم إليه بجائزة تقديرية عن كل أعماله و.. باسم مهرجان “كان”
السينمائي ذاته”. هذه المرة قبل ايستوود الجائزة مبتسما ولو أن الحفلة كانت
خاصة.
راسل كرو وكيت بلانشيت يقودان
الممثلين
ريدلي سكوت يعدل بين روبين هود
وماريان
بدءاً من ،1912 حين كانت السينما لا تزال تنتج أفلاماً قصيرة توجز فيها
الحكايات الكبيرة، تم إنتاج ما لا يقل عن 140 فيلماً من حكاية روبين هود،
الثائر الإيرلندي الذي، حسب الأسطورة، كان يسرق من أغنياء وإقطاعيي إيرلندا
ليعطي فقراءها”.
من آخر هذه الأفلام وأشهرها في السنوات العشرين الأخيرة نسخة المخرج كيفن
رينولدز “روبين هود: أمير اللصوص” الذي قام ببطولته كيفن كوستنر سنة 1991.
الآن يدور الحديث عن فيلم جديد حول هذه الشخصية، ولو من خلال إطار مختلف،
فالفيلم المقرر تصويره خلال الأيام القليلة المقبلة بعنوان “نوتينغهام”
يدور عن العصر الذي عاش فيه الثائر الإيرلندي وعن شخصيات أخرى محيطة به
وليس عنه وحده، كما يبدو مما نُشر من سيناريو برايان هلغلاند حتى الآن”.
في الدور الرئيسي راسل كرو تحت إدارة المخرج المعروف ريدلي سكوت مؤدياً
شخصية روبين هود، وفي المقابل الممثلة كيت بلانشيت في دور ابنة البلاط
ماريان. وأحد المصادر أخبر هذا الناقد أنه يعتقد أن الفيلم سيعمد إلى تقديم
بطولة مزدوجة ما بين ماريان وروبين هود ملاحظاً أن المرات السابقة كلها
كانت تدور حوله وحده.
هذا صحيح جزئياً فقط، ففي 1976 حقق المخرج البريطاني رتشارد لستر، وكان في
أوج شهرته في تلك الفترة كونه أخرج فيها فيلم “سوبرمان 2”، فيلم “روبين
وماريان”، مع شون كونري في دور روبين هود وأودري هيبورن في دور ماريان.
وفحواه، ليس فقط صراع روبين هود ضد شريف نوتنغهام (كما قام به الممثل
الراحل روبرت شو) الذي استلم مقاليد الحكم حال ترك الملك ريتشارد قلب الأسد
القصر للاشتراك في الحرب الصليبية، بل أيضاً العلاقة العاطفية بين روبين
والليدي ماريان”.
وفي حين صور “روبين هود: أمير اللصوص” جانباً جديداً كامناً في العلاقة
الإنسانية بين روبين هود ومساعده المغربي (مورغن فريمان)، قام “روبين
وماريان” بفتح ثغرة في المسلَّمات التي كانت محفوظة حتى ذلك الحين حول
الحملة الصليبية، فالمخرج يفرد مشهد حوار بين روبين العائد من الحرب
الصليبية مثخناً بجراح الذاكرة وبين ماريان المنصتة بألم لما شهده، وفحوى
المشهد نقد الحملة الصليبية وكشف ما حدث فيها من مجازر باسم الدين”.
لكن المعظم الكاسح من أفلام روبين هود عبر التاريخ لم تكترث لمثل هذه
الجوانب واختصت بتقديم الحكاية كما وردت عبر التاريخ. ومع أن معظم المصادر
تختلف على كل ما يتعلق بذلك الفارس المفترض أنه عاش في القرن الرابع عشر،
إلا أن السينما وحدته تحت راية الفارس الذي واجه قوات شريف مقاطعة نوتنغهام
برجاله من أهالي الغابات المحيطة وذلك لكي يحبط مساعي الشريف في الاستئثار
بالسُلطة وإعلان نفسه ملكاً على أن يواجه لاحقاً مع شقيقه ريتشارد قلب
الأسد، إذا ما عاد من الحملة سالماً”.
الصورة المتخيلة أو المعبر عنها سينمائياً بخصوص روبن هود، لم تكن حقيقية
فكل المصادر التاريخية تشير إلى أنه كان بالفعل مقاتلاً ماهراً أعاد توزيع
كل الغنائم التي حصل عليها على سكان تلك القرى الذين كانوا يرزحون تحت عبء
ضرائب مرتفعة، لكن الجانب المغامراتي هو الوحيد الذي سطا، ولا يزال، على
هذه الصورة”. وهذا منطبق على النسخة الصامتة الطويلة “روبين هود” إخراج
ألان دوان (1922) كما على أشهر النسخ القديمة الناطقة وهي نسخة مايكل
كورتيز التي أنتجتها هوليوود سنة 1938 من بطولة إيرول فلاين: أفضل من جسد
الشخصية في شكلها المغامراتي البطولي غير المُسيس إلى اليوم.
ريدلي سكوت سيدخل تصوير فيلمه الجديد في مطلع الشهر المقبل ليكون جاهزاً
للعرض في مطلع العام المقبل، وفي حين أن كيت بلانشيت هي آخر المنضمين إلى
قائمة الممثلين، فإن الممثلين الآخرين، وبينهم نيسا ردغراف ووليام هيرت
لجانب راسل كرو استلموا مهامهم من قبل”.
أفلام القمّة
"المليونير
المتشرد" لا يشبع
مباشرة بعد فوزه بأوسكار أفضل فيلم، انتقل “المليونير المتشرد” من المركز
التاسع في الأسبوع الماضي إلى المركز الخامس هذا الأسبوع، والإيرادات
اليومية المسجلة تجعله حتى مساء الأربعاء الماضي في المركز الثاني.
الى الآن، جمع الفيلم في الولايات المتحدة نحو 98 مليون دولار، وهو رقم
كبير لفيلم تكلف نحو 12 مليون دولار.
في المركز الأول فيلم رديء آخر، كما كان الحال في الأسبوع الماضي مع
“الجمعة الثالث عشر” (الذي سقط للمركز السادس). الفيلم الجديد هو “ماديا
تذهب إلى السجن”، كوميديا من إخراج وبطولة تايلر بيري الذي يبدو أكثر
المخرجين الحاليين عملاً، فهو يطلق فيلمين، أو ثلاثة كل سنة من دون أن يحقق
تقدماً فنياً في أي منها”.
وخرج فيلم كلينت ايستوود “غران تورينو” من السباق هذا الأسبوع، إذ أنجز نحو
134 مليون دولار علماً بأن ميزانيته لم تزد على 40 مليوناً.
أوراق ناقد
لو كان لدينا "أوسكار"
ما شاهدناه على منصة “الأوسكار” الأحد الماضي كان فعلاً متميزاً من الكياسة
ودماثة الأخلاق”، نستطيع أن نكون ساخرين ما حلا لنا، ومنتقدين إلى ما لا
نهاية، لكن قراءة الاحتفال من موقف حيادي تماماً يُفيد النظرة الواقعية
ويساعدنا على هضم حقائق مختلفة حول الحياة السينمائية التي تُحيط بنا”.
لننظر مثلاً إلى حقيقة أن الحفل بحد ذاته لا يعرف الانحياز تبعاً للمصلحة”،
المقترعون ستة آلاف عضو في أكاديمية لها تاريخها العريق (جائزتها الأولى
منحت سنة 1928) وتضم كل فروع العمل السينمائي، لذلك لا يُفيد أن يشعر
المصورون وحدهم أن فلاناً هو الذي يستحق الأوسكار لأنه أفضل مصور، بل على
المخرجين والممثلين والكتاب وسواهم أن يشعروا ذلك ويدركوه أيضاً ما يحجب
قدرة فرد أو مجموعة على التأثير”.
لذلك حين تجد كل سنة عشرين ممثلاً وممثلة (في مسابقتي التمثيل الرئيسي
والمساند) يتبارون للفوز بالأوسكار فإنهم فعلاً لا يعرفون من الذي سيفوز
ولا يدركون أكثر مما انتشر في الإعلام والصحف والأوساط من احتمالات”.
الثمانية عشر ممثلاً الذين يخرجون خاويي الوفاض من الجائزة يقبلون الحكم،
لا يعني ذلك أن بعضهم لا يشعر بأنه هو الذي كان أحق بالأوسكار من ذاك الذي
فاز، لكنهم يقبلون على عكس ما قد يحدث لو أن هناك جائزة شبيهة بالأوسكار
(أو بالبافتا البريطانية أو بالسيزار الفرنسي الخ..)، فالخاسر قد لا يقبل
الخسارة لأنه وضع الفخر بنفسه والاعتداد برأيه فوق كل شيء وأصبح لا يستطيع
أن يتصور أن أحداً يمكن أن يفوز سواه”.
فقط تصور ماذا كان سيحدث لو أن لنا جائزتنا العربية الخاصة. من البداية،
هذا سيعتبر نفسه خارج الترشيحات وسيقاطع لأن فلاناً آخر موجود في السباق
معه وهناك خصام بينهما سابق” وفلان آخر قد يشترك ثم يشترط لحضوره كذا أو
كذا”، والثالث إذا ما وجد نفسه خاسراً سيتهم مانحي الجائزة بالانحياز وربما
بأن البعض اشترى أصواتهم. وبما أن الجائزة التي نتصور هي عربية، فمن الصعب
إيجاد المواكبة الفنية الحضارية سارية بين الدول العربية التي لم تنجح في
انتهاج مواقف واحدة في كل شيء، فكيف ستنجح في انتهاج موقف واحد حيال جائزة
سينمائية؟ ستجد أن هذه الدولة ستقاطع، وتلك تلوم والأخرى ستشكو والرابعة
ستنتقد”.
لعل هذا الذي نتصوره حيال ما قد يحدث لو أن الدول العربية كان لها أوسكارها
الخاص هو أفضل جواب على من يسأل هذه الأيام: لم ليس لدينا أوسكارنا الخاص”،
والسؤال الأصح هنا هو: كيف يكون لنا أوسكارنا الخاص ونحن نفتقد الجدية في
العمل؟
م.ر
merci4404@earthlink.net
http://shadowsandphantoms.blogspot.com
الخليج الإماراتية في
01/03/2009 |