بدأت
السنة التي نعيشها برحيل الاب الروحي للسينما الفرنسية، ولا أقول السينما
الاوروبية، عن دنيانا.
وتعليقا علي رحيله قال رذيس مهرجان كان السينمائي انه
بفقدانه تيتمت السينما بطول وعرض أوروبا.
وذلك الاب الراحل الذي أصبحت السينما
الاوروبية من بعده بلا عائل، في مهب الرياح، هو المخرج والمنتج
»كلود بيري«
صاحب »جان دي فلوريت« (٦٨٩١)
و»مانون دي سورس«
(الكلمة الاخيرة تعني
الينابيع) وكلا الفيلمين مأخوذ عن اعمال»لمارسيل بانيول«
الروائي الفرنسي ذائع
الصيت وليد »بيري« في الاول من يولية لسنة
٤٣٩١، زي قبل أربعة وسبعين عاما
ومنذ صباه، وحلم حياته،
ان يكون ممثلا ولان هيئته لم تكن تؤهله، بأي حال من
الاحوال، لان يلعب دور الفتي الاول،
انحصر ما كان يسند إليه في ادوار قصيرة،
كثيرا ما كانت توجد بينها فترات انقطاع طويلة،
يبقي »بيري«، اثناءها،
عاطلا.
ورغم ان اغلب الادوار التي قام بادائها كانت في افلام المخرجين ذاع
صيتهم في مشارق ومغاربها من بينهم،
اذكر علي سبيل المثال »مكود اوتان لارا»،
»جان
ريفوار«
و»كوستا جافراس،
رغم ذلك، فوالده الذي لم يكن راضيا عن امتهانه
التمثيل، في مواجهته، علي خطيبته ساخرا »افضل ان تكون كناسا في الشوارع من ان
تكون ممثلا عاطلا«.
وعلي كل، فما ان بلغ »بيري« التاسعة والعشرين، حتي
ضاق ذرعا بمهنة لا تتيح له الا اداء أدوار صغيرة،
علي نحو عشوائي، يفتقد
الاضطراد، والانتظام.
ومن هنا، عقده العزم علي ان يستبدل الوقوف امام
الكاميرا ممثلا بالوقوف خلفها مخرجا.
ولحسن حظه صادقة التوفيق في بداية عهده
بالاخراج، بفضل خبر عن حادث، وما ان قرأه في جريدة »فرانس سوار«
حتي استوحي
منه فكرة فيلمه الاول »الدجاجة الصغيرة (٣٦٩١
والغريب في أمر هذا الفيلم ان
تصويره لم يستغرق سوي خمسة أيام،
بميزانية لم تزد عن عشرين الف فرنك.
ومع
ذلك، فاز باحدي جوائز مهرجان ڤينيسيا.
ولم يمر علي واقعة فوزه هذه سوي سنتين
الا وكان قد فاز بجائزة اوسكار لافضل فيلم روائي قصير (٥٦٩١) وفي هذه
الاثناء عمل
علي تأسيس شركة لانتاج افلامه،
استهلت اعمالها،
بافلام من اخراجه، تدور حول
سيرته الذاتية، بدأت بالرجل العجوز والطفل،
أول فيلم روائي طويل من اخراجه،
فضلا عن انه مأخوذ عن سيناريو من تأليفه وفيه يحكي »بيري«،
انه اثناء الحرب
العالمية الثانية، وبعد هزيمة فرنسا واحتلالها بواسطة القوات الالمانية،
اتفقت
اسرة عاملة من اجل انقاذ طفلها اليهود من براثن هتلر ومحرقته مع صديقه لها
علي ان
تتكفل بحمايته،
وذلك بان تسافر به إلي الريف، حيث يعيش في امان، مع والدها،
وهو عجوز ثري يمقت اليهود وسيرتهم مقتا شديدا.
وطبعا ينصح الطفل ـ ويؤدي دوره
صغير اسمه »آلن كوهين« ـ بالا يفصح عن هويته الدينية للعجوز المتعصب ـ
ويؤدي
دوره الممثل الفرنسي المخضرم
»ميشيل سيمون«.
ومن أجل مزيد من التقية يفصح
كذلك بان يزعم انه طفل كاثوليكي، مؤمن بالمخلص السيد المسيح،
ويمارس الطقوس
الكاثوليكية كما يمارسها العجوز.
وتختلف علي الاثنين الاحداث، كما تختلف علي
فرنسا.
وفي هذه الاثناء يتعلق العجوز بحب الطفل.
وما ان تنتهي الحرب
بهزيمة المانيا الهتلر حتي تعمل اسرة الطفل علي استرداده وهنا،
يعرف العجوز هوية
الطفل الدينية ومع ذلك، يبقي متعلقا به، حزينا لفراقه.
وينتهي الفيلم
بالطفل، وقد استقل قطارا، يمضي به إلي اسرته في مكان ما،
ودون ان نعلم بعد
ذلك من امره شيئا المدهش، انه، ورغم ان الفيلم لم يكن في عداد الافلام
المختارة
للعرض اثناء فعاليات مهرجان كان
(٧٦٩١)، نظمت الامور، بحيث يصعد ايقونة
السينما الفرنسية »ميشيل سيمون«
علي خشبة المسرح،
بقاعة العرض الكبري، يوم
اختتام المهرجان، كي يستلم جائزة تكريم المهرجان له من يد الطفل
»آلن
كوهين«.
ولايفوتني هنا ان اذكر ان طفلا آخر اسمه »زودد كوتلر«
فاز في نفس
المهرجان بجائزة أحسن ممثل، عن ادائه في الفيلم الإسرائيلي
»ثلاثة أيام وطفل«
لصاحبه المخرج »اورو زوهار«.
وكل ذلك كان بل اندلاع نيران حرب الخامس من
يونية، ببضعة أيام، تلك الحرب التي دارت رحاها بين ثلاث دول عربية
واسرائيل!!
moustafa@sarwat.de
أخبار النجوم المصرية في
26/02/2009 |