تابع مذابح غزة بعين مغبشة فقد كاد يفقد احدى عينيه بسبب انفجار في شريان رئيسي مسؤول عن الإبصار نتيجة ارتفاع ضغط الدم وهو يتابع الدم الذي يسيل وسط تخاذل عربي مهين وهجوم على كل من يقف مع المقاومة في خندق واحد من كتاب وسياسيين، ويعتبر الفنان محمد صبحي أحد أهم المهمومين بالصراع العربي الإسرائيلي وهو يرى أن ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين في المحاكم أضعف الإيمان رغم إيمانه بأن هذا لن يفضي إلى شيء في وقت أصبحت فيه المحاكم الدولية لا تتسم بالشرعية بسيطرة أمريكا وإسرائيل عليها. سألته:

كيف ترى الهجوم على أشقائنا في غزة، وعلى الذين يقفون مع المقاومة في خندق واحد؟

إن هذه الجرائم التي نفذتها إسرائيل تدل بشكل قاطع على وقوف أمريكا وراء هذا الكيان المغتصب للابد إذن فكلاهما عدو واحد لنا وعلى الساسة ان يعلنوا ذلك لشعوبهم صراحة ويجهزوا العدد لمواجهة هذا العدوان الذي يطالنا بلدا بعد آخر، وبالنسبة لي كفنان سأنصر بأدائي القضايا العربية حتى آخر لحظة من عمري، ولن أدين المقاومة، بل إني أدين كل من هاجمها وسعى لأن يهيـل التـراب على ما قامت به، وليعلم كل من يهاجمها ان التاريخ سيلعنه، وألم يخرج المصريون في بورسعيد يقاومون الاعتـداء الثلاثي ولم يكن في أيديهم إلا العصي كما خضنـا حرب الاستنزاف، فلماذا إذن نسخر من المقاومــة الفلسطينيـــة، وما حدث في غـزة شبـــيه بكل الأزمات التي يمر بهـــا الوطن العربي، حيث حلقات الأحداث تبدأ بإسرائيل التي تقتل وتدمر وتخرب.

كيف ترى فترة بوش؟

فترة حكمه لم تكن هناك منطقة هادئة في العالم فإما حرب هنا أو اجتياح هناك أو حصار هنالك وكان وجهه شر على العالم كله، وقدمه قدم نحس حتى على أمريكا نفسها، وشعبه نفسه لم يحبه، وقد أخذ شباب أمريكا ليحارب في العراق حربا اعترف بوش بنفسه بخطئها، أما أوباما فرغم أن عهده سيكون أقل قتامة علينا أن لا نفرط في التفاؤل، فهو رئيس أتى للتغيير ليصلح اقتصاد بلده وليس ليصلح العالم.

لماذا تربط ذكرياتك بالحروب؟

لأني ولدت عام النكبة، ودخلت المدرسة الابتدائية في حرب 56 والمدرسة الثانوية في نكسة 67، والتحقت بالمعهد حرب الاستنزاف، وتزوجت في حرب 73 ورزقت بأول حفيدة في حرب الخليج.

ماذا تعد من خلال مشروعك 'المسرح للجميع'؟

نعد لبعض النصوص المسرحية العالمية، منها مسرحية 'أوديب' التي أعتقد أنها هي وأخواتها قادرة على تثقيف الإنسان المصري بطريقة يحبها لكني مازلت في مرحلة إعداد ولم أحدد مسرحية بعينها.

هل إنشغالك بالمسرح هو سبب غيابك عن الدراما؟

في الحقيقة أنا لست من النوعية التي تجمع بين أكثر من عمل في وقت واحد، لأنني أتوحد مع العمل وأمنحه كل طاقتي الفنية، فبعد عرض مسلسل 'رجل غني فقير جدا' تفرغت تماما للمسرح لأنه ليس بالشيء الهين.

كيف تجمع بين التمثيل والكتابة والإخراج؟

هذه ليست قرارات بل هي قدرات، وأنا لا أرى في ذلك من غرابة، فعندنا يكون مخرج العمل هو كاتبه فذلك شيء جيد لأنه مبدع العمل وبالتالي هو الأدرى بما كتب، وقد أثبتت التجربة صحة ذلك مع مخرجين كثيرين، ولقد درست ما يتعلق بالثلاثة التي أمارسها، وكنت مدرسا لسنوات طويلة بالمعهد العالي للفنون المسرحية.

لماذا تهجر السينما تماما؟

لقد تلونت السينما بألوان جديدة قاتمة، لا أراها تناسبني وما أعتقده وما أحرص على تقديمه، فهي لا تناسبني الآن بالمرة.

وماذا عن مدينة 'سنبل' للفنون؟

لقد وضعت فيها 17 مليون جنيه هي حصاد 35 عاما مع الفن، كي تكون بناء فنيا يسخر لخدمة المجتمع، فالمدينة توفر وقتي خاصة مع تقدمي في السن، وقد خصصت 60 من عائداتها كصدقة جارية، وأتمنى أن يقبلها الله.

وماذا عن الجزء السادس من 'يوميات ونيس' وهل ستستبدل 'سعاد نصر' بأخرى بعد رحيلها؟

لن أستبدلها، فستموت ايضا خلال المسلسل لأنها لن تعوض، وهذا عرفان من المسلسل لها.

كيف ترى مستقبل الفن؟

كفى حاضره، أننا نقدم للعدو أكثر ما يتمناه، سينما فاشلة، و(كليبات) هابطة ومسرح تافه، وأصبح الإعلام يدافع عن تهمة الإرهاب بمزيد من العري لينفي عن العرب التشدد الإسلامي.

القدس العربي في

26/02/2009