ما زالت المخرجة كاملة أبو ذكرى وأسرة فيلمها السينمائي الجديد «واحد صفر»، إلهام شاهين ونيللي كريم وخالد أبو النجا، ينتظرون حكم القضاء في الدعوى التي رفعتها مجموعة محامين مصريّين لمنع عرض الفيلم، بحجّة أنّه «يسيء إلى العقيدة المسيحية». الهجوم بدأ قبل أن يعرض الفيلم، ولم يفهم الجمهور سبب كلّ هذه الضجة. يرصد الشريط شرائح مجتمعيّة متعددة، منها شخصية الزوجة المسيحية. لكن يبدو أن بعض المسيحيين في مصر باتوا مستسلمين للصورة النمطية التي كرّستها الدراما المصرية عنهم، ونقصد بها تلك الصورة الشديدة الملائكية والمثالية للمسيحي المسالم والمهادن. لذلك، ربما، قامت الدنيا ولم تقعد عندما عُرض فيلم «بحبّ السيما» للمخرج أسامة فوزي، إذ قدّم لأول مرة على الشاشة شخصيّات مسيحية من لحم ودم.

والمفارقة أن كل ما نشر عن شخصية المرأة المسيحية التي تجسّدها إلهام شاهين في «واحد صفر» ليس صحيحاً، على حد تعبير منتج الفيلم ممدوح الليثي، الذي أكّد أنّ الشريط لا يحمل أي إساءة إلى الشخصية المسيحية، بل يتعرّض باحترام لحياة امرأة مسيحية ترفض الكنيسة تزويجها من شاب مسيحي مثلها (وليس مسلماً كما ادّعى بعضهم) بعدما انفصلت عن زوجها. والفيلم يفتح ملفّ الزواج والطلاق في الكنيسة، وهو من الملفات الشائكة التي تتحفّظ الكنيسة في شأنها. ويبدو أنّ الرقابة التي اعتادت في السنوات الماضية أن ترسل إلى الكنيسة سيناريوات الأفلام التي تتعرض للديانة المسيحية، خالفت هذا المبدأ مع «واحد صفر».

كاملة أبو ذكرى، مخرجة الفيلم، أبدت انزعاجها الشديد من موجة الغضب التي أحاطت بشريطها قبل عرضه، وطالبت الغاضبين بالتريّث حتى نزوله إلى الصالات. وعلى الجانب الآخر، لم تحمِّل المخرجة الكنيسة مسؤولية الهجوم على الشريط، فـ«المشكلة ليست في الكنيسة، بل في أنّنا اعتدنا أنّ تتدخّل في الفنّ مؤسسات عدّة، وهو مناخ خانق للإبداع». وهذا الجدل تكرّر أخيراً مع فيلم محمد هنيدي «رمضان مبروك أبو العلمين حمودة»، عندما احتجَّ بعض المعلّمين ورأوا أنّ الفيلم يسيء إلى المعلّم، وقبل ذلك فيلم «الأفوكاتو» الذي اعترض عليه المحامون وحُوّل النجم عادل إمام ومخرج الفيلم رأفت الميهي إلى المحاكمة لأنّه يشوّه صورتهم.

«واحد صفر» يتناول قصّة امرأة تطلب الطلاق من زوجها، لكنّ هذا الأمر صعب في الديانة المسيحية، ما يدفع المرأة إلى الدخول في علاقة عاطفية مع شاب مسيحي فتحمل منه. بذلك، تضطر الكنيسة إلى تطليقها من زوجها، لأنّها تجيز حالات الطلاق فقط في حالة الزنا. إلا أنّ التحفظات الرقابية اعتادت أن تحيط بالأفلام التي تتناول الشخصية المسيحية في السينما المصرية، مثلما حدث في فيلم «القدر»، بطولة حسين فهمي. إذ اتّهمه بعضهم بأنّه يدعو إلى التفرقة العنصرية، وخصوصاً أنّ أحداثه تدور حول فتاة قبطية يحاول شاب مسلم أن يهديها إلى «الصراط المستقيم».

الأخبار اللبنانية في

24/02/2009