يعدنا فيلم
The Tattooist (الواشم) الذي يعرض حالياً في
دور العرض المحلية بجرعة تشويق ورعب، وبقية تلك الصفات
الجاهزة، ويفي وعده كيفما
اتفق، وضمن المتاح في هذا الشأن عبر تطويع الغالي والنفيس، والرخيص والأرخص
للخروج
علينا بما يزيد جرعة الأدرينالين في حياتنا، ولنكتشف أن هذا الادرينالين
صار خلاً،
وفي أحسن الأحوال زيتاً فاسداً من كثرة ما قليت فيه أجساد ووضعت فيه منكهات
صارت
بلا طعم.
في هذا الفيلم العجيب القادم من نيوزيلندا نتعرف إلى جاك (جسون
بير) رسام الأوشام االموهوب والموهوم بأن بإمكان الوشم أن يشفي من الأمراض،
حيث
نجده يتعامل مع من يصنع وشماً على جسده كما لو
أنه يخلصه من كل آلامه وأمراضه، مثل
ابن ذاك الرجل الآسيوي أو السنغافوري ـ ما دمنا لانزال في سنغافورة ـ الذي
يطمح لأن
يُشفى ابنه إن صنع له وشماً، لكنه سرعان ما يموت من دون أن ينفعه ذلك الوشم
بشيء،
كما لو أننا في القرون الوسطى، وغير ذلك من أفعاله الخرقاء،
إلى أن يتعرف إلى جماعة
من الواشمين ينتمون إلى قبيلة من سكان نيوزيلندا الأصليين، وعبر لحاقه
بامرأة تأسره
بجمالها، ويقع في سحرها على الفور، وليتعرف في خيمتهم المجاورة للمكان الذي
يشم
الناس فيه إلى أساليبهم الخاصة، ويقوم في حينها بسرقة واحدة من
أدوات تلك الجماعة،
والتي ما أن تجرح يده بواسطتها حتى يتغير الكون ويعم الشر.
على كل، وكما في
كل أفلام الرعب، فإننا أمام لغز محير، ومركب تركيبة عجيبة في فيلمنا، والتي
دائماً
تأتي من ماضٍ غامضٍ يكون قد شهد فصول جريمة لم يكشف عنها، وعليه فإن جثة
الضحية
ستبقى هائمة ومتوحشة تفتك بالبشر، إلا أن تأخذ ثأرها وتتم
معاقبة المسؤول عن ما لحق
بها من موت ظالم، ويمكن لقصص كهذه أن تتكرر في آلاف الأفلام، ما دام تحقيق
الإثارة
والرعب له أن يرتبط دائماً في الأفلام التجارية باستعادة كل الغيبيات، وكل
ما توصلت
إليه الإنسانية من حماقات لا تمت للعقل ولا للمنطق بصلة، خصوصاً إن أتحفنا
في بداية
الفيلم بشيء مثل «هذا مقتبس من أحداث حقيقية»، لكن وعلى مسار مواز، تتبدى
من خلال
هذه الأفلام وإقبال البشر على مشاهدتها مدى تعلقنا بهذا الغيب،
وحرص البشر على كل
ما يتوافق وأذهانهم التي مازالت مسكونةً بالخوارق والأرواح والجان.
علينا مع
الاستطراد السابق أن نعود إلى (الواشم) الذي أخرجه بيتر برغر، من دون أن
يفوتنا
التأكيد على رداءته ضمن فئته الرديئة أصلاً، فإن كان فيلم «لم يولد» الذي
بدأ عرضه
الأسبوع الماضي فيلماً بلا طعم ولا معنى، فإن «الواشم» كذلك مع
التأكيد على رداءته
أيضاً، ونحن نرى أن كل ما سيرسم جاك على أجسادهم أوشاماً سيموتون بطريقة
عجيبة،
يتحلل فيها حبر الوشم ويختلط بالدم وينزفهما المصاب حتى الموت، هذا كل ما
احتواه
الفيلم، وما تبقى رُكب حوله بالقص واللصق. جاك يحب سينا (مايا
بلاك) ويكتشف من
خلالها أسرار قبيلتها، ومنبع اللعنة التي ألحقها بمن وشمهم بما فيهم سينا
نفسها،
وبالتأكيد هناك شبح هائم قتل ظلماً لأنه لم ينجح باجتياز مرحلة لعينة في
تعاليم
قبيلة سينا، والتي لم نعرف طيلة الفيلم لمَ هي مسيحية بينما كل
طقوسها وثنية، وغير
ذلك من توليفات لا يقصد بها، إلا أن نرى حبر الوشم يمتزج بالدم، ليتفسخ
الجسد،
وليؤكد لنا الفيلم أنه حبر على ورق.
الإمارات اليوم في
23/02/2009 |