تبعاً لنجاح “آيرون مان” أو الرجل الحديدي، في الصيف الماضي، كان من
الطبيعي التفكير سريعاً بإنتاج جزء ثانٍ يستثمر النجاح ويعد الجمهور الذي
منح الفيلم نحو 300 مليون دولار في الولايات المتحدة، بمغامرة أخرى بطلها
ذلك الصنديد الذي يرتدي بذلة من حديد، ويواجه أعداءه بأسلحة مزروعة في
أنحاء البذلة العسكرية.
وبالفعل، ومن قبل أن تتوقّف عجلة در الإيرادات تماماً، كانت الخطّة
وُضعت ومعها النسخة الأولى من السيناريو وأخذت القرارات تصدر بشأن التصوير
في خريف هذا العام على أن ينطلق الفيلم للعرض في صيف العام المقبل.
هذا ربما لن يكون الوضع في القريب العاجل، فالفيلم دخل في عدّة مشاكل
إنتاجية مصدرها تمويلي من ناحية وإبداعي من ناحية أخرى.
المشكلة ليست في الممثل روبرت داوني الذي قاد بطولة الفيلم، بل في
ترنس هوارد، الممثل الذي لعب دور الكولونيل جيم . حسب ما يذكر المشاهدون،
كان دور ترنس هوارد مسانداً وقائماً على تواجده في المشاهد التي يحتاج فيها
بطل الفيلم لمن يشرح له مواقفه واستعداده للانتقال من تاجر سلاح الى محارب
بحد ذاته.
حسب مراجع مختلفة، فإن دور ترنس هوارد كان أطول مما شاهدناه في
الفيلم، لكن المخرج جون فافيرو اضطر إلى حذف العديد من مشاهده بسبب ضعف
الأداء، على حد قوله. على ذلك، حين اجتمع المخرج مع منتجي الجزء المقبل،
طلب منهم السعي لخفض راتب ترنس هوارد إلى نصف ما تقاضاه في الجزء الأول
(نحو خمسة ملايين دولار) وهو الطلب الذي رفضه الممثل عبر وكيل أعماله.
ومن الممكن القول إن تمسّك المنتجين بقرارهم كان محسوباً ويهدف الى
الاستغناء عن ترنس هوارد إذا ما أصر على رفضه. بكلمات أخرى، كان الشعور
السائد في المطبخ بأن الزبون إذا لم يعجبه الطعام فهناك سواه.
من ناحيته، رفض ترنس هوارد الأجر لم يكن قاطعاً، بل نوعاً من جس النبض
على أساس أن هناك أملاً في أن يتراجع منتجو الفيلم عن قرارهم، وبذلك يربح
الممثل بقاءه في الفيلم وبالسعر الذي أراده، لكن المفاجأة كانت في سرعة
قبول المنتجين لموقفه وانتقالهم للبحث عن البديل.
هنا دخل على الخط ممثلان معروفان هما، مثل هوارد، من الممثلين الأفرو-
أمريكيين وهما دون شيدل وسامويل ل. جاكسون. بالنسبة لسامويل الذي طُلب منه
الحلول محل هوارد مباشرة بعد خروجه، فإن وجوده على خانة الممثلين في الفيلم
لم يستمر لأكثر من أيام إذ رفض الأجر الذي عُرض عليه والذي يقل عن نصف ما
يتقاضاه عادة وهو ثمانية ملايين دولار.
بالنسبة لدون شيدل، فهو قبل دخول العملية بعد انصراف سامويل ل.
جاكسون، بدا كما لو أنه لا يعارض مليوني دولار أجراً له رغم أنه سابقاً وصل
إلى مستوى الخمسة ملايين دولار، لكن أحداً لا يعرف ما الذي سارع في تغيير
رأيه بعد ذلك فإذا به ينسحب قبل أسابيع ما أرجع الوضع إلى ما كان عليه
الأمر سابقاً.
القصّة لم تنته هنا.
كبديل لدون وسامويل وترنس اقترح البعض في الفيلم الإتيان بذلك الممثل
الذي فجأة ما أخذ يُثير الضجّة من حوله. والمقصود هنا هو الممثل مايكل
رورك، لكن هناك إشكالات عديدة في هذا الخصوص أيضاً.
أولاً مايكل رورك أبيض ما يعني أن السيناريو سيلغي العنصر الأفرو-
أمريكي أساساً. ثانياً: ميكي رورك ليس ممثلاً من النوع الذي يأخذ الأفلام
على أساس وظيفي، لذلك فهو لن يرض بدور ثانوي عابر في الفيلم. ثالثاً، أن
الرجل قد ينال أوسكاراً الليلة فلمَ يرضى ببيع نفسه بسعر رخيص؟
الأكثر أهمية من كل هذا أن مايكل رورك كذّب، في الثامن عشر من هذا
الشهر، الأخبار التي انتشرت قبل أسبوعين والتي مفادها أنه قبل التمثيل في
الفيلم مكرراً لمن سأله: “لن أمثل “آيرون مان 2” هذا ليس مطروحاً في الوقت
الحالي”.
هذا ما قد يعيد العقرب إلى الوراء وربما سيجد ترنس هوارد نفسه مطلوباً
من جديد، هذا إذا ما أراد الإنتاج اختصار الوقت والمال وتجنّب تأخير البدء
بتصوير الفيلم ليعرض في الموعد المقرر له.
شاشة البيت
"عاشق
كريب" لبارادجانو
عانى المخرج الروسي سيرغي بارادجانو الكثير حين وجد نفسه في عداء لدود
مع السلطات السوفييتية في السبعينات ومطلع الثمانينات من القرن الماضي. فهو
تارّة في السجن بتهمة ميوله الجنسية وتارّة في السجن بتهمة تداوله
الدولارات في السوق السوداء. وكلتا التهمتين غير ثابتة. لكن الثابت هو أن
أفلامه (على قلّتها) هي التي كانت متّهمة بأنها “غير وطنية”.
في مجملها، هي أفلام جورجية وأرمينية تحتفي بالفولكلور والتقاليد
التراثية لكلا الشعبين عوض أن تجسّد الانصهار والانضواء تحت راية الراية
الواحدة. هذا واضح في فيلميه الأخيرين “أسطورة قلعة سورام” الذي أخرجه سنة
1982 و”عاشق كريب”، فيلمه الأشهر الذي حققه سنة 1988 والمتوفّرين على
اسطوانة جديدة تحت عنوان
Films By Sergei Paradjanov.
الفيلم الثاني، “عاشق كريب” تحديداً هو رحلة المخرج في حكايات
إسلامية- مسيحية مشتركة في رحاب الفولكلور الآسيوي في الوقت الذي هو قصّة
حب تبقى في الأذهان طويلاً بعد مشاهدتها.
****: تقييم الناقد
أفلام القمّة
إيرادات "الدولي" لم تتجاوز
الحدود
احتل “قضية بنجامين باتون المثيرة للفضول” المركز الأول دولياً حسب
ايرادات 94 سوقاً عالمية، خارج الولايات المتحدة، وذلك للأسبوع الثاني على
التوالي مسجّلاً حتى الآن نحو 120 مليون دولار، وهو بذلك أعلى مما سجّله
منافسه الأول على أوسكار أفضل فيلم، وهو “المليونير الصعلوك” الذي حصد حتى
الآن قرابة 63 مليوناً فقط.
أمريكياً، خرج “بنجامين باتون” من قائمة العشرة الأولى منذ أسبوعين
مكتفياً ب 123 مليون دولار في حين أن الفيلم البريطاني “المليونير الصعلوك”
حصد داخل أمريكا للآن 88 مليون دولار ويكمن حالياً في المركز التاسع.
في المركز الأول هذا الأسبوع “الجمعة الثالث عشر” وهو فيلم رعب إعادة
صنع لفيلم رعب شهير ظهر سنة 1982 وهو واحد من ثلاثة أفلام جديدة هذا
الأسبوع. الفيلمان الآخران هما “اعترافات مدمنة تبضّع” وهو كوميديا نسائية
أخرى (تقوم ببطولتها إيسلا فيشر) أنجزت نجاحاً معتدلاً في المركز الخامس.
الفيلم الجديد الثالث هذا الأسبوع هو “الدولي” ولا ريب أن سقوطه في
المركز الثامن محط دهشة عديدين. إنه فيلم الافتتاح لمهرجان برلين الذي
انتهى مؤخراً، وهو شريط تشويقي مع كلاي أووَن وناعومي ووتس، كلاهما كان
بغنى عن هذا السقوط الموجع.
أسباب عاطفية وفنية
للترشيحات
هذه الأسماء أوفر حظاً في "الأوسكار"
تقوم حفلات الأوسكار منذ بداية توزيعها قبل 79 سنة على مشهد واحد بطله
من سينهض من مقعده ليصعد المنصّة ويتسلم التمثال المذهّب، ومن يبقى في
مكانه من بين المنافسين ولا يجد بدّاً، وهو يُشاهد سواه، يفوز، سوى
المشاركة في التصفيق، له حتى ولو كان في داخله يشعر بالرغبة في الاحتجاج أو
النحيب.
الليلة موعد اعلان النتائج التي تبدو من هذا الموقع خالية من المفاجآت
في أغلب ميادينها. فالترشيحات قوية في ميادين وعادية أو ضعيفة في ميادين
أخرى، وأسماء بعض الأشخاص والأفلام المرشّحة تبدو مؤكدة ما يحد من وقع
المفاجأة والصدمة المطلوبة.
على ذلك، هذه لائحة بالأفلام والشخصيات المتوقّع فوزها مصحوبة بذكر
لمن يراه الناقد يستحق الفوز بالفعل، وهذه الرؤية تختلف حيناً وتتفق آخر مع
ما تجمع عليه الترشيحات.
* أفضل فيلم:
“المليونير الصعلوك”، والسبب: كل ذلك الصدى الكبير الذي حصده جنباً
الى جنب مع العدد الوفير من الجوائز من مؤسسات وجمعيات سينمائية متخصصة،
ولأنه يمثّل -بالنسبة لهوليوود- نوعاً من الأفلام الميلودرامية التي دائماً
ما تفضّلها.
هل يستحق؟ لا بأس به، ولكن، اختيار الناقد “قضية بنجامين باتون المثير
للفضول” حيث كل شيء في الفيلم مصنوع بحسابات فنية عالية.
* أفضل ممثل:
سيفوز، ميكي رورك عن “المصارع”، والسبب أن تشخيص رورك هنا يمس
المشاعر بصدقه لكن هذا جانب واحد من السبب. الجانب المهم الآخر هو أن لهذا
الممثل تاريخاً مهنياً في “هوليوود” يماثل ذلك الذي نراه في شخصيته كملاكم
صعد وهبط سلّم المجد ويحاول التمسّك بأهدابه قدر المستطاع.
هل يستحق؟ بكل تأكيد
اختيار الناقد: ميكي رورك.
* أفضل ممثلة:
كيت وينسلت عن “القارئ”.
والسبب أنها رُشّحت أكثر من مرّة ولم تفز. هذا أوّلاً، ثانياً دورها
أكبر من دور منافستها الأولى على هذه الجائزة وهي ميريل ستريب. كلتاهما
جيدة لكن لدى كايت تنوّعاً في اللحظات الدرامية أكثر مما لدى ستريب
المرشّحة عن دورها في “ريبة”.
هل تستحق؟ نعم لكن ميريل ستريب تستحق أيضاً
واختيار الناقد: كيت وينسلت.
* أفضل ممثل مساند:
هيث لدجر عن “الفارس الداكن”.
والسبب عاطفي في الدرجة الأولى فالممثل مات قبل عام كامل.
هل يستحق؟ هناك آخرون يستحقّون سواه.
اختيار الناقد: فيليب سايمور هوفمان عن “ريبة”.
* أفضل ممثلة مساندة:
تاراجي هنسون عن “قضية بنجامين باتون المثير للفضول”.
السبب: إنها أفضل من الممثلات المنافسات لها في هذا المضمار.
هل تستحق؟ نعم، وكذلك ماريسا توماي عن “المصارع” .
اختيار الناقد: تاراجي هنسون.
* أفضل مخرج:
داني بويل عن “المليونير الصعلوك”.
السبب: سيفوز فيلمه بالأوسكار.
هل يستحق؟ نعم، وقد يحدث أن يفوز “بنجامين باتون” بأفضل فيلم، وداني
بويل كأفضل مخرج أو العكس
اختيار الناقد: ديفيد فيشر مخرج “بنجامين باتون”.
قبل العرض
بروسنان ينتج "المصور"
مزيد من الممثلين والممثلات بات يعتمد على إنتاجاته الخاصّة عوض
انتظار المشروع المناسب. من نيكول كيدمان إلى توم كروز ومن جوليا روبرتس
إلى توم هانكس، كلهم يفضّلون اختيار أفلامهم بأنفسهم عوض تسلمها من دون قطع
العلاقة مع أصناف العروض الأخرى.
الممثل بيرس بروسنان هو أيضاً أحد الذين باتوا ينتجون لأنفسهم، حالياً
يحضّر لإنتاج فيلم “المصوّر” الذي يحكي القصّة الواقعية لمصوّر صحافي اسمه
روبرت كابا عاصر الحروب الأوروبية المختلفة ومنها الحربان الإسبانية
والعالمية الثانية. التصوير في صيف هذا العام في المجر.
أوراق ناقد
الطريق المسدود
في أخبار من الوسط السينمائي المصري جاء أن شركة “روتانا” قررت تخفيض
عدد الأفلام التي تموّلها من أربعين مشروعاً كانت وضعتها على روزنامة العام
الحالي، الى عشرة فقط. إلى ذلك، يشير مقال منشور على أحد مواقع الإنترنت
الشائعة أن السينمائيين المصريين يتلمّسون الطريق الآن بحذر في ضوء تأثير
الأوضاع الاقتصادية العالمية الواقف وراء قرار “روتانا”، كما يقولون.
هل الطريق، إذاً، مسدود؟
السينما المصرية تستطيع دوماً أن تستمر ومرّت بأزمات مماثلة من قبل
وتخلّصت منها. المشكلة الحالية تختلف في أن سقف الإنتاج أصبح أكبر. الرواتب
المدفوعة للممثلين لم تحدث من قبل والأجور الممنوحة للفنيين زادت بدورها
كذلك أسعار كل شيء من استئجار معدّات إلى تشغيلها إلى إعلانات الأفلام
التجارية وكل ما يدخل في حقل الإنتاج عادة، لكن الفرصة مناسبة للتحسين كما
الحال في كل أزمة في كل مكان.
وإذا كانت المشكلة ماديّة، وهي في الأساس كذلك، فإن الحل لا يكمن فقط
في تخفيض الميزانيات، لأن الشركات التلفزيونية المموّلة (تحديداً “إي آر تي”
و”روتانا”) ستسعى لاستثمار ذلك لحسابها لتتخلّص من السعر الذي كانت تدفعه
لقاء شراء حقوق كل فيلم، ما يشكّل عبئاً إضافياً على المنتج المصري.
المسألة هي أن الثقة العربية بالفيلم المصري وصلت الى الحضيض في
العقود الثلاثة الأخيرة. والثقة العربية بترجمتها الفعلية هي ثلثا
المشاهدين هذه الأيام أي اولئك الذين يؤلّفون ثلثي عدد المشاهدين
المداومين. في السابق، كانت التهمة الموجّهة للفيلم المصري هي ضعف الإنتاج.
أما وقد قويت العناصر الإنتاجية تبعاً للمنافسة التي شهدتها السوق المصرية
بين الشركات الرئيسية ولتدخل بعض المحطّات التلفزيونية، فإن التهمة الحالية
هي أنه يحاكي الإنتاجات الأمريكية من دون الوصول الى مستواها.
كل هذا يعني أن البحث يجب أن يكون عن هوية مصر في الفيلم المصري، لأن
هذه الهوية هي التي كانت تجمع الشعب العربي حولها وليس أي شيء آخر.
إلى ذلك، فإن الحل لا يمكن أن توفّره محطّات التلفزيون، لأن هذه لا
تكترث قيد أنملة ما إذا تقدّم الفيلم المصري او تأخر. بالنسبة إليها، هي
بضاعة تعرضها في الواجهة حيناً ثم تضعها على الرف وفي أقرب فرصة ستبيع
حقوقها لمن يشتري.
م. ر
merci4404@earthlink.net
http://shadowsandphantoms.blogspot.com
الخليج الإماراتية في
22/02/2009 |