يبدو أن الدراما
الخليجية تتجه في الموسم الرمضاني القادم، للاعتماد شبه الكلي على
المـخرجين
السوريين، في تقديم أضخم إنتاجاتها الدرامية ذات الهوية والعناصر التمثيلية
الخليجية، بعد أن اتضحت خارطة تلك الأعمال المقبلة، وارتباطات
المخرجين السوريين في
تنفيذها!
ولا بد من الإشارة بداية، أن كبرى المحطات الخليجية تعرض هذه الأيام
مسلسلات خليجية الهوية بتوقيع مخرجين سوريين، منها ما عرض في رمضان الماضي
ويعاد
عرضه حالياً، كمسلسل (أبله نورة) من بطولة الفنانة الكويتية
حياة الفهد، وهو من
إخراج عارف الطويل، ومسلسل (سقوط الأقنعة) الذي أخرجه هيثم زرزوري، ومنها
ما يعرض
للمرة الأولى، كالمسلسل المتصل- المنفصل (الساكنات في قلوبنا) الذي تقوم
قناة 'إم.
بي سي'، بعرض حلقاته أسبوعياً، والذي قام المخرج أيمن داوود شيخاني بإخراج
(15)
حلقة من مجموع حلقاته الثلاثين، وقد لاقت
الحلقات الأولى التي عرضت بتوقيع شيخاني
اهتماماً جماهيرياً ملحوظاً، نظراً بسبب اهتمام مخرجها بمتابعة
الحالات الدرامية
المطروحة بدقة، فضلا عن سعيه لتقديم لغة بصرية مقنعة... رغم ضعف سوية نصوص
بعض
الحلقات، وافتقارها للمقولة الفكرية الواضحة.
هشام شربجي لـ (طاش ما طاش
16)
أولى مشاريع التعاون مع مخرجين سوريين، والتي تم الإعلان عنها بشكل
واضح، كانت تكليف المخرج السوري هشام شربتجي بإخراج الجزء السادس عشر من
سلسلة (طاش
ما طاش) للثنائي الكوميدي الأشهر خليجياً: عبد الله السدحان
وناصر القصبي.
وكان
السدحان والقصبي قد قدما العام الماضي، عملاً كوميدياً جديداً خارج إطــار
(طاش ما
طاش) الذي كان يخرجه المخرج عبد الخــــالق الغانم، حمل عنوان (كلنا عيال
قرية)
تعاونا فيه مع مخرج مجــــهول هو (موفق الملاح)، الذي قدّم أداء إخراجياً
متواضعاً
ومهلـــهلاً... إلا أن العمل فشــل فشلا ذريعاً، كــان وراءه أيضاً ضعف
النص وغياب
(الكاركترات)
الكوميدية المدروسة، رغم ادعاء منتجه قناة (إم. بي. سي) أن العمل حقق
أرقاماً قياسية في المشاهدة، كعادتها في التغطية على عثرات الأعمال التي لا
يحالفها
النجاح!
وقد سبق لقناة (إم. بي. سي) أن تعاونت مع المخرج هشام شربتجي في إخراج
برنامجها التمثيلي الكوميدي (سي بي إم) على مدار سنوات... كما أن لهشام
شربتجي
تاريخ طويل مع الكوميديا بدأه في إذاعة دمشق، قبل أن ينتقل إلى
التلفزيون ليحـــقق
مع الفـــنان ياسر العظمة في ثمانينيات القرن العشرين الأجزاء الأولى من
سلسلة (مرايا) وقدم (شوفو الناس) ثم ليخرج في
التسعينيات عملا للفنان دريد لحام هو (أحلام
أبو الهنا) للكاتب حكم البابا، الذي سبق أن تعاون معه في مسلسل
(عيلة خمس نجوم)
أنجح أعماله الكوميدية في التسعينيات.
ورغم أن هشام شربتجي لم يحقق إضافة تذكر
حين تولى إخراج أحد أجزاء المسلسل الكوميدي السوري الشهير
(بقعة ضوء) ولا حين عاد
للتعاون مع ياسر العظمة في سلسلة (مرايا 2006)... إلا أن بإمكان هشام
شربتجي أن
يقدم إضافة لتجربة (طاش ما طاش) كما يعتقد كثيرون... لو أراد هو ذلك، وسعى
إليه
بجدية!
مأمون البني لـ (غشمشم)
على صعيد آخر أكد المخرج مأمون
البني لـ 'القدس العربي' موافقته على إخراج الجزء الرابع من
المسلسل الكوميدي (غشمشم)
للفنان السعودي فهد الحيان، والذي ينتجه ـ كما الجزأين الماضيين- تلفزيون
دبي!
وكان المخرج السوري أيمن داود شيخاني، قد أخرج الجزأين الأول والثاني
من (غشمشم)
الذي لاقى نجاحاً جماهيرياً في السعودية، إلا أن ضعف سوية النصوص، والإصرار
على أسلوب بدائي في الإضحاك لم يتطور في الأجزاء اللاحقة، دفعه
إلى الاعتذار عن عدم
إخراج الجزء الثالث!
وبخلاف عقلية (إم. بي. سي) الترويجية المكابرة، فقد اعترف
تلفزيون دبي بفشل الجزء الثالث من (غشمشم) وبحلوله خارج كل التصنيفات في
قائمة
الأعمال الأكثر مشاهدة في رمضان الماضي، الأمر الذي استدعى
محاولة البحث عن خيار
أفضل، وكان المخرج مأمون البني أحد أبزر الخيارات المطروحة.
ولمأمون البني
تجربة طويلة في الكوميديا التلفزيونية، فقد تعاون مع الفنان ياسر العظمة في
سلسلة (مرايا) لسنوات عديدة، كما أخرج للفنان دريد
لحام مسلسل (أيام الولدنة) الذي كتبه
الزميل حكم البابا، والذي حصد في مهرجان القاهرة للإعلام عام
2008 خمس جوائز، بينها
جائزة أحسن إخراج.
وبتصديه لإخراج الجزء الرابع من (غشمشم) يحقق المخرج مأمون
البني ثاني تجربة له في الدراما الخليجية، بعد أن قدم العام الماضي ومن
إنتاج قناة
(إنفنتي)
المسلسل الكويتي (بين الهدب دمعة) الذي كتبه عبد العزيز طوالة، وأعادت
القناة الفضائية السورية عرضه مطلع العام 2009
أيمن شيخاني مرة أخرى في
(بيني وبينك)!
ومع الكوميديا الخليجية ومسلسلات الأجزاء نبقى، حيث أفاد
المخرج أيمن داود شيخاني، أنه بصدد قراءة الجزء الثالث من نص المسلسل
الكوميدي
السعودي (بيني وبينك) الذي أنتجت قناة (إم. بي. سي) الجزأين
الأول والثاني منه، وهو
من بطولة جماعية لثلاثة من الفنانين السعوديين: (عبد الإله الشمراني- فايز
المالكي-
حسن عسيري) ومن تأليف علاء حمزة... وكان
المخرج أيمن شيخاني، قد حقق نجاحاً فنياً
في تصديه لإخراج الجزء الثاني من هذا العمل، دفع الجهة المنتجة
إلى السعي
لتكليــــفه بإخراج الجزء الثالث هذا العام، وخصوصـــاً في المشاهد
المتميزة التي
صورها في أدغال أثيوبيا، والتي استعـــــان فيها بمجاميع كبيرة، لتجسيد خط
سياسي
كومـــيدي، يتحدث عن ذهاب أبطال العمل إلى دولة أفريقية
للاستيلاء على مناجم الماس،
من خلال تدبير محاولة انقلاب عسكري يروح جراءه مئات الضحايا، وقد أظهر
المسلسل
حواراً متخيلاً مع الرئيس الأمريكي جورج بوش، يعطي مهلة للانقلابيين كي
ينهوا
انقلابهم مقابل إعطائه حصة من مناجم الألماس!
ولعل العارفين بأجواء العمل في
الدراما الخليجية، يؤكد أنه مقابل مزايا الإنتاج الضخم،
والميزانيات الكبيرة التي
ستوضع لإنجاح تلك الأعمال، والتي لا تبخل بالسفر إلى دول أفريقية وآسيوية
بعيدة،
لتصوير حلقات أو خطوط درامية لا تكترث بالنفقات الإضافية كثيرا... فإن
المشكلة
والتحدي يبقيان في تفاوت النصوص، والكسل الفني الذي يعاني منه
كثير من الممثلين
الخليجيين، في حين اعتاد المخرجون السوريون أن يتعاملوا مع ممثلين مستعدين
لمواجهة
ظروف عمل شاقة ومنضبطة بصبر كبير!
القدس العربي في
14/02/2009 |