الأرشيف
القومي للسينما المصرية هو ذاكرة الأمة, والمؤرخ لثقافة المجتمع في
حقباته الزمنية المختلفة, ورصد التغيرات السياسية والاجتماعية
والاقتصادية, ومن حق المواطن المصري أن يجد سبيلا يلجأ إليه في التعرف
علي مجتمعه وثقافة بلده, لذلك فإن تأجيل إقامة هذا الأرشيف حتي الآن يمثل
تقصيرا بالغا, خاصة أن وزير الثقافة قد أعلن مرارا أنه في سبيله إلي
تحقيق ذلك.. وهنا نستطلع آراء النقاد في ضرورة إقامة الأرشيف وأهميته..
وقد تحدث معهم عصام سعد:
الناقد
والسيناريست رفيق الصبان يقول: إن إقامة أرشيف سينمائي يعد من أهم
الضرورات التي تحافظ علي ثقافتنا وتاريخنا السينمائي, ولكي لا نضع أنفسنا
تحت رحمة الشركات التي استغلت في غفلة من الزمن جهلنا, وقامت بشراء النسخ
الأصلية لما يقرب من ألف فيلم مصري مما يجعلها تتحكم في تراثنا السينمائي
كله.. فإقامة أرشيف متوازن ودقيق يحافظ علي الأفلام المنتجة حديثا,
والتي لم تباع حتي الآن لأي شركة يجعلنا سادة أنفسنا في المستقبل..
ونعتقد أن هذا ـ الآن ـ هو أهم الواجبات التي تواجه وزارة الثقافة من أجل
حماية السينما القومية وأرثنا الثقافي البصري.
الناقدة
والكاتبة ماجدة خير الله تقول: إن هذا المشروع شديد الأهمية, لأن أرشيف
السينما معناه الاحتفاظ بذاكرة هذا الفن وذاكرة الأمة, وهذه خطوة تأخرنا
فيها كثيرا وأدت إلي ضياع وتبديد جزء مهم من تاريخنا السينمائي, ولا يمكن
استعادته أو تعويضه, والدول المتقدمة مثل فرنسا تجد فيها توثيق لأي فيلم
سينمائي حتي لو كان مدته10 دقائق ويمكنك الرجوع إليه لأن جزء من دراسة
تاريخ الشعوب هو دراسة فنونها, وأتمني أن ما حدث من تفكير في وجود أرشيف
للسينما أن ينفذ في الدراما التليفزيونية فكثير من الأعمال التليفزيونية
النادرة تم مسحها لتسجيل مواد أخري مثل مباريات الكرة أو ما شابه ذلك,
وهذه كارثة لم يلتفت إليها المسئولون في وزارة الإعلام حتي الآن.
الناقد
طارق الشناوي يقول: أنا حزين جدا لأن وزارة الثقافة منذ أكثر من20 عاما
كان ينبغي أن يكون هذا هو أول قرار يصدره الفنان فاروق حسني كوزير ثقافة
لحفظ ذاكرة مصر, ولا أقول ذاكرة السينما لأن الأفلام تحتوي علي التاريخ
الحقيقي لمصر بكل أطيافها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية, بل
إنك إذا أردت أن تعرف شوارع القاهرة أو ما حدث فيها لن تجد أصدق من الأفلام
التي صورت في شوارعنا علي مدي80 عاما هو عمر الفيلم السينمائي في مصر.
ويضيف:
لقد ضاع علينا الكثير, ولا أريد أن أبكي علي اللبن المسكوب, وعلينا أن
ننقذ ما تبقي بين أيدينا من هذا التراث, ويصدر الوزير قرارا قبل أن يغادر
موقعه في وزارة الثقافة إلي اليونسكو بإقامة هذا الأرشيف علي أحدث القواعد
العلمية, وأتصور أنها تصبح الحسنة الكبيرة والأهم التي تمحو أخطاء الوزير
في حق السينما المصرية.
الناقد
رؤوف توفيق يقول إن إنشاء أرشيف سينمائي يعد مسألة أساسية بالنسبة لصناعة
السينما وكان هناك محاولات جادة قام بها عبدالحميد سعيد في المركز القومي
للسينما ولكنها لم تسفر عن شيء, ورحل وهو يتألم من ضياع هذا الحلم الجميل
الذي كان يراوده والآن المسألة مرهونة بقرار من وزير الثقافة بإنشاء ودعم
أرشيف السينما المصرية لأنها تحمل ذاكرة الفن المصري عبر مائة عام, وبعض
القنوات الفضائية تستغل هذه الثروة دون أن يكون لنا نصيب فيها بشكل جيد
ولابد من اتخاذ قرار سريع لانقاذ نيجاتيف الأفلام.
أما
السيناريست بشير الديك فيقول: إن هناك أرشيف موجود بالفعل قام به
عبدالحميد سعيد في المركز القومي للسينما, ولكنه ليس كاملا, وجاءت بعض
الشركات والقنوات الفضائية التي قامت بشراء أصول الأفلام ولكن من الواجب بل
من الحتمي أن يكون هناك أرشيف سينمائي للحفاظ علي هذه الأفلام وعرضها علي
الشعب المصري وتلافي حذف بعض المشاهد حسب ما تراه هذه المحطات لائقا, أو
غير لائق, ووضع دستور للتعامل فيما يتعلق بالأفلام علي اعتبار أنها أعمال
فنية متكاملة, وفي أقل الاحتمالات أن يقوم المخرج أو صاحب العمل نفسه
بالإشراف علي عرض الفيلم أو عمل مونتاج له لو وافق علي ذلك, وإذا لم
يوافق فلا يجب الاقتراب منه ويكون الأفضل عدم شرائه لأنه يتنافي مع القواعد
الموضوعة واحترام العمل الفني وصاحبه.
الأهرام اليومي
04/02/2009 |