(تعمل إيه
لو صحيت الصبح وبصيت فى المرايه معرفتش نفسك) هل يمكن صنع فيلم من تلك
الجملة البسيطة؟ نعم يمكن، ومن ابسط منها تعقيدا واقل فلسفة. هكذا يثبت
تاريخ السينما ولكن ليس حجم الفكرة وقوتها هو وحده المؤثر فى قوة العمل
الفنى السينمائى لأنه بلا جدال السينما عمل جماعى يتكامل فيه النص مع
الأداء مع الصورة البصرية ومن هنا يصبح الحكم البسيط على الفكرة أو المحرك
لها لا يعتد به دون الرجوع إلى النص السينمائى الذى يعتبر الفيصل فى
الحكم.
والفيلم
هنا هو (ميكانو) الذى تدور أحداثه حول خالد المهندس الشاب المريض بنوع نادر
من فقدان الذاكرة اسمه "فقدان الذاكرة قصيرة المدي" وقد أصيب به على اثر
تعرضه لعملية جراحية وعمره 16 عاما، جعلته يتذكر فقط ما قبل العملية، ثم
يصاب بنوبات تجعله ينسى ما حدث له بعد ذلك، ينسى الأسماء والوجوه بل وعلى
فترات يصحو وهو لا يذكر سوى نفسه وهو فى السادسة عشرة مما يجعله منعزلا عن
العالم فاقدا للتواصل معه بالغم من عبقريته فى مجال عمله، ويستعين بشقيقه،
حتى يلتقى "أميرة" سيدة مطلقة تُعجب به، لكنها تكتشف أنه نسيها فى اللقاء
الثانى، وتتوالى المفاجآت حتى تدرك حالته ولكنها رغم ذلك تتمسك بحبها وتصر
عليه.
فيلم
ميكانو بطولة تيم حسن وخالد الصاوى و نور ولطفى لبيب وسميرة عبدالعزيز
وخالد محمود ورشا مهدى سيناريو وحوار وائل حمدى، وإخراج محمود كامل، ومن
إنتاج وتوزيع الشركة العربية للإنتاج والتوزيع السينمائى، والفيلم كان
الاسم السابق له "لسه فاكر" حيث مر بترشيحات كثيرة حتى استقر على أبطاله
الحاليين وكانت الشركة العربية المنتجة للفيلم قد سبق أن قررت عرضه فى دور
العرض يوم الأربعاء 26 نوفمبر الماضى، ثم تأجل عرضه إلى موعد لم يتحدد نظرا
لتعطل عمليات طبع وتحميض الفيلم، وكان السبب الرئيسى للتأخير عمليات الطبع
والتحميض بسبب صعوبة الحصول على تأشيرات سفر فريق العمل لبولندا.
السيناريو
الأول للناقد الصحفى وائل حمدى تعامل وائل مع النص بحرص شديد ولكن كصحفى
وناقد وليس ككاتب درامى فرغم مراعاته للتطور النفسى وتطور العلاقات بين
الشخصيات، وكنه لم يراع التطور الدرامى ففقد الفيلم جزءا كبيرا من متعة
المتابعة وقد يكون ذلك الخلل قد جاء بسبب محذوفات تمت بالنص أثناء مراحل
التحضير له والتى استغرقت وقتا طويلا وهو ما خرج بالفيلم من إطار الرواية
السينمائية إلى إطار القصة القصيرة والتى كان من الأنسب لها أن تقدم فى
إطار زمنى محدود يصل إلى نصف الوقت الذى يحتله العمل على الشاشة و لكنها
تجربة مهمة رغم ذلك فى إطار العمل الأول لوائل، أما بالنسبة للمخرج محمود
كامل فى ثانى تجاربه بعد فيلم "أدرينالين" فانه يحاول هنا الاقتراب أكثر من
الجماهير بعد فشل التواصل فى عمله الأول فهو هنا أكثر بساطة دون تعقيد فى
حركة الكاميرا ولكن يؤخذ عليه الضعف الشديد لفريق العمل المصاحب له مساعدو
الإخراج، والذى يتضح ضعفهم من كم أخطاء الكوارث بالفيلم ما يضعف العمل فى
صورته النهائية كما جاء تكرار حالة المشاهد إخراجيا محدثا حالة من الرتابة
والملل بالتفاعل مع حالة المط فى الحدوتة والتكرار فى المعلومات المقدمة،
ويبدو أن ذلك كان يهدف إلى تحقيق الزمن الكافى لفيلم طويل.
الممثل
السورى تيم الحسن فى أولى تجاربه فى السينما المصرية، الذى تعاقد عليه مع
الشركة العربية للإنتاج والتوزيع السينمائى من ضمن ثلاثة أفلام من إنتاجها
سيقدمها خلال السنوات الثلاث المقبلة وهو أول بطولة سينمائية له بعد مجموعة
من البطولات التليفزيونية الناجحة منها "صقر قريش، التغريبة، الانتظار،
الزير سالم، صلاح الدين الايوبى، ردم الأساطير، ربيع قرطبة، ملوك الطوائف،
نزار قبانى وصراع على الرمال والملك فاروق" يأتى هنا وفى أول أعماله
السينمائية فى فيلم (ميكانو ) ليؤدى شخصية مهندس شاب يصاب بمرض نادر فيحاول
شقيقه مساعدته والوقوف بجواره، شخصية معقدة ومركبة وذات مشاعر مختلطة وتمثل
اختبارا صعبا لتيم فهو صبى صغير لا يعرف عن العالم شيئا فى مشاهد وعبقرى فى
أخرى و ناضج فى ثالثة وتيم قد اثبت من قبل مقدرته كممثل ولكن السينما ليست
للتمثيل فقط ولكنها ارض النجوم ورغم تميز تيم كممثل فى أداء الدور فإن
الحكم النهائى يبقى معلقا حتى تعلنه الجماهير.
الممثلة
اللبنانية نور فى البطولة السينمائية رقم 12 لها تقدم شخصية "أميرة"
المطلقة التى تعمل فى مجال تسويق العقارات، تلتقى بالمهندس خالد أو "تيم"،
يتبادلان الإعجاب، تسعى بشخصيتها الجريئة إلى اقتحام حياته لمساعدته فى
التخلص من خجله، لكنها تكتشف حقيقة مرضه وهو دور أحادى الاتجاه لا يمكن
اعتباره محطة لها أو حتى خطوة ولكنه عمل سيضم إلى قائمة أعمالها، رغم أن
الدور كان يسمح بأداء مختلف لو أحسنت دراسته ورسم الشخصية ولكن يبدو أن ذلك
الدور كان من ضحايا الترشيحات والتعديلات فقد كان من المقرر أن تتقدمه
أنغام مع محمد منير، وبعدهما رشح منى زكى وشريف منير، ثم جاءت منة شلبى
والتى لم تنسجم مع تيم، ولانشغالها بتصوير فيلم أحمد حلمى الجديد "فاصل
شحن" ليستقر الدور عند نور وخالد الصاوى، حيث وصل الأخير إلى مرحله
الاستقرار فى الأداء و التميز بلا جدال ولكن يبدو انه لا يقدم ما يملك من
إمكانات إلا فى الأدوار التى تستفزه ورغم أن الدور جيد فإن ضعف الحوار لم
يساعد خالد فجاء الأداء يشوبه بعض الزوائد وعدم تمكن المخرج من كبح جماح
خالد خرج به فى بعض المشاهد إلى الأداء المسرحى باقى العناصر الفنية بشكل
عام كانت محدودة ويبدو أن التعامل مع الفيلم كان يأخذ مسار "الفيلم الصغير"
فجاءت إضاءة هشام سرى تقليدية وساذجة أحيانا وغير معبرة كما امتلأت
بالأخطاء ما بين الإضاءة الداخلية والخارجية وكذلك جاء مونتاج مها رشدى
مجرد قص ولصق دون مراعاة للإيقاع مما ساهم فى إفساد إيقاع الفيلم بشكل عام،
أما ديكور عادل المغربى فقد جاء مخيبا للآمال حيث إن موضوع العمل يعتمد على
الديكور بدرجة كبيرة، أما أهم نجوم العمل فيظهر الموسيقار تامر كروان بأفضل
ما قدمه للسينما من موسيقى تصويرية حتى الآن رغم كثرة أعماله ونمسك
الخشب..
فى
النهاية فان ميكانو سينما مختلفة تقدم نجما ومخرجا ومؤلفا سيكتب لهم
الاستمرار ولكن مع التعديل.
العربي المصرية
03/02/2009 |