احتفلت
سعاد حسني بعيد ميلادها يوم
٦٢ يناير عام ١٠٠٢ في
مدينة الضباب (لندن)، لم يؤنس وحدتها يشاركها حفلها سوي مجموعة أصوات تعد
علي أصابع
اليد الواحدة عبر التليفون لرفاق شاركوها لحظات المجد ودفعهم الوفاء
للبقاء معها في لحظة الغروب،
لكن السندريلا لم تحتفل بعده بأي عيد ميلاد لها،
اذ
رحمها الرحيل من وحشة الوحدة في
١٢ يونية بعد اقل من ستة اشهر تاركة وراءها
عمرا من الفن والعذاب.
قدمت سعاد
حسني ما يقرب من أربعة وثمانين فيلما، ومسلسلا
واحدا، وصنعت في ستينيات القرن الماضي نموذجا لما تطمح اليه الفتاة
المصرية،
وما يحلم به الرجل والشاب في فتاة احلامه.
وبين
الشاشة والقلوب العاشقة تعيش
سعاد حسني بين محبيها، لكن الأقرب اليها نجوم كانوا معها في لحظة الحلم
والمجد
والعشق للسينما.. ورغم الرحيل المأساوي تبقي صورة سعاد حسني الفنانة
الشاملة التي
صنعت اسطورة في عالم الأداء وقيمتها لاتستطيع السينما المصرية تعويضها.
رفاق
طريق المجد لم ينسوا السندريلا التي تعيش في قلوبهم وتذكروا
عيد
ميلادها.
جميلة
الجميلات
حين سمع
الفنان الكبير كمال الشناوي اسم
السندريللا لم يتمالك نفسه قائلا: ياااه.. كانت من أجمل الجميلات أمام
الكاميرا.. وفنانة منذ طفولتها.
ويضيف
قائلا: الذاكرة لا تسعفني لكنني
أذكر جيدا تجربة فيلم »الكرنك« الذي
شاركتني بطولته مع عدد كبير من النجوم
الذين أصبحوا أكبر الممثلين وأهمهم فيما بعد ومنهم نور الشريف ومحمد صبحي
وغيرهما.
ويتذكر
كمال الشناوي قائلا:
سعاد هي سندريللا الشاشة،
كانت لديها
قابلية
غريبة للحب، وجماهيرية لم أجدها طوال حياتي في الفن مع أحد، كان وجهها
يعشقه كل إنسان مصري وعربي،
ويتعاطف معه مهما كان الدور الذي تقدمه.
وعلي
مستوي الأداء كانت ممتازة ومتطلعة دائما
للأفضل، ولا تقبل أن تكون أقل من
الرقم (١)، وحين أشاهدها علي الشاشة أشعر ببهجة جميلة،
وأن هذا الوجه يضيء
الشاشة بجاذبية
غريبة.. باختصار كانت هي والكاميرا منجذبين
لبعضهما.
نادرة
الفنان
حسين فهمي شارك سعاد حسني بطولة أكثر الأفلام نجاحا
في
تاريخ السينما المصرية وهو »خللي
بالك من زوزو« وايضا »أميرة حبي
أنا«.
يقول حسين
فهمي:
أنا واحد
من ملايين العشاق بسعاد حسني النجمة التي
لم
ولن تعوضها الشاشة، فقد كانت فنانة شاملة قدمت كل أنواع الفن من التمثيل
الي
الاستعراض الي الغناء، وايضا كل أنواع الأدوار في التمثيل.
واعتقد ان
نجمة
مثل سعاد
حسني من الطبيعي ان تكون نادرة بهذا الشكل لان الحالة الكاملة لفنانة تتقن
كل
الفنون بهذا الشكل نادرة دائما.
وحشتينا
الفنان
الكبير عزت العلايلي
شارك السندريللا بطولة سبعة افلام بينها الاختيار والناس والنيل، وعلي من
نطلق
الرصاص واهل القمة وغرباء بالاضافة الي الفيلم العراقي »القادسية« والذي
اخرجه
صلاح أبوسيف عن سيناريو محفوظ عبدالرحمن.
يقول عزت
العلايلي فور سماعه اسم
السندريللا:
»وحشتينا«
ياسعاد.. وحشتينا.. نفتقدك وتفتقدك شاشة
السينما والصورة السينمائية التي اصيبت بخلل من بعدك فلا يوجد
من يملأ مكانك،
ومن
المستحيل تعويضك.
ويضيف
الفنان الكبير قائلا:
لو كان
الأمر بيدي لاخترتها
بطلة امامي في كل أفلامي ليس لجمالها وخفة روحها فقط، لكن هناك قيمة في سعاد حسني
هي
»العقل«، كانت تصر علي تساؤلاتها بالحاح، حتي تفهم وما ان تفهم حتي
تنطلق ولايمكن لاحد ان يصل اليها واكاد اقسم انه لو وضع امامها
مئات من حاملي
الدكتوراة لاستطاعت سعاد التغلب عليهم بخبرتها الحياتية الفنية الكبيرة
وفهمها
المدهش لعلم النفس والتمثيل معا.
كل بنات
مصر
الفنان
الكبير محمود ياسين
قدم مع سعاد حسني افلام اين عقلي، والحب الذي كان وعلي من نطلق الرصاص
وغيرها
يقول:
هذه
الذكري الجميلة اصبحت توقظ الحزن داخلي كل عام، لكن يبقي حقها
علينا طوال العمر ان نتذكر حالة من حالات الابداع علي مستوي العالم كله،
وليس
العالم العربي وحده،
هي كانت كذلك بالفعل، كنت اشعر دائما انها ليست مجرد ممثلة
ولكنها ضمير وطن ونسيج امة،كانت كل بنات مصر، تمثل بذور الاحساس
، كانت جميلة
من
طراز شديد الندرة، وحين فقدناها بندرتها في تاريخ الأمم عرفت تماما انه ليس
من
السهل تعويضها وحين تأتي في ذكري ميلادها يحزنني انه لم يعد هناك فرصة
للاحتفال
بها سوي علي مستوي ابداعاتها وادائها الذي كان شديد التفرد.
وهذا
التفرد لم
يكن علي
مستوي التمثيل فقط، بل كان انسانيا ايضا استطيع ان اتذكرها الآن، وهي
تركز علي اللقطة والهمسة والحركة التفصيلية الصغيرة داخل العمل.
وهناك عمل
لم
اشاركها
فيه وهو »غروب وشروق« والاحظ هذه القدرات العظيمة والاداء العبقري،
وقد قدمت معها اول فيلم من اخراج علي بدرخان-
زوجها في ذلك الوقت. وهو »الحب
الذي كان« واول فيلم من انتاج كمال الشيخ ورأفت الميهي،
وهو »علي من نطلق
الرصاص« وكنت في كل التجارب استشعر مدي تركيزها في العمل لدرجة
تجعل من يقف
امامها،
يصل لحالة هارموني علي المستويين الانساني والفني.
حالة
خاصة
وتبقي
خصوصية العلاقة بين رأفت الميهي وسعاد حسني حالة خاصة جدا، فقد ظل
علي اتصال بها حتي آخر ايامها وارسل اليها سيناريو
»سحر العشق« لتعود به الي
الشاشة وانتج لها من قبل اكثر من عمل وشاركها الحلم معه الراحل
صلاح جاهين..
والدها الروحي.
رأفت
الميهي رغم سنوات الرحيل التي قاربت السبعة لايستطيع ان
يتخيل عدم وجودها وان تأكد من فقدها لان صورتها الغائبة عن السينما تؤكد
انها
ممثلة »متوحشة« غابت عنا.
ويقول
رأفت الميهي:
ذهبت
ولكنك موجودة عند
كل
من يحلم بممثلة عظيمة تجسد أفكاره.. أنا شخصيا أتمني أن ألحق بالتقدم
العلمي
الذي
يجعلني قادرا علي إعادتك إلي الشاشة تجسدين شخصياتي.
اتذكرها
بالخير
الفنان
حسن يوسف الذي شاركها عددا كبيرا من الافلام في مرحلة انتشارها
منها »العزاب الثلاثة« قال:
علينا ان
نتذكر سعاد حسني بالخير، وان نقرأ
لها الفاتحة وندعو لها بالغفران والرحمة،
وهي الان في رحاب رب كريم تحتاج منا
للدعاء اكثر مما تحتاج لذكر افلامها.
آسفين يا
سعاد!
أرادت
رجاء الجداوي
أن
تحتفل بعيد ميلاد السندريللا، لكنها بكت.. وبين الدموع قالت:
موهبة
سعاد حسني كانت تكفي لأن توزع علي جيل كامل ليصبح كله موهوبا
ولا ينقص منها
شيئا.. ورغم ذلك ظلمناها حين مرضت وسافرت إلي لندن،
كلنا مذنبون بالتقصير في
حقها.. والتسبب في الألم الذي شعرت به خاصة بعض
الأفلام التي تسببت في
اكتئابها.
أقول لك
يا سعاد: وحشتيني.. وحشتني طلتك علي الشاشة.. ضحكتك
وابتسامتك ودموعك وصدقك الذي عشت به،
ولكن كل هذا الفن لم يحميك من الموت
وحيدة.. كئيبة.. غربية.. سعاد: آسفين.
أخبار النجوم المصرية في
29
يناير 2009 |