رام الله-
اختار المخرج الألماني الشاب تل روسكنز طريقة رسم الخرائط اليدوية ليقدم من
خلالها الحياة في مخيم عايدة الفلسطيني شمال مدينة بيت لحم في فيلم مدته 45
دقيقة تتابع فيه تحرك القلم الأسود على ورق أبيض شفاف.
ويرى
روسكنز في طريقته التي تبدأ برسم ما يشبه الخيمة الصغيرة التي تشبه الخيمة
الأولى التي أقيمت في المخيم إن طريقة الخرائط هذه "تجعل كل شخص يشاهدها
يتخيل الصور التي تمثلها".
وينطلق
الفيلم من رواية سكان المخيم الذي أقيم بعد هجرة الفلسطينيين عن ديارهم في
أعقاب حرب 1948 وكيف تحولت الخيام مع مرور الأيام إلى منازل متلاصقة تضيق
بها مساحة المخيم وكل هذا يتم الإشارة إليه من خلال رسم خارطة المخيم.
وقال
روسكنز في حديثه حول فيلمه "مخيم عايدة فيديو خرائط" الذي بدأ جولة عروض له
في الضفة الغربية من خلال المركز الثقافي الفرنسي الألماني في رام الله
"طلبت من الناس الذين التقيتهم في المخيم ومكثت معهم شهرين أن يعبروا من
خلال رسم الخرائط عن قصصهم وكيف تتطور الحياة من حولهم". وأضاف "سجلت قصصا
كثيرة قمت بعمل المونتاج لها كي يظهر هذا الفيلم الذي تشاهدونه".
ويمكن
لمشاهد الفيلم أن يرى صعوبة الحياة في المخيم المزدحم وكيف تسبب الجدار
الذي تقيمه اسرائيل على الأراضي الفلسطينية بحجة وقف هجمات الفلسطينيين
عليها في زيادة معاناة الفلسطينيين ويدلل على ذلك كيف كان المريض يحتاج إلى
ربع ساعة للوصول لمستشفى في القدس وأصبح الأمر يستغرق ساعات في رحلة توضحها
الخارطة تمر خلالها عبر العديد من الحواجز.
ويقدم
الفيلم نموذجا لما ألحقه الجدار من ضرر اقتصادي على المواطن عبر عرض ما آلت
إليه الأوضاع في منطقة قبة راحيل التي تحولت من مكان جذب سياحي إلى منطقة
لا حياة فيها بسبب قربها من مواقع الاشتباكات الفلسطينية الاسرائيلية خلال
السنوات الماضية.
ويتناول
الفيلم محاولات الفلسطينيين المتكررة وسلوكهم طرقا وعرة وبعيدة من أجل
تجاوز نقاط التفتيش الاسرائيلية للوصول الى اماكن عملهم في اسرائيل او
مقابلة اصدقاء لهم هناك.
ويوضح
روسكنز أنه متأثر في في انتاج فيلمه الذي يتطلع إلى المشاركة به في عدد من
مهرجانات الأفلام الدولية بالمخرج الفرنسي كولوز الذي أخرج أفلاما عن
بيكاسو الذي يرسم فيها بهذه الطريقة.
ويضيف
"الخرائط التي اهتم هنا بها هي الخرائط التي يرسمها الناس العاديون التي
تتحدث عن حياتهم البسيطة لا تلك الخرائط التي يرسمها أصحاب النفوذ والقوة
والتي كانت لوقت طويل حكرا عليهم".
وأبدى
فيليب بولوني مدير المركز الثقافي الفرنسي الألماني في رام الله اعجابه
الشديد بالفيلم وقال بعد عرضه الأول في المركز "هذه طريقة عرض ممتازة..
يبقى تركيزك كله في الاستماع للرواية وتتبع خيوط الرسم التي تعكس تلك
الرواية وتبدأ تتخيل ما تعنيه هذه الخطوط والرسومات."
وأضاف
"أنها تعطي صورة عن الحياة الصعبة في المخيمات الفلسطينية بطريقة حديثة
أتوقع أنها ستترك أثرا كبيرا في كل من يشاهد الفيلم الذي سنبدأ عروضا له في
العديد من الأماكن في الضفة الغربية".
العرب أنلاين في
26
يناير 2009 |