"حس"
الفكاهة يتعلق بسمة من سمات الشخصية التي تختص بتذوق الفكاهة والاستمتاع
بها وكذلك إبداعها وعرضها.. لذلك يرجع علماء النفس بالقول ان هذا "التذوق"
يختلف من فرد لآخر.. وكذلك مبدع الفكاهة يختلف عن زميله في القدرات والفروق
والخصائص.. إلخ.
وفيلم
أحمد آدم الأخير "شعبان الفارس" اثار بداخلي ذكريات عن وقت بزوغ نجم مجموعة
الكوميديانات بعد منتصف التسعينيات حيث كانت السينما تستعد لاستقبال موجة
جديدة من الممثلين الذين ظهروا في أدوار صغيرة من قبل.. وكتبت وقتها في نفس
هذه الصفحة انبيء باستقبال جيل جديد سيغير من دم السينما المصرية -كما يظهر
جيل آخر الآن من بعد منتصف العقد الأول للقرن الجديد- وكان هنيدي وآدم
وعلاء وأشرف وهاني رمزي.. وللحق كان لكل منهم طعم مختلف باختلاف حس الفكاهة
الذي أشرنا إليه واختلاف القدرات وغيرها.. كانت مشكلة هذا الجيل ومازالت
انه غير محظوظ بظهور كتاب للكوميديا يوازون فطاحل مؤلفي الكوميديا في
الأجيال السابقة أو حتي أرباعهم فكان التخبط وكان اضطراب الخط البياني لهذا
الجيل كله لذلك لا عجب ان أري في الفيلم الجديد اسم المؤلف أحمد البيه صاحب
أول فيلم لهذه الموجة "إسماعيلية رايح جاي".
الفيلم عن
فكرة أحمد آدم نفسه وهي محاولة أخري لنجم الكوميديا حينما يبحث لنفسه عن
موضوع يتراءي له انه الأنسب في مرحلة استعادة التوازن وسط صخب دائر.. أبرز
ما فيه هو "الزحمة" والتزاحم لكل عناصر الصناعة الجدد والتي نراها هي
الأخري هوجة قطعا ستفرز مواهب وتسقط مدعين ولكن هذا لا يكفي.. فما يراه
الفنان ليس بالضرورة هو الأصوب عما يراه الكاتب المحترف الذي تتولد لديه
الفكرة بأحداثها وتفاصيلها.. من هنا نشير إلي هذا النقص الواضح في جينات
توليد مؤلفين موهوبين يمتلكون هذا الحس النادر المغامر بخلق المواقف
الكوميدية من قلب حركة المجتمع دون خوف أو رقابة.
إننا نري
شعبان الضبع وهو يتواري خوفا من كل شيء حوله بصورة مبالغة أو تغيب عنها
المنطقية أحيانا كأن يختبئ تحت السريرمرتعشا حينما يقتحم بيته حرامي
فتواجهه الزوجة "انتصار" بشجاعة حتي انها تتركه وتأخذ ابنه وتتزوج من غيره.
ولكن
الابن "هادي خفاجي" يشرك والده في مسابقة رغماً عنه لكي يصل إلي مرتبة
"الفارس الأول" ويحصل علي جائزة مالية كبيرة.. وأثناء سير المسابقة في
الشوارع يركب بطريق الخطأ سيارة ذاهبة لتنفيذ مخطط إجرامي وهناك يتعرف علي
السكرتيرة لمياء "جومانا مراد" وبقية أفراد العصابة التي يقودها رئيس عصابة
كل الأفلام "غسان مطر" أو بديله "عزت أبوعوف في أفلام أخري" وبعد عدة مواقف
تعتمد علي كوميديا سوء الفهم الشهيرة في المسرح يسلم المستندات للبوليس
ولكنهم يخطفون ابنه حتي يحرره بشجاعة وهو الجبان طوال عمره.
بدا النصف
الثاني من الفيلم أفضل من نصفه الأول لاعتماده علي الحركة أكثر وكذا علي
الصراع الذي ينشط كل دراما.. فحتي منتصف الفيلم لم يكن المخرج الجديد شريف
عابدين الذي يقدم أوراق اعتماده لأول مرة قد تمكن من أدواته بعد.. وظهرت
بوضوح قلة خبرته حتي في ترك نجمه يرتدي القفاز البلاستيك بطريقة بلهاء تنم
عن معني آخر غير الخوف.. وهكذا.
لكننا علي
جانب آخر نري مجهودا واضحا من أحمد السعدني في دور ضابط المباحث الذي حاول
ان يقدمه بشكل أقرب إلي الكوميديا الهزلية وباحساس الحالة التي عليها
الفيلم برغم انه ليس كوميديانا.. وتظهر انتصار كالعادة وكأنها تغرد وحدها..
وتظل جومانا مراد تبحث لنفسها عن سكة أداء مازالت ضالة بالنسبة لها وتذكرني
بنجمات الكليبات رغم انها ليست كذلك.. كما يلفت نظري تلك العائلة "خفاجي"
التي أنجبت ثالث طفل وهو "هادي" لتملأ به شاشات الدراما طولا وعرضا دون ان
يشعر بها أحد.. أو يوضع في قوائم التكريم قبل ان يكبر.. وكالعادة يتم
تجاهله أو نسيانه.
Salaheldin-g@Hotmail.com
الجمهورية المصرية في
22
يناير 2009 |