عمان - الرأي - احتفل في مركز الإبداع بالقاهرة بعرض الفيلم التسجيلي سحر ما فات في كنوز المرئيات للباحث والمخرج د. مدكور ثابت والذي يعد من أحدث أفلام المخرج الذي سبق له قبل أربعة عقود من الزمان إنجاز الفيلم التجريبي المعنون صورة المستمد عن إحدى قصص نجيب محفوظ .

في الفيلم الجديد يبحث ثابت عن الصور السينمائية القديمة في أسلوبية إبداعية تشير إلى أن الفيلم لم يكن في وارد حصر اهتمامه بالبحث عن أفلام أو صور قديمة تم التقاطها عن مصر في أكثر من حقبة زمنية من حياة السينما سواء عبر عين الكاميرا الأجنبية التي قدمها أمثال الأخوين لوميير أو كانت عبر عرب ومصريين لكن الخيط الرفيع الذي سيزداد امتلاء مع كل مشهد يتقدم به الفيلم هو التعريف والإشارة إلى زمن جميل غاب عن الأجيال المعاصرة .

فالفيلم يزخر بذلك النوع من الشغف الإنساني والمكاني الذي تنهض عليه تلك المشاريع والآثار والشواهد الحضارية التي تتجاذب هوية مصر تاريخيا وظلت شاهدة على تلك التحولات الحادة في مسيرة مصر سياسيا واجتماعيا وثقافيا واقتصاديا عاينتها الكاميرا السينمائية بالتوثيق والتسجيل النادر منذ أواخر القرن التاسع عشر إلى اليوم في اتكاء على منهجية تنبض بإحساس عميق يجمع بين سائر تيارات التجديد والابتكار في الفن السابع .

ولا يتردد المخرج من الكشف عن تلك الأحداث الجسام التي عاشها الإنسان المصري في أكثر من محطة يعمل صوت الراوي في التوكيد عليها بأسئلة توخز ضمير وعقل المتلقي حيث تتالى أمامه الصور السينمائية الحقيقية التي بذل مدكور ثابت جهداً مكثفا في الحصول عليها وفي ترتيبها وفي تنقيتها وفي البحث عما كان يدور في تلك الحقبة الخصبة بالأحداث والإبداع والتحديات .

لم يتوسل فيلم سحر ما فات في كنوز المرئيات الترفيه والخوض في جماليات الصورة أو بث حنين زائف إلى ذلك الزمان لكنه علي النقيض من ذلك جال في فضاءات اللغة السينمائية والفكرية التي تنشد أن تصرخ وأن تنبه بحركة التاريخ التي تدور في دائرة منظومة من التوقعات بحيث تؤكد على أهمية تلقي العبر من تلك السلوكيات والممارسات التي جرى من خلالها مواجهة العقبات المتعددة في الواقع المعاصر.

أعاد فيلم سحر ما فات في كنوز المرئيات المخرج مدكور ثابت إلى الكاميرا بعد انشغاله في أكثر من وظيفة إدارية عليا في وزارة الثقافة المصرية إلى أن تمكن بمساعدة إنتاجية من قناة دريم من صنع عمل مجبول بالثراء السمعي البصري البليغ الأمر الذي سيدفع به إلى تسويقه في صالات السينما ليكون سابقة في مسار السينما المصرية بأن ينجح فيلم مختلف من النوع التسجيلي في اقتحام قواعد وأحكام السوق السينمائية السائدة .

الرأي الأردنية في 20 يناير 2009