لا تكاد
تخلو قناة تليفزيونية أرضية أو فضائية من مسابقات
0900
التي باتت واقعا مريرا يعيشه المشاهد كل لحظة.. مسابقات تبدو في ظاهرها
رحمة وفكاهة وباطنها عذاب وألم وخديعة.. تلعب بأحلام البسطاء في تحقيق الربح
السريع واللهث وراء الثروة..
تستخدم
أحدث وسائل التكنولوجيا والجرافيك في جذب
انتباه المشاهد الذي يقع فريسة سهلة أمام الاغراءات التي يتعرض لها من
أرقام فلكية
لجوائز أغلبها وهمية!
فحأة وبعد
سنوات من الظاهرة المريرة التي راح ضحيتها
آلاف البسطاء، تنبه مجلس الشعب إلي خطورة هذه المسابقات وطلب رأي دار
الافتاء
المصرية بشأن شرعيتها لاتخاذ اللازم نحوها من قرارات.
وجاء ذلك
بعد عدد من
طلبات الاحاطة للمجلس لعل ابرزها ما تقدم به النائب الاخواني حسن ابراهيم
خاصة بعد
أن
انتشرت هذه المسابقات بشراسة وجعلت الغلابة يحلمون أن تهبط عليهم ثروة من
السماء
من خلال مكالمة هاتفية أو رسالة قصيرة
SMS
عبر الموبايل.
لم يتوقف
الامر عند مجرد خسائر للمواطنين قد تتخطي مئات
الجنيهات، وانما تحول الموضوع الي نوع من المقامرة وهوس لدي المشاهد، ويكفي ما
تعرض له أحد المشاهدين الذي اتصل ب »أخبار النجوم« يشكو لها ما حدث ويستنجد
بها
من حالات
النصب التي يتعرض لها والجوائز الوهمية التي كانت ترصدها مسابقات 0900
حتي وصلت خسائره إلي ٣٢ ألف جنيه، وفي كل مرة يأمل أن يعوض الخسارة ولكن
دون
جدوي.
ولأن هذه
الشركات التي تنظم المسابقات لا تخضع لأي رقابة ولأن بعضها
آثار مشاكل كثيرة مع الجمهور وخاصة تيلكوميديا التي فوجيء
مسئولوها برفع دعاوي
قضائية متوالية ضدها، فقد توقفت مؤقتا لحين هدوء العاصفة رغم أن مكاسبها
تصل في
المسابقة الواحدة طوال مدة عرضها من ٨ إلي ٠١ ملايين جنيه بشكل يتخطي توظيف
الاموال
ومافيا البنوك.. الغريب أن هذه الظاهرة لم تعد ترتبط بالبرامج فقط بل
امتدت الي المسلسلات والافلام والفواصل المستحدث منها مؤخرا »الجرافيك« علي
طريقة »كرومبو« و»سرحان ونفيسة« وغيرهم.
الفواصل
الاعلانية
اتخذت
مسابقات0900 التي تعرض علي شاشات
الفضائيات خلال الفواصل الاعلانية أثناء عرض
الافلام
شكلا جديدا أكثر جاذبية باستخدام الجرافيك وأشهرها مسابقتي »المفتش
كرومبو« و»سرحان ونفيسة« التي تعرض علي قناة موجة كوميدي ويتميزان
بالسهولة
الشديدة امعانا في المزيد من خداع الجمهور وتحقيق المكاسب
الهائلة لجذب أكبر عدد من
المتصلين للفوز بالجائزة وبشأن هذه المسابقات التي تعرض علي القنوات
الارضية.
تقول
نادية حليم رئيس القناة الاولي ان مثل هذه المسابقات 0900
لا
تعرضها علي شاشة القناة أما المسابقات التي تتم داخل البرامج فهي تقام تحت
اشراف الشئون المالية والادارية باتحاد الاذاعة والتليفزيون
لضمان المصداقية ويتسلم
الفائز جائزته فور الاعلان عنه أمام الجماهير في نفس البرنامج.
المفتش
كرومبو
ويقول
أحمد الشريف مسئول التسويق بقنوات ميلودي أن المسابقات التي تعرض
بالقناة من نوعية
0900 وبالأخص المفتش »كرومبو« هي مجرد اعلانات تأتي
للقناة مدفوعة الاجر من أجل عرضها علي شاشتنا ونحن لا نشارك في تنفيذ هذه
المسابقات وغير مسئولين عن محتواها أو عن نوعية الجوائز التي تقدمها.
استغلال
علني
امتد
النصب من خلال مسابقات 0900 ومحاولة الحصول علي مكاسب مادية ناتجة
من
الاتصالات واستغلال هوس بعض المشاهدين تجاهها الي استغلال ذلك أثناء عرض
المسلسلات مثل »قصة الأمس« واسمهان والدالي في رمضان الماضي
وعمل مسابقات حول
من قتل اسمهان وهل سيعود الزوجين لبعض مرة أخري في قصة الامس
والتصويت علي الجزء
الثالث يذكر أن مسلسل »اوان الورد« هو أول مسلسل استخدم أسلوب المسابقات
من
الدالي فتقول الناقدة ماجدة موريس ان ارتباط المسابقات لفواصل
المسلسلات بالاخص
نظرا لزيادة نسبة المشاهدة لهذه الاعمال وبالتالي استطاعة جني مزيد من
الاستفادة
التجارية من الأعمال الفنية وان هذه المسابقات تكون اما
بموافقة جهة انتاج المسلسل
أو
القنوات التي تعرضهما. وعن مدي تأثير هذه المسابقات علي العمل تقول ماجدة:
انه ليس هناك تأثير سلبي علي هذه الاعمال ولكن الغرض منها هو
الاستفادة المادية
فقط وحاليا في مسابقات مثل »كرومبو« فانهم يستخدمون الشكل الجذاب مع سهولة
الحل
لمزيد من المكاسب المادية وأرجو تفعيل هذا القانون الذي يمنع مثل هذه
المسابقات
التي تنصب علي المشاهدين وتهدر أموالهم.
وقد منع
وزير الاعلام مثل هذه
المسابقات العام الماضي علي القنوات الارضية وأرجو تفعيل القانون من أجل
مزيد من
الضبط ومنع الغضب.
للتسلية
والمكسب
وبسؤال
يوسف عثمان المشرف علي الانتاج
بمدينة الانتاج الاعلامي حول موافقة المدينة علي عمل المسابقات الخاصة
بمسلسلات
»قصة
الأمس« و»اسمهان« أو تنفيذها اياها يقول ان مثل هذه المسابقات تقوم بها
القناة وتلجأ إليها كنوع من التسلية لان هذه المسلسلات بها نسبة مشاهدة
عالية
ولكسب مزيد من الأموال.
الخبراء
يتكلمون
وعن رأي
خبراء الاعلام في جدوي
القانون وامكانية الحد من الظاهرة يقول د.فاروق أبوزيد عميد كلية الاعلام
الاسبق: أن أصل هذه الظاهرة قائم علي اليانصيب والتي تشجع الناس وتلعب
برغباتهم
في
المكسب بمجرد مكالمة تليفونية وان هذه المسابقات تلعب بأحلام البسطاء وتقدم
جوائز وهمية.
ويضيف
د.فاروق أن تفعيل هذا القانون من قبل مجلس الشعب هو الحل
للحد منها وانما اعتبره قرارا اداريا بيد وزير الاعلام لوقف هذه المهازل
التي تعرض
علي الفضائيات ولا اعتقد ان تغليظ العقوبة وفرض الغرامات هو
الحل الأمثل
لمنعها.
الحل
الأمثل
ويختلف
معه الخبير الاعلامي د.صفوت العالم الاستاذ
بكلية الاعلام جامعة القاهرة حيث يري أن وقف هذه المسابقات من قبل مجلس
الشعب هو
الحل الامثل للقضاء علي عمليات النصب باسم المسابقات وان منعها
عن طريق وزير
الاعلام أو اتحاد الاذاعة والتليفزيون فيمكن ان تزول بمجرد تغيير الوزير أو
رئيس
التليفزيون وأري أن تفعيل هذا القانون شيء ايجابي لوقف عمليات النصب ولكن
لابد من
الاستعانة بالخبراء من أجل وضع القواعد والأسس تتسم بالدقة.
وعن
الاسباب
النفسية
وراء هوس الجمهور بالمسابقات مع معرفتهم المسبقة انها نوع من الوهم ومع ذلك
تكرار الاشتراك في مثل هذه المسابقات والنصب عليهم مرات عديدة تقول د.ايمان
صبري
رئيس قسم علم النفس جامعة الفيوم أن مسألة هوس الناس
بالمسابقات ينقسم الي شقين
الاول منها أن هناك نوع من البشر دائم البحث عن الجوائز التي تهبط عليه من
السماء
من
أجل تحقيق الاماني والرغبات المسنودة مع الأخذ في الاعتبار جذب المشاهدين
لنوعية
مسابقات 0900 اما بالشكل الجذاب مثل
»كرومبو« والجوائز القيمة ويلجأ إليها
المشاهد بسبب الازمات المالية التي يعيشها أما الشق الثاني فهو
خاص بالقنوات وشركات
المسابقات التي تلعب علي هذه الاحلام من أجل المكسب المادي وتقوم بعمل
مسابقات سهلة
من
أجل زيادة الاتصالات ولكي تطمع المشاهدين في الفوز بهذه الجوائز
الوهمية.
وتضيف
د.ايمان ان مشكلة المسابقات أصبحت ظاهرة مرعبة وتشريع القانون
من شأنه ايقاف عمليات النصب واللعب بطموحات البسطاء.
تطبيق
القانون
تشريع
قانون يحمي هؤلاء الغلابة من عمليات النصب
باسم المكاسب الهائلة الناتجة من
المسابقات الوهمية تولت مهمة هذا التشريع اللجنة الدينية والاجتماعية
والأوقاف
بمجلس الشعب التي يرأسها د.أحمد عمر هاشم ويقول ان هذا القانون سنقوم
باعادة تفعيله
وتغليظ العقوبة علي المخالفين بالحبس ستة أشهر والغرامة ٠٠٢ ألف جنيه لأن
هذا
القانون كان موجود بالفعل منذ عام
٣٧ بهدف
القضاء علي أعمال النصب من المسابقات
الوهمية
والتي تسمي »باليانصيب« وقتها.
ويضيف:
بمجرد اصدار فتوي تحرم
هذه المسابقات والاستفادة من الأموال الناتجة منها خاصة انه
سيتم رصد جزء من حصيلة
هذه الاعلانات التي تعرض يوميا علي مختلف القنوات لصالح أعمال البر والصرف
علي
الجمعيات الاهلية للاستفادة من هذه الاموال الكثيرة في أعمال الخير.
وعن
امكانية تطبيق هذا القانون علي المسابقات التي تعرض علي
القنوات الارضية فقط أم
سيمتد الي الفضائيات أيضا يجيب د.أحمد عمر هاشم: التطبيق سيبدأ بتليفزيون
الدولة
والقنوات
الارضية وهناك مناقشات حول امكانية تطبيقه علي الفضائيات أيضا لوقف عمليات
النصب عبر وسائل الاعلام.
واذا كانت
هذه المسابقات قد غزت الشاشة الصغيرة
فإن السينما عرفت طريقها الي خداع الجمهور بصفعات علي وجه الممثلين ومن
يحصي هذه
الصفعات يصبح نجم الفيلم القادم،
فماذا يقول السينمائيون والنقاد عن هذا الاعلان
المهزلة؟
الكاتب
وحيد حامد أكد أن صانع مثل هذه الاعلانات وصاحب قرار اذاعتها
سواء كانت قناة فضائية أو محلية أو صحيفة يجب أن يحاسب وينال جزاء رادعا
مشيرا الي
أن هذه الطريقة سيئة ومتدنية للغاية لجذب الجمهور الساذج فقط
تماما كما هو الحال
حين تتعامل مع السوبر ماركت ومثل هذه الاعلانات الفجة تشكل تهديدا مثلها
مثل الوباء
وتحمل قدرا كبيرا من الاساءة الي صانع الاعلان وإلي المتلقي
وإلي البلد الذي تعرض
فيه.
وتعجب
وحيد حامد من عدم تواجد مثل هذه الاعلانات سوي في مصر وحدها
دون
بقية دول
العالم، وأكد أن الاعلانات خاصة الاعلان السينمائي يجب أن يرتقي بالذوق
العام علي عكس ما يحدث هذه الايام.
كعادته
رسم المخرج رأفت الميهي مشهدا ساخرا
لما يحدث علي الساحة الفنية، وما اكتمل علي الساحة بهذه الاعلانات وقال:
الدعاية
كلها ضحك علي الجمهور، وكل مجتمع ينتج علي قدر استطاعته.. ونحن مجتمع
شديد التخلف.. يقدم سينما شديدة التخلف،
وبالتالي تأتي الاعلانات شديدة
التخلف!
أما
المنتج السينمائي جمال العدل فيؤكد أن ما يحدث مجرد وسيلة
»تافهة
ومسطحة وعبيطة« وأضاف أن منتج هذا الفيلم اعتقد أنه قد توصل بهذه الطريقة
الي وسيلة مبتكرة وفريدة من نوعها لجذب الجمهور لمشاهدة أفلامه التافهة رغم
انه من
المفترض أن يكون المنتج السينمائي صاحب رسالة يريد أن يقدمها للناس فالمنتج
هو الذي
يبادر بتجميع العناصر المناسبة لفيلمه من مخرج ومؤلف وطاقم عمل
كامل لايصال رسالة
الي الناس، فمن السهل جدا علي الانسان أن يلفت انتباه الناس بأن يقف عاريا
في
الشارع - كما فعل هذا المنتج - بطريقة أو بأخري، لكن من الصعب للغاية أن
يلفت
نظر
الجمهور بعمل محترم متكامل.
وقال
العدل: من الممكن أن يتحمل الانسان
الافلام
السيئة التي يقدمها، ومن الممكن أن تترك للجمهور حرية اختيار ما يشاهده
وما لا يشاهده، لكن من غير المعقول أن تفرض علينا مثل هذه الاعلانات
التافهة.
أما
الناقدة السينمائية خيرية البشلاوي فتري أن مثل هذا الاعلان الذي
يدفع الجمهور الي احصاء عدد الصفعات التي يتعرض لها احد
الممثلين،
لا يمكن أن
يأتي من متج سوي السبكي.
وأضافت أن
هذا الاعلان جاء مناسبا للغاية مع مضمون
الفيلم وطاقم العمل لتكتمل »الفضيحة«
علي أكمل وجه، وتؤكد أن من يصدق مثل هذا
الاعلان فانه يخدع نفسه ولا يمكنه أن يلقي باللوم علي أشخاص
آخرين.
وقالت:
اعتقد أن الجمهور المصري اذكي بكثير من أن يصدق مثل هذه الاعلانات
الكاذبة.
الناقد
السينمائي عصام زكريا يعلق علي ما حدث من خلال شركة السبكي
للانتاج في فيلمي »آخر كلام« و»كاريوكي« قائلا: »هذا تهريج« وتطرق في
حديثه الي أن مثل هذه الشركات الانتاجية تستغل المناخ العام
والثقافة الاستهلاكية
في
المجتمع.
وأكد أن
هناك قطاعا كبيرا في المجتمع يحلم بدخول مجال التمثيل
والاخراج والكتابة السينمائية مشيرا الي أن الايمان لدي الناس بأهمية وجود
الموهبة
والعمل علي تنميتها والاستفادة منها أصبح
غائبا تماما، وأصبح الجميع يحلم
بالوصول السريع الي الثراء والنجومية ومن أقصر الطرق الممكنة،
وصناع مثل هذه
الافلام يدركون هذا ويحاولون استغلاله لمصلحتهم،
وطالب أن يتم تفعيل القوانين
والرقابة
علي الجميع لاعادة الانضباط إلي السوق.
الفنان
محمود ياسين لم يصدق
ما
سمعه عما جاء في هذه الاعلانات ووصف هذه الافعال بالضحالة والسخافة وأبدي
اندهاشه من قيام منتج من المفترض فيه والمأمول منه أن يقدم ما يمكن توصيفه
بالفيلم
السينمائي أن يقدم مثل هذا الهراء.
وأكد أن
مصر مثل بقية دول العالم، يوجد
بها مستويات متفاوتة من الافلام والدعاية الخاصة بها، لكنها أبدأ لم ولن تصل الي
هذا الحد من التدني.
وأضاف أن
الامر ينبيء باقتراب وقوع كارثة تهدد صناعة
السينما في مصر، وتهدد المعاهد العريقة القائمة والمخصصة لتأهيل جيل كامل
من
المبدعين لاستكمال مسيرة من سبقوهم.
وطالب
محمود ياسين بضرورة أن تقف المؤسسات
العلمية والثقافية ضد هذه الظواهر لمنع انتشارها والحد من خطورتها علي
المجتمع بشكل
عام وعلي صناعة السينما بشكل خاص.
وأكد أن
نقابة الممثلين يجب أن تعلن عن عدم
قبولها لهذا الانهيار القيمي،
وأن تقف بحسم ضد كل ما يحاول تخريب هذه الصناعة
الاستراتيجية.
كلمات
الفنان محمود ياسين القت الكرة في ملعب مؤسسات عديدة من
بينها نقابة الممثلين.
ومن جهته
يشير الدكتور أشرف زكي نقيب الممثلين الي أنه
ارسل خطابات شديدة اللهجة للشركتين اللتين قدمتا هذه الاعلانات وانه يعتبر
ما حدث
نوعا من أنواع التطاول والتجاوز ضد الفن المصري واعتداء عليه،
وأكد أنه في حالة
استمرار هذه النوعية من الاعلانات سيضطر إلي منع التعامل معها،
ويختتم كلامه
قائلا: »الراجل يوريني كيف سينفذ ما أعلن عنه«.
اتصلنا
بالمنتج أحمد السبكي
لنستوضحه - كما تقتضي الأمانة المهنية - رأيه ووجهة نظره حول الاعلان لكنه
رفض
التعليق!
أخبار النجوم المصرية في
15
يناير 2009 |