تفاءلنا
بالعام الجديد.. بالرغم أنه يهل علينا بالمزيد من القتلي والجرحي من صرعي
الوحوش البربرية التي أطلت علينا من قرون الظلام والجاهلية.. وجاء تفاؤلنا
المرتبط بالفنون سببه تلك الطفرة التي كانت عليها السينما المصرية في العام
الماضي.. بزيادة عدد انتاج وعرض الأفلام.. وبظهور عدد وافر من المخجين
الجدد وايضا من الوجوه الجديدة. وكذا عودة النجوم الكبار لمشاركة الشبان
أفلامهم وأحلامهم. وايضا عودة البطولات الجماعية للسينما من جديد!..
ولكن
خبراء الاقتصاد يقولون بغير ذلك.. حيث الأزمة الاقتصادية العالمية تفرض
مخالبها علي كل صناعة وتجارة.. وبالتالي فإن صناعة السينما بالضرورة
سينالها قدر من التأثير عليها.. بل يري الخبراء ان شبح الكساد والخسائر
سيخيم علي السينما المصرية لا محالة.. خاصة في الفترة المقبلة.. فمن ناحية:
تتزايد التكلفة الإنتاجية بسبب ارتفاع أجور العاملين والمواد الخام وتأجير
الأماكن ومواقع التصوير وغيرها.. ومن ناحية أخري: تفشل الأفلام في تحقيق
الإيرادات المطلوبة التي تساعد علي استمرار العملية الانتاجية. وعائد توزيع
داخلي وخارجي يغطي التكلفة!
أما
الناحية الثالثة وهي "الأسوأ" علي الاطلاق.. فيكون سببها النجم المعروف
الذي يتسابق هو وزميله علي رفع أجره بطريقة خرافية وغير معقولة حتي انه
يواصل الارتفاع بالملايين. في الوقت الذي لايحقق فيه فيلم هذا النجم أو
غيره هذه الأرقام!! لأن المعروف ان السينما عائدها طويل المدي وبها قدر من
المغامرة مع ماتتطلبه صناعة الفيلم نفسها من وجود الجودة التقنية بجانب
الموضوع الجيد بجانب اسم النجم!!
البديل
موجود
تنبهت
شركات الانتاج مؤخراً للواقع الاقتصادي الذي واجهته العام الماضي.. وما
سيواجهونه هذا العام والأعوام القادمة.. فاتخذت كل منها التدابير اللازمة
لمواجهة هذه الأزمة.. كان أبرزها: اندماج بعضها مع البعض الآخر في كيانات
كبيرة بحيث تمكنها من مواجهة أية مشكلات تطرأ علي الصناعة.
وأيضا
محاولة كسر غرور النجم السينمائي والوقوف ضد أجوره الفلكية بتوليد البديل
الفوري. بالاهتمام بصناعة النجوم الجدد. بل واحتكار بعضهم لعقود طويلة حتي
يتم الاستفادة منه علي أكمل وجه. وحتي لايصاب بغرور وتطلعات الآخرين في أن
يصبح من المليونيرات من الفن دون ان يساهم بملاينه هذه في الصناعة. رغم انه
كسبها منها!!
لذلك ظهرت
بوادر هذه الطفرة في تغيير سلوك الشركات الكبري لمواجهة شبح الأزمة
الاقتصادية وأشباح ارتفاع أجور الممثلين الذي يهدد صناعة السينما. بها قامت
به الشركة العربية من التعاقد مع أحمد مكي علي مجموعة من الأفلام دفعة
واحدة وتصور تباعاً ويبدأ أولها "المخبر" الذي يتم تجهيزه حالياً! وكذا
قيام شركة العدل جروب بالتعاقد علي ثلاثة أفلام كلها لوجوه جديدة بل
ولمخرجين جدد يخوضون تجابهم الإخراجية لأول مرة وهم: شادي الرملي وأحمد
فتحي غانم وكريم العدل.
وهذا
لاينفي محاولات إصرار النجوم من اصحاب الأجور المرتفعة علي الابقاء والحفاظ
علي أجور باللجوء إلي الشركات المنافسة أو إلي المحطات الفضائية التي بدأت
تنافس شركات السينما في استقطاب النجوم بل واحتكارهم إن أمكن وتحطيم
نظريتهم مع تغيير الخريطة لحساب الشبان.. كما فعلت "جود نيوز" بتعاقدها مع
عادل إمام لبطولة فيلمه الجديد "في قمة ناجي عطاالله" ومحمود عبدالعزيز
وأحمد السقا لفيلم "ابراهيم الابيض". ومحمد هنيدي لفيلم آخر بعد "رمضان
مبروك" بل ومع يحيي الفخراني في "محمد علي".
شروط
جديدة
وكذلك
فعلت "ميلودي بيكتشرز" التي استقطبت مؤخراً هاني سلامة وهاني رمزي ومصطفي
شعبان وطبعاً ياسمين عبدالعزيز بعد تجربتها الأولي "مصر للسينما" الذي
تعاقد مع مني زكي وسمية الخشاب وغيرها.
ورغم كل
هذا تحرص الشركات الأخري علي ضرب الأجور الفلكية للنجوم بفرض شروط جديدة
لسقف النجم الذي يتعامل معها.. مع الاهتمام الفائق بتوليد وصناعة النجم
الجديد واعطائه الفرص الجيدة لاثبات وجوده بين النجوم المحترفين. وهو
ماتفعله حتي الشركات الكبيرة مع عمرو سعد ومحمود عبدالمغني وخالد الصاوي
وبشري وآسر ياسين وزينة ونورا رحال وشادي شامل وخالد سرحان وغيرهم ممن
سيقومون بأدوار البطولة المطلقة لأول مرة هذا العام!!
لبيسه
وكوافير
* يقول
المنتج محمد العدل:طبيعي ان السينما تجدد دمها بالوجوه الحديدة وهو مطلب
فني كما انه مطلب اقتصادي.. خاصة وان النجوم اصبحت مشاكلهم كثيرة.. ليس في
ارتفاع أجورهم وحسب. ولكن فيما يفعلونه من استقطاب مساعدين ولبيسه
وكوافيرات ترهق ميزانية المنتج وتكون علي حساب الانفاق علي الفيلم نفسه
الذي يراه الناس!
* أما
المنتج والموزع محمد حسن رمزي فيقول:للأسف جشع كل العاملين في الفيلم هو
السبب الحقيقي في ارتفاع تكلفة الفيلم الكل اصبح يغالي النجوم المصوريون
وحتي العمال والخام وغيرها.. ونحن نبحث عن حل!
* والمنتج
أحمد السبكي يقول: ارتفاع أجور النجوم أدي فعلا إلي أزمة حقيقية في عملية
الانتاج. ولا أدري إلي أي مدي يستطيع المنتج التحمل في ظل هذا الغلاء..
ونبحث عن سبل للخروج من هذه الأزمة!
الجمهورية المصرية في
15
يناير 2009
ليل ونهار
الدادة دودي!
محمد صلاح الدين
يحلو
للبعض أحياناً أن يسفه من تجارب الممثلات من الأجيال الجديدة. خاصة في
طموحاتهن ومحاولاتهن التصدي لأدوار البطولة المطلقة. والتمرد علي أدوار "السنيدة"
للسادة الأراجوزات.. حتي لو تعرضن للنقد. فهذا شيء وذاك شيء آخر.. المهم أن
تتمثل جيل الرائدات اللاتي حملن علي أكتافهن مبكراً صناعة هذه السينما!!
وفيلم "الدادة
دودي" للمخرج علي إدريس تتحمل مسئوليته الممثلة الشابة ياسمين عبدالعزيز.
وهي بالفعل لديها الموهبة والقدرة علي ملء الشاشة طولاً وعرضاً حيوية
ونشاطاً وخفة ظلاً وروحاً مصرية مرحة.. ولكن تبقي المشكلة عند الجميع
واحدة.. وهي العقلية "الفود فيلية" التي يحلو لأغلبية كتاب ومخرجي الأفلام
عندنا التمسك بأهدابها.. باعتبارها الطريق الأسهل الوحيد والسالك للمنطقة
التجارية.. وهو الخلط بين الكوميديا والهزل. والمبالغة في الشطحات لدرجة
عدم التصديق أحياناً.. بس المهم الفيلم يمشي ويتحقق غرضه الاقتصادي بالدرجة
الأولي! .. وهذه القضية بالذات تحتاج إلي ثورة في الكتابة والرؤية
الإخراجية مازلنا نطمح أن تتحقق علي أيدي بعض الموهوبين الجدد!
النص كتبه
نادر صلاح الدين وكالعادة مقتبس عن عدة أعمال عالمية. لعل أشهرها "صوت
الموسيقي" و"مسز فاير" و"وحدي في المنزل".. وتعد أشهر الاقتباسات عندنا
للحدوتة الأصلية كانت مسرحية الثلاثي "موسيقي في الحي الشرقي". وفيلم محمود
ياسين ونجلاء فتحي "حب أحلي من الحب".. ومع ذلك نجح الكاتب المحلي في إضفاء
الملامح المصرية بل العصرية علي الحدوتة.. وهو ما يقرب الموضوع للمشاهد
الذي قد يصدق أو يتعاطف مع شخوص الشاشة.. حتي لو حمل كما قلنا قدرا من
المبالغة من أجل توليد الضحك. ومن أجل شباك التذاكر والإيرادات!!
الفتاة
رضا "ياسمين عبدالعزيز" حرامية موبايلات مع زميلها "محمد شرف" نراهما في
عدة عمليات سطو بإيقاع حيوي يجيده المخرج لحرفيته في صناعة المدخل
"المبرر".. لتنتقل الدراما بعدها لصلب الحكاية حينما تعرض عليها شقيقتها
"بدرية طلبة" أن تعمل كدادة بدلاً منها. فتوافق حتي تختبيء من البوليس. وفي
مفارقة نراها في بيت اللواء الأرمل "صلاح عبدالله" ولديه ستة أطفال في
أعمار مختلفة وفق المخرج مرة أخري في اختياراته لهم .. حيث يتمتعون
بالبراءة والشقاوة في آن واحد.. ولك أن تتخيل كم المواقف والمقالب والهرج
الذي يمكن أن ينتج من الدادة الصغيرة الشقية.. ومن أطفال اللواء الأكثر
شقاوة. وبينهم السائق "سامح حسين" الذي يشارك في العفرتة بشكل أو بآخر.. مع
مراعاة أن الذي يجمع بين الدادة وبين الأطفال هو حرمانهم من عطف الأم ومن
قلة الحنان والسعادة برغم الحياة الرغدة.. وهو ما قرّب بينهم في نهاية
الفيلم. حتي أن الضابط يقوم بتسليمها كما يحتم عليه واجبه رغم احتياجه
لها.. إلا أن الأطفال بدورهم يطالبون الأب بمساندتها حتي يأتيها الفرج
"صدفة" بعدم اعتراف ثري "حسن مصطفي" عليها. حيث كانت قد سطت عليه من قبل!..
استطاع
المخرج بالفعل مع طاقم الممثلين المختار بعناية إشاعة البهجة علي الفيلم.
وامتاز باختياره الموفق أيضاً لأماكن التصوير برغم خنقة الأحداث في أماكن
مقفولة ووعيه بنوعية هذه الموضوعات المنزلية.. وكذا الإيقاع الترفيهي الذي
يفيد السياق الفيلمي بمعاونة مدير التصوير أحمد عبدالعزيز. ومونتاج ماجد
مجدي "والذي ظهر مجهوده الوافر في كليب الجدة دودي" وحتي موسيقي نبيل علي
ماهر المرحة.. ولكن تبقي المبالغة الفودفيلية التي نحتاج إلي تجاوزها
بالابتكار في أفكار ومواقف أساليب الضحك.. لأنه ليس من المعقول أن نظل
نحاكي الغرب ليس في الاقتباس وحسب.. بل أيضاً في المقالب الكوميدية وأساليب
الضحك الكلاسيكية التي عفا عليه الزمن.. ومنها علي سبيل المثال: ضرب الوجوه
بالتورت.. أو سكب الألوان أو لصق الأرجل وغيرها.. ومتي.. في القرن الواحد
والعشرين؟!
Salaheldin-g@Hotmail.com
الجمهورية المصرية في
15
يناير 2009 |