كاتب سينمائي ومسرحي وإذاعي وكاتب مقال سياسي ذو مذاق خاص يعشق اقتحام المناطق الخاصة التي قد تضعه موضع اتهام.. لا يبالي بمن يصفه بكاتب الحكومة فهو صاحب رؤية مميزة وشجاعة حيث يخوض غمار القضايا الشائكة وعينه الثاقبة مصوبة نحو مصالح الوطن أولاً وأخيراً.

رغم شهرته الواسعة وجرأته التي اكسبته ثقة جمهوره فهو إنسان بسيط لم يطله الغرور بل ان التواضع هو سمته الشائعة هموم الناس هي ما تؤرقه فيحاول التعبير عنها بقلمه.. يعشق السينما ويبكي لأي طارئ إنساني.. هو ذلك الكاتب الذي أدهشنا من فيلم «البريء» ودق ناقوس الخطر في «طيور الظلام» وها هو الآن يخرج علينا بقصة جديدة من نوعها أقرب للفلسفة في وعد ومع السيناريست وحيد حامد يدور هذا الحوار:

سينما المؤلف

·         ما حقيقة وجود ما يسمي بسينما المؤلف وسينما المخرج؟

** عادة الفيلم ينسب إلي المخرج وهناك عدد من المخرجين يقومون بكتابة سيناريوهات لأفلامهم، وهنا يمكن أن نطلق عليها سينما المؤلف ولكنها في نفس الوقت هي سينما المؤلف والمخرج وأري السينما فناً جماعياً وعناصر فنية كثيرة جداً تتواجد بجانب بعضها من سيناريو وإخراج وتصوير ومونتاج وموسيقي وديكور وصوت ويقود كل هذا الفريق المخرج لذلك لا يمكنني تضييق وصف وفهم فن السينما.

الحدوتة

·         بعد فيلمك الأخير «الوعد» البعض قال إن وحيد حامد أعادنا لسينما المؤلف.. فهل توافق علي ذلك؟

** عندما استمع لهذا قد يسعدني، ولكن الحقيقة لها وجه آخر، فالجمهور المصري إلي الآن يبحث عن القصة أو الحدوتة في الفيلم وعندما يجد موضوعاً جاداً ومتفقاً مع رؤيته ويناقش مشكلاته يتذكر المؤلف بالدرجة الأولي لأنه قد تتوافر القصة الجيدة ولا نجد باقي العناصر الأخري جيدة ولكن الحمد لله في أفلامي كل العناصر السينمائية الأخري جيدة.

·         إلي أي مدي تهتم باختيار مخرج الفيلم..؟

** لابد من اختيار المخرج فالمؤلف مثل الأب الذي قد يبحث عن عريس لابنته يناسبها ويسعدها، والسيناريو بالنسبة للمؤلف مثل ابنته لابد أن يضمن أن تكون في يد شخص أمين ويقدرها وحتي في حالة حدوث خلاف أن تكون لديهم القدرة علي التفاهم لحله لذلك اختار المخرج بهذا المنطق.

عاطف الطيب

·         تمني وحيد حامد أن يقوم بإخراج «عمارة يعقوبيان» الراحل عاطف الطيب إلي هذا المدي ارتبطت به؟

** إذا كان عايش لتمنيت بالطبع أن يخرج عمارة يعقوبيان فأنا عملت معه في الكثير من الأعمال وهو كان صديق شخصي وإنسان ابن بلد زي حالاتي ومخرج له رؤية ومخلص في عمله وموهوب كل هذه الصفات وأكثر ربطتني به وقد خسرته السينما المصرية بلاشك.

أكبر مغامر

·         هذه هي التجربة الثالثة لك مع المخرج محمد ياسين بعد محامي خلع ودم الغزال البعض يفضل العمل مع أسماء كبيرة بدلا من المغامرة مع الشباب.. هل توافق علي ذلك؟

** مصر مليئة بالامكانيات الجيدة وكلهم متميزون جدا ويوجد مخرجون شباب متخرجون حديثا وممتازون جدا أيضاً ولا يمنع العمل معهم أما عن محمد ياسين فقد عملت معه في محامي خلع وكانت تجربته الأولي ومروان حامد عملت معه ــ بغض النظر عن انه ابني ــ في عمارة يعقوبيان لأول مرة أيضا أنا أكبر مغامر والنتيجة دائما تكون جيدة وحتي الممثلين والكثير منهم الآن نجوم كبار بداياتهم القوية كانت معي مثل يسرا وحنان ترك ومني زكي وعزت أبوعوف ومحمود حميدة وغيرهم وأخيرا آسر ياسين وأحمد عزمي.

حق المخرج

·         في العمل السينمائي من يختار الممثلين المخرج أم المؤلف؟

** المخرج يختار جروب العمل ويعرض علي ورأي المؤلف استشاري فلدي يقين أن المؤلف لابد أن يعرف حدود شغلته وهو (النص السينمائي) والمخرج له الفيلم السينمائي واختيار الممثلين حق أصيل للمخرج حسب رؤيته.

·         ما تعليقك علي تحفظات البعض من اختيار روبي لبطولة فيلم «الوعد»؟

** أنا ضد الأحكام المطلقة المسبقة حول ان هذا ممثل غير ممثل فمن الممكن أن يفشل أعظم الممثلين إذا لم يجدوا النص الجيد وقد ينجح أفشل الممثلين إذا وجد النص الجيد وأيضاً التوجيه الجيد.

وعود كثيرة

·         أي «وعد» يقصده وحيد حامد؟ وكيف يراه بعد تجسيده علي الشاشة؟

** أقصد وعوداً كثيرة بحياتنا ولكن لن أدخل في تفاصيل ما أقصده لأنني كاتب مهمتي أكتب الفيلم وأتركه للناس تري ما تراه. كل حسب رؤيته أما عن الفيلم فالنقاد هم من يقيمونه والحمد لله أنا راض عنه ولكن طموح الإنسان يجعله لا يرضي كل الرضا.

ضابط الشرطة

·         «اللعب مع الكبار» جسد وحيد حامد ضابط الشرطة انسانا شريفا يبحث عن الحقيقة وبعد وقت ليس بطويل يجسده في «الوعد» يمارس الجريمة بعد أن كان يحاربها.. هذا التحول هل مقصود؟

** أري أن الخير والشر موجودان عند كل الناس وفي المجال الواحد الجيد والسيئ فما المانع أن يكون هناك شخصا طيبا وآخر شرير أنا أتعامل مع البشر وليست المهن، وكل مهنة أيضاً داخلها نماذج سيئة وشخصية ضابط الشرطة في أذهاننا تتعلق بالشر ولكن هناك من يكون خيرا أيضاً والفائز هو من تغلب عليه الجوانب الجيدة.

الرقابة

·         هل هناك تعارض بين الرقابة والابداع؟ وإلي أي مدي تتدخل الرقابة في العمل الفني؟

** الرقابة لا يمكن أن تكون ضد الإبداع وإذا لم نكن هناك رقابة في مجتمعنا قد تحدث جرائم فنية كثيرة والرقابة من وجهة نظري لم تعد قيدا علي المبدع وإنما تقوم بعملية تنوير للمبدعين في حالة ما إذا كان هناك شطط.. فنحن داخل مجتمع ساخن عود كبريت قد يشعل ما لا يمكن اطفاؤه لدينا احتقان ديني وحساسيات كثيرة والرقابة تكون عين حتي لا تحدث كارثة.

·         أحياناً قد نجد الرقابة تخرج من أي مأزق بوضع عبارة «للكبار فقط» علي الفيلم خاصة في الفترة الأخيرة مثلما حدث مع «عمارة يعقوبيان» وغيره من الأفلام فما رأيك؟

** الأقاويل التي تقال حول الرقابة ليست صحيحة ومن يزعم انها تحارب الفن فهو مضلل فالرقابة تعترض علي جانبين ما يمس الأخلاق وما يمس الأديان وفي يعقوبيان لم تحذف الرقابة منه كلمة ولو انها لم تضع «للكبار فقط» لطلبت أنا وضعها وهذا معمول به في العالم كله فهناك أفلام لسن 13 سنة أو 15 سنة وهكذا.

أفلام شباك

·         كثيراً ما نتحدث عن أزمة السينما المصرية.. هل توجد بالفعل أزمة في رأيك؟

** لا توجد أزمة ولا شيء الموضوع انه يوجد كتاب كثيرون جيدون ولكن كتاباتهم لا تعجب المنتجين وليست علي هواهم فهم يبحثون عن «أفلام شباك» لها طابع معين تأتي لهم بأموال فقط بغض النظر عن رؤيتها وهدفها.

دعوة للتأمل والتفكير

·         البعض يري ان الدراما وظيفتها الأولي التعبير عن الواقع.. فما رأيك في ذلك؟

** المهمة الأولي للدراما هي دعوة الناس إلي التفكير والتأمل والامتاع فنحن لسنا خطباء مساجد أو وعاظ علي كنائس ولا حتي مدرسين ولا أري أنها تعبر في المقام الأول عن المشاكل فمن قال ان الدراما تطرح المشكلة وتحلها.

·         في إحدي اللحظات الغاضبة صرح وحيد حامد بإنه سيهاجر خارج مصر.. هل يمكن حدوث ذلك؟

** حدث وأنا صرحت بذلك ولكني كنت في لحظة ضيق وما أكثر الأيام التي يصاب فيها الإنسان بالضيق من الأوضاع الخاطئة ولكن أنا اتولدت في مصر وسأموت فيها وأدفن داخل ترابها.

·         الكثير يتحدث عن فساد المواطن المصري.. ألا تري أن هناك فسادا أكبر؟

** سأقول لكي مقولة تعبر بايجاز عن هذا السؤال وهي: ان الحكومات الفاسدة تعمل علي افساد شعوبها.

·         ما رأيك في مصطلح السينما النظيفة؟

** لا أعرف من يخرج علينا مصطلحات مثل سينما نظيفة أو شبابية أو غيرها ليست هناك سوي سينما رديئة أو جيدة ولكن هذا يكشف لنا عما يفعله الجهلاء بالسينما.

·         تخرج علينا القنوات الفضائية كل يوم بدعاة جدد.. ومشايخ تنادي في الناس وفتاوي.. ما رأيك في كل هذا؟

** أري أن المشايخ هم شكل من أشكال التمثيل يؤدون أدواراً ليست إلا ولهم جمهور ولكن من يرغب في الدين بالفعل فليذهب للعلماء لكن أن يصبح المهندس أو المحاسب أو النجار أو العتال واعظا فهذا استخفاف بالدين.

·         البداية مع وحيد حامد.. إذاعية ولكنه يبتعد عن الإذاعة الآن.. لماذا؟

** أدين للاذاعة بالكثير لأني تربيت فيها ولكني أحب السينما أكثر وهذا ما قد يبعدني عن الإذاعة اضافة إلي كبر سني.

·         مسلسل «الجماعة».. ومشروع «العبارة» متي سنراهم؟

** مسلسل الجماعة سيبدأ العمل فيه وسيعلن عن ذلك قريبا وهو يتحدث عن الجماعة المحظورة بتفاصيل قد لا يعرفها المواطن العادي أما العبارة فنبحث في تمويله إلي الآن.

الأهالي المصرية في 7 يناير 2009