الهدف
المعلن لفيلم “المر والرمان” للمخرجة الفلسطينية نجوى النجار هو تبيان أن
الفلسطينيين متمسكون بالحياة والأمل رغم ظروف الاحتلال وقسوته. تعبّر
المخرجة عن الأمل و الحياة في فيلمها الروائي الطويل الأول، والذي عرض في
مهرجان دبي السينمائي خارج المسابقة وضمن برنامج العرض العالمي الأول، من
خلال حكاية شابة تهوى الرقص وتصر على المضي قدما في تدريبات الرقص الشعبي
مع الفرقة التي تنتمي إليها وصولا إلى تقديم عرض احتفالي يقام بمناسبة
افتتاح مدينة ملاهٍ، وذلك على الرغم من كل المشاكل النفسية العاطفية
والشخصية العائلية والاجتماعية، إضافة إلى المشاكل الناجمة عن الاحتلال
ومصادرة الأرض من قبل المستوطنين “الإسرائيليين”.
هذا النوع
من التعبير عن الأمل والإصرار على الحياة من خلال حكاية تجربة الرقص لا
يقول الكثير بحد ذاته وما يقوله لا يتسم بالعمق ولا يمتلك قوة التأثير،
فالحكاية، كما الفكرة التي تتضمنها، ليست جديدة وتكررت في العديد من
الأفلام العالمية خاصة ذات التوجه الجماهيري. وعلى الرغم مما للحكاية
المثيرة والمبنية جيدا من أهمية في الأفلام، إلا أن الحكاية هنا والتي
تتمحور حول بطلة الفيلم ليست إلا الإطار العام الذي يضم أحداث الفيلم
ومقولاته، والاكتفاء بقراءة الفيلم من خلالها هو نوع من التعامل السطحي
الذي لا يبحث في الفيلم إلا عن ظاهر الحكاية وخطها العام ولا يكتشف ما هو
موجود بين السطور وما في التفاصيل من إضافات تغني وتحول الأنظار عن مجرى
الحكاية إلى قراءة متعددة النواحي للتجربة الإنسانية و للواقع الاجتماعي
بحيث لا تعود فكرة الأمل والتمسك بالحق في الحياة هي المهمة هنا، بل المهم
هو الأفكار الأخرى التي تتمخض عن تفاصيل وتقلبات الحكاية.
ما هي هذه
التفاصيل والأحداث وتقلباتها التي يثير بعضها أسئلة لها احتمالات أجوبة
مختلفة والتي نجدها في هذا الفيلم ذي النكهة النسائية الواضحة؟
بطلة
الفيلم، وهي عضو في فرقة محلية للرقص الشعبي تتزوج شابا من أسرة تملك مزارع
زيتون. العائلتان من الطائفة المسيحية. هناك إصرار على أن يتم الزواج في
القدس رغم عوائق الحواجز العسكرية “الإسرائيلية” على الطريق نحو القدس.
تجري مراسيم الزواج بفرح ورقص.
ذات يوم
ومع اقتراب موسم حصد الزيتون تستولي مجموعة من المستوطنين بمساعدة الجيش
“الإسرائيلي” على جزء كبير من أرض عائلة الزوج. بعد صدام بين الزوج
والمستوطنين يساق الزوج إلى السجن ويبقى فيه طويلا كموقوف إداري. تحاول
الزوجة، التي قامت بشؤون تسويق نتاج المزرعة، توكيل محامية يهودية للإفراج
عن زوجها، لكن بلا فائدة، فالمحامية التي بدت متفهمة عاجزة أمام القوانين
“الإسرائيلية” العسكرية. في هذه الأثناء يعرّف مدير الفرقة الزوجة الشابة،
بعد أن قررت العودة للرقص الذي توقفت عنه عقب الزواج متجاهلة الاعتراضات
العائلية على مسلكها، على المدرب الجديد العائد من لبنان. أثناء التدريب
المنفرد للزوجة يتضح أن العلاقة بين الاثنين صارت تتعدى الرقص باتجاه علاقة
خاصة، ولكن لا يوضح الفيلم صراحة إن كانت وصلت إلى الخيانة الزوجية مع أن
صاحبة مقهى يلتقي فيه الاثنان أحيانا، وهي امرأة فلسطينية متوحدة ومسترجلة،
تحاول تشجيعهما على المضي قدما في تلك العلاقة خاصة بعدما أمضى الثلاثة
الليل معا متمددين جنبا إلى جنب، بسبب منع التجول الطارئ الذي منع الاثنين
من مغادرة المقهى. أثناء زيارة الزوجة للزوج المعتقل تحاول إقناعه بالتوقيع
على التنازل عن الجزء المستولى عليه من الأرض من قبل المستوطنين لأن أحوال
العائلة والمزرعة بدأت تسوء، وأحوالها هي وأزمتها الشخصية والعاطفية، لم
تعد تحتمل غيابه، لكن الزوج يرفض بإصرار مدركا أنه بذلك سيتعرض إلى تمديد
متكرر لفترة الاعتقال الإداري. في مشهد مفاجئ نرى الزوجة عائدة ليلا في
سيارة المدرب، ويوقف المدرب السيارة ويطلب منها أن تكون له كليا، فترفض،
مما يجعله يغضب ويتهمها بأنها تتنكر لما بينهما وبالتالي يطردها خارج
السيارة لتبقى وحيدة في الشارع المظلم. بعد خلاف مع المدير يتخلى المدرب عن
الفرقة ويقرر أن يعمل على تنفيذ مشروعه الخاص المتمثل بافتتاح مدينة
للألعاب تكون محطة ترفيهية للمواطنين. تعود الزوجة للتعاون مع المدرب في
الفرقة البديلة التي أسسها، ولا نجد توضيحاً لسبب عودتها، والتي يفترض أن
تقدم أول عروضها ليلة افتتاح مدينة الملاهي. في هذه الأثناء يخرج الزوج من
السجن، ولا يوجد أيضاً توضيح لسبب خروجه، ونراه، في المشهد الختامي للفيلم،
بعد أن يتفقد البيت ومعصرة الزيتون والأرض استولى عليها المستوطنون
وأحاطوها بالأسلاك، وهو يتفرج برضى على زوجته وهي ترقص ضمن الفرقة ليلة
الافتتاح.
الخليج الإماراتية في
3
يناير 2009 |