كيف نرتقي بذائقة الجمهور سينمائيًا؟ سؤال كبير تصعب الاجابة عليه
فهو يحتاج الى تحليل ودراسة لكل ما يرتقي بهذا الفن الذي أصبح من أهم
الفنون لسهولة وضمان وصوله الى المتلقي ويرتبط بهذه السهولة ضمان وصول
الافكار والقيم في وقت قياسي، فيستطيع المشاهد متابعة سيرة وتاريخ شعوب
كاملة في ما يقارب الساعتين أو ربما أقل, تُقدّم له دون أن يتجشم عناء
القراءة أو البحث والتنقيب التي قد يستمر أشهرًا يشاهدها ربما دون أن يذهب
الى دار عرض، فالسينما دخلت البيوت من أوسع ابوابها. ومن هذه المقدمة نعرف
اهمية وخطورة ما يشاهده جمهورنا. لن ادخل في موضوع الافكار وخطورتها لكنني
أردت تسليط الضوء على كيفية وصول أعمال الدول المتطورة في عالم السينما الى
جمهورنا العربي. فإضافة الى الافلام العربية يحتاج المشاهد الى تجارب
وأعمال اُناس آخرين برعوا في هذا العالم الكبير للاستفادة من تلك التجارب
المهمة لمعرفة السينما وادواتها وآفاقها التي لاحدود لها وبالتأكيد الترجمة
هي الوسيلة الاولى التي توصل تلك الافلام الى المُشاهد الذي لايتقن لغات
اُخرى. وحتى ان أتقنها فلا يستطيع الالمام بكل اللهجات والاختصارات, لذلك
يحتاج المُشاهد الى الترجمة بشكل رئيس لفهم الحوارات والاحداث وهنا أردت
التركيز على مبادرة قامت بها شبكة تلفزيون الشرق الاوسط "mbc
الفضائية" بدبلجة الافلام الشهيرة والمهمة "تعرض الافلام المدبلجة على
قناة
mbc max
في التاسعة بتوقيت مكة المكرمة من كل يوم خميس" وهي جديدة "لم أشاهد قبل
الان فيلمًا مدبلجًا للعربية الا تجربة واحدة قام بها المخرج العالمي
الراحل "مصطفى العقاد" عندما دبلج فيلم أسد الصحراء "عمر المختار" الى
العربية" وربما لا أبالغ بتسميتها ثورة كبيرة في عالم ترجمة الافلام
للعربية وهي رائدة لانها كسرت وبشجاعة قيود الترجمة المكتوبة والتي من
الواضح ان شركات الترجمة هيمنت عليها ووضعت "أو هكذا سمعت" الكثير من
العراقيل أمام الدبلجة التي أصبحت عالميًا من البديهيات. فأصبح من النادر
مشاهدة قناة لدولةٍ ما تعرض فيلمًا مترجمًا بالطريقة المكتوبة فهو يُدبلَج
حال دخوله الى البلد في أغلب الاحيان وأنا هنا اتكلم عن دولة واحدة ذات لغة
تختص بتلك الدولة فقط، فكيف اذا تكلمنا عن عالم عربي يتكون من 22 دولة. فهل
ان تلك الدولة تعتز بلغتها وتحترم مواطنيها أكثر من الدول الناطقة بالضاد؟
المسألة تحتل اهمية كبيرة لأنها تتعلق بذائقة اُمة كاملة فالأفلام المترجمة
بطريقة الكتابة بالتأكيد لا تصل الى المُشاهد كما تصل المدبلجة هذا اذا
سلمنا انه يجيد القراءة او تساعده عيناه على ذلك خصوصًا أن بعض الترجمات
تكون بأحرف صغيرة وتختفي الترجمة بسرعة وبسبب هذه السرعة يضيع على المشاهد
الكثير من الحوار واما مشكلة مطابقة لون الكتابة للخلفية فهذه مشكلة دائمة
فاذا كان مكان التصوير منطقة يكثر فيها الجليد مثلاً فانس أمر الترجمة اذا
كانت باللون الابيض "والافضل لك أن تراجع دروس اللغة الانكليزية التي
تعلمتها في المدرسة!" اضافة الى ذلك أنك ومن خلال لهاثك وراء الترجمة التي
في أسفل الكادر ستفوتك الكثير من التفاصيل في الصورة. فكل شيء "كما هو
معلوم" يظهر في الكادر يعني شيئًا ما من الممثلين وحركاتهم وتعبيرات وجوههم
واجسامهم الى اصغر تفصيلة من تفصيلات الديكور، كلها لها هدف معين وتعتبر من
أدوات المخرج لتحريك البناء الدرامي. فيفوتك وأنت تقرأ الترجمة قراءة
الصورة التي هي من أول واهم مقومات الفيلم.
اعتراضات مشروعة
لكن بالمقابل هناك رأي آخر يقول إن بعضهم يفضل سماع الأداء الصوتي
للممثل الاصلي ولايمكن للممثل المدبلج التعبير عنه ويفضلون أيضًا سماع
المؤثرات الصوتية الاصلية للفيلم وهي وجة نظر فيها الكثير من الصحة
والواقعية لكننا دائما ما نتمنى توسيع دائرة الجمهور بمختلف ثقافاتهم
وتحصيلهم الدراسي وأعتقد أن الدبلجة تحقق هذا، علاوة على أن مطابقة
الانفعالات الصوتية مع الممثل الاصلي منوطة بالممثل المدبلِج وهذا مقدور
عليه باختيار أشخاص محترفين والساحة العربية مليئة بهؤلاء. وهنا نُذكِّر أن
القناة أخذت هذا في الاعتبار، فأعطت للمُشاهد الخيار في مشاهدة الفيلم
مدبلجًا أم لا عن طريق كبس ازرار معينة في جهاز التحكم وهي مبادرة جميلة،
فهي لم تفرض لونًا واحدًا لمواكبة اذواق جمهورها أما مسألة المؤثرات
الصوتية فنتمنى أن تكون هناك اجهزة أو برامج متطورة تفصل المؤثرات الصوتية
الاصلية لتضاف الى الدبلجة.
استمتعت قبل ايام بمتابعة رائعة كوبولا العراب رأيته وكأنني أراه
للمرة الاولى. ساهم في ذلك الأداء التعبيري الجميل لأصوات الممثلين الذين
أدوا ادوارهم على اتم وجه فخرجت التعبيرات الصوتية مطابقة تمامًا لانفعالات
الشخصيات الاصلية و أعطتها مصداقية أكثر. اذًا نحن نستبشر خيرًا بهذه
البادرة الجميلة التي بالتأكيد استفادت من تجارب دبلجة المسلسلات ونجاحها
لاعمامها على الافلام، لكن الملاحظة التي يجب الاعتناء بها عند الدبلجة هي
الاختيار الدقيق للمدبلجين ومقاربة أصواتهم لفئات الممثلين العمرية وكذلك
مطابقة حركات الشفاه للممثل الاصلي فالمُشاهد يكون حساسًا جدًا تجاه الصوت
والأداء الصوتي لان جلّ تركيزه ينصّب عليه فهو يعرف انه يتابع اصواتًا
مدبلجة وليست حقيقية والبراعة في ان يستطيع الممثل طرد هذه الفكرة من ذهن
المُشاهد ويحل محله "وهم" انه يتابع صوتًا حقيقيًا للممثل وهذا يتحقق
بمثابرته وصدقه في الاداء وعن طريق فهم النص وتحليل الشخصيات تماما كالممثل
الاصلي. إذًا هذه فرصة جيدة جدا للممثلين الذين يمتلكون أصواتًا رخيمة
وحناجر مدربة والقاء معبِّر لولوج هذه التجربة الجميلة ونتمنى أن تتطور
الفكرة الى شركات دبلجة ضخمة متخصصة ومخرجين وفنيين وعاملين ذوي كفاءة لغرض
دبلجة العدد الكبير من الافلام الهادفة والمهمة في تأريخ السينما العالمية.
تمصير "ابن رُشد"
ولكن نتمنى قبل كل شيء أن تكون الدبلجة باللغة العربية الفصيحة للخروج
من بوتقة المحلية فهي لغة غاية في الجمال وأيضا لردِّ الجميل لهذه اللغة
التي طالما نُردد أنها أم اللغات فلنكن بارّين لها لتتحسن السنتنا وتتطور
الفصاحة فيها فهي تتربى بالسماع والممارسة. ونتمنى ألا تصرّ شركات الدبلجة
على لهجاتها العامّية كأِصرار أشقائنا في مصر على استخدام لهجتهم حتى في
الافلام التأريخية فجعلوا في فيلم المصير "ابن رُشد" الذي عاش ومات في
الاندلس يتكلم اللهجة المصرية!
نتمنى على الـ
mbc
الفضائية مواصلة وتطوير هذه التجربة الجميلة التي أتحفتنا بدبلجة الأفلام
الضخمة مثل "القلب الشجاع، مملكة الجنة، الكسندر، طروادة، وسيد الخواتم"
وغيرها من الافلام المهمة التي من الواضح انهم ينتقونها بكل دقة، و نطمح أن
تكون الدبلجة عاملاً من عوامل تطوير الوعي السينمائي عند الجميع.
Mohd10002001@yahoo.com
إيلاف في
17/11/2009
مهرجان سينما المرأة يمنح جائزته لمخرجتين لبنانية
وفلسطينية
رويترز / رام الله
منح مهرجان (سينما المرأة في فلسطين) جائزته التقديرية في دورته
الخامسة هذا العام الى المخرجتين اللبنانية نبيهة لطفي عن فيلمها (لان
الجذور لا تموت قصة ما حصل في تل الزعتر) والفلسطينية ماريز غرغور عن
فليميها (الارض بتتكلم عربي) و(وطن بلانش).
ويتحدث فليما ماريز اللذان عرضا مساء يوم السبت على خشبة مسرح قصر
الثقافة في رام الله عما شهدته الاراضي الفلسطينية من احداث عام 1948 وما
قبله من خلال شهادات حية ووثائق تاريخية ومواد ارشيفية مصورة لبعض تلك
الاحداث.
ويستعرض فيلم نبيهة الذي عرض في افتتاح المهرجان عن احداث شهدها مخيم
تل الزعتر في لبنان بين عامي 1975 و1977 عبر شهادات حية من سكان هذا المخيم
الذي تعرض للتدمير من قبل اسرائيل في قصف جوي.
وتحمل جائزة مهرجان (سينما المرأة) الذي تنظمه مؤسسة شاشات اسم
المخرجة الفلسطينية الراحلة سلافة جاد الله احدى مؤسسي السينما الفلسطينية.
وقالت سهام البرغوثي وزيرة الثقافة الفلسطينية في حفل توزيع الجوائز
الذي حضرته ماريز فيما غابت عنه نبيهة "الليلة نكرم مخرجات تناولن القضية
الفلسطينية بطريقة كان فيها ابداع في الذاكرة والتراث."
واضافت "نبيهة لطفي في فيلمها القديم (تل الزعتر) تقدم لنا الذكرى
الطويلة عن تل الزعتر وماريز غرغور في فيلمها (الارض بتتكلم عربي) يقدم لنا
التاريخ الشفوي وكيفية التمسك بهذا التراث."
واشادت البرغوثي بمهرجان سينما المرأة الذي قدم في دورته هذا العام
جيلا جديدا من المخرجات الفلسطينيات "اللواتي يتقدمن خطوات للاسهام في
صناعة السينما."
واوضحت علياء ارصغلي مديرة المهرجان ان المخرجة اللبنانية نبيهة لطفي
المقيمة في مصر رفضت الحضور للمشاركة في المهرجان "بتصريح اسرائيلي".
وقالت علياء لرويترز "لديها (نبيهة) موقف واضح من هذا الموضوع."
ويرفض العديد من الفنانين والمثقفين العرب زيارة الاراضي الفلسطينية
لعدم قبولهم بالحصول على تاشيرات دخول اسرائيلية نظرا لسيطرة اسرائيل على
المعابر الحدودية المؤدية الى الضفة الغربية ويحتاج كل من يريد الدخول
اليها الحصول على موافقة الجانب الاسرائيلي في حين يرفض اخرون هذا الموقف
مبررين ذلك ان زيارة الاراضي الفلسطينية ليست تطبيعا مع اسرائيل وان كانت
تحتاج الى موافقة منها.
وقالت ماريز لرويترز قبل عرض فيلمها "يجب العمل على انتاج اكبر قدر من
الافلام الوثائقية عن النكبة من خلال شهادات حية ممن عاشوا هذه الفترة كي
يعلم الاجانب ماذا جرى في فلسطين اضافة الى الاجيال الفلسطينية القادمة
التي يجب ان تبقى ذاكرتها حية وكيف وصلنا (الفلسطينيون) الى هذه المرحلة."
واضافت "تاريخ شخص واحد ممن عاشوا تلك الفترة واقصد هنا من الناس
العاديين هو نموذج لتلك المرحلة التاريخية."
ويستمر مهرجان (سينما المرأة في فلسطين) حتى الخامس من ديسمبر كانون
الاول بمشاركة 34 فيلما يتم عرضها في 26 جامعة وصالة عرض في الضفة الغربية
وقطاع غزة.
إيلاف في
16/11/2009 |