مدخل سيميولوجي
لسنا في حاجة إلى التأكيد على أن الزمن الراهن هو بامتياز (زمن
السينما)، فلقد أثبتت- السينما- قدرتها الفائقة على امتصاص جميع الخطابات
من مختلف
الحقول الثقافية، وجعلها عنصرا فاعلا في البناء الدرامي الفيلمي .
وأصبحت اليوم بوتقة تنصهر وتمتزج فيها كل أشكال التعبير
الإنساني، فشرعت بالخوض في حقول تجريبية كثيرة من خلال انفتاحها على تلك
الفنون
والآداب والعلوم المجاورة، وذلك بواسطة تقنيات فنية تَشّكل اغلبها في أطر
ثقافية
مقاربة للفن السينمائي- كالرواية، والمسرح، والرسم، والموسيقى، وغيرها-.
ومن اجل
جعلها- أي هذه الخطابات- عنصرا حاملا لجزء من الدلالة العامة للعمل الفني
من جهة،
ولتكّثف من جهة أخرى المظاهر المعرفية فيه. فقد حاول مبدعوها جرّ السياقات
السردية
الروائية حديثا لتصب في مصلحة التعبير عن الحالة الوجدانية التي تصفها
الرواية.
ووفقا لذلك فقد نشأت علاقات متينة ما بين السينما والآداب
الأخرى وبشكل خاص منها الرواية، وإذ يقر أحد الروائيين بأهمية هذه العلاقة
بقوله "إن الرواية هي أداة السينما الأولى بسبب قربها من ذلك الفن، وليس لفرط
سهولتها"،
فان إستراتيجيات هذا الارتباط والتواثق
والتداخل اتضحت في إطار ما عرف بعلم السرد،
الذي يسعى إلى الكشف عن البنية الحكائية لكل الخطابات السردية، ومنها
الفيلم
السينمائي، هذا بغض النظر عن البنية الرمزية وما تنطوي عليه من دلالة.
ورغم أن حصر اوجه التماثل بين فن الرواية والفيلم، يستحيل،
بصورة دقيقة، نتيجة التباعد الموضوعي بين الوسيلتين، وفرضيات كل منهما على
مبدعيها
ومتلقيها، هذا، فضلا عن الكشوفات السردية التي عرفتهّا الرواية من جهة،
والتقنيات
المتجددة التي صاحبت تطور السينما من جهة أخرى. فأن السعي الدؤوب من لدن
المبدعين
إلى البحث عن منظورات جديدة لمقاربة الكائن والممكن، فضلا عن حرية التجريب
في الحقل
السينمائي، وامكانية وجود وسائل خطابية مقاربة تعبر عن المادة الحكائية، كل
هذا
سيفضي إلى الكشف عن سردية الرواية والفيلم معا، باعتبارهما فنيّن إبداعيين
سرديين
تتعدد فيهما وسائل التعبير، وتتماثل كثير من ضروب ونظم صوغ المتون الحكائية،
مما
زاد من فرص وجود علائق مشتركة بينهما.
لغة السينما
على الرغم مما يمكن أن نجده من تكامل وتقارب وتماثل بين لغة
الفيلم ولغة الرواية، إلا أن ثمة تمايزا بين السينمائي والحكائي، إذ
السينمائي هو
كل ما ينتمي إلى اللغة السينمائية بالمعنى الخاص والضيّق، أما الحكائي فهو
فوق
سينمائي ما دام يتضمن المسرح والرواية والسينما والأحداث اليومية، أي أن
أنظمة
الحكي ظهرت قبل وجود السينما، فالسينمائي إذا خاص، تقني، نتج عن التطور
التكنولوجي،
أما الحكائي فهو عام، سابق، متعدد، إنساني، حاضر في كل الأزمنة والأمكنة،
أي انه
عبر تاريخي وعبر ثقافي.
إن مصطلح (اللغة السينمائية) مفهوم انبثق عن الحركة النقدية
التصحيّحية المعاصرة في مجال النقد السينمائي، والتي جاءت كرد فعل على جهود
التقليديين من أمثال (جون هوارد لوسون، ورودولف ايرنهايم، واندريه بازان،
وبعض آراء
سيرجي ايزنشتاين): والذين لم يروا إن للسينما (لغة)، بل هي في نظرهم محاولة
لالتقاط
دقائق الواقع ذات الأبعاد المحدودة بواسطة آليات وعمليات ميكانيكية معقدة،
وأخرى
فنية متواضعة. وقد جسّد مقولات هذه الحركة التصحيّحية الناقد (مارسيل
مارتن) بكتابه (اللغة
السينمائية)، وفيه عكس كل المظاهر التعبيرية التي قدمتها السينما في نصف
قرنها الأول.
وإذا ما اعتبرنا أن للسينما لغة تعبيرية بالغة الكثافة، لها
نظمها المجازية الخاصة المباينة لنظيراتها في الرواية والمسرح والشعر،
وتعتمد كثيرا
على عناصر مرئية وأخرى غير ملفوظة، لا يمكن التعبير عنها بسهولة في صيغة
مكتوبة،
فان للفيلم لغة بالمفهوم الأعم والأشمل- فهي وسيلة للاتصال- ليس بالمفهوم
الخاص
الذي نصف به اللغة حين نشير إلى إنها أنظمة من الشفرات التي هي على درجة
عالية من
التنظيم. ثم أن علاقة الدال بالمدلول تختلف كليا، فصورة طير لها علاقة
مباشرة بهيئة
الطير الحقيقي، وهي أوثق واقرب إلى العلاقة المباشرة من كلمة (طير) مثلا،
حتى أن
قراءة مقطع معين من سيناريو فيلم تختلف كلية عن رؤيته مجسدا على الشاشة
بالصورة،
لان الفكرة السينمائية مهما كان مصدرها مسرحية، رواية، حكاية،
سلوكا،...الخ، تخضع
لعديد التعديلات عندما يتم تناولها إخراجيا، فالمضمون الدلالي التداولي
سيعبر عنه
بلغة بصرية تعتمد اللون والتقطيع والوسط وزاوية الرؤية والعرض والتقديم، مع
ما
تتطلبه هذه الأبعاد من تموّقع معين للكاميرا في مكان ما خاص هو في حد ذاته
جزءاً من
الدلالة، أضف إلى ذلك أن الصوت المصاحب للصورة، هو الآخر بوصفه جزءا من
المضمون،
سيتم إكسابه مؤثرات صوتية خارجية متعددة الخواص الدلالية . هذه العملية
التخليقية
متعددة الروافد والخواص غلغّلت من "لغة السينما" في حياتنا الثقافية
المعاصرة،
وأثرت بالطريقة التي نرى بها الأشياء، حتى أن بعض الاتجاهات التي ظهرت
حديثا دعت
إلى تبني أساليب جديدة في الكتابة مثل: تعدد وجهات النظر وتفكك البنية
السردية
الخطية ومراوغة القارئ ومصاحبة البطل المضاد … إلى آخر هذه التقنيات
المعروفة التي
تعتمد بالأساس على قلب الرؤية الموضوعية للعالم واستبدالها برؤية متشظّية،
متقطعة،
مضاعفة، وغير متناسقة لعالم غير مفهوم، حتى أن الروائي (الآن روب غرييه)
يربط بين
هذا الاتجاه العام للفكر البشري والوجود، وبين ما حاوله هو والمخرج (الآن
رينيه) في
فيلم (العام الفائت في مارينباد)، فيقول أن السينما الكاملة لعقلنا تسمح
بالتغيير
وبنفس الدرجة من التجزؤ الآني في الحقيقة التي يوحي بها النظر والسمع، ومن
جزئيات
الماضي أو جزئيات المستقبل، أو الجزئيات التي هي مجرد أوهام.
إذن فالرواية مارست تأثيرها أولا على الصناعة السينمائية بوصفها
رافدا حيويا من روافدها، لكن السينما أثرت بذات التأثير على الرواية عن
طريق الصور
والأخيلة والألوان، فضلا عما يفيد به الفيلم الرواية من مناهج وآليات في
بناء
الأحداث وتداخلها والتحكم في مظاهر الصراع بينها من جهة، والإقناع بالفصول
والمشاهد
المقدمة من جهة أخرى، لان أي عمل فني إنما يتوجه إلى متلق معين ويحمل رسالة
خاصة
مؤسّسة وفق خطة اقناعية تنم عن مدى تصور المبدع للأثر وللمتلقي
وللواقع.
الإتحاد العراقية في
01/11/2009
انجمار برجمان .. سيرة حياة وتجربة
صباح
خياط
برجمان
كاتب مسرحي وسينمائي.. رفع الفن السينمائي الى ارقى
درجات الفن ووضعه الى جانب الرواية والشعر والمسرح, انه اول من
دمج لغة السينما
بلغة المسرح كما يرى كثير من النقاد.. وهو من اصول سويدية ولد سنة 1918 كان
والده
قسّا متشدداً بتدينه وكان برجمان يلازم اباه في عظاتة . درس المسرح ولم
يحضر
مسرحية.
وفي احد الايام دعاه احد رفاقة لحضور مسرحية لشكسبير التي قام
باداء الادوار طلاب الجامعة.. ومن هذة اللحظة اصبح يعشق المسرح وكان اول
اخراج
مسرحي له في مسرح (ماستر اولوف كاردن ) ومن ثم مسرح (مدبورغار
هوست) و(دارماتيكن
ستوديون). وفي فترة الحرب العالمية الثانية رغم انه لم يلحق الضرر بالسويد
لكنها
تاثرت بالدول المجاورة وكان برجمان يخالط الطبقة المثقفة والثائرة على هذه
الاوضاع
وكتب مسرحيات (تيفولت ) و(راشل وبواب السينما) و(النهار ينتهي
بسرعة) و(اننى خائف)
وكان صدى هذه المسرحيات في انحاء السويد كبيراً ورقي عندها الى رتبة مخرج
محترف.
وبطريق الصدفة تغيب مساعد المخرج في يوم وكان موجودأ وطلب منه
المخرج بأن يحل محل مساعده رغم انه لم يكن يحب الاخراج السينمائي والافلام
في ذلك
الوقت قام بتعديل سيناريو الفيلم بالكامل واعطى مقترحات للفيلم ومزج لاول
مرة في
تاريخ السينما بحرفية بين المسرح والسينما وفور عرض الفلم حقق نجاحا كبير
في صالات
السينما وفي لقاء مع المخرج امام الصحافة اخبرهم ان نجاح
الفيلم يعود الى (برجمان)...وكتب
سيناريو فيلم (هيتس) واخرجه (الف سيوبرغ) وكان موضوع الفيلم عن
ارهاب معنوي يقوم به مدرس في احدى المدارس بحق طلابه وكانت من
اقواله (من الضروري
ان نعيد صياغة السينما لتصبح فنا قابلا للابداع والاجتهاد الدائمين).
كانت افلام برجمان تميل لتصوير حالات مختلفة للوجود عالج علاقة
الفرد مع ذاته ومع الاخرين وكشف تراكمات الماضي في اعماق البشر بسبب هذا
الاسلوب
اتهمة السياسيون و النقاد بالاساءة الكبيرة للشعب السويدي لان افلامه كانت
تعطي
صورة مضخمة ومشوهة للشعب السويدي كشعب مختزن كل العقد النفسية
والامراض رغم هذة
المعارضات الا ان افلامه كانت تدخل اعلى ايرادات وكانت تنهال عليه عروض من
هوليوود
لكنه كان يرفض تلك الاغراءات وبقى في السويد وغادر السويد بسبب مصلحة
الضرائب وانتج
فلمين خارج السويد ومن ثم عاد ليواصل مسيرتة الابداعية
.
وفي عام 1960 نال جائزة الاوسكار كاصغر مخرج ينال هذه الجائزة,
وفي عام 1982 حصد اربع جوائز اوسكار عن فلم
(فاني والكسندر). وبعد ذلك عاد الى
المسرح حتى سنة 2003 اخرج نصا سينمائيا لفلم بعنوان(ساراباند)
وكان الفلم عن
حبيبين على اعتاب الشيخوخة ,وعاد للمسرح مرة اخرى اخرج نصاً مسرحياً بعنوان
(اطياف
عائدة) وهذا كان اخر اعماله ... وإعتزل العمل والبشر في جزيرة قد اشتراها
حيث امضى
السنين الاخيرة من عمره الذي كان رحيله في يوم 25 ايلول 2007, وبهذا ودعت
الفنون
المسرحية أحد أكبر أعمدتها الذي لا يزال إسمه يرن في عالم
الإخراج المسرحي
والسينمائي.
الإتحاد العراقية في
01/11/2009
الليل الطويل ينال الجائزة الكبرى من مهرجان
(أوسيان
سيني فان) بالهند
رويترز : نال الفيلم السوري "الليل الطويل" جائزتين من مهرجان "أوسيان
سيني فان للسينما الاسيوية والعربية" بالعاصمة الهندية احداهما الجائزة
الكبرى وقدرها 50 ألف دولار وتمنح لمخرج الفيلم حاتم علي.
وأعلنت لجنة التحكيم مساء يوم الجمعة في حفل ختام الدورة
الحادية عشرة للمهرجان فوز "الليل الطويل" أيضا بجائزة دعم السينما
الاسيوية ونوهت
بالفيلم الوثائقي "حائط مبكى" الذي أخرجه التونسي الياس بكار واستعرض فيه
تأثير
الجدار العازل على الفلسطينيين وخاصة تلاميذ المدارس.
ومهرجان "أوسيان سيني فان للسينما الاسيوية والعربية" الذي
افتتح يوم السبت الماضي تنظمه مؤسسة أوسيانس للفنون برئاسة نيفل تولي.
وأسست
المهرجان ورأست دوراته التسع الاولى الكاتبة السينمائية أرونا
فاساييف وتولت رئاسة
المهرجان في الدورة العاشرة 2008 كل من لاتيكا بادجونكار واندو شكرينكت.
وكانت
السينما العربية تشارك على هامش المهرجان في دوراته الاولى ومنذ عام 2007
أصبح
المهرجان مخصصًا للسينما الاسيوية والعربية. وينظم البرنامج
العربي الناقد
السينمائي العراقي انتشال التميمي.
وفاز الايرانيان علي رضا أغاخاني ونيجار جافاهيريان بطلا فيلم "قبل
الدفن" بجائزتي أفضل ممثل وأفضل ممثلة.
أما في قسم الافلام القصيرة فنال الفيلم الايراني "أول فيلم"
لباناه باناهي جائزة أفضل فيلم وقدرها خمسة الاف دولار وأشادت لجنة التحكيم
بالفيلم
الهندي "فيتال".
وأبدى حاتم علي سعادته بالجائزة التي تعد الثانية لفيلمه بعد
الجائزة الذهبية من مهرجان تاور مينا في ايطاليا في يوليو تموز الماضي.
والفيلم الذي يشارك ايضا في مسابقة الافلام العربية بمهرجان
القاهرة السينمائي الشهر القادم كتبه السينارست والمخرج السوري هيثم حقي
وتدور
أحداثه في ليلة واحدة مع قرار الافراج عن ثلاثة معتقلين أحدهم
قضى 20 عاما وراء
الاسوار ولم يتخل عن مبادئه التي سجن بسببها.
ويكشف الفيلم كيف اختلف العالم ومعالم الطريق خلال فترة سجن
البطل وكيف تغيرت طبائع بعض أبنائه الذين تفاوتت ردود أفعالهم تجاه قرار
الافراج
عنه وكيف يستقبلونه ويطول انتظارهم له حتى الصباح فيذهب ابنه
الاصغر الى البيت
القديم ويفاجأ بأنه لفظ أنفاسه وقد أسند رأسه الى شجرة دون أن يحني رأسه
وساقاه
ممددتان بين أوراق الخريف.
الإتحاد العراقية في
01/11/2009 |