بعد ثلاثة أعمال هي “الرغيف” و”من برسومي” و”قصتي قصّة”، يعود المخرج إيلي
أضباشي الذي عرف عنه زهده في الأعمال العادية، في دراما جديدة بعنوان “إذا
الأرض مدورة” للكاتب كميل سلامة ومن انتاج “اروبت”، ومعه في الأدوار عدد من
وجوه الشاشة الصغيرة، القدامى والجدد. التقيناه في حوار عن المشاكل
الإنتاجيّة التي عانى منها في هذا العمل.
·
بعد “قصتي قصّة” ابتعدت عن
الدراما التلفزيونيّة، وتعود اليوم مع مسلسل “إذا الأرض مدورة” من إنتاج
شبكة “أوربت”. ما الذي شجعك على العودة؟
- وجدت النص حقيقيّاً وبحوارات جميلة، تمس أحاسيس المشاهدين على أناقة
وبساطة. ولعل هذا أكثر ما أحببته في نص الكاتب كميل سلامة، فضلاً عن لمساتي
الخاصة بموافقة الكاتب، إذ لجأت إلى تخفيف الجمل الحوارية الطويلة لأعطيه
إيقاعاً طبيعياً، بعيداً عن الافتعال والتصنع.
·
تركز على أداء الممثلين وتستعين
بالمخضرمين منهم الى جانب الشباب والوجوه الجديدة. ألا يشكل الممثل الجديد
صعوبة لديك كونه يقف أمام الكاميرا للمرة الأولى؟
- أواجه صعوبة أكبر عند إدارة الممثلين الكبار والمخضرمين، لأنني أسعى إلى
كسر الناحية التقليدية عندهم، على اعتبار أنهم يمثلون عادة من دون إخراج
وإدارة ممثل. هنا، يتسلّم الممثل النص، وتحدد مواعيد تصويره، وهذا ما
يجعلهم يمثلون بطريقة إخبارية ومغناة، لذا واجهت صعوبة في أداء الكبار أكثر
من الصغار.
·
شاركت الوجوه الشابة في أكثر من
عمل، وبدا واضحاً التصنع وفي أدائها. وعند سؤال المخرج، أوضح بأنه غير قادر
على صنع المعجزات من شباب تنقصهم الموهبة وفي ظروف إنتاجية صعبة. هل اختلف
الأمر هنا؟
- ببساطة، تحايلت على الضغط الإنتاجي الذي يتكلم عنه بعض المخرجين، واشتغلت
أثناء تفريغ السيناريو والتحضير للعمل واختيار مواقع التصوير، وأعطيت وقتاً
كافياً للبروفات مع كل الممثلين. ليس منطقيّاً أن ينفّذ عمل درامي من دون
بروفات، ولا أقتنع بما يقوله البعض بأن تجري القراءة بوجود الممثلين
والكاتب بصورة جماعيّة، فيصحح الكاتب أداء الممثل في كلمة، هذه “مسخرة”.
·
ما دور البروفات من وجهة نظرك؟
- تجرى البروفات بيني كمخرج وبين الممثل لوحده أو مع ممثلين فقط، خاصة في
عدم وجود الكاتب، لأن الكاتب لديه وجهة نظره، وحينما تسلمت النص منه
وتبنيته عليّ أن أفرض وجهة نظري.
·
كيف اخترت الممثلين الشباب
والمخضرمين؟
- عندي معرفة سابقة بالممثلين المخضرمين من خلال تعاملي معهم في أعمال
سابقة، ويشكل مسلسل “إذا الأرض مدورة” تعاملي الأول مع نقولا دانيال،
وأنطوانيت عقيقي التي أحب أداءها، وكذلك هيام ابو شديد، التي عرض الدور على
أكثر من ممثلة قبل أن يرسو عليها. وبالنسبة للممثلين الشباب، دأبت على
البحث عنهم في الجامعات والشوارع، من أجل اختيار الشخصيات الأفضل. ومع ذلك،
أعتقد بأنه كان من الممكن تقديم العمل بشروط أفضل، لو أتيح لي الوقت
الكافي.
·
وهل يمكن أن تختار ممثلاً ثم
تستبعده بعد البدء بالتصوير؟
- طبعاً، وهذا الأمر حصل فعلاً في المسلسل، إذ اعتذرت لإحدى الممثلات لأنني
وجدتها غير مناسبة للدور ولم أكن راضياً عن طريقة أدائها، وذلك بعد بروفات
على امتداد أسبوعين، ثم أسندته إلى آجيا أبو عسلي.
·
هل قصة “إذا الأرض مدورة” تحمل
ملامح من حكايات “قصتي قصة”، خصوصاً فيما يتعلق بالإدمان على المخدرات؟
- هي بعيدة كل البعد عن “قصتي قصّة”. المخدرات في هذا العمل، مجرد تفصيل.
وأرى أهمية هذه القصة بأنها عاديّة، في أحداثها وأجوائها وشخصياتها.. أي
على عكس الجرأة التي احتواها مسلسل “قصتي قصّة”.
فهي قصة حب وأجواء حياة ويوميات أشخاص. والشاب المدمن على المخدرات نرى
قصته مع والده ووالدته. وكيف يتطور كإنسان وليس كشخص عانى من الادمان على
المخدرات، هنا نرى بساطة الحياة.
·
لماذا عنوان “إذا الأرض مدورة”؟
- لأن كل القصص تبدأ من مكان ما وتلتقي وتتشابك معاً. أربعون شخصية تلتقى
في قلب بيروت. قصص حب، أجواء مراهقين وعلاقة الأهل مع ابنائهم. عائلة ثريّة
لا تنتبه الأم لابنتها وملهيّة بلعب الميسر، فتحمل ابنتها إثر علاقة خارج
إطار الزواج، وتسافر لتضع مولودها في سويسرا، وترضى بأن يكون لديها ابن لا
يعترف به والده، وهناك سائق سيارة تاكسي، يجول في شوارع بيروت، سيكون له
دور في هذا المجال. ويضيء العمل على حياة عائلة غنية وأخرى فقيرة، تلتقيان
على الكورنيش أمام صياد سمك، وهو من الشخصيات الرئيسيّة التي تجمع شخصيات
العمل بعضها ببعض.
·
نلاحظ أن الكاتب كميل سلامة يرصد
واقعاً شبابيّاً وهو رجل خمسيني. هل تعتقد بأنه قادر على أن يلم بهذه
المشاكل ويكون حقيقيّاً في نقل واقع الشباب؟
- لا اعتبر العمل شبابيّاً، فهو لا يصور الحياة في وسط البلد ومجتمع
الملاهي الليليّة. أبناء كميل شباب، وربما استوحى قصته من حياتهم، وعن
اختلاف العقليّة بين جيلي الأمس واليوم.
·
هذا أول تعامل لك مع كميل سلامة
و”أوربت”. هل تكرر التعامل مع الشركة بعد الظروف السيئة التي رافقت إنتاج
المسلسل؟
- الظروف السيئة لم تكن مع “أوربت” أو مع هيثم حقي المسؤول عن الإنتاج
فيها، بل مع سماسرة “أوربت”. سأتكلم بصراحة عما حصل، لن أتعامل مع هؤلاء
الأشخاص بالذات، وأعتبر أن هيثم حقيقي أعطاني فرصة جيدة. وإذا حصل تعاون
آخر مع “أوربت”، سأختار من ينفذ الإنتاج أو سأتسلمه بنفسي، كوني أعرف
متطلبات عملي وماذا يطلب مني الممثل، من المؤسف جداً أن يفرض على المخرج
إنجاز حلقته في ثلاثة أيّام.
·
هل سينعكس الأمر سلباً على نتيجة
العمل؟
- أعتقد أنه سيكون أفضل من كثير من الأعمال التي تعرض. إنما ما أطالب به هو
الإنتاح ضمن شروط صحيحة وصحيّة. واذا استمر هيثم حقي على اسلوبه فلن أعمل
معه مجدداً. أعرف نوعية عمله فهو مخرج حساس وكبير، ولو عاش تجربتي في
التصوير لكان غادر الموقع منذ اليوم الأول.
الخليج الإماراتية في
04/10/2009 |