حينما يذكر اسم النجمة الاميركية شارون ستون، يذكر اسم فيلم «غريزة اساسية» Basic Instinct، وكأن تاريخ هذه النجمة يبدأ وينتهي عند ذلك الفيلم، الذي قدمها للعالم، ولكنه في الحين ذاته، جنى على صورتها في ذاكرة العالم، فضلت شارون المنيرة، متناسين الأدوار والجوانب الانسانية التي تقوم بها، بالذات في مجال الاعمال الخيرية، وحفنة الاعمال السينمائية التي قدمتها، والتي تتحرك في محور واتجاهات فنية متعددة، وايضا اشرافها المباشر على تظاهرة «السينما في مواجهة الايدز»، والتي باتت احد أهم التظاهرات التي يتم خلالها جمع التبرعات لابحاث مرض الايدز، وهنالك المزيد.. والمزيد...

والان تعالوا عبر هذه الرحلة الفنية، نستقرئ جوانب من سيرة هذه النجمة، التي جاءتها النجومية المطلقة في مرحلة متأخرة من مشوارها.. ولهذا عملت على ان تقدم النماذج السينمائية ذاتها لاعوام متتالية عدة، في محاولة لان تكون في سباق مع الزمن، لانها تعرف بان الزمن قادم، وان ملامحها ستتغير، وان الجمهور قد لا يتقبلها بعد حين، كنجمة لافلام الاغراء والاثارة.

ونعود الى الوراء...

ولدت شارون ستون في العاشر من مارس 1958 في ميرفيل -بنسلفانيا- الولايات المتحدة الاميركية، وكان اسمها شارون فوني ستون.

وقد ولدت وتربت في ميرفيل، وهي عبارة عن قرية صغيرة في بنسلفانيا، والدها كان عاملا في احد المصانع في القرية والدتها ربة بيت، وهي الثانية في ترتيب اخوتها الاربعة.

في الخامسة عشر من عمرها درست المرحلة الثانوية في مدرسة سيجرتون - بنسلفانيا، وما ان انتهت من دراستها الثانوية حتى التحقت بجامعة ادنبرو، حيث تخرجت وهي تحمل البكالوريوس في فنون الكتابة الدرامية.

وفي عام رشحت نفسها ضمن مسابقة ملكة جمال بنسلفانيا وفازت باللقب. وكنها ظلت تعمل - بارت تايم - في محال «ماكدونالز» الا ان تلك الفترة لم تطل حين اتجهت للعمل كموديل، وايضا في عدد من الاعلانات التجارية...

حتى عام 1980، حينما اختيرت لدور صغير، في فيلم «غبار النجوم» للمخرج الكبير وودي الان، ويومها كان دورها مجرد فتاة جميلة في القطار... وفي ذلك الفيلم لم تتحدث.. واول دور ناطق بالنسبة لها كان في فيلم الرعب «الجرح القاتل» 1981 اخراج دبس ترافن.

وظلت شارون تعاني الكثير بحثا عن الفرص المناسبة، رغم جمالها وموهبتها وحضورها...

وكان قدرها ان تظل اعمالها مقرونة بافلام الدرجة الثانية فقط (B).

في عام 1984 تزوجت من المنتج مايكل جرينبورغ لعلها تجد الفرصة للعمل، ومعه قدمت فيلم «ماكجفاير» 1985 ولكنهما انفصلا بعد عامين.

ثم جاءتها الفرصة الاساسية الاولى في مشوارها، حينما رشحت لدور البطولة امام النجم ارنولد شوارزنجر في فيلم المغامرات «توتال ريغال» 1990.

وفي العام ذاته اضطرت الى ان تظهر عارية على غلاف مجلة «بلاي بوي» من اجل الحصول على مزيد من الشهرة.

وكان عليها ان تنتظر عامين..

حينما وافق النجم الأميركي مايكل دوغلاس على ان تقف امامه.. في فيلم «غريزة اساسية» لتجسيد دور كاتبة روائية غرائزية تحمل اسم «كاترين تراميل» وكان ذلك عام 1992.

واتذكر يومها، احضر الفيلم للعرض في افتتاح مهرجان كان السينمائي، حيث لم يكن احد يعرف اسم شارون ستون، وما ان انتهى العرض الاول للفيلم وشاهد الجهمور حركتها الجرئية يومها، حينما ازاحت احدى قدميها عن الاخرى في مشهد التحقيق معها، حتى ضجت الصالة بالصراخ.

وهكذا قفز اسمها ليحتل المرتبة الاولى بين نجمات هوليوود، وتحول ذلك الفيلم الى احد الاعمال المهمة في تاريخ السينما، للجرءة التي قدمتها شارون وهي تتعامل مع تلك الشخصية المتمردة.

وترشحت يومها لجائزة الغولدن غلوب.

وتحاصرها السيناريوهات التي تذهب في الاتجاه ذاته وكانت ترفض.. حيث قدمت دور احدى الضحايا في فيلم المغامرات «سليفر» 1993، وفي عام 1994 قدمت فيلم «انترساكشن» امام ريتشارد غير، وهو من جعلها تعتنق البوذية، رغم انها يهودية.

ونعود لافلام المغامرات من خلال فيلم «الاختصاصي» 1994 امام سلفستر ستالوني، و«السريع» و«المميت 1995»، مع جين هاكمان وليوناردو وديكابيريو. وظلت الامور تترواح بين نجاحات متفاوتة.. حتى جاءت القفزة الثانية الحقيقية.. من خلال الزوجة المجنونة لروبرت دويترويز فيلم «كازينو» اخراج مارتن سكورسيزي.

ويومها كان كل من سكور سيزي ودوتيرد يصرفان عليها وبعنف كل تفجر طاقاتها، وتتجاوز ذلك الاداء التقليدي الباهت الذي كانت تقدمه من ذي قبل، ويعرف به نجوم افلام الدرجة الثانية.

بل ان روبرت دويترو كان يصرخ بها ويستفزها الى حد انه كان يترك المشهد صارخا «ما هذا التمثيل السيئ» ما جعلها تنفجر.. ونجحت خطة دويترو وسكورسيزي يومها ترشحت للاوسكار ولغولدن غلوب كأفضل ممثلة وهو بحد ذاته انجاز رفيع بالنسبة لها.

بعده قدمت فيلم «دبلوليك» امام الفرنسية ايزابيل ادجاني 1996، وامرأة تنتظر يوم اعدامها في فيلم «الرقصة الاخيرة» 1996.

وما اٍن جاء عام 1988 حتى تزوجت من الصحافي مثل برنستون وقام سويا بتبني ثلاثة اطفال.. كما عادت للترشيح للغولدن غلوب عن فيلم «مالتي».

وتمضي مسيرة هذه النجمة التي تظل مشغولة بالجوانب الاجتماعية، عن حرفتها، لانها تعرف بان قدر النجومية جاءها متاخراً، فقد اصبحت نجمة معروفة وهي في السادسة والثلاثين من عمرهاوهذا يعني انها تجاوزت دور المرأة او الفتاة الصغيرة، الى ادوار النساء الكبيرات، وهذه الادوار قليلة في السينما، وبالتالي فإن عليها ان تبذل جهودا مكثفة من اجل ان تظل حاضرة كنجمة، جميلة.

على صعيد الزيجات، وكما اسلفت، فانها تزوجت جورج انجلند جي. آر في مرحلة مبكرة من مشوارها، وسرعان ما انفصلت عنه، لترتبط مع مايكل جرينيورغ (1984 -1987)، وبعدها ارتبطت مع فيل برنستون (1998 -2004)، وقد تبنت معه ابناءهما روان 200، وجوزيف وكوين.

وفي مسيرتها، كم من الاعمال التي اعتذرت عنها، حصدت تلك الاعمال ونجحاتها كثيراً من الشهرة ومن بينها فيلم «جاذبية قاتلة» التي حلت مكانها به غلين كلوز، و«باكمان» وحلت مكانها كيم باسنجر وايضا «ديك تريسي، وجاءت مكانها مادونا كما حذف مشهدا كاملا من فيلمها، «السريع والمميت» مع روسل كرو، حينما صور لها مشهداً مثيراً، ولكنها مع المخرج سالم رعي وجدا ان ذلك المشهد غير ضروري حينما تمت عملية المونتاج، لهذا حذف المشهد من الفيلم الاصلي.

ونذهب للجانب الذي لايعرفه الا القلة.

وهو العمل الخيري.

حيث تعتبر من اكثر المدافعات عن مرض الايدز، ولهذا كانت وراء تأسيس تظاهرة، السينما ضد الآيدز. وسنويا تقام عدة تظاهرات في مهرجان كان وفنيسيا وبرلين ودبي وغيرها من اجل جمع التبرعات التي تذهب الى تطوير ابحاث مرض الايدز.

ولما يروى عنها، انها في عام 2005 وفي قمة دافوس الاقتصادية في سويسرا، وخلال الحفل الرئيس اعلنت عن تبرعها بمبلغ (10) آلاف دولار وقالت للحضور، اتبعوني فكان ان انهالت التبرعات حيث جمعت اكثر من مليون دولار ذهبت الى الصندوق الدولي لمكافحة الايدز والملاريا.

كما انها وافقت على ان يحصل احد الاثرياء (جوني رعي) على قبلة منها، مقابل (50) الف دولار، تذهب لمشروع (انجل فود) والخاص بمساعدة الفقراء الذين يعيشون في شوارع اميركا.

التقت مع ريتشارد غير بالزعيم الروحي للبوذيين الدلاى لاما، وباتت واحدة من اشهر الشخصيات التي تدين بالبوذية.

ويبقى ان نشير، الى انها تقاضت عن الفيلم الاكثر شهرة في حياتها، غريزة اساسية (الجزء الاول) مبلغ (750) الف دولار، بينما حصدت (14) مليون دولار عن الجزء الثاني، وكأنها تعوض ما فاتها في الجزء الأول.

ونخلص.
شارون ستون ليست مجرد جميلة.. بل انسانة رائعة.

Anaji_kuwait@hotmail.com

النهار الكويتية في

02/10/2009