اذا كانت السينما قد أفسحت المجال
للمخرجة إيناس الدغيدي لتدخل دائرة الشخصيات العامة باعتبارها
واحدة من المشاهير
واصحاب القضايا الساخنة فإن الفضائيات منحتها أضعاف المساحة السينمائية
لتبدي رأيها
فيما تعرفه وما لا تعرفه بكل شجاعة وجرأة دون ان تحسب لردود الأفعال حسابا
معتقدة
ان سقف الحرية إرتفع خصيصا ليظلها بظله فتفعل ما تشاء تحت زعم
الابداع والديمقراطية
وبقية 'اللستة' من الدعاوى الغربية التي تولي المخرجة وجهها نحو قبلتها
بغير ان
تأخذ حذرها الكافي من ان السحر يمكن ان ينقلب على الساحر فلا تنفعها
الحماية
الغربية اذا ما صنفها الجمهور ضمن الخارجات على قانون اللياقة
والآداب في الحوار
وعزف عن مشاهدة أفلامها ومتابعة برامجها التي تتعمد فيها اثارة الاستفزاز
بطرح كل
ما هو غريب وشائك، لاسيما ما يتعلق بالجنس وحرية الجسد في محاولة لتغيير
المفهوم
القيمي لدى المجتمعات الشرقية المحافظة بطبيعتها، ذلك ان ايناس تعتبر
القيمة
الاخلاقية في حد ذاتها نوعا من التخلف فتمعن في تسفيهها وردها
الى الافكار الرجعية
وهو بالفعل ما ضبطت متلبسة فيه في اكثر من فيلم سواء 'مذكرات مراهقة' أو 'دانتيلا'
أو 'ما تيجي نرقص' أو 'الباحثات عن الحرية'
حتى برنامجها الرمضاني إختارت له اسم
'الجريئة'
ليكون ماركة مسجلة باسمها لم يسبقها أحد فيما يتضمنه ويحتويه 'فالجريئة'
هو العنوان الأكثر دلالة وملائمة لما
تستهدفه من موضوعات تأتي علاقة الرجل بالمرأة
دائما على رأسها اذ لا اعتبار في ذهنها لشيء اخر غير الاجزاء
السفلية لدى الطرفين،
فلا الإبداع العقلي مهما ولا الدور الاجتماعي مهما ولا كل القضايا السياسية
الخارجة
عن اطار الجدل الغريزي مهمة ايضا، في فيلم 'مذكرات مراهقة' ركزت المخرجة
'الجريئة'
على العلاقة الجنسية الجسدية بين البطلة هند صبري والبطل أحمد عز وصاغت
منها دراما
طويلة ( التيلة ) استمرت ساعتان أخرجت خلالهما كل ما تعانيه من كبت وتتصور
انه
تنفيسا يفك أزمتها ويهدأ من روعها الذي لا يسكن ابدا ولا يتزن،
وقد قوبل الفيلم
المذكور برفض على المستويين الجماهيري والنقدي ولكن ايناس استمرت في
التبشير بحياة
جديدة تتكسر فيها كل التابوهات ويطلق الانسان لغرائزه العنان فيسلك سلوك
الحيوانات
ويمارس الجنس على قارعة الطريق، وقبل ان تنتهي ضجة الفيلم المثير أتحفتنا
بفيلم
أكثر اثارة وتعددت الرؤى والاطروحات وانصبت كلها في خانة
الاعتراف والاباحية ففي
فيلم 'الباحثات عن الحرية' تجعل من قضية الهجرة غير الشرعية والاغتراب في
مدينة
الجن والملائكة غطاء لمغامرات بطلاتها مع رجال المال والاعمال في ابراز
معنى
المقايضة على الفلوس بالجسد ليتسنى لهن البقاء بشكل شرعي في
باريس تحت مظلة
القادرين واصحاب النفوذ، اي ان الهاجس الحسي ظل هو المسيطر على العقل
المشكل
للأحداث وحجر الزاوية في كل كبيرة وصغيرة من جزيئات العمل الدرامي الكبير
الذي مثل
مصر في المسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة السينمائي في واحدة
من دوراته وخرج من
مارثون الجوائز كأنه لم يكن، علما بأن لجنة التحكيم كانت خليطا من ثقافات
مختلفة
ولم يكن بينها عناصر رجعية يمكن ان نرجع اليها أسباب عدم الفوز، بيد ان
السبب
الرئيسي والوحيد ان اللجنة لم تر في الفيلم سوى مشاهد (
استربتيز ) تتخلى فيها
البطلات عن ملابسهن الداخلية بمنتهى السهولة ويطرحن انفسهن على فراش المتعة
طوعا
بغير إرغام، ومن ثم تنتفي المبررات الدرامية ولا يصبح هناك ما يستحق
الإلتفات او
المداولة لإثبات التميز الفني.
لم يكن الدرس كافيا على ما يبدو للمخرجة التي تصف
نفسها بالمتمردة والجريئة وغير ذلك من صفات البطولة والجسارة فقد قدمت فكرة
أكثر
حداثة في فيلم آخر بدأت غرابته من عنوانه وهو 'ما تيجي نرقص'، ذلك انها
حاولت
ابهارنا بفلسفة الرقص الذي فيه الحل لكل مشاكلنا فنحن نستعيض
به في مواجهة الكبت
الجنسي لنخفف وطأة الاحتياج الإنساني الطبيعي ونستخدمه ايضا للتخلص من
التوترات
العصبية الناتجة عن البطالة والفقر وفساد الذوق العام والجهل واستبداد
الانظمة،
فالرقص يمكن ان يكون روشتة لعلاج كل الأمراض في طب المخرجة
ايناس الدغيدي صاحبة
نظرية .. إرقص أكثر تعيش أكثر حسبما يفهم من سياق فيلمها القاموس!
هكذا دواليك
تنتقل بنا الفنانة المتحررة من معنى الى معنى ومن فيلم الى فيلم الى ان تصل
لمحطة
البرامج فنشاهد لها برنامجا ثريا من حيث الضيوف والأفكار والمحاور فهي على
قدر
جرأتها لا تخلو من ذكاء فقد إستضافت نجوما كبارا في الفن
والاعلام وطرحت عليهم ما
فاضت به قريحتها وحاك في صدرها فأعطت الفرصة لمن يريد ان يتحدث في المسكوت
عنه
فإلهام شاهين صرحت بأنها على استعداد لإقامة علاقة عاطفية كاملة مع من تحبه
وابدت
تبرمها من ثقافة النميمة والقيل والقال وحرب النجوم المستعرة
في الوسط الفني وفي
نهاية الحوار اعترفت بعدم سعادتها وخوفها من ان تنتهي نهاية سعاد حسني لا
قدر الله ..
هذه كانت إلهام شاهين . أما هالة صدقي فلم
تنجح المحاورة في جرها الى منطقتها
المحرمة فأهم ما قالته عن الحرية الشخصية والحياة الزوجية وعلاقتها
بالاصدقاء انها
تكرس حياتها لزوجها وفنها ولا تلقى بالا لما خسرته من صداقات بنيت على
المصالح، غير
انها تحدثت عن قضية حصولها على الجنسية الأمريكية مؤكدة انتمائها الكامل
لمصر وطنها
الأول وموطنها الأصلي، حلقة هالة مرت مرور الكرام فلم تحدث اي صدى من اي
نوع
..
اللقاء الذي كان أكثر سخونة حتى اليوم الثاني عشر من البرنامج تم مع
الفنانة زينة،
فقد استغلت ايناس عدم خبرتها وزجت بها في مناطق وعرة فلم تستنكف ان تسألها
عن موقع
الرجل في حياتها ومفهومها للعلاقة الجنسية وانعكاس ذلك على أدوارها
السينمائية
مكررة عليها بإلحاح الأسئلة المحرجة بصيغ مختلفة، حتى ان كلمة 'السكس' وردت
في
الحوار أكثر من مرة لدرجة أشعرتنا بالخجل وبالطبع أثرت على
إيقاع الحلقة وحالة
الضيفة التي أصرت على رفضها إستباحة جسدها ومشاعرها الخاصة في اي عمل فني
مهما كان ..
نأتي الى حوار مفيد فوزي الذي إتسم
بالتناغم لكون الصحافي المحاور يرحب بهذا
النوع من المواجهة، فقد جاء الكلام مستساغا لا يشوبه سوى حدة
مفيد في رده على
الأسئلة المتعلقة بالمقارنات بينه وبين نجوم الفضائيات من الكتاب
والصحافيين، اذ
إدعى ان ما يظهر على الشاشة من برامج وشخصيات هو مجرد استنساخ منه هو
شخصيا، اي ان
الكل يتقمص شخصيته ويحاول الاقتراب من اسلوبه في الحديث والمحاورة والصدام
أحيانا ..
يكاد الفنان خالد أبو النجا ان يكون الضيف
الوحيد الذي استنكر إصرار ايناس
الدغيدي على الكلام في 'الجنس' بهذه الكيفية وتلك الكثافة حتى انها لم تجد
جوابا
شافيا غير قولها 'أنا عايزة كدة'!
النماذج التي أوردناه من حلقات المخرجة التي
تحولت كغيرها الى إعلامية ليس الا عينة من احاديث مطولة فاقت
حدود الجرأة وتجاوزت
قوانين العمل الاعلامي وضربت عرض الحائط بميثاق الشرف الاعلامي لو انه ما
زال
موجودا.
القدس العربي في
18/09/2009
تعتبر ان العمل الفني بلا رسالة ولا مضمون ورؤية يبقى فارغا
إنعام محمد علي:
المال يتحكم بالدراما وقنوات العرض
كوثر عرار/ دمشق
في دمشق كان لنا هذا الحوار المتواضع على
عجل في صالة الفندق.. المخرجة التلفزيونية العربية إنعام
محمدعلي، صاحبة
الحضورالمتميز في تقديم صورة جديدة للمرأة العربية ولدورها في الحياة
الاجتماعية
والسياسية وتقديمها بصورة ايجابية موضوعية.
المخرجة المبدعة صدقت وصادقت الشعب
الفلسطيني قولاً وعملاً إيماناً وفناً، إعمالها الفنية تشهد
عنها وتحكي روايات
العشق للأرض للوطن للإنسان، وقصص الشهادة العظيمة التي جسدتها في أعمالها
التي
ساندت القضية الفلسطينية وكل القضايا العربية من خلال دعوتها إلى برنامج
المقاومة.
مشوارها الفني يمتد إلى حوالي ربع قرن من الإبداع والعطاء أنجزت خلال
هذه
الفترة خمسة أفلام سينمائية و81 مسلسلاً درامياً و51 فيلماً تلفزيونياً.
أعمالها
الأخيرة حققت شهرة كبيرة في العالم العربي كمسلسل 'أم كلثوم' وفيلم 'الطريق
إلى
ايلات' وفيلم 'حكايات الغريب' عن حرب أكتوبر، وهي أيضا ناشطة
على المستوى السياسي
والثقافي شاركت في لقاءات المؤتمر القومي العربي في أكثر من بلد عربي
.
·
أعمالك
الدرامية تتسم بالجدية، وتطرحين رؤية سياسية واضحة، هل يكون
ذلك على حساب المضمون
الفني للعمل؟
بالرغم من أنني اهتم بالجانب الفني وأعمل على إبرازه، إلا أن فكرة
وموضوعية العمل الفني الذي أخرجه تعد بالنسبة إليّ أحد القوالب التي يمكن
أن أرى
فيها أفكاري وهي تتناقش وتتحاور مع أفكار آخرين.. هذه الأفكار
توجه حسب وجهة نظري
على المستوى الفني في عرض هذه الأفكار، فالعمل الفني بلا رسالة وبلا رؤية
يبقى
فارغا بلا مضمون لذا فكثير من أعمالي يمكن أن تقدم عملا فنيا من صميم
السياسة فتؤثر
أكثر من المقالات السياسية، فالصورة المرئية وخصوصا الدراما لها تأثير كبير
جدا على
المشاهد ويمكن ملاحظة ذلك في فيلم 'الطريق إلى ايلات'، فهو يقدم عملية
بحرية عسكرية
حيث تسللت مجموعة من قوات سلاح البحرية المصرية من العقبة إلى ميناء ايلات
في
'إسرائيل'
وقامت بتدمير ثلاث سفن حربية وأنا أتصور أن مضمون هذه الفكرة التي تحمل
الهم العربي يجب أن توليها الدراما كل اهتمام حتى مسلسل 'أم كلثوم' ظهر فيه
التوجه
القومي من خلال شخوصه، وهذا المسلسل لا يمكن أن نقول عنه أن توجهاته كانت
فنية بحتة
إذ ان 'ام كلثوم' لم تهتم في حياتها بالجانب الفني فقط، وقدمت
من خلال أغنياتها
مضامين وطنية في مراحل تاريخية متعددة وغنت لعدد من الشعراء العرب.
كإنسانة
متخصصة بالفن وبالقضايا الإنسانية، ما رأيك بما يجري بمسار القضية
الفلسطينية، وهل
بإمكان الدراما أن تقدم قضية فلسطين، كما قدمت انت ، وابدعت في عملية
'الطريق إلى
إيلات'؟
لقد أصبح العمل الدرامي مادة تسويقية، وأصبح المال يتحكم بالدراما
وقنوات العرض، والشعب يسعى أن تبقى المقاومة، بينما الأنظمة تسير عكس
الشعب،
فالقضية ليست سهلة، فأن أي عمل ثوري سوف يشعل الشعوب العربية،
بدليل أن الطريق إلى
إيلات، أثر بالشارع العربي ككل حتى هذا اليوم عند عرضه يتأثر به الناس، وقد
كان لدي
عمل للقضية الفلسطينية وأسمه 'عباد الشمس'، وهو عبارة عن فيلم يتحدث عن
'حياة شاب
فلسطيني من غزة' ، ولكنني لم أستطع تصويره حتى الان، لأنني
أريد أن أصوره على أرض
الواقع، في الأراضي المحتلة، ودخولي إلى الأراضي المحتلة يعني مشاكل مع
قوات العدو
الصهيوني التي لها بداية وليس لها نهاية، وإني أقول لك أن سر نجاح أي عمل
درامي
وواقعي هو تصويره في مكان الحدث الحقيقي. وأتمنى أن يأتي اليوم
الذي ازور فيه
فلسطين المحررة.
·
'الطريق
إلى إيلات' نهج عربي مقاوم تجسد فيه التلاحم العربي
'السوري
الأردني المصري'، قمة الوحدة العربية، هل برأيك يمكن أن تتوحد المقاومة
العربية مثلما توحدت في هذا العمل المميز ضد الكيان الصهيوني؟
كلنا نأمل أن يعود
ذلك النهج من المقاومة، ونحاول جهدنا ساعين نحوه ويجب أن تستمر المقاومة،
ولكن في
مصر يوجد حظر لمثل هذه الأعمال. واليوم في مصر، يوجد بوادر لنهج جديد، هو
نهج
المقاومة والصمود، والرفض للتخاذل العربي، والحراك الشعبي هو
أكبر دليل على ذلك،
فالمظاهرات، والإعتصامات، هي حراك شعبي، سيكون لها ثمار في المستقبل القريب
انشاءالله، وأنا أرى، أنه لا بد أن يثمر هذا النهج، لأنه حقيقي ويمتلك قوة
الشعب،
ومن خلال مشاركتي في ملتقى حق العودة في سورية، كان اللافت
للنظر في هذا الملتقى
الذي حضره آلاف من الشخصيات الوطنية والفكرية والثقافية على مستوى العالم
كله،
ويعتبر هذا مؤشر صحي وبداية صحوة عربية ستؤدي إلى التلاحم والالتفاف حول
المقاومة
الفلسطينية العربية، لان المقاومة عند الشعب العربي حية ولن
تموت.
·
ما هي
المواضيع التي تفضلينها لأعمالك الفنية؟
أفضل أن اعمل في أفلام تتناول موضوعاً
أو قضية اجتماعية وأعمالي شاهدها الجمهور العربي في الوطن
العربي كله، مثل مسلسل
'هي
والمستحيل' الذي كان يتناول قضية 'محو الأمية'. و'الطريق إلى ايلات' و'أم
كلثوم'، وفيلم 'حكايات الغريب' عن حرب أكتوبر، كل هذه الأعمال تحمل قضايا
اجتماعية
وتدور كلها حول محور أساسي وهو كيف نصبح مجتمعاً أكثر تطوراً
وحداثة، وبالتالي أفضل
في المقام الأول الأعمال الفنية التي تتناول قضايا التطور وكيف تعالج هذه
القضايا
وتقدمها في الشاشة بصورة مشوقة جداً للمشاهد لدرجة تجعله يعيش حالة توحد مع
القضية
المعروضة، ومن وجهة نظري العمل الفني والمسلسل الناجح يبدأ عند
المشاهد حيث ينتهي.
أي أنه يحمل المشاهد رسالة يناقشها مع نفسه ومع من حوله، ثم يحولها إلى
أفعال.
انعام محمد علي، قالت لأبناء غزة 'انتم الباقون لأنكم الأقوى'، وأضافت 'المقاومة
هي العمل الوحيد المشروع لتحرير فلسطين من الصهاينة'، وعن حق العودة قالت 'على العرب جميعا أن يعملوا لتثبيت هذا الحق
المقدس'.
القدس العربي في
18/09/2009
رمضان: أموال الزكاة تُمنع عن الأيتام...
ونتنياهو يفطر سمكاً
في القاهرة
زهرة مرعي
هل كان ضرورياً أن يُختم الأسبوع الأخير من شهر رمضان على مشهد
افطار يضم حسني مبارك ونتنياهو؟ ألم يكن ممكناً تأجيل هذا اللقاء كما فعل
وزير
الخارجية التركي لأنه منع من دخول غزة عبر معبر أريتز؟ وكما
فعل وزير خارجية السويد
إثر الحملة الصهيونية على بلاده لأن أحدى صحفها نشرت مقالاً يقول بمشاركة
الجنود
الصهاينة في إنتزاع أعضاء الأسرى والشهداء الفلسطينيين لبيعها.
ألم يكن ممكناً
أن نكون نحن العرب أشد غيرة على أهلنا في فلسطين من الصديق التركي
والسويدي؟ أما
وقد حصل المشهد الإستفزازي وأفطر الداعي للإعتراف بفلسطين دولة يهودية،
سمكاً
مصرياً وحلوى عربية، ليس لنا سوى القول: إن الله مع الصابرين. وليس لفلسطين
وأهلها
سوى سواعدهم وإيمانهم والشعوب التي تدعمهم. وفي يوم الجمعة
الأخير من شهر رمضان
سيقول الفلسطينيون كلمتهم في يوم القدس، ومن خلال الصلاة في المسجد الأقصى.
أما
الحكام فهنيئاً لهم أكل السمك منعاً لإحراج اليهود، وهنيئاً لهم ذلك
الإنحدار
المجاني نحو تسوية تشبههم في ذلها. ولن ترضى بها الشعوب.
'الإرهاب' وأموال
الزكاة؟
الحادي عشر من أيلول/سبتمر في ذكراه الثامنة. العالم يعود إلى لحظة
مشؤومة صار التأريخ مرهوناً بما قبلها وما بعدها. عربياً يلفتني منذ ذاك
اليوم
'الإفتتان'
العربي الرسمي بتعبير 'الإرهاب'. هو درس نزل عليهم من قبل سيد البيت
الأبيض حينها جورج بوش الإبن، ويتواصل مع سلفه. ولأن 'العرب الرسميين'
تلامذة
مطيعون صار 'الإرهاب' تعبيراً من خبزهم اليومي، ومعزوفة لا
تغيب عن أذهانهم، به
ترتفع مراتبهم لدى أسيادهم، ويثبتون فروض الطاعة. وبهم لحقت محطات التلفزة 'المروضة' وفق توقيت ما بعد 11 أيلول
سبتمبر، فصار للكلمة فواصلها الإعلانية
الخاصة. ولأني من متتبعي مسلسل باب الحارة على قناة MBC1
فأنا مجبرة يومياً على
الإصغاء لواحد من الإعلانات التي تسعى لتبسط عقول المشاهدين العرب،
وبرمجتها وفق
المسار الذي ترسمه السياسة الأمريكية، والتي يقطف اليوم فضائلها كل من
الشعبين
العراقي والأفغاني رفاهاً ووئاماً وأمناً.
في تفاصيل ذلك الإعلان الرمضاني
مواطنون يطرقون أبواب عائلات مستورة ودور أيتام ويسلمونهم
باليد مال الزكاة. وعلى
الشاشة نقرأ العباراة التالية: الزكاة ركن من أركان الإسلام..فيه تقوى
دعائم
المجتمع.. فإحرص أن تؤديها لمن يستحقها .. ليكتمل عمل الخير. وبعد الصورة
التضامنية
التكافلية التي يقول بها الإسلام، تطالعنا صورة الرجل الذي يتناول الزكاة
من آخر
على باب دار الأيتام، ليدخل مباشرة إلى مجموعة من الشبان
الملتحين يجلسون وسط أصابع
الديناميت والأسلحة، فيما يتابع النص المكتوب مساره على الصورة نفسها: حتى
لا تنتهي
في يد المفسدين في الأرض. ومن ثم تطالعنا الكلمة التي صارت 'مفتاحاً سحرياً'
الإرهاب. كلمة بالبونت العريض كما يقول إخواننا في مصر المحروسة، ليس هذا
وحسب بل
وبالأحمر أيضاً. ويتبعها التعليق البديهي: لا دين له.
لمن تابع تفاصيل الحرب
الإمريكية وكذلك الحروب العربية على ما يسمى الإرهاب نحاول بقدر ما تسعفنا
الذاكرة
العودة إلى مسار تلك الحرب التي إستهدفت فيما إستهدفته 'تجفيف منابع
الإرهاب'. فكان
من ثمرات تلك السياسة إعتقال مواطنين عرب وفلسطينين ومسلمين وبينهم كادرات
علمية
متقدمة، وعلى وجه التحديد في الولايات المتحدة، بتهمة المساعدة
في دعم الإرهاب. وهم
كانوا في الحقيقة يعملون لجمع التبرعات من أجل مساعدة الأيتام وعوائل
الشهداء في
فلسطين. وكلنا يذكر قوائم 'حسن السلوك' التي بقيت الإدارة الأمريكية
تطالعنا بها
حتى الأمس القريب، وفيها وضعت مئات المؤسسات المالية والمصرفية
والجمعيات والأسماء
المعروفة على قائمة 'دعم الإرهاب' وبالتالي جمدت عملها وصادرت أموالها.
وهكذا
كان المتضررون من سياسة 'تجفيف منابع الإرهاب' في الطليعة أيتام وأرامل من
فلسطين،
وكان الهدف من تلك السياسة محاصرة ومحاولة 'تجفيف أية مقاومة' بوجه
إسرائيل. وحصار
غزة المتواصل فصولاً بطلب أميركي وتنفيذ عربي رسمي يقول بأن 'المفسدين في
الأرض' هم
أولئك الحكام الذين باعوا كراماتهم. ولم يستطع شهر العبادة والصوم أن
يذكرهم بها.
أما ذاك الذي يسمونه إرهاباً ، فهم مسؤولون عن نموه ب'فضائلهم وحسناتهم'
التي لن
تتسع لها سجلات عندما يستدعيهم إبليس إلى ربوعه.
المايسترو عدّة قديمة...
ملحق لملحم بركات
تحدثنا في فقرة سابقة عن حضور الموسيقار ملحم بركات في برنامج 'المايسترو' والتي لعن فيها الساعة، وقرر أن
لا يكون ضيفه مرة أخرى في الحياة. وبما
أن نيشان من خلال إسئلته التي أدت إلى إجابات من نوع الورطة
الكبرى على الصعيد
اللبناني، كان لا بد من ملحق للتوضيح والتفسير. فتناول ملحم بركات للراحل
منصور
الرحباني أدى لرد من إبنه أسامة وصفه فيه بقلة الوفاء. كذلك كان تناوله
لوائل كفوري
مساراً للأخذ والرد وصل إلى رئيس مجلس الإدارة في أل بي سي بيار الضاهر،
وفي الوقت
نفسه لم يكن ملحم بركات في رضى كامل عن عفويته المطلقة. لذلك
قال خلال الملحق: عملت
المستحيل حتى أطلع مرة تانية ع التلفزيون. حضر على الشاشة، وحاول أن يكون
هادئاً
ومتزناً، ولم يهدد ولا مرة بـ'الفلة' كما فعل في المرة السابقة. حكى وبرر
وأهدى
وائل كفوري لحناً بعدما إمتنع في المرة السابقة. لكن نيشان
منعه أن يقول عن أسامة
الرحباني 'كذاب'.
في المحصّلة وبعد أن قاربت حلقات 'المايسترو' على نهايتها
يمكننا القول بأن الفنان الذي حلّ مرة وثانية وثالثة مع نيشان من تلفزيون
الجديد
إلى
MBC
إلى أل بي سي بات صفحة مفتوحة، ولم يعد لديه سر 'مغطّى'. وهو بات يلوك
تاريخة وبطولاته مع الفقر تحديداً. صحيح أن الفنان ملك عام، لكن هذا لا
يعني تنقله
من بلد عربي لآخر راوياً حياته الخاصة، وموقفه من هذا وذاك. فقليل من
الغموض يبقي
على الكثير من الشوق. ولنيشان نقول: بات ضرورياً تبديل الأدوات
والضيوف في رمضان
المقبل، فرمضان الحالي لم يكن متألقاً وكان الجمع منفضاً عنك.
زياد الرحباني
على المنار لماذا الاستضافة على عجل؟
قرأنا في صحيفة محلية لبنانية أن زياد
الرحباني سيحل ضيفاً على شاشة المنار. إنتظرنا بشوق فناناً
إطلالاته نادرة. بدا
المشهد الأول من اللقاء ناقلاً لصورة زياد الرحباني وهو يجلس في الصفوف
الأمامية في
إحتفال النصر إثر عدوان تموز ويرتدي قبعة حمراء. ثم بدأ الحوار يدور بينه
وبين وجه
رأيناه بعد زمن. فلا البداية كانت موفقة، ولا سيرورة الحوار من
مكان وصوت ومونتاج
كانت على ما يرام. الأمر الذي دفعنا للإستنتاج بان كل ما دار في فلك ذلك
اللقاء لم
يكن لائقاً لا بقناة المنار التي تحترم ضيوفها ولا بالضيف الكبير زياد
الرحباني.
لكننا نحيي المنار كقناة مقاومة إسلامية إنفتاحها في بث أفكار زياد
الرحباني
المادية في فلسفتها والتي قال منها ما أراد. وفي نقل الكاميرا لمشاهد من
داخل
المكان الذي جرى فيه الحوار وربما يكون إستديو زياد، وبخاصة
صورة كارل ماركس، ولوحة
تحمل تحية Vive le Socialisme،
وأخرى تحمل إبتهال 'أعوذ بالله'.
في هذا اللقاء
الذي إنفرد فيه عباس فنيش قال زياد الرحباني: بعدني مش مصدق وبسأل حالي عن
جد هؤلاء
اللي عملوا كل ها الشغل بعد 12 تموز 2006 هم لبنانيون؟ كما قال أكثر من
مرة: أنا
شيوعي لبناني ومع حزب الله.
صحافية من لبنان
zahramerhi@yahoo.com
القدس العربي في
18/09/2009 |