«راجل وست ستات»، «تامر وشوقية»، «عصابة بابا وماما»، «بيت العيلة»،
«العيادة»، «عبودة ماركة مسجلة» كلها مسلسلات من نوع «الست كوم» ازدحمت بها
وبغيرها الدراما العربية خلال شهر رمضان.
وكأنها رسالة من القائمين على هذه الأعمال بأن هناك نوعاً جديداً من
الدراما سيفرض نفسه على الجميع خلال السنوات المقبلة، الأمر الذي جعل
كثيراً من النقاد والمهتمين بالدراما بأن يضعوا أيديهم على قلوبهم خوفاً
على مستقبل الدراما العربية. ويدعم خوفهم ما حققته مسلسلات «الست كوم» من
نجاحات عبر خمس سنوات، وهي تاريخ مولدها في مصر، حيث استطاعت أن تجذب
اهتمام المشاهدين؛ لدرجة بلغت نسبة مشاهدتها بحسب إحدى الدراسات إلى 3 .88%
من إجمالي مشاهدي المسلسلات الدرامية على اختلاف أنواعها..
والتساؤل الذي يطرح نفسه بين هذه السطور.. هل اتجاه بعض المنتجين إلى
هذا النوع من المسلسلات والإقبال الكبير من الجمهور عليها يرجع بالفعل
لنجاح تلك المسلسلات التي سبق وواجهت نقداً قاسياً أم سهولة تنفيذها وقلة
تكلفتها؟! وأيضاً هل هناك رسالة تقدمها مسلسلات الست كوم أم جاءت بمثابة «كمالة»
عدد بعد تراجع الأعمال الكوميدية؟ بعض النقاد رأوا أن هذه النوعية من
مسلسلات «الست كوم» انتشرت وزاد الإقبال عليها خلال العامين الأخيرين؛ ما
شجع الشركات للإقبال على إنتاج هذا النوع من المسلسلات، خاصة أنها أقل
تكلفة وتحقق مكاسب كبيرة.
وبالرغم من أن نفس النقاد سبق واعتقدوا خلال سنوات
سابقة أن هذه الأعمال أشبه ب«هوجة» سرعان ما ستنتهي؛ إلا أنهم في الوقت
نفسه يعترفون بأنهم فوجئوا باستمرارها وتزايدها ليس هذا العام فقط، بل
كشفوا أن هناك العشرات من السيناريوهات معدة للعام المقبل، ما أدى إلى
تصاعد الجدل حول مستقبل الدراما في مصر، وكيفية محاصرة هذه الأعمال التي
اعتبرها البعض منهم بالظاهرة. ولكن عدداً ليس قليلاً من المنتجين والممثلين
رفضوا فكرة الهجوم على الست كوم، وأكدوا أنها سوف تستمر لأنها، على حد
تعبيرهم، ستؤدي دوراً اجتماعياً؛ فضلاً عن أنها تعتمد على مؤلفين مؤهلين
ومبدعين، واعتبر هؤلاء المخرجون والممثلون أن تلك النوعية من المسلسلات قد
غيرت خارطة السوق الدرامية، وبدأت تستقطب كبار النجوم في الساحة؛ حتى وإن
اعترفنا بأن النجاح التجاري لهذه الأعمال كان دافعاً أساسياً لإنتاج المزيد
منها.
مفهوم ملتبس
وفي رأي الناقد طارق الشناوي فإن مفهوم «الست كوم» في مصر والعالم
العربي لايزال «ملتبساً» حيث تجده أقرب في روحه الإخراجية إلى المسرح؛
ولذلك دائماً ما تجد أريكة في الوسط يجلس عليها الممثلون الذين يواجهون
الجمهور، ولكن في الست كوم لا يوجد جمهور؛ لأن وجود الجمهور يعني زيادة
التكلفة، وبالتالي فضل القائمون على هذه الأعمال تسجيل الضحكات وزرعها في
جنبات العمل الفني بحيث تسمع بين كل حين وحين ضحكة مسجلة.
أشار الشناوي الى أن الاستسهال بات اللغة الرئيسية للست كوم، فالمطلوب
هو اختصار التكاليف بالبحث عن نجوم بأقل أجور؛ بل حتى الكبار يتساهلون مع
الست كوم حيث إن المسلسل يستغرق تصويره 4 شهور؛ بينما الست كوم 4 أسابيع؛
ولذلك إذا حصل الفنان على نصف أجره فإنه في هذه الحالة يكون قد كسب الضعف.
وعلى الرغم مما قدمته هذه المسلسلات من إتاحة الفرصة للموهوبين من
الكتَّاب والممثلين الصغار للظهور على الشاشة.. إلا أن طارق الشناوي طرح
تساؤلاً حول مستقبل مسلسلات الست كوم.
وإذا ما كانت ستلقى نفس مصير «الكاميرا الخفية» التي كانت تمثل الطابع
المميز لدراما رمضان على مدى عشر سنوات قبل أن يتشبع منها المشاهد، وتختفي
الكاميرا الخفية تدريجياً من الشاشة الصغيرة، وتوقف البرنامج ولا يذكره
أحد، وقال يبدو أن هذا مع الأسف هو المصير الذي ينتظر الست كوم.. لافتاً
أنه بمجرد عودة الدراما والمسلسلات الكبيرة لقوتها سينتهي الست كوم.
ظاهرة مؤقتة
الكاتب محمد صفاء عامر يصف مسلسلات الست كوم بأنها مثل السندوتشات «التيك
اواي»، ويعتقد هو الآخر بعدم استمرارها طويلاً، وإن قال إنه حتى في وجودها
لن تستطيع أن تؤثر في المسلسلات الطويلة، مؤكداً أن الكتابة لهذا النوع من
المسلسلات مضيعة للوقت.
وأشار عامر إلى نجاح مثل هذه المسلسلات في كثير من دول العالم؛ إلا أن
القائمين عليها في مصر لم يستطيعوا نقلها بشكل جيد، وهذا ما سيجعلها مجرد
ظاهرة تأخذ وقتها وتنتهي، مؤكداً أن النجاح الذي حققته في رمضان يرجع لأنها
شكل جديد ومختلف عما كانوا يشاهدونه من ذي قبل.. لكنها في النهاية لن
تستطيع الصمود لخلو كثير منها من الخيال والتنوع.. موضحاً أن الجمهور سيشعر
بالملل من الست كوم إذا لم يتطور ويتجدد.
تجاه ذلك لم يسكت فريق المؤيدين لمسلسلات «الست كوم»؛ حيث أجمعوا أن
هذا النوع من المسلسلات سيشهد زيادة كبيرة خلال السنوات المقبلة؛ كما سيشهد
في نفس الوقت تطوراً كبيراً من كل النواحي.
مقومات الاستمرار
وفي هذا السياق قال سامح حسين بطل «عبودة ماركة مسجلة»: «إن أعمال
الست كوم تشهد تجديداً في موضوعاتها باستمرار وجدية شديدة»، موضحاً أن نجاح
هذه المسلسلات يعود إلى أنها تناقش قضايا ملحة في قالب كوميدي رفيع،
وتستهدف فئة بعينها.
وانتقد سامح توقعات البعض الذين وصفوا مسلسلات الست كوم بأنها مجرد
هوجة وستنتهي، مؤكداً أنها لها مقومات الاستمرار استناداً إلى زيادة عددها
هذا العام. وفيما أبدى بطل «عبودة ماركة مسجلة» استغرابه من الحملة المنظمة
ضد هذا النوع من الأعمال..
أشار إلى أن الكثيرين من الذين وجهوا انتقادات لهذه الأعمال هم أنفسهم
قبل سنوات عند ظهور مثل هذه المسلسلات طالبوا بضرورة دعمها واعتبروها إضافة
جديدة للساحة الدرامية؛ لكن عندما تعارض إنتاجها وزيادة عددها مع مصالحهم
اتجهوا إلى نقدها وشن حملات كبيرة عليها.
استظراف الممثلين
كان عمرو سمير عاطف صاحب أول ورشة لكتابة مسلسلات الست كوم قد شن
هجوماً عنيفاً على المسلسلات الكوميدية الطويلة، كما انتقد الفنانين الكبار
الذين ينتقدون مسلسلات الست كوم.. موضحاً أن الناس أقبلت عليها بعد أن يئست
من الشكل التقليدي في كل شيء.
وعلى الرغم من اعتراف عاطف بتراجع مستوى الست كوم هذا العام والذي
أرجعه إلى محاولات استظراف وإضافات الممثلين، قال إن هذا التراجع في مستوى
الأعمال الدرامية لم يكن على مستوى الست كوم لوحدها، بل حتى على مستوى كل
الأعمال الدرامية هذا العام.
غيرة مهنية
وفيما رأى كبار كتَّاب الست كوم أنه لا يوجد حتى الآن استفتاء واضح
يثبت فشل هذه النوعية من المسلسلات، رغم اعترافهم بتراجع مستواها هذا
العام؛ إلا أنهم قالوا إن هناك عوامل عديدة ومختلفة أدت إلى هذا التراجع؛
حيث أشاروا إلى أن التجربة في هذا المجال حديثة وتحتاج إلى وقت وتعاون من
الجميع للنهوض بها بدلاً من محاولة تدمير الفكرة بكاملها.
الأبرز
يذكر أن أبرز المسلسلات التي عرضت هذا العام هي «بيت العيلة» بطولة
رزان مغربي وهالة فاخر، «تامر وشوقية» بطولة أحمد الفيشاوي ومي كساب،
«العيادة» بطولة بسمة وإدوارد وخالد سرحان، «عبودة ماركة مسجلة» بطولة
الفنان الشاب سامح حسين، «راجل وست ستات» بطولة أشرف عبدالباقي.
زووم إن
الجمهور غير راض
وسط هذا الجدل العريض الذي بدأ منذ بداية شهر رمضان أقبل المشاهدون
على مسلسلات الست كوم التي بلغ المعروض منها حتى الآن حوالي أحد عشر
مسلسلاً، ولكن معظم الاستفتاءات أكدت أن الجمهور غير راضٍ عن أغلبها؛ لأن
كتَّابها لم يعتمدوا على معايير خاصة تحتاج إلى براعة وغير ذلك.
كما أكد عددٌ من الجمهور أن الممثلين الذين قاموا على هذه الأعمال
حاولوا الاستظراف والخروج عن الموضوع بهدف الإضحاك والظهور، وهذا أدى إلى
إضعاف عدد من مسلسلات الست كوم.
البيان الإماراتية في
16/09/2009 |