برغم
جبروت تيار أفلام العنف والقتل والخيال العلمي، الذي أغرق صالات عرض
السينما على المستوى العالمي الصيف الجاري، فقد ظهر تيار معاكس يعيد
للإنسان أهميته ومكانته وابتسامته أيضاً على الشاشة، في أعمال لا تنطلق
فيها رصاصة واحدة،
ولا تسيل
فيها الدماء ولا يتصارع داخلها رجال العصابات، وإنما أفلام شديدة العذوبة،
تعيد الحياة للمعاني النبيلة في إطار من الرومانسية أو الكوميديا، وتجلي
الصدأ عن المشاعر الإنسانية، لتعلن أنها لا تزال حية نابضة على الرغم من كل
الضغوط.
ومن هذه
النوعية يأتي الفيلم الكوميدي (ذكريات بغيضةـ
The Hangover)،
الذي يعرض حالياً في صالات السينما المحلية، وهو من بطولة برادلي كوبر وايد
هيلمز وجوستين بارثا وهيثر جراهام وساشا باريسي وراشيل هاريس وميك تايسون
وبريان كالين، وهي أسماء غير معروفة سينمائياً، وغالبية الأميركيين لم يسمع
بأي منهم من قبل، على الرغم من ذلك لا يزال الفيلم في قائمة شباك التذاكر.
وقد حقق
إيرادات الأسبوع الماضي في أميركا الشمالية حاصداً 3 .8 ملايين دولار، ليصل
إجمالي ما حققه منذ بدء عرضه 1 .128 مليون دولار، حيث يمضي قدماً للاقتراب
من عائدات قد تصل إلى 200 مليون دولار، واتفق النقاد على أن الدقائق الـ20
الأولى، هي أسوأ ما في الفيلم، وغير ذلك جاء العمل مفاجأة مذهلة من المخرج
تود فيلبس (مخرج فيلم رود تريب) بمستوى رفيع وانسجام تام في أداء الممثلين.
على الرغم
من ظهور الكثير من الأفلام الكوميدية التي رأيناها في السنوات الأخيرة،
يأتي هذا الفيلم الممتلئ بالمفاجآت والعواطف ومجموعة من الممثلين
المغمورين، ليشهد إقبالاً كبيراً من الجمهور، وإجماعاً من النقاد على
حيويته وجرأته في طرح موضوعه، وتدور أحداثه في كوميديا ناجحة عن 4 أصدقاء
يقيمون حفلة عزاب لصديقهم دوغ (جوستين بارثا)، الذي على وشك أن يودع حياة
العزوبية في فندق سيزرز بلاس فيجاس، ولكن يستيقظون في اليوم الثاني.
وهم لا
يتذكرون شيئاً مما حدث لهم في الحفلة، لكن معالمها الغريبة ماثلة، إذ إن
هناك مجموعة من الأشياء التي لا تخطر على البال تفاجأوا بها، فقدان العريس
دوغ الذي اختفى تماماً، وفقدان (ستو) طبيب الأسنان لأحد أسنانه، وظهور نمر
في حمام الجناح الذي يقيمون به في الفندق، وطفل رضيع في الخزانة لا يعرف
أحد من هو ولمن هو، وفوق ذلك يتوجب على العريس دوغ اللحاق بحفل زواجه الذي
يعقد اليوم التالي في لوس أنجلوس.
وفي رحلة
البحث والإجابة عن هذه الألغاز، التي تدور كلها في يوم وليلة، تبدأ بعض
الأمور تتضح شيئاً فشيئاً فدوغ لم يذهب لجلب الإفطار، كما اعتقدوا في
البداية، فبطاقة الائتمان لا تزال بالغرفة وكذلك موبايله، كما وجد (ألن)
سنة (ستو) في جيبه، والطفل الذي وجدوه في الخزانة كان لراقصة في إحدى
الصالات تزوجها ستو وهو لا يدري، ليكتمل اعتراف صديقهم زاك غوليفياناكيس،
بأنه وضع عقاراً لهم في مشروب أفقدهم الوعي.
والطريف
عندما عادوا للفندق لإكمال تحرياتهم، وجدوا الملاكم السابق والشرس مايكل
تايسون يحتل جناحهم ويطالبهم بإعادة نمره الذي أخذوه من بيته ليلة أمس، ولم
يرحم تايسون ألن ولكمه بلا تردد في رسالة تحذير، يجتهدون بعدها في تخدير
النمر لإعادته إليه، ليعرض عليهم ما صورته كاميرات المراقبة في منزله،
ليكتشفوا أن صديقهم دوغ كان معهم لوقت متأخر من الليل، وتبدأ خيوط معرفتهم
بمكان دوغ تتضح عندما يطلب منهم الآسيوي (كين جوينج) إعادة (فيشات قمار)
بمبلغ 80 ألف دولار، أخذوها منه مقابل إعادة دوغ لهم.
فيلم
(ذكريات بغيضة) معد بشكل جيد للغاية، والسيناريو الذي شارك في كتابته كل من
جون لوكاس وسكوت مور وراء الحيوية التي يتمتع بها، وهو مأخوذ من أحداث
حقيقية حدثت لرجل اسمه تريب فيسون، ولاحقاً أعاد المخرج تود فيلبس كتابة
النص وأضاف مشاهد الملاكم مايك تايسون ونمره، للاستفادة من حادثة تعرض
تايسون للسجن بسبب تناوله عقاراً أفقده الوعي، للتأكيد على المعني الذي
أراد أن يحمله الفيلم، وكذلك مشاهد الطفل داخل الخزانة، وكان من الممكن
استغلاله أكثر في لقطات إضافية، لتعبيرات وجهه البريئة والعفوية التي أحبها
الجمهور وتفاعل معها.
العجيب في
هذا الفيلم أكثر من المضحك، خصوصاً عندما تنجلي الأحداث بالتوالي، وتتفجر
الكوميديا من المواقف الغريبة وغير المتوقعة، كي تقول شيئاً عن حياة هؤلاء
الشباب الذين قرروا قضاء ليلة غير نمطية، لإضفاء السعادة على روتين حياتهم
الملل، فتأتي المغامرة كاشفة عن واقعهم الخيالي، الذي تمنوه وعاشوه، وتكون
الصور الفوتوغرافية المصاحبة لتيترات النهاية، مزيجاً من الفرحة والغرابة،
ومزيداً من الابتسامات والبهجة لذكريات ستبقى محفورة في المشاعر والوجدان.
الفيلم:
ذكريات بغيضة
The Hangover
سيناريو:
جون لوكاس وسكوت مور
إخراج:
تود فيلبس
بطولة:
برادلي كوبر وجوستين براتا وزاك غوليفياناكيس
التصنيف:
كوميدي
مدته:
ساعة و36 دقيقة
الأستوديو: وارنر بروس بيكتشرز
البيان الإماراتية في
04/08/2009 |