فيلم أحمد ماهر الذي سيشارك في المسابقة الرسميّة للمهرجان الإيطالي
العريق، أبصر النور بعد عقد كامل من الإبحار عكس التيّار داخل حركة
سينمائيّة مأزومة. التجربة التي تعيد الاعتبار إلى دور القطاع العام في
الدفاع عن النوعيّة واحتضانها، تجمع بين
خالد النبوي و...
عمر الشريف، من خلال رحلة افتراضيّة
عبر المكان والزمان، بين بور سعيد والإسكندرية والقاهرة...
لا شك في أنّها مفاجأة مفرحةٌ للسينمائيين المصريين. لقد اختير فيلم
«المسافر» للمخرج أحمد ماهر، ضمن 23 فيلماً من العالم أجمع، في المسابقة
الرسميّة لـ«مهرجان البندقية الدولي» (فينيسيا) الذي تقام دورته السادسة
والستون في الجزيرة الإيطاليّة الشهيرة، من 2 إلى 12 أيلول (سبتمبر)
المقبل. يذهب فيلم أحمد ماهر إلى البندقيّة/ فينيسيا، بعد 27 عاماً من
مشاركة فيلم يوسف شاهين «حدوتة مصرية»، وعامين من مشاركة «هي فوضى» لشاهين
وخالد يوسف، في المسابقة عينها.
وبغضّ النظر عمّا قيل صيف ٢٠٠٧، من أن اختيار «هي فوضى» جاء حينذاك نوعاً
من التكريم لعبقري السينما المصريّة قبيل رحيله، فإنّ اقتصار الحضور المصري
في فينيسيا ـــــ طوال ثلاثة عقود ـــــ على ثلاثة أفلام، يطرح أكثر من
سؤال: ما الذي يجعل «هوليوود الشرق» عاجزة عن إنتاج مزيد من الأعمال التي
ترقى إلى المعايير الدولية؟
كل ذلك أوجد مناخاً من اللغط والمزايدات الفارغة، عربيّاً، في المهرجانات
الدوليّة. تسمع مثلاً أن الفيلم الفلاني شارك في «كان» أو «البندقية»، فيما
عُرض على هامش المهرجان. وأحياناً لا يتردّد المنتجون في استئجار صالة على
نفقتهم الخاصة، لتحقيق هذا الترويج «المهرجانيّ» المزيّف... في المقابل،
هناك من أدمن سلوك الإنكار، فاخترع مصطلح «فيلم مهرجانات» للإشارة إلى أي
فيلم طموح، مفرّقاً بينه وبين سينما «الجمهور عايز كده». فالأخيرة هي التي
تستحق إنفاق المال ودفع أجور النجوم. أما سينما «المهرجانات» فعلى أصحابها
التخبّط في أروقة التمويل الأجنبي. حسناً، لكنّ تمويل «المسافر» الذي نحن
بصدده اليوم، لم يكن أجنبياً هذه المرة: فهو ليس إلا الابن الشرعي للسوق
السينمائية المحليّة، بل هو من إنتاج الدولة. وهذه مفارقة تستحقّ التوقف
عندها.
أحمد ماهر أعاد عمر الشريف إلى السينما المصرية بعد غياب ستة عشر عاماً
«المسافر» هو الإنتاج الأول لوزارة الثقافة المصرية، لكنه ـــــ بطبيعة
الحال ـــــ ليس الإنتاج الأول لقطاعات الدولة. خلال سنوات تأميم السينما
المصرية (1963ـــــ1971)، أنتج القطاع العام 149 فيلماً. ورغم أن عملية
التأميم وُصفت بأنّها دمرت الصناعة وقضت على المنتجين التاريخيين والرواد
لمصلحة منتجي المقاولات الذين ظهروا بعد عودة الإنتاج الخاص، إلا أنّه لا
يمكن إنكار أنّ الأفلام التي أنتجتها الدولة (المؤسسة المصرية العامة
للسينما) خلال سنوات التأميم، قد تضمنت عدداً لا بأس به من أهم أفلام
السينما المصرية عبر تاريخها. يكفي أن نذكر، على سبيل المثال: «الأرض»،
«المومياء»، «بداية ونهاية»، «ميرامار»، «زوجتي والكلب»، «الطريق»، «شيء من
الخوف»، «الاختيار» وغيرها.
ثم عاد القطاع الخاص تدريجاً، وكادت الصناعة أن تنهار منتصف التسعينيات قبل
أن تنهض من جديد، فيرتفع معدل إنتاج الإفلام إلى 40 شريطاً في السنة، وهو
المعدل عينه قبل خمسين عاماً. وعلى الرغم من الارتفاع التدريجي ـــ
والملحوظ ــــ في مستوى السينما التجارية خلال الأعوام الثلاثة الماضية،
إلا أنها ظلّت بلا شك بعيدة عن المعايير العالمية، في الوقت الذي قررت فيه
الدولة أن تعود إلى الإنتاج عبر وزارة الثقافة. هكذا، أعلنت تقديم منح
واختارت سيناريوات، واتفقت مع مخرجين كبار وشبان لتنفيذ الأفلام، لكنّ كل
هذه المشروعات تعطّلت لاحقاً، وما زال كذلك إلى الآن.
أما «المسافر» فنفذته الوزارة بوصفها منتجاًَ مباشراً، لا على أنه منحة،
الأمر الذي رفع ميزانيته إلى 18 مليون جنيه (حوالى 3 ملايين دولار). وكونه
الفيلم الوحيد الذي خرج إلى النور، لا يجعل من مخرجه أحمد ماهر ـــــ مؤلف
الشريط أيضاً ـــــ مبدعاً محظوظاً. فهو يسعى إلى تحقيق مشروعه منذ أكثر من
عشر سنوات. وربما كان اختيار فيلمه للتنافس على «جائزة الأسد الذهبي» في
«مهرجان البندقية» يستحق وصف المخرج له بأنه «جائزة في حد ذاته». بينما كان
لأحد أبطال الفيلم، خالد النبوي، تعبير أكثر طرافة. في اتصال ببرنامج
تلفزيوني، شبّه اختيار الفيلم للمسابقة بوصول فريق كرة القدم المصري إلى
مسابقة كأس العالم!
سعادة المخرج والممثل ليست فقط بسبب عراقة المسابقة والمهرجان الأقدم في
العالم، بل للعدد الكبير من الأفلام التي تنافست للدخول للمسابقة الرسمية،
وثانياً، لأن المتابعين أقروا بأن دورة مهرجان البندقية هذا العام قد تفوق
في أهميتها دورة «كان». إذ يشارك داخل المسابقة وخارجها عدد من المخرجين
العالميين الكبار، منهم التركي فاتح أكين، والألماني فيرنر هرتزوغ،
والأميركي مايكل مور، والفرنسية كلير دوني ومواطناها جاك ريفيت وبتريس شيرو...
فضلاً عن فيلم إسرائيلي لصموئيل ماعوز بعنوان «ليبانون». علماً بأن فيلمين
مصريين آخران يشاركان على هامش المهرجان، هما جديد يسري نصر الله «إحكي يا
شهرزاد»، وفيلم كاملة أبو ذكرى «واحد صفر»، وكلاهما حازا رضا النقاد
المصريين وحققا إيرادات معقولة في دور العرض.
المخرج ماهر لم ينجح في صنع فيلم يرقى إلى مسابقة «البندقية» فحسب، بل نجح
أيضاً في إخفاء تفاصيل قصة الفيلم عن الصحافة. أما فكرة الشريط، فهي رحلة
في المكان والزمان، ينتقل بها مواطن مصري بين ثلاثة أزمنة، مدينة بور سعيد
في أحد أيام عام 1948 (النكبة)، ثم الإسكندرية عام 1973 (حرب أكتوبر)،
وأخيراً القاهرة في 2001 (١١ سبتمبر)... يؤدي خالد النبوي دور البطولة في
الزمنين الأولين، أما البطولة في الزمن الثالث فهي لعمر الشريف الذي يعود
إلى السينما المصرية بعد 16 عاماً من فيلمه «ضحك ولعب وجد وحب». كذلك يشارك
في الفيلم
عمرو واكد، شريف رمزي، محمد شومان،
واللبنانية
سيرين عبد النور.
الأخبار اللبنانية في
04/08/2009
برنامج مهرجان البندقية السينمائي يحتضن ثلاثة أفلام مصرية
ومثلها مغاربية
ريما المسمار
قبيل الإعلان عن البرنامج الرسمي لأي من المهرجانات السينمائية الكبرى في
العالم، يترقب النقاد السينمائيون والمخرجون والمهتمون بالشأن السينمائي
على حد سواء ما اذا كانت اللائحة السرية ستتضمن أياً من أعمال السينما
العربية غير القليلة. يدفعهم الى ذلك شعور طفل ينتظر إشارة ما إلى حسن
سلوكه ومكافأة عليه. الكل يعلم في قرارة نفسه ان دون وصول الافلام العربية
الى المهرجانات العالمية عقبات كثيرة، يحلو لمعظمهم تناسي الأبرز بينها.
فيصب اللوم في الغالب على شح التمويل وتراجع الحركة الانتاجية أو تغاضي
ادارات المهرجانات عن السينما العربية..عمداً. قلة تتحدث عن أزمة السينما
في السينما العربية، أي أزمة الفن والابداع، والتميز. لذلك يأتي خبر عرض
فيلم عربي في المهرجانات السينمائية الكبرى (كان والبندقية وبرلين على وجه
الخصوص) ليثلج صدور كثيرين ولكن الواقع انه- اي الخبر- قلما يكون مفاجئاً
او غير متوقع، إذ تسبقه في العادة اشارات وتطمينات الى صاحب العمل، تتسرب
الى دائرة اصدقائه. أو توقعات في الصحافة تستند الى اسم المخرج الذي سبق له
الحضور في المهرجان. حتى ادارات المهرجانات نفسها تعتمد الخطة الاخيرة في
اختياراتها، فتتابع مسيرة السينمائيين الذين سبق لهم عرض أفلامهم في
المهرجان لاسيما منهم اصحاب التجارب الاولى والثانية. من المفاجآت القليلة
في هذا الصدد، كانت مشاركة المخرجة اللبنانية الراحلة رندا الشهال في
مهرجان البندقية عام 2004 بفيلمها "طيارة من ورق" الذي حاز جائزة الاسد
الفضة. ويحكي رئيس المهرجان وقتذاك موريتز دو هادلن انه أسند الى الصحافي
الراحل غسان عبد الخالق مهمة استكشاف انتاجات السينما العربية. فاقترح عبد
الخالق فيلم الشهال الذي لقي إعجاب لجنة الإختيار وتم عرضه في المسابقة
الرسمية. تكشف هذه الحادثة أمرين أساسيين في مسألة العلاقة بين المهرجانات
السينمائية العالمية والسينما العربية. بعيداً من الانتقاص من فيلم الشهال،
جاء اختياره للبندقية على خلفية اندلاع الحرب على العراق، اذ ذكر دو هادلن
الذي كان يتسلم ادارة المهرجان للمرة الأولى وقبل ستة أشهر فقط من موعده،
ان حرب العراق دفعته الى التمحيص في انتاجات السينما العربية ذك العام،
ولهذا انتدب عبد الخالق للبحث في أحدث انتاجاتها. اذاً كان للعامل السياسي
الحدثي الاثر الكبير ليس في اختيار الفيلم وانما في اتخاذ المهرجان مبادرة
البحث والتنقيب ومن ثم تعيين مندوب لتلك الغاية عارف بالسينما العربية
وتاريخها وحاضرها وهو الأمر الغائب عن مهرجانات كثيرة اليوم من دون ان يعني
ذلك العودة الى نبرة التظلم.
مثل دو هادلن الذي لم يصمد لأكثر من دورتين في مهرجان البندقية، جاء ماركو
موللر واسع المعرفة بالسينما العربية ومخرجيها. فقد كان حاضراً خلف مهرجان
بيروت السينمائي في أكثر من دورة مسانداً مديرته كوليت نوفل سواء أمن خلال
حجز بعض الافلام العالمية لبرنامج البانوراما في المهرجان او من خلال افساح
المجال لها خلال انعقاد مهرجان البندقية للاعلان عن مهرجانها في مؤتمر صحفي
ضخم. ولا ننسى ان مهرجان البندقية في عهده كرم يوسف شاهين بإهدائه دورته
الماضية كما عرض فيلمه الأخير "هي فوضى" في المسابقة الرسمية. قبل ذلك، كان
شاهين قد عرض فيلمه "سكوت حنصور" في برنامج "خارج المسابقة" عام 2001 في
اطار تكريمي ايضاً في عهد مدير المهرجان ألبرتو باربيرا. وربطاً بذلك، تجدر
الإشارة الى ان شاهين كان اول مخرج يشارك بفيلم مصري في البندقية بفيلمه
"حدوتة مصرية".
خلاصة القول ان موللر لن يضيع فرصة لاقتناص فيلم عربي جيد، اذا انوجد
الأخير بالطبع.
قبل أيام، صدر البرنامج الرسمي للدورة السادسة والستين لمهرجان البندقية
التي ستنعقد بين 2 و12 أيلول/سبتمبر. الترقب كان على حاله. فيلم "المسافر"،
باكورة أعمال المخرج المصري أحمد ماهر، كان على لائحة التوقعات. لربما لأنه
الفيلم الأول الذي تعثرت ولادته طويلاً لمخرج واعد منذ فيلمه القصير
"علامات أبريل". وربما لأنه يعيد عمر الشريف الى السينما المصرية بعد غياب
أكثر من 15 عاماً. وربما لأن الفيلم الممول للمرة الاولى من وزارة الثقافة
المصرية أعلن منذ البداية تفرده عن صناعة السينما المصرية المأزومة من خلال
كل تلك التفاصيل التي أوردناها. يُضاف الى ذلك خلفية المخرج أحمد ماهر
السينمائية المرتمية في أحضان السينما الإيطالية منذ دراسته هناك وصولاً
الى استقدام فريق تصوير ايطالي المواهب (مدير التصوير تحديداً) من هناك.
اذاً، تحمل تجربة ماهر الأولى المقومات التي تجعلها مرشحة لنيل اهتمام
المهرجان ومتابعته حتى تمت الموافقة عليه وعلى عرضه في فئة المسابقة
الرسمية. وتعيين الفئة هي المهمة الثانية المرتقبة بعد اختيار الفيلم. فثمة
في اي مهرجان برامج وفئات كثيرة، تبقى "المسابقة الرسمية" أرفعها نظرياً
وفي عيون الصحافة والمخرجين ربما لأنها تعلن صاحب الفيلم أهلاًَ للتنافس مع
سينمائيين عالميين من طراز الفرنسيين جاك ريفيت ( (36
Vues Du Pic Saint Loup) وباتريس شيرو (Persecution) والألمانيين فيرنر هيرتزوغ (Bad
Lieutenant) وفاتح أكين (Soul
Kitchen)
والأميركي مايكا مور (Capitalism: A Love Story)
المعروضة أفلامهم في مسابقة الدورة المقبلة. إذاً، سينافس أحمد ماهر هؤلاء
على جوائز المهرجان وآخرين بالطبع في مقدمهم الايطالي جوسيبي تورناتوري
صاحب فيلم الإفتتاح
Baaria
المنتج من قبل التونسي طارق بن عمار، والذي سيكون أول فيلم ايطالي يفتتح
البندقية منذ عشرين عاماً، ومواطنوه جوسيبي كابوتوندي (La Doppia Ora) وفرانشيسكا كومنتشيني (The
Empty
Space)
وميشيل بلاسيدو (The Big Dream)؛
الفرنسيين كلير دوني (White Material)
وجاكو فان دورمايل (Mr. Nobody)
والاميركيين توم فورد (A Single Man)
وجون هيلكوت (The Road)
وتود سولونز (Life During War Time)
والآسيويين شيانغ يو سوي (Accident)
وشينيا تسوكاموتو (The Bullet Man)
ويونفان (Prince of Tears).
كذلك يشارك في المسابقة الفيلم السيريلانكي
Between two Worlds لفيموكتي جاياسوندارا والاسرائيلي
Levanon (Lebanon)
لسامويل ماوز والالماني
Women without Men
لشيرين نيشات والنمسويLourdes
لجيسيكا هاوزنر.
الى أحمد ماهر، يشارك السينمائي المصري يسري نصر الله بفيلمه "احكي يا
شهرزاد" خارج المسابقة والجزائري "الحرافة" لمرزاق علواش. وتعرض كاملة أبو
ذكري شريطها "واحد ـ صفر" في فئة "آفاق"
Horizons
الى جانب التونسية رجاء عماري صاحبة "أسرار مدفونة".
المستقبل اللبنانية في
04/08/2009 |