بعد عام ونصف عام من العمل، أبصر شريط غسان شميط النور، لكنّ الفيلم
المقتبس عن رواية «الشراع والعاصفة» التي ترصد تحولات الساحل السوري أثناء
الحرب العالمية الثانية، اقتصر على مجرد مغامرات «عاطفية» بنهاية مفتوحة
تداعيات الانتفاضة، والأزمة السياسية والأحداث الأمنية المستمرّة أثرت
سلباً في مجمل المشاريع الفنية في المحافظات السورية، كما هي الحال مع فيلم
«الشراع والعاصفة» للمخرج غسان شميط. تعثر التصوير مراراً، فـ «مشاهد كثيرة
صوِّرت في منطقة الصليبة القديمة الواقعة في اللاذقية، لكنّ الأحداث التي
شهدتها المدينة تسبّبت في تأجيل التصوير» يقول غسان شميط لـ «الأخبار».
أيضاً، تعرضت مواقع التصوير والديكورات التي جرى بناؤها على شاطئ
اللاذقية لعاصفة حقيقية دمّرت كل شيء، ما تطلب إعادة بنائها مجدداً، لكن
الشريط أبصر النور بعد عام ونصف عام من الانتظار، وقُدِّم أخيراً في عرض
خاص للصحافيين في «صالة كندي ـــــ دمر» كإعلان عن إنجاز أول الأفلام
الخمسة التي كان مقرراً أن تحدث نقلة نوعية في حجم إنتاج «المؤسسة العامة
للسينما»، وتعرض في «مهرجان دمشق السينمائي» الذي أُلغي بدوره.
أعد السيناريو شميط نفسه مع وفيق يوسف عن رواية بالعنوان نفسه للأديب
الكبير حنا مينة. تُعدّ الرواية التي صدرت مطلع الستينيات، وثيقة درامية
تاريخية اجتماعية، أغرت العديد من المخرجين لتحويلها إلى عمل سينمائي. يرصد
الكتاب التحولات التي كان يعيشها الساحل السوري أثناء الحرب العالمية
الثانية والتناقضات التي تعصف به. بدورها، لم تبتعد بنية الفيلم الدرامية
عن خطوط الرواية، وإن أهملت الكثير من تفاصيلها وأحداثها وشخصياتها، لصالح
شخصية الطروسي (أدّى الدور جهاد سعد). هذا الأخير بطل شعبي تحوّل إلى صاحب
مقهى بعد غرق مركبه، وتولّى الدفاع عن حقوق البحارة وعمال الميناء من
استغلال فئة مرتبطة بالمستعمر الفرنسي، كمالك الميناء أبو رشيد (حسام عيد)،
والوكيل الظالم (أندريه سكاف)، ومدير المخفر (زهير رمضان). ركّز الشريط على
الجوانب العاطفية في شخصية الطروسي، عندما قدم مشاهد مكررة عن علاقته
بعشيقته أم حسن (رندة مرعشلي) التي يتزوجها لاحقاً، كإعلان مباشر عن تغيير
في المجتمع، لكنّ ذلك جاء على حساب شخصيات ومشاهد الرواية الأبرز، التي
تبين واقع الساحل والصراعات الوشيكة بعد نهاية الحرب العالمية، وخروج
المستعمر. استبعد شميط من السيناريو مشاهد كثيرة تضمنتها الرواية، تلخّص
الوعي السياسي والإرهاصات الحاصلة في المجتمع السوري بسبب تداعيات الحرب،
وبروز قوة عسكرية وسياسية دولية، على حساب أخرى كانت مسيطرة على العالم.
بدلاً من ذلك، قدّم مشاهد كوميدية مكررة، لعب بطولتها أبو محمد (زهير عبد
الكريم) الذي حاول يائساً جمع رفاقه سراً، بعيداً عن أجهزة الأمن والعسكر،
للاستماع إلى محطة إذاعية، تبشرهم بقدوم أبو علي (هتلر) وجيشه للقضاء على
المحتل الفرنسي. يمثّل مشهد العاصفة مفصلاً رئيساً يحدث انقلاباً جذرياً في
مصائر الشخصيات، ويبشر بالخلاص والانتصار والتغيير، عندما يتغلب الطروسي
على قوة الطبيعة، وينقذ الريس سليم الرحموني (ماهر صليبي) من الموت. فضل
شميط إنهاء فيلمه بهذا المشهد من دون رصد مصائر أبطاله، بعكس الرواية التي
خصّص مينة الجزء الأكبر منها لرسم صورة جديدة عن شعب حلم بالتغيير والحرية،
وقدّم التضحيات لكسر قيوده ونيل حريته «فضلت تقديم نهاية مفتوحة، ليرسم
المشاهد النهايات التي يريدها». لن يتاح للجمهور السوري مشاهدة العمل فـ
«الظروف الصعبة التي نعيشها غير مشجّعة لعرضه تجارياً». ولدى سؤال شميط عن
وجود دعوات للمشاركة في المهرجانات العربية أو العالمية، كشف عن وجود
مقاطعة ثقافية ضمنية للأعمال السورية.
المشهد الأهم
بلغت ميزانية «الشراع والعاصفة» حوالى 800 ألف دولار، وهي تُعدّ واحدة
من أضخم ميزانيات «المؤسسة العامة للسينما» التي تُخصّص لفيلم واحد. يقول
غسان شميط: «كان يُفترض أن يتعاون منتج خاص معنا ويوفّر جزءاً من ميزانية
العمل، لكنّه انسحب في اللحظات الأخيرة، مما دفع وزارة الثقافة إلى تغطية
كافة النفقات». خصص حوالى 180 ألف دولار من ميزانية الشريط لمشهد العاصفة،
الذي امتد قرابة 14 دقيقة جاءت في نهاية العمل. صوِّرت مشاهد العاصفة في
أوكرانيا بأحدث التقنيات السينمائية، وفي الأستوديو نفسه الذي صوِّرت فيه
مشاهد من فيلم «تايتانيك» للمخرج جايمس كاميرون الذي فاز به بجائزة «أوسكار»
عام 1997.
الأخبار اللبنانية في
09/07/2012
عمر بن الخطّاب يقسم أهل الخليج
فالح العنزي / الكويت
موجة اعتراضات في الشارعين الكويتي والسعودي، وفتاوى تحريم وصلت إلى
مواقع التواصل الاجتماعي وأصوات تتصاعد مع بدء العدّ العكسي... هل يجد
المسلسل الضخم الذي تعوّل عليه
mbc
و«قطر»، طريقه إلى العرض في رمضان؟
أثار المسلسل التاريخي «عمر» المزمع عرضه على
mbc وتلفزيون «قطر» في رمضان، ردود فعل متباينة في منطقة الخليج، وخصوصاً
الكويت والسعودية. نوّاب كويتيّون متشددون طالبوا أخيراً الجهة المنتجة
للعمل بإيقافه، ووصلت الأمور إلى حد التهديد والوعيد، إذا لم تمتنع
المحطتان عن عرضه في الموسم المقبل «لأنّ ذلك مخالف للشريعة الإسلامية التي
تمنع تجسيد أهل البيت والخلفاء الراشدين» بحسب تصريحاتهم.
القصّة ليست ابنة اللحظة، لأنّ هذه المطالبات انطلقت منذ أن أعلنت
الشبكة السعوديّة و«مؤسسة قطر للإعلام» بدء التحضير لما وصفته «أضخم إنتاج
مشترك يطرح سيرة أمير المؤمنين». ومع اقتراب موعد العرض، زادت وتيرة
الاعتراضات والانتقادات من برلمانيين وحقوقيين يرفضون ما سموه «المساس
بالعقائد الدينيّة». وانطلقت «حملة غاضبة» في الشارع الكويتي تقودها مجموعة
من أعضاء البرلمان الكويتي من الإسلاميين المتشددين، طالبوا فيها وزراء
الإعلام الخليجيين بمنع عرض المسلسل، الذي كتبه الأديب الفلسطيني وليد سيف
وأخرجه حاتم علي، وهو الثنائي الذي قدّم المسلسل الشهير «التغريبة
الفلسطينية» عام 2004. علماً أنّ «عمر» يجمع حشداً من الممثلين السوريين،
منهم غسّان مسعود، سامر عمران، فايز أبو دان، منى واصف، قاسم ملحو، مي سكاف،
ثم المغربي محمد مفتاح، والكويتي فيصل العميري، والعراقي جواد الشكرجي،
والتونسي فتحي الهداوي، والقطري غازي حسين، والمصريّة ألفت عمر وغيرهم.
الأصوات المعترضة لم تجمع على سبب المطالبة بالمنع. بينما رفض البعض
تقديم سيرة الرسل والأنبياء في الدراما أساساً، حمّل آخرون القضية بعداً
عقائديّاً، واحتجوا على إسناد شخصيّة الفاروق إلى شاب مسيحي هو سامر
اسماعيل. وهي الأصوات نفسها التي اعترضت سابقاً على تجسيد الممثل السوري
باسم ياخور شخصية القائد العسكري المسلم خالد بن الوليد في الجزء الأول من
المسلسل (قدمه سامر المصري في الجزء الثاني). وظهر اقتراح آخر يتمثّل في
إخفاء وجوه الصحابة، ما أثار استياء الأبطال، واستغرب غسّان مسعود الذي
يجسّد شخصية أبو بكر الصديق، الجدل المثار حول المسلسل، مشيراً إلى أن
قائمة العلماء الذين أجازوه تشمل الشيخ يوسف القرضاوي. ورفض اللجوء إلى
إخفاء وجه الشخصية التي يؤديها «لأنّه لا داعي إلى مشاركتي في هذه الحال،
فأي ممثل قادر على تجسيد الشخصيّة عندها».
من جهتها، قابلت شركة
O3
ـــــ إحدى الجهتين المنتجتين للعمل ـــــ هذا الرفض بـ «التحدي» إن جاز
القول، حيث وقعت عقوداً مع محطات وقنوات عالميّة على عرضه مدبلجاً بلغتها
على شاشاتها منها
ATV التركية، وMCN الإندونيسيّة، وقنوات ماليزيّة وباكستانيّة، ثم مع
BBC... كما كثّفت
mbc حملتها الدعائية للمسلسل مع اقتراب رمضان مستفيدة من هذه الضجة،
واتفقت فوراً مع الداعية عمرو خالد على تقديم برنامج ديني رمضاني بعنوان
«عمر صانع حضارة»، ومع الشيخ نبيل العوضي على تقديم برنامج «قصة الفاروق»،
وهما يتناولان سيرة الخليفة وإنجازاته في الإدارة والسياسة والتربية.
ولم يعبّر النواب الكويتيون عن آرائهم في البرلمان فحسب، بل استخدم
النائب المتشدد محمد هايف صفحته على تويتر، وطالب في إحدى تغريداته وزراء
الإعلام في دول مجلس التعاون الخليجي، باتخاذ موقف لمنع عرض المسلسل «لأنّه
مسيء إلى الصحابة، وذلك عملاً بفتاوى علماء الدين واحتراماً لمشاعر
المسلمين». وسبقه في المطالبة نفسها أستاذ الشريعة في جامعة الكويت محمد
الطبطبائي، معتبراً أنّ «العمل تزييف للتاريخ»، فيما رفع المحامي الكويتي
دويم المويزري دعوى قضائية ضد قناة
mbc، بسبب عرضها مسلسل «عمر» ووجود موانع شرعية تمنع تمثيل أو تجسيد
شخصيات الصحابة في الأعمال التلفزيونيّة والسينمائيّة.
في المراحل الأولى، حصلت الشركتان المنتجتان على شرعيّة أتاحت لهما
التحضير بكل ثقة للعمل، بعد تشكيل لجنة من علماء الدين المسلمين لمتابعة
النص، تشكلت من رئيس الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين يوسف القرضاوي، ونائب
رئيس منظمة «النصرة» العالميّة سلمان العودة، وعضو الاتحاد العالمي لعلماء
المسلمين علي الصلابي، والأستاذ الجامعي ونائب المشرف العام في مؤسسة
«الإسلام اليوم» عبد الوهاب الطريري، وأستاذ السياسة الشرعية في «المعهد
العالي للقضاء» سعد بن مطر العتيبي، وعضو لجنة إحياء التراث الإسلامي
والنشر العلمي في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في قطر أكرم ضياء
العمري.
والسؤال: إلى متى ستتمكن قناتا
mbc و«قطر» من الوقوف في وجه الحملة التي تزيد حدتها؟ وهل يجد مسلسل
«عمر» طريقه إلى العرض، رغم كل الأصوات المعترضة وزيادة صفحات الفايسبوك
المهاجمة له؟
الأخبار اللبنانية في
09/07/2012
جدل ديني و«فايسبوكي» في الرياض
حسن آل قريش / الرياض
رغم حصوله على «مباركة» جهات دينيّة عدة في السعوديّة، دخلت هيئة كبار
العلماء في المملكة على خط الجدل المتعلق بمسلسل «عمر»، انتقد المفتي العام
للمملكة ورئيس هيئة كبار العلماء، الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ،
فكرة إنتاج مسلسل يعرض سيرة الخليفة عمر بن الخطاب. وخلال خطبة الجمعة التي
أقامها في «جامع الإمام تركي بن عبد الله» في الرياض، اعتبر أنّ «من
المصائب والبلايا أن يهتم الأفراد بسيرة الصحابة بأسلوب مآله التجريح
والنقد».
وشن هجوماً عنيفاً على من أرادوا أن يأخذوا سيرة الصحابي بالتحليل
السياسي والاجتماعي، وفتح المجال لانتقادها و«الاستهزاء» بها، معرباً عن
خشيته من تقديم الشخصية على هيئة «أعرابي جلف». ووصل آل الشيخ إلى حد القول
بأنّ «المسلسل هو خطأ وجريمة استهدفت الإساءة إلى شخص ثاني الخلفاء
الراشدين». فيما اعتبر عضو هيئة التدريس السابق في «جامعة الإمام محمد بن
سعود» الإسلامية في الرياض الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك أنّ «هذا عمل
منكر».
وأضاف إنّ «محترف التمثيل القائم بتمثيل الصحابة إمّا كافر أو فاسق،
وهذا ما يزيد الأمر قبحاً». انتقد البراك الكاتب والمخرج والمنتج والممثلين
«لأن غرضهم كسب المال والشهرة والدعاية لقنواتهم وإلى غير ذلك من المفاسد
التي توجب القطع بتحريم هذا المسلسل».
ورغم أنّ
mbc
تراهن على إنتاج بمستوى عالمي، فإن صفحات خاصة على فايسبوك أنشئت أخيراً،
مطالبةً الشبكة السعودية بوقف عرض العمل كصفحة «حملة لمنع عرض مسلسل
الفاروق عمر بن الخطاب»، وذكر أحد التعليقات «أنّ
mbc
عدلت قبل فترة عن قرار عرض مسلسل «للخطايا ثمن» تحت وطأة الاحتجاجات، لكن
وليد آل ابراهيم لن يردّ على احتجاجات الملايين التي ترفض أن يجسّد حثالة
المجتمع شخصيات أفضل الناس بعد الأنبياء».
من جهة أخرى، تجدّد الجدل داخل الأوساط الدينيّة والفنيّة في مصر حول
تصوير الصحابة وآل البيت في أعمال فنية. ورغم قرار الأزهر تحريم تجسيد
الأنبياء والصحابة وآل البيت في الأعمال الفنية، إلا أنّ هناك حالة من
الانقسام بين علماء الدين في هذا الصدد. بعضهم أكد إجازة تجسيد الصحابة،
لكن بشروط، بينما رفض آخرون فكرة تجسيد الأنبياء والصحابة اقتداء بقرار
الأزهر، وندّد متشددون بالفكرة وأكدوا عدم موافقة الأزهر على هذا العمل
وفقاً لفتوى مجمع البحوث الإسلامية. وقال عضو مجمع البحوث الإسلامية في
الأزهر محمد رأفت إنّ الأزهر، على رأسه أحمد الطيب، له موقف واضح في هذا
الشأن وسبق أن تم الإعلان عنه، وهو عدم جواز تجسيد الأنبياء والرسل والعشرة
المبشّرين بالجنّة في الأعمال الفنية. أما عضو لجنة الحوار في وزارة
الأوقاف المصرية إبراهيم رضا، فقد أجاز تجسيد بعض الصحابة كوسيلة من وسائل
الإيضاح، لكن بضوابط شرعية معينة.
الأخبار اللبنانية في
09/07/2012
العزوف عن «دراما النجم الواحد»..
قوة الدراما السورية في «البطولة الجماعية».. كتابةً
وإخراجاً وتمثيلاً
أوس داوود يعقوب
المتابع للمشهد الدرامي في هذا الموسم يلاحظ اعتماد صنّاع الدراما
السورية على «البطولة الجماعية» كتابةً وإخراجاً وتمثيلاً في عدد مهم من
الأعمال الدرامية، بعد اعتماد الكثير منها سابقاً على «دراما النجم
الواحد»، وهو ما أفقدها (أي الدراما التلفزيونية السورية) واحدة من أهم
النقاط الإيجابية في مسيرتها.
ولطالما أكد صنّاع الدراما المحلية أنّ مسلسلات الشام تعتمد أساساً
على «البطولة الجماعية»، وليس على «بطولة النجم الواحد»، وأن هذا هو ما
يميزها ويعزز ازدهارها وانتشارها عربياً، بعد أن اعتمدت في السنوات الأخيرة
الماضية على حضور النجم الواحد، أسوة بالدراما المصرية التي كانت ولم تزل
تعتمد على «النجم الواحد».
وقد بُرر ذلك التوجه حينها من قبل صنّاع الدراما السوريين بأن «هذا
طبيعي نتيجة للأجور العالية التي بدأ النجوم يطلبونها، بحيث إن ميزانية
العمل التلفزيوني لم تعد تحتمل أكثر من نجم أو نجمين!.
غير أن هذا التوجه، في ظل الواقع الذي تمر فيه البلاد وانعكاسات ذلك
على عجلة الإنتاج وبالتالي تسويق المنتج الدرامي عربياً، جعل المشاركين في
العملية الإنتاجية يستشعرون المخاطر المحدقة براهن ومستقبل صناعة الدراما،
بالنظر إلى تحجيم السوق السورية وقلة عدد شاشات العرض وقنوات التوزيع
الراغبة بالمنتج السوري هذا العام، بعد أن قرر العديد من الفضائيات
العربية، وخاصة الخليجية منها مقاطعة المنتج الدرامي السوري، في إطار
العقوبات العربية الاقتصادية المفروضة على سورية.
وإنقاذاً للصناعة الدرامية في هذا الموسم، ولترغيب أصحاب القرار في
الفضائيات العربية الخاصة، ومن يقف خلفهم من ممولين ومعلنين، رأت شركات
الإنتاج السورية أن أحد عوامل إنقاذ الموسم يكمن في تعزيز العمل الدرامي
الواحد سواء التاريخي أو الاجتماعي أو الكوميدي أو ما عرف بأعمال البيئة
الشامية بأكثر من نجمين أو ثلاثة والعودة إلى «البطولة الجماعية». فبعد أن
اعتمدت أغلب الأعمال على اختلاف مواضيعها في الموسم الماضي على «بطولة
النجم الواحد»، نظراً لرفع معظم النجوم السوريين سقف أجورهم ليتضاعف الأجر
مرتين بالنسبة لبعض الأسماء ووصوله إلى أضعاف مضاعفة بالنسبة لأسماء أخرى،
وهذا ينطبق أيضاً على المخرجين، فمخرجو الصف الأول في الدراما السورية،
رفعوا سقف أجورهم أيضاً. الأمر الذي أثقل كاهل الشركات المنتجة وهدد
الصناعة الدرامية السورية، ولاسيما أن الأسعار التي تدفعها المحطات
الفضائية نظير الحلقة الواحدة من المسلسل مازالت عند مستوياتها القديمة، ما
يجعل المنتج مضطراً للاعتماد على أقل عدد ممكن من نجوم الصف الأول. ورغم
أنه تم المضي في هذا النهج في السنوات الأخيرة، إلا أن صنّاع الدراما في
القطاعين العام والخاص من (منتجين ومخرجين وممثلين من الصف الأول) أدركوا
ضرورة التخلي عن هذا التمشي في هذا الموسم للخروج من عنق الزجاجة، حيث تؤكد
المعطيات أن عملية الإنتاج تأثرت كثيراً هذه السنة فبينما حُقّق في العام
الماضي نحو ثلاثين عملاً، حُقّق هذا العام نحو اثنين وعشرين عملاً فقط، ما
يعني أن هناك أزمة لا يمكن إخفاؤها، ذلك أن سوق الدراما السورية تعتمد
بالدرجة الأولى على القنوات الخليجية، كما يقول المنتجون.
لهذا كله عادت مع انطلاقة هذا الموسم الدرامي ظاهرة «البطولة
الجماعية» من خلال عدد من المسلسلات، التي نسلط الأضواء على بعضها ههنا،
والتي يتصدرها مسلسل «زمن البرغوت»، الذي يجمع عدداً مهماً من نجوم الصف
الأول.
ويقدم المسلسل حكايته عبر جزأين مؤلفين من ستين حلقة، فيتابع المشاهد
الجزء الأول في شهر رمضان القادم على أن يكمل الحكاية موسم 2013م.
ويبدو اسم العمل غريباً للوهلة الأولى لكنه مستوحى من «البرغوت» الاسم
الشعبي للعملة القديمة التي كانت مستخدمة خلال الحكم العثماني، في إشارة
إلى صعوبة الأوضاع المادية التي عاشها أهل ذلك الزمان.
أما أحداث المسلسل الذي كتب نصه محمد زيد ويخرجه أحمد إبراهيم أحمد،
فتدور بين عامي (1919 و1926م) أي بين نهاية الحكم العثماني لسورية وفترة
الاستعمار الفرنسي، مروراً بمرحلة الثورة العربية الكبرى، وحكم الملك فيصل
الأول للعاصمة السورية ضمن عوالم جديدة وغنية، ويتناول العمل حكاية الناس
في حارة «عياش» إحدى حارات حي الميدان الدمشقي، راصداً العلاقات التي كانت
سائدة في تلك المرحلة، إضافة إلى علاقة الريف بالمدينة.كذلك يجمع مسلسل
«الأميمي» للكاتب سليمان عبد العزيز والمخرج تامر إسحاق، عدداً مهماً
النجوم ويتناول المسلسل حقبة زمنية مرت على مدينة دمشق بعد خروج إبراهيم
باشا منها، ويسلط الضوء على الحالة العامة للمدينة بعد عودة العثمانيين
وقضائهم على الإصلاحات السياسية والإدارية والاجتماعية والاقتصادية.
ويطرح العمل حالة الفساد الضريبي والمالي في «الحكمدارية»، كما يعتمد
على الطرح الحقيقي لتلك المرحلة المهمة من تاريخ دمشق مع توثيق للحالة
الاجتماعية التي كانت سائدة آنذاك.
أما مسلسل «طاحون الشر» للكاتب مروان قاووق والمخرج ناجي طعمة في أولى
تجاربه الإخراجية في أعمال البيئة الشاميّة، فيجمع كذلك نخبة من نجوم الصف
الأول الشباب.
وتدور أحداث المسلسل حول الفترة التي تلت احتلال الفرنسيين لدمشق
بعامين تقريباً، بعدما تعرضت إحدى الحارات الدمشقية التي تدعى حارة «الكبادة»
إلى أبشع صور دمار مرت عليها، وبعدما انهالت عليها المشكلات من كل جانب،
حتى كثر القتل والصدامات بفعل تراكمات لأحداث اجتماعية كثيرة فاحتدمت
الصراعات على السلطة والمال.
القطاع العام.. إنتاجات ضخمة تجمع كبار النجوم
يشارك في مسلسل «الأرواح العارية» الذي كتب نصه فادي قوشقجي ويخرجه
الليث حجو ويتعاون معه فنياً نضال سيجري، عدد مهم من النجوم.
ويرصد العمل طرحاً جريئاً وجديداً للكثير من الموضوعات التي يمكن
القول بأنها تُطرح للمرة الأولى في الدراما السورية... المسلسل يغوص عميقاً
في تفاصيل المجتمع السوري، خاصة قضايا المرأة والبنية الأخلاقية التي
تحكمها، مسلطاً الضوء على حياتها والمشكلات والمعاناة التي يتم تجاهلها
وتأجيلها وهي ليست بهدف الإثارة إنما موظفة بدقة للمساهمة بطرح الأسئلة
الحقيقية والجوهرية في المجتمع العربي المعاصر.
وبقيادة المخرج فهد ميري، تجتمع سلافة فواخرجي، مع غسان مسعود، وأسعد
فضة، وزهير رمضان، وسعد مينه، ومحمد الأحمد، وضحى الدبس، وعدنان أبو
الشامات، وغيرهم في مسلسل «المصابيح الزرق»، المأخوذ عن رواية بالعنوان
ذاته للكاتب الكبير حنا مينه.
ويُعدّ هذا المسلسل من أضخم إنتاجات «مؤسسة الإنتاج التلفزيوني
والإذاعي» لهذا العام, وقد وضع له السيناريو الكاتب المعروف محمود عبد
الكريم.
والعمل ملحمة وطنية تلفزيونية بامتياز ضمن مسلسل يقع في ثلاثين حلقة
يحمل الطابع التاريخي الاجتماعي، وتدور أحداثه في مدن الساحل السوري وريفها
خلال فترة الحرب العالمية الثانية.
أما مسلسل «بنات العيلة» للكاتبة رانيا بيطار، والذي تخرجه رشا شربتجي،
فيجمع العديد من نجمات الدراما السورية.
ويتحدث العمل الذي يعتمد على البطولة النسائية، عن عوالم إنسانية
متنوعة وشفافة ويسلط الضوء على مجموعة من القضايا والمشكلات.. عبر قصص
مجموعة من الفتيات اللواتي ينتمين إلى عائلة واحدة، وتجمعهن الخالة الكبرى
(ملك) التي تؤدي دورها الممثلة القديرة ثناء دبسي.
وتقدم رشا شربتجي أيضاً عملها «ساعات الجمر» الجزء الثاني من «الولادة
من الخاصرة».
وفي هذا الجزء نتابع تفاصيل مثيرة يأخذنا إليها الكاتب سامر رضوان، الذي
يواصل كشف الكثير من ملفات الفساد واستغلال النفوذ في الدوائر الأمنية،
فاضحاً قصصاً كثيرة مسكوتاً عنها في مجتمعنا.
ويلتقي عشاق الدراما في مسلسل «المفتاح»، من إخراج هشام شربتجي
والكاتب خالد خليفة، عدداً من النجوم المخضرمين والشباب أيضاً.
و«المفتاح» عمل اجتماعي يعالج مجموعة من المفاهيم والقيم الحياتية
كالحب والزواج والشرف والأمانة ليثبت هشاشتها عند امتحانها في الواقع.
ويعود مسلسل «صبايا» بإمضاء المخرج سيف الشيخ نجيب. وعن الجديد في
المسلسل في جزئه الرابع فإنه سيتابع رصد يوميات الصبايا، ولكن هذه المرة في
دولة الإمارات العربية، حيث سنتابع تفاصيل القصص والمشكلات التي تواجههن،
مثل البحث عن العمل بشكل مستمر ضمن اختلاف الطبيعة الاجتماعية لدبي عن
سورية ونوعية المشكلات التي تحصل، وذلك مع الالتزام بالمكان الذي تجتمع فيه
الصبايا، حيث سيتم تصوير ثلث المشاهد في منزل الصبايا وثلثين في الأماكن
العامة في دبي .
وللمرة التاسعة على التوالي لا يغيب عن المشهد الدرامي السوري مسلسل
«بقعة ضوء» للمخرج عامر فهد، والذي يشارك في بطولته نخبة كبيرة من نجوم
الدراما والكوميديا في سورية.
تشرين السورية في
09/07/2012
هل تجاوزت الدراما السورية ما يسمى المقاطعة..؟
بسام سفر
منذ مواسم درامية طويلة تعيش الدراما السورية مأزق تسويقها في سوق
الدراما العربية, وذلك يعود إلى أسباب خارجية بعيدة عن يد منتجي الدراما
ذاتها, وأخرى يعود سببها إلى منتجي الدراما السوريين والقوانين التي يعمل
في ظلها هؤلاء المنتجون, وفي كل عام يضع الكثيرون من العاملين في السوق
الدرامية السورية أيديهم على قلوبهم حتى تسويق الموسم الدرامي كله. هذه
الظروف كانت قبل دخول البلاد في ظل الأزمة التي تعيشها سورية اليوم, فكيف
يكون الحال مع استمرار الأزمة للموسم الدرامي الثاني على التوالي, إذا أرخت
الأزمة بظلالها على الكثير من المنتجين الدراميين في سوق الدراما السورية,
حيث أجل الكثير منهم انتاجاته الدرامية إلى الموسم القادم على أمل أن تكون
سورية قد تجاوزت ما تعيشه من أحداث. وما يميز هذا الموسم الدرامي في ظاهره
هو قلة الإنتاج الدرامي السوري في زاوية الشكل, لكن في الواقع العملي إن
الإنتاج لم يهبط إلى مستويات قليلة من زاوية العدد, وإنما أعيد تدوير
الزوايا بحيث لعبت أكثر من جهة دوراً كبيراً في إعادة هيكلة الإنتاج باتجاه
تحسين وتجويد نوعية الدراما السورية المختارة, وهذا ما عملت عليه المؤسسة
السورية للإنتاج التلفزيوني والإذاعي, إذ أنتجت أكثر من ثلاثة أعمال درامية
اجتماعية نوعية أولها «المفتاح» من تـأليف خالد خليفة وإخراج هشام شربتجي,
وثاني هذه الأعمال رواية الكاتب المبدع حنا مينه «المصابيح الزرق» كتب لها
السيناريو الشاعر محمود عبد الكريم, وأخرجها فهد ميري, وثالث هذه الأعمال
هو «أرواح عارية» للكاتب فادي قوشقجي وإخراج الليث حجو, إضافة إلى سلسلة
«أنت هنا» من تأليف شادي دويعر وإخراج علي ديوب, وأيضا سلسلة «طروادة» التي
كتب لوحاتها ورشة من الشباب وأخرجها أسامة شهاب الحمد, وقرأ المنتجون
السوريون السوق الدرامية العربية قراءة دقيقة كما أشار الزميل ماهر منصور
في إحدى زواياه في أيام الفن, ان العصب الأساس للدراما السورية في موسم
2012, هو دراما البيئة الشامية, لعدم قدرة المحطات الفضائية العربية على
الاستغناء عن طبق الفاكهة الشامي البيئي, وهذا ما حصل في هذا الموسم إذ
أنتجت عدة أعمال درامية بيئية في مقدمتها «الأميمي» للكاتب سليمان عبد
العزيز وإخراج تامر اسحاق, و«طاحون الشر» من تأليف مروان قاووق وإخراج ناجي
طعمة, و«زمن البرغوت» من تأليف محمد الزيد وإخراج أحمد ابراهيم أحمد.
من هذا التقديم أستطيع القول: إن العاملين الأساسيين في تسويق الدراما
السورية لهذا الموسم هما ما ذكرتهما, إذ إن المؤسسة السورية للإنتاج
التلفزيوني تولت قيادة الإنتاج الدرامي الاجتماعي, والمنتجين الحاذقين
دخلوا إلى الموسم من بوابة البيئة الشامية, لذلك نجح صناع الدراما السورية
في تجاوز مأزق تسويق الدراما السورية, إضافة إلى توجه الدراما السورية إلى
ما يدعى (السوق المحلية) أي إلى التلفزيون العربي السوري بقنواته الفضائية
والأرضية, وكذلك تلفزيون الدنيا, إذ نادرا ما يسوق عمل درامي سوري إلا من
خلال هذه القنوات, وبذلك نجد أن أي عمل درامي سوري لا يقف في مكانه
الإنتاجي, وإنما يتقدم إلى الأمام من خلال العروض التي تعرضها القنوات
الدرامية السورية المحلية حيث يستعيد المنتج أكثر من ثلث ثمن العمل
الدرامي, وفي هذا الموسم نستطيع القول: إن الدراما السورية تجاوزت ما أعلن
وسوق باطلا في مقاطعة الدراما السورية, فهي استطاعت أن تصل إلى القنوات
المهتمة بها, وهذا ما حصل في أعمال البيئة الشامية والتراثية, إذ إن «زمن
البرغوت», اشترته للعرض على شاشاتها (11) قناة فضائية هي زي ألوان, ليبياT.V, المنار, الشارقة, الدنيا, الكويت, قطر, فلسطين, سورية دراما,
الجزائرية, «infinity».
ويضاف إليه العمل الدرامي البيئي «الأميمي» اشترته ست قنوات فضائية هي «m.b.c,
قطر, البغدادية, الجزائري (1), الغدير, «LBC».
وأيضا العمل الدرامي «طاحون الشر» مباع إلى محطتين هما «تلفزيون الجديد,
الجزائر(3)» وينتمي إلى هذه الأعمال التراثية «المصابيح الزرق», وهو مباع
إلى المحطات التالية «أبو ظبي, الامارات, التلفزيون السوري,.lbc
EU أما ما حقق حضورا في جزئه الأول «الولادة
من الخاصرة», ويتابع حضوره على عدد من الفضائيات بعنوان ساعات الجمر
(الولادة من الخاصرة 2), وهي «أبو ظبي الأولى, الظفرة, زي ألوان, تلفزيون
الجديد, الجنوبية التونسية». أما العمل الدرامي المفتاح فهو مباع إلى «سما
دبي,
LBC EU,
التلفزيون السوري». وكذلك «أرواح عارية» مباع إلى «زي ألوان, الدنيا, سورية
الفضائية,
LBC.I»,
وبنات العيلة مباع إلى «m.b.c
دراما, زي ألوان,
LBC I».
ورفة عين مباع إلى «m.b.c
دراما, الدنيا», والانفجار مباع إلى «الشروق, التلفزيون السوري». و«أيام
الدراسة ج2» مباع إلى «الدنيا, سورية دراما». أما الأعمال الكوميدية
المنتجة هذا العالم فهي بقعة ضوء (9) مباع إلى تلفزيون الدنيا وكذلك سيت
كاز القناة ذاتها أما أبو جانتي (2) فتعرض على «روتانا خليجية, روتانا
مصرية, الفضائية السورية,
LBC». في حين أن رومانتيكا مباع إلى روتانا خليجية, الفضائية السورية,
LBC
» بينما «أوراق بنفسجية» مباع إلى التلفزيون العربي السوري وقناة العقيق.
والعمل الدرامي من الموسم السابق «شيفون» يعرض على البغدادية (2). وهكذا
نجد أن الأعمال الدرامية السورية وصلت إلى المحطات الفضائية العربية
والسورية وفق معيار السوق, ووفق صيغة المفرق وليس وفق مبدأ السلة الواحدة
المساعد على تسويق أكبر عدد من الأعمال الدرامية, وتجدر الإشارة أيضا إلى
علامة فارقة في هذا الموسم هي تسويق قطاع الدولة «المؤسسة السورية للإنتاج
التلفزيوني والإذاعي» أعماله الدرامية ولاسيما الاجتماعية ذات النوعية
المختارة. وهذا ما لم يكن يحصل في المواسم الدرامية السابقة, وهذا يعني كما
ذكر مدير المؤسسة المخرج فراس دهني تحول المؤسسة إلى أحد المسوقين
الدراميين السوريين, ما يؤهل المؤسسة للإنتاج في الموسم الدرامي القادم.
أخيرا, هذا من باب التسويق الدرامي, فهل يرتقي المضمون والمحتوى
الدرامي في الأعمال السورية إلى ما يبتغيه الجمهور الدرامي العربي.. آمل
ذلك, فإلى مشاهدة درامية ممتعة في رمضان حار للعام 2012.
تشرين السورية في
09/07/2012
القراءات النقدية في الدراما التلفزيونية السورية... من
يقرأ؟
علاء الدين العالم
لطالما كان النقد هو رديف الإبداع، وكان الإبداع هو خالق النقد، فلا
يوجد إبداع من دون نقد ولا نقد من دون إبداع، إذ إن هذه العلاقة التبادلية
بين النقد والإبداع هي التي ترتقي بالمنتج الإبداعي من خلال القراءات
النقدية التي يقدمها النقاد ويسعون من خلالها إلى رفع مستوى الإبداع وتطوير
المنتج الإبداعي بحيث يلاقي القبول عند المجتمع بشكل عام وعند المختصين
بشكل خاص، كذلك فإن نشوء إبداع رفيع المستوى أدى إلى خلق مذاهب نقدية ترقى
لأن تكون تيارات فكرية وفلسفية تجاوزت من خلال نظرياتها وظيفتها النقدية
كونها تسعى لأن تكون منتجاً إبداعياً مستقلاً بذاته، حاولت الدراما
التلفزيونية، وعبر عشرات السنين، تكوين ذاتها الإبداعية المستقلة من خلال
ما سُمي بـ «المسلسل التلفزيوني»، والذي حاولت عن طريقه الدراما
التلفزيونية سلخ نفسها عن الفنون البصرية، ولاسيما السينما، وإنشاء شكل
إبداعي مستقل تُكرَس من خلاله الدراما التلفزيونية على أنها إبداع في حد
ذاته. ولعل ما احتوته الدراما التلفزيونية من إبداعات متعددة ابتداء من
كتابة السيناريو مروراً بالتمثيل والتصوير، وانتهاء بالموسيقا التصويرية،
هو ما جعلها قريبة من الاعتراف بها كإبداع مستقل عن السينما وغيرها من
الفنون البصرية, مع العلم بأنه، إلى الآن، لم يعترف البعض بالدراما
التلفزيونية كشكل إبداعي مستقل، ومازالوا يلحقونها بالسينما لاسيما أن
مصطلح «الدراما التلفزيونية» هو هجين بين كلمتي «دراما» والتي تعني بالمعنى
العام «الأعمال المكتوبة للمسرح مهما كان نوعها» وكلمة تلفزيون تيمناً بأن
هذه الدراما تعرض على الشاشة الصغيرة.
إبداع غير معترف به....
إن أسقطنا الكلام السالف على الدراما التلفزيونية السورية، نجدها
كغيرها من الدراما التلفزيونية، مازالت تصبو إلى الاعتراف بها كإبداع مستقل
عن السينما، ناهيك بأن الدراما التلفزيونية السورية تعاني من صعوبات عدة
تتمثل في المجتمع الفني القائم في أغلب الأحيان على الشللية السلبية
والمحسوبيات وما إلى ذلك، ومازال الكثير من النقاد يرون أن المسلسل
التلفزيوني ما هو إلا فيلم طال ليصل إلى 25 ساعة مفرقة على حلقات، حتى إن
الجميع يحاكم المسلسل التلفزيوني من منظور سينمائي، بمعنى أن الناقد عندما
يقوم بقراءة نقدية لهذا المسلسل أو ذاك يحاكم العمل من زاوية سينمائية
وكأنه فيلم سينمائي لا مسلسل تلفزيوني، والسبب في ذلك أن الدراما
التلفزيونية لم تتمكن إلى يومنا هذا من الانفصال التام عن السينما, فمكونات
الدراما التلفزيونية الأساسية هي ذاتها مكونات السينما «سيناريو، تمثيل،
تصوير، إخراج، موسيقا تصويرية» وما أود الإشارة له هنا هو أنه مادامت
الدراما التلفزيونية السورية لم تتمكن من إثبات نفسها كنوع إبداعي مستقل لا
يمكن نشوء نقد مستقل مختص بنقد المنتج الدرامي التلفزيوني، فمن غير المنطقي
أن ينشأ نقد مختص بالدراما التلفزيونية وهي مازالت في طور الانسلاخ عن
السينما ولم تستقل بشكل نهائي، والجدير ذكره أن تسمية هذه القراءات النقدية
بمصطلح «نقد درامي» وتسمية من يقوم بها بـ «ناقد درامي»، هي اصطلاحات ليست
مغلوطة وحسب، بل انها تدل على معانٍ أخرى، فإن كلمة «درامي» والتي تعد من
تصنيفات علم الجمال، لها علاقة بشكل رئيس بالمسرح وليس بالتلفزيون.
من يقرأ القراءات النقدية للمسلسلات؟؟
بعيد الفورة الإنتاجية في الدراما التلفزيونية السورية، ظهر العديد من
المقالات في الصحف المحلية والعربية يحاكي هذا المنتج الإبداعي ويسلط الضوء
على نقاط الضعف والقوة في هذا المسلسل وذاك، فصدور مسلسلات تمكنت من إثبات
نفسها كحالة فنية، أوجب على الكثير ممن يعملون في الصحافة القيام بقراءات
نقدية متماسكة تنقد العمل الدرامي التلفزيوني وتبرز النقاط التي جعلت من
هذا المسلسل حالة فنية متكاملة حملت في طياتها الكثير من الجهود الإبداعية.
فيما بعد، وبزيادة الإنتاج الدرامي التلفزيوني في سورية، وظهور مسلسلات
غاية في الجودة من الناحية الفنية، وأخرى متوسطة، وغيرها رديء، ظهرت صحافة
تخصصت في الدراما التلفزيونية من خلال مقالات تنقد العمل الدرامي
التلفزيوني وتوجهه وتسلط الضوء على مواقع الضعف والقوة في المسلسلات
السورية، ونذكر مثالاً على تلك الصحافة التخصصية «ملحق دراما» في جريدة
تشرين، وصفحة «فنون» في جريدة الثورة، وغيرهما من الصفحات في الصحف السورية
والعربية، وبالرغم من أن هذه المقالات لم تتعد كونها قراءات نقدية مكثفة،
إلا أنها حملت خلال نصف عقد، رؤية نقدية ترادف المنتج التلفزيوني وتهدف إلى
تطويره من خلال وجهة النظر النقدية، لكن الغريب في الأمر، أنه لم تقم تلك
الحالة التبادلية بين الإبداع والنقد، بين القائمين على المنتج التلفزيوني
من كتاب ومخرجين وممثلين...الخ، وبين الصحافيين والنقاد الذين ما انفكوا عن
القيام بقراءات نقدية سعوا بها إلى تطوير الدراما التلفزيونية وإبعادها عن
العثرات والأخطاء التي تساعد في تحييدها عن تحقيق ذاتها كشكل إبداعي مستقل.
إذ نادراً، إن لم أقل مطلقاً، ما يلتفت صناع الدراما إلى هذه القراءات
النقدية لأعمالهم، ومن ذلك أن النقاد ما إن صدر مسلسل «باب الحارة» في جزئه
الثاني حتى بدؤوا يؤكدون على خطورة تكريس هذا النوع من الدراما
التلفزيونية، لأنه لا يصور تاريخ دمشق الحقيقي، إضافة إلى أنه يسيء إلى
التاريخ الدمشقي العريق من خلال العناصر المبتذلة التي احتواها، لكن
النتيجة أتت معاكسة، إذ بدأت هذه المسلسلات بالزيادة والتفريخ إلى أجزاء
متعددة، ولم يصغ القائمون على إنتاج مثل هذه الأعمال إلى ما قاله النقاد
والصحفيون، حتى تكاد هذه المسلسلات أن تتحول إلى نوع من أنواع الدراما
التلفزيونية السورية، والسبب في ذلك هو انصياع الكثير من الوسط الفني نحو
المردود المادي الجيد لهذه المسلسلات التي تحظى بتسويق ممتاز.. ولم يقف
الاستخفاف بهذه القراءات النقدية وعدم الالتفات لها عند هذا الحد، بل تعداه
ليصل إلى عدم تمشي المنتج التلفزيوني باعتباره إبداعاً مع النقد الذي يوجه
له، فمن الممكن أن تقرأ أكثر من مقال كتب قبل خمسة أعوام يركز على أهمية
التوثيق التاريخي ودوره في إعطاء المصداقية للمسلسل التاريخي وجعله وثيقة
تاريخية، في حين تجد في الموسم الماضي أكثر من ثلاثة أعمال لا تعتمد
المصداقية ولا تقيم لها وزناً. أيضا، من نستطيع تسميتهم بالمبدعين في
المسلسل، لا يلتفتون إلى ما يكتب عنهم في هذه المقالات، حيث نقرأ أكثر من
مقال يتكلمون عن الأداء التهريجي لهذا الممثل والأداء المصطنع لذاك،
والتكرار عند هذا المخرج وضعف السرد عند هذا الكاتب، لكن كمن يصدح في
العراء، فلا الممثل يلتفت إلى النقاط التي أشار إليها الناقد، ولا المخرج
يقيم وزناً للمقال، ولا الكاتب يهتم بما كتب عنه.
وما يزيد في الطنبور نغماً، أن أغلب هذه المقالات لا يقرؤها إلا
النقاد ذاتهم، أما المعنيون بقراءتها فلا يلتفتون إليها، والدليل الأكبر
على ذلك أنه نادراً ما ترى رداً على هذا المقال، أو إشارة لذاك، تصدر من
المعني بالأمر، وهنا أعني الكتاب بشكل خاص، فإن كان الممثل لا يمتلك لغة
تخوله للرد على الناقد، وإن كان المنتج لا يلتفت إلى هذه القراءات على
اعتبار أن همه الأساسي هو الربح، فما الذي يمنع الكاتب، وهو الذي يمتلك
لغة، من الرد إن كان يرى أن عمله كامل لا توجد فيه تلك النقاط المشار إليها
في المقال؟؟ من المحتمل أن يسأل بعضهم عن جدوى الردود ولماذا أؤكد عليها؟!
وهنا أقول: إن الردود التي أتمنى أن أراها في صحافتنا ليست المهاترات التي
تتسارع في الظهور إن حمل أحد المقالات ذماً أو تقريعاً لشخص المبدع، بل
أقصد الردود التي ارتقت بالكثير من الإبداعات في العالم، ما دامت الصحف
ووسائل الإعلام تربة خصبة للحوار البناء بين الناقد والمبدع، والأمثلة على
هذه الحالة البناءة كثيرة في الأدب وغيره من الفنون. وهنا لا أشمل جميع
القائمين على الدراما التلفزيونية السورية، فهناك قلائل ممن يتابعون هذه
القراءات ويتمشون معها ويسعون لتطوير منتجهم الإبداعي ودليل ذلك ظهور أعمال
ذات مستوى رفيع فنياً.
أخيرا، إن عدم التفات القائمين على صناعة الدراما التلفزيونية السورية
إلى القراءات النقدية التي تحاكي أعمالهم ومنتجاتهم، سيمنع قيام علاقة
تبادلية بين الإبداع ممثلا بهذه المسلسلات، والنقد ممثلا بتلك القراءات
النقدية، ويؤكد هذا الاستخفاف أن اللاعب الرئيس في الدراما التلفزيونية
السورية هو العنصر المادي، وما ينتج عنه من محسوبيات وقتل لروح العمل
الجماعي بوجود رأس المال الحاكم. وما بقي العنصر المادي هو العنصر الأساس
ستبقى الدراما التلفزيونية السورية عاجزة عن إثبات نفسها كإبداع مستقل
بذاته.
تشرين السورية في
09/07/2012
بريجيت ياغي ورؤى الصبَّان لأوَّل مرَّة
بوشوشة وسلطان ومبارك يتابعن الحضور في الدراما السوريَّة
عامر عبد السلام
مع دخول وجوه جديدة إلى الدراما السوريَّة في موسمها الحالي، ما زالت
كلّ من أمل بوشوشة وصفاء سلطان وصبا مبارك يحافظن على أماكنهن.
دمشق: منذ ثلاث سنوات انتشرت موجة بروز الدراما السورية على حساب
نظيرتها المصرية وزادت مع استقدام عناصرها للعمل في مصر، فاستعانت المحروسة
بنجوم سوريين بصورة لافتة للنظر جعلت البعض يطلق عليه غزو نجوم الدراما
السورية نظيرتها المصرية، ولاشك في أن امتداد الدراما السورية عربياً
ومشاركة نجومها في باقي الدراما العربية أمر جيد خصوصًا أن الفن لا يعرف
الحدود، وربما لهذا السبب بالتحديد بدأت هي الأخرى في الاستعانة ببعض
النجوم العرب.
واللافت في موضوع الاستعانة هو العنصر الأنثوي على الرغم من توفر
الزخم الهائل وتوفر الكثير من الفنانات السوريات اللواتي لا تنقصهن الخبرة
التمثيلية، إضافة إلى العنصر الجمالي البارز واللافت الذي يحظين به.
وبعد أن أطلت الفنانة الجزائرية، أمل بوشوشة، في الدراما السورية من
خلال مسلسلين هما "ذاكرة الجسد" و"جلسات نسائية" في رمضان الفائت، ها هي
تحجز مكاناً لنفسها للعام الثالث على التوالي، لتخوض غمار المنافسة من خلال
مسلسل البيئة الشامية "زمن البرغوث" مع المخرج أحمد ابراهيم أحمد، علماً
أنّ هذه الأعمال تتطلب إتقان لهجة أهل الشام القديمة، وتؤدي أمل فيه دور
"رويدا" زوجة ابن مختار الحارة.
كما تطلّ أمل كضيفة شرف في الجزء الثاني من "الولادة من الخاصرة" من
تأليف سامر رضوان وإخراج رشا شربتجي تمهيداً لأن تكون بطلة العمل في الموسم
القادم في الجزء الثالث من العمل.
كذلك فإن عودة الفنانة الأردنية، صبا مبارك، لم تكن مفاجأة كونها
تعتبر إحدى الفنانات المنافسات للممثلات السوريات، وتعود هذا العام إلى
الدراما السورية من خلال مسلسل "أرواح معلقة" الذي شارك في تأليف حلقاته
المتصلة المنفصلة عدد من الكتاب منهم أمل حنا وعبد المجيد حيدر، ويتناوب
على إخراجه عباس النوري، ورامي حنا، وتامر اسحاق.
كما تأتي مشاركة الفنانة اللبنانية بريجيت ياغي في الدراما السورية
لأول مرة، حيث تؤدي دور "ناريمان" في الجزء الرابع من "صبايا" بتوقيع
المخرج سيف الشيخ نجيب، وهي كاتبة لبنانية تقصد صديقتها في دبي بهدف البحث
عن فرصة عمل جديدة أسوةً بما تفعل باقي الصبايا، فتقابلها مواقف طريفة،
وستصادف العديد من المطبات والعقبات لا سيّما أنها فتاة تعيش في عالمها
الخاص وهو عالم الكتابة والخيال.
وتشاركها في بطولة العمل الاماراتية رؤى الصبان التي تؤدي دور
"ليليان" التي تدير أحد أهم مراكز التجميل في دبي، حيث سيكون المركز بطلاً
مكانياً جديداً بكل ما تحمله كلمة بطل من معنى، وتعيش الصبايا التفاصيل
اليومية وما يحصل في خفاياه ووراء كواليس عوالم الجمال.
أما وجود الفنانة الأردنية صفاء سلطان فلم يعد غريباً، بل إن مشاركتها
هذا العام في مسلسل أردني "توأم روحي" يعد المفاجأة وليس العكس، وتطلُّ في
الدراما السورية في ستة أعمال وهي "بنات العيلة" من تأليف رانيا بيطار
وإخراج رشا شربتجي وتجسد شخصية "رنا" التي تلتقي رجل أعمال مصريا وتقع في
غرامه، لكنها تفاجأ بخيانته.
كما تتابع دور "نجوى" في الجزء الثاني من "الولادة من الخاصرة" الذي
ألّفه سامر رضوان وتخرجه رشا شربتجي، وتشارك صفاء في مسلسل البيئة الشامية
"زمن البرغوث" وتحل ضيفة على "صبايا" و"رومانتيكا".
والسؤال الذي تطرحه "إيلاف" هل طبيعة الموضوعات هي التي تفرض وجود
الفنانات في ملعب الدراما السورية، أم أن زيادة الفضائيات في الفترة
الأخيرة وإقبال دول الخليج على الدراما السورية هو السبب، أم أن تكرار
النجوم في العديد من الأعمال هو ما أدى إلى الاستعانة بالغير.
إيلاف في
09/07/2012 |