تألقت المذيعة ريم ماجد على شاشة قناة
ON TV
“أون تي في” بعد نجاح برنامجها “بلدنا بالمصري” الذي يتمتع بنسبة
مشاهدة كبيرة، وأثبتت أن التلفزيون المصري لم يستطع في الفترة الأخيرة أن
يقدم أبناءه بطريقة إيجابية، فقد ظلت في جدارنه لفترة طويلة تعمل في محطة
“نايل تي في” ولم تظهر بصماتها، ما جعلها تنتقل إلى غيرها . الكثير من
التساؤلات حملناها إلى ريم ماجد، خاصة فيما ارتبط بينها وبين رجل الأعمال
نجيب ساويرس، وأيضاً الجدل المثار حول أشياء كثيرة عنها، وهي تجيب في هذا
الحوار .
صاحبة شخصية متميزة وكاركتر خاص، تختار أدوراها بعناية ودقة، متواضعة،
صاحبة وجه طفولي، طيبة القلب محبة ولها كثير من الأعمال الخيرية، لعائلتها
الأولوية في حياتها ورغم ذلك لم تقصر بحق جمهورها ومحبيها . هي الفنانة
تولاي هارون التي التقتها “الخليج” وأبحرت معها في آخر أعمالها ونشاطاتها
وحياتها الشخصية في هذا الحوار .
·
كيف ترين عملك في قناة “نايل تي
في” التي لم تحققي فيها شعبية؟
- أعتبر هذه الفترة بمثابة مرحلة البناء الأساسي
بالنسبة لي، حيث أتقنت كل ما يتعلق بالعمل التلفزيوني سواء الإعداد أو
الإخراج أو التقديم، كما أن التحدي الذي خضته في بداية عملي الإعلامي عندما
تعاملت مع لغة غير لغتي العربية، أهلني لكيفية مواجهة أي تحد جديد يواجهني
في عملي الإعلامي، وهذا ما شعرت به عندما عملت في “ON
TV” “أون تي في” .
·
بعد نجاحك اللافت خلال الفترة
الأخيرة في تقديم برنامج “بلدنا بالمصري”، هل ستوافقين على العروض المقدمة
إليك من محطات فضائية أخرى؟
- أنا سعيدة بوجودي في محطة “أون تي في” التي وفرت
لي كل الإمكانات اللازمة للنجاح، وأركز فقط في عملي وملتزمة بتعاقدي، كما
أنه مازال لدي العديد من الطموحات الإعلامية .
·
ألا تنزعجين من وصفك بمذيعة نجيب
ساويرس؟
- هذا أمر يشرفني وأعتز به، فالمهندس نجيب ساويرس
رجل ناجح ولا يتدخل في عملنا، ودائماً ما يحفزنا لتقديم إعلام مهني محترم .
·
لكن لماذا تم اختيارك تحديداً
لإطلاق هذا اللقب عليك؟
- لا أشغل نفسي بهذا الكلام، وأحزن كثيراً على
هؤلاء الذين يفتقدون المصداقية .
·
هل تتابعين الجدل الدائر على
مواقع التواصل الاجتماعي حول ديانتك؟
- هذا الكلام يستفزني لأنه يثير الدهشة، فعندما
أقول آية قرآنية يقولون إنني مسلمة وعندما أقول مساء الخير بدلاً من السلام
عليكم يؤكدون أنني مسيحية وأنا أقول لهؤلاء من تكون ريم ماجد لكي تشغلوا
أنفسكم بديانتها؟ ومصر في هذا التوقيت بحاجة إلى التفكير في أمور كثيرة أهم
بكثير من ريم ماجد، وعموماً هذا الكلام لا يقلل من حماسي لعملي واخلاصي
للمسؤولية الملقاة على عاتقي .
·
هل ديانة المذيع مهمة بالنسبة
للمشاهد؟
- المشاهد الذي سيحترمني لو أنا على دينه وسيقل
احترامه لو اكتشف العكس، هو مشاهد يحتاج مني الكثير من الجهد، وأحزن عليه
كثيراً لو كان يفكر بهذه الطريقة .
·
لكن هناك مذيعين يفتقدون
الحيادية في طرح القضايا لأنهم يربطونها باتجاهاتهم الدينية؟
- أؤكد أن الإعلامي الذي ينحاز لفئة دون الأخرى
بسبب ديانته، لا يستحق أن يكون في الأساس مواطناً شريفاً، وبديهي لا يستحق
أن يكون إعلامياً، وأنا قد أكون مؤمنة بفكرة معينة لكنني سأبقى موضوعية في
طرح كل الأفكار وإعطائها المساحة نفسها من العرض .
·
لماذا يتم اتهامك أحياناً
بمحاولة إشعال الأزمات؟
- كل ما أقوم به هو محاولة لدفع الثورة إلى
الأمام، وتوصيل رسالة أحذر فيها المشاهدين من المخاطر التي تواجهها ثورتنا
العظيمة .
·
ألا ترين أن ثورة 25 يناير خدمتك
وكانت بدايتك الحقيقة مع النجومية؟
- هذا ما أعتز به وأعتبره وساماً على صدري، وقد
شوهدت في الميدان يومياً، ولعل ذلك هو الذي جعل هناك صورة ذهنية أخذت عني
تتحكم في الآراء التي تقال عني في مواقع التواصل الاجتماعي، مع أنها قد
تكون مغايرة للواقع لأنني ضد الانحياز المستمر لطرف على حساب الآخر وأحرص
على موضوعيتي ومهنيتي .
·
هل ترين أن هناك فرقاً بين جمهور
“فيس بوك” و”تويتر” وبين الناس في الشارع؟
- في الحقيقة ما يكتب في “فيس بوك” و”تويتر” مغاير
تماماً لما أسمعه من المواطن في الشارع، فهو عينة غير ممثلة وأنا أهتم
بقراءة كل ما يكتب عني، وأحاول دائماً أن أتجاوز السلبيات وأطور من نفسي .
·
كيف ترين الإضرابات التي تواجهها
مصر في الفترة الماضية؟
- من حق الجميع التعبير عن آرائهم بطريقة سلمية
دون الإضرار بمصالح الوطن وأنا ضد الفوضى وأحترم الديمقراطية .
·
لكن هذه الأحداث ربما تفقد
الثورة قيمتها؟
- توجد ثلاث “فزاعات” يتم استخدامها لتشويه صورة
الثورة، وهي “عجلة الإنتاج التي تعطلت، والاقتصاد الذي ينهار والانفلات
الأمني”، وأنا أقول لمن يطلق هذه الفزاعات، هناك تقصير أمني وليس انفلاتاً
أمنياً، فمصر لم تصبح مثل شيكاغو وأذكركم بأنه كانت هناك حادثة اغتصاب كل
نصف ساعة بمصر قبل الثورة، وكانت هناك واقعة فساد كل دقيقتين، والشرطة
عندما انسحبت أثناء الثورة وفتحت السجون، لم تتزايد معدلات الجريمة عندنا
إلى ألف في المئة، مثلما حدث في نيويورك عندما انقطعت الكهرباء فترة فزادت
معدلات الجريمة بهذه النسبة، وهذا يجعلنا نعيد التدقيق في كل ما يثار من
حولنا .
·
ماذا تقولين عن المضايقات التي
تعرض لها زميلك الإعلامي يسري فودة وتوقف برنامجه؟
- حرية الإعلام أمر لا مفر منه، لا يمكن أن نقبل
العودة للخلف والناس تدافع عن هذا بكل قوتها بعد أن تنفست نسيم الحرية.
الخليج الإماراتية في
09/11/2011
تتناقله المحطات لتبثه كل منها وفق
توجهاتها
الحدث . . خبر بألف لون ولون
تحقيق: باسل عبدالكريم
رغم تعدد وتنوع طرق بناء الموضوعات الصحفية وإدخالها في السياق الجذاب
للمتلقين، فإن عالم الإعلام المرئي يظل محكوماً ببعض المعايير الموحدة
لاسيما في حال الخبر التلفزيوني الذي ينطلق حدثه من مكان واحد وزمان واحد،
وفي الغالب من مصدر واحد هو المراسل الميداني أو وكالات الأنباء أو شاهد
العيان الذي فرض نفسه بقوة كمصدر للخبر في الفترة الأخيرة، فلماذا تتم
معالجة وبث الخبر الواحد بأكثر من لون وزاوية ويأخذ أبعاداً تختلف وفق
اختلاف القنوات؟
يقول بعض أرباب الإعلام إن وسائل الإعلام بما فيها القنوات الإخبارية،
تأثرت بمناخ الثورات العربية وحالة الانقسام في الشارع العربي، فانقسمت هي
الأخرى في وجهة نظرها وطرق معالجتها الإعلامية لمجريات الأحداث، ولكن
المتابعة الحثيثة للمشاهد إلى جانب الدور الكبير والمتنوع الذي لعبه
“الإعلام الجديد”، كشفا التناقض في نقل الخبر الواحد .
هذه السطور تكشف لنا سبب هذا التناقض من وجهة نظر مذيعي الأخبار،
والخبراء الإعلاميين، إضافة إلى ماهية تأثيرها في المشاهد من وجهة نظر
الأخصائيين النفسيين .
مقدم نشرة الأخبار في قناة “العربية”، صهيب شراير، يقول: هذا التناقض
في الأخبار التي تتداولها الفضائيات الإخبارية له أكثر سبب، والأهم هو
النظر إلى الأسباب التي أدت إلى ظهور هذه التناقضات في الوقت الحالي،
ولماذا لم تكن تظهر في السنوات السابقة رغم من وجودها؟ أعتقد أن السبب يعود
إلى اضطرار معظم الفضائيات العربية إلى التعامل مع شهود العيان ووسائل
الإعلام الجديدة بسبب غياب المتابعة الحقيقية لهذه الفضائيات وعدم السماح
لها بنقل الخبر بوسائلها من أرض الحدث .
ويضيف شراير: بالنسبة إلى قناة “العربية” يتركز حرصها الكامل على عدم
وضع مشاهديها في هذه التناقضات من خلال التقيد بعدة قيم وضوابط مهنية منها
عدم تحيزها لطرف ضد آخر، ويظهر هذا جلياً في حرصها الدائم على تقديم
الرأيين مهما كانا مختلفين أو متناقضين مع سياستها الإعلامية، إضافة إلى أن
الخبر الذي يبث عن طريق شاهد العيان لا يتم التعامل معه كمصدر موثوق ولا
يعطى الموافقة على بثه إلا بعد التأكد من الخبر نفسه من عدة مصادر في
المكان نفسه، وعلى مستوى العاملين في القناة من محررين ومقدمين للأخبار،
ومن خلال تجربتي الشخصية، من غير المسموح إظهار أي تعاطف أو تفاعل حتى في
ملامح الوجه أثناء بث أي خبر أو نشرة، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على
مدى مهنية القناة وفصلها بين الجوانب العاطفية والمهنية في التعامل مع
قضايا المنطقة، ويجب ألا نغفل القدرة الكبيرة للمشاهد خلال السنوات السابقة
بخصوص غربلة الأحداث والوعي الذي يتمتع به في انتقاء و”فلترة” أي خبر
يسمعه، لأن زمن القناة الواحدة انتهى وتحولنا لزمن تعدد المصادر والقنوات
والمؤسسات الإعلامية، وبالتالي هذا التعدد في المصادر واتساع المساحة
الإعلامية وتنوعها فرض انتقائية كبيرة للأخبار من قبل المشاهدين، وأعتقد أن
تحليل المشاهد لمدى صدقية الأخبار يأتي من خلال تجاربه في متابعة قناته
المفضلة .
سامر لواء الأمانة مذيع أخبار قناة “صانعو القرار”، يقول بدوره: جانب
من هذا التناقض يعود لما يتلاءم وسياسة المحطة نفسها، وجانب يعود إلى أن
معظم الأخبار نتلقاها من وكالات الأنباء الأجنبية أو المحلية، وجدلية تناقل
الأخبار من الوكالات الأجنبية أنها تنشر أخباراً ومعلومات لا تتوافق بطبيعة
الحال مع القيم الأخلاقية والمهنية لقناة عربية، على سبيل المثال معظم هذه
الوكالات تطرح أخباراً حول القضية الفلسطينية بشكل لا يتوافق مع النهج
العربي، وما أسهم في تعميم هذا التناقض خلال الفترة الماضية على بعض
القنوات الإخبارية الأحداث الراهنة وحالة ما يسمى “الربيع العربي” من خلال
التأثر والانقياد العاطفي لبعض هذه الفضائيات إزاء أحداث المنطقة، فيتم
تحرير الخبر الواحد من خلال تعديل بعض المصطلحات أو حذفها أو اللعب بمحتوى
الخبر من خلال أسلوب المعالجة، وكل هذا حق يراد به باطل .
ويتابع سامر: أنا مذيع لنشرة الأخبار وأعمل في مؤسسة إعلامية تعمل تحت
مظلة دولة الإمارات، وأي خبر تنقله القناة يدققه رئيس تحرير الأخبار ومن
بعده مذيع النشرة تفادياً لوجود أي خطأ أو عبارة سقطت سهواً، وفي هذه
الحالة يحق للمذيع إجراء التصحيح وليس التغيير تفادياً لإظهار وجهة نظره
تجاه هذه القضية أو تلك، مع العلم أن المذيع لا يوجد أي رقيب عليه عندما
يصبح على الهواء مباشرة سوى ضميره المهني، وبطبيعة الحال أي تعبير أو إظهار
التعاطف والتفاعل مع طرف ضد آخر هو خطأ مهني يقع فيه المذيع ولكن تتحمل
القناة تبعاته .
ويؤكد سامر أن الحيادية الإعلامية تتطلب التوازن المنطقي والمهني في
الطرح بغض النظر عن سياسة كل قناة .
أحمد الحوري، مدير قسم الأخبار الرياضية في قناة “دبي”، يقول: تلون
الخبر الواحد وتناوله بشكل مختلف بين قناة إخبارية وأخرى موجود في جميع
فئات وأشكال الأخبار، ولكنه أكثر وضوحاً في الأخبار السياسية بحكم أن لكل
جهة إعلامية خطها الإعلامي والمهني الذي تسير عليه . لافتاً إلى أنه حتى
الأخبار الرياضية تحرر بما يتلاءم وسياسة أي قناة، وأن التناقض أو الاختلاف
في تحرير أي خبر يعد طبيعياً، لأنه قائم على نظرة الدولة التي تبث منها
القناة، وبالتالي من الطبيعي أن تختلف معالجة أي خبر بين قناة وأخرى .
بينما محمود المرزوقي نائب رئيس مركز الأخبار في مؤسسة دبي للإعلام،
يعتبر أن التقنيات الحديثة ووسائل الإعلام الجديدة غيرت من ملامح الإعلام
لاسيما في الفترة الراهنة التي تتوالى فيها الأحداث الساخنة في المنطقة،
وفي كل مكان وزمان يتطلب الخبر المصداقية والحيادية، وهي نقطة البرهان لأي
محطة فضائية على مستوى مهنيتها .
ويضيف المرزوقي: الاختلاف في تعامل بعض الفضائيات مع الأخبار
المتواترة من الإعلام الجديد المتمثل في شبكات التواصل الاجتماعي جعلها
تتعامل مع بعض الأخبار العاجلة كمصدر موثوق لحاجتها إلى مواكبة الاحداث
بالسرعة التي تتطلبها، بينما في الحقيقة هي تحتوي على الكثير من المغالطات
والعواطف المنحازة لطرف ضد آخر، لأنها أساساً آتية من مصدر مشكوك فيه لدرجة
كبيرة، مثلاً عندما يتم الحديث عن إحدى المناطق الساخنة حالياً وترد أخبار
مصورة فيها الكثير من مشاهد الدم والقتل، يجب أن آخذ في الاعتبار كقناة
مهنية أن هذه المشاهد قد تكون مزورة وغير صحيحة لاسيما أن التقدم التقني
يتيح مجالاً واسعاً للتلاعب بهذه المقاطع، كما لا ننسى أيضاً أن غياب
الكوادر الإخبارية والإعلامية لهذه الفضائيات على أرض الحدث يسهم في
اعتمادها على أخبار من “فيس بوك” و”تويتر” و”يوتيوب”، وبالتالي يظهر
التناقض بصورة أوضح أمام المشاهد عندما يدخل في مقارنات بين الخبر الواحد
في قنوات عدة .
من جهته، يقول دحام الطيب، خبير في مجال الإعلام الإلكتروني والشبكات
الإخبارية بدبي: ليس الاختلاف في تناقل الخبر بين محطة وأخرى فقط يعد
تناقضاً، فأحياناً حتى البطء في نقل الخبر وطريقة التفاعل معه يعد تناقضاً
متلوناً، والأمثلة على ذلك كثيرة، فرغم من أن الأحداث الساخنة قادمة من كل
العالم وليس العربي فقط، نلاحظ أن بعض القنوات الإخبارية تنقل حدثاً محددة
وقته وزمانه، بينما قناة أخرى لا تنقل الخبر إلا بعد مضي 6 ساعات أو 12
ساعة عليه، كما تنقل بعض الفضائيات كل الأخبار الواردة من منطقة محددة
بمقطع فيديو واحد مهما اختلف مضمون الخبر، وهذا أشد خطراً على المشاهد لأنه
يستخدم فيه الصوت والصورة، أو عندما تنقل “الجزيرة” على سبيل المثال خبراً
عن المساعدات الخارجية لدولة منكوبة وتخص المساعدات بالمقدمة بأسماء دولة
أو دولتين عربيتين من دون أن تتطرق لدور دولة أخرى مع أنه بارز، وإذا ذهبنا
إلى مصدر آخر مثل قناة “العربية” نرى أنها تلقي بنظرها على الدولة التي
تغاضت عنها “الجزيرة” ومن دون التطرق لدول أخرى مع أن مصدر الخبر للقناتين
واحد هو وكالة “رويتز” .
ويضيف الطيب: تفضيل خبر سياسي على آخر اجتماعي أو رياضي يعد أيضاً
تناقضاً، فبينما تنقل قناة إخبارية حدثاً ساخناً عن منطقة معينة، نشاهد
قناة إخبارية أخرى تنقل حدثاً رياضياً، وبرأيي فإن السبب الحقيقي وراء
التناقض والتلون في نقل الخبر الواحد بين الفضائيات الإخبارية ليس السياسات
والنهج الإيديولوجي الذي يحكم كل قناة، لأن اعتماد نهج وخط سياسي معين حق
مشروع لأي مؤسسة إعلامية، وإنما هي وجهة النظر وتوجهات القائمين ومالكي هذه
القنوات التي بدأت تطفو فوق نهج القنوات الإخبارية وتتحكم فيها، بينما كانت
في وقت قريب من الخطوط الحمر لحيادية أي فضائية إخبارية.
د . السيد بخيت، أستاذ الإعلام في جامعة الشارقة، يعبّر عن رأيه
قائلاً: إن سبب هذا التناقض يعود لأكثر من عامل، وهي السيادة الإعلامية
للقناة نفسها، والسيادة التحريرية والتوجه، والأفكار التي تؤمن وتنطلق منها
القناة، إضافة إلى المصالح الاقتصادية والانتماء السياسي للقناة داخل
الدولة التي تبث منها، هذه العوامل وغيرها لعبت دوراً في صياغة أي خبر،
فأصبح المشاهد العربي يستمع للخبر الواحد بتباين واختلاف في السياق سواء
بالزيادة أو النقصان، ولا ننسى انتماء محرر الخبر نفسه ومدى تأثره برأيه
وبتوجهاته تجاه القضايا العربية، ففي بعض الأحيان مجرد تقديم مصطلح على آخر
في أي خبر قد يأخذ المشاهد إلى عوالم ضيقة تجبره على اتخاذ موقف محدد من
حدث معين، وهنا تظهر مهنية القنوات الإخبارية ما بين المعالجة الموضوعية
والمعالجة العاطفية .
ويشير بخيت إلى أن الدور الأكبر يقع على المشاهد نفسه من خلال عدم أخذ
الأمور بمسلماتها، والتحقق من مصداقية الخبر بأكثر من وسيلة لاسيما أن
الانفتاح على الإعلام الجديد فرض نفسه بقوة على الساحة الإعلامية، ويترك
هامشاً كبيراً للمشاهد في استقاء مصادر معلوماته .
بدوره، يوعز د . منيب الطرش، أستاذ الاتصال في كلية الإعلام بدبي، سبب
التناقض في الأخبار التلفزيونية، إلى تسارع الأحداث والأخبار العاجلة في
العالم العربي التي أسهمت في إبراز التناقض في المعالجة الإعلامية بشكل
أوضح، وإن كانت موجودة سابقاً بحكم اختلاف السياسة والإيديولوجية والمصالح
الإعلامية لكل قناة، ويقول: المتابعة الحثيثة للمشاهد العربي للقنوات
الإخبارية والمواقع الإلكترونية والبرامج السياسية فرضت حاجة من المتابعة
والمقارنة بين خبر يعرض على هذه القناة، ونفسه يعرض بلون مختلف على قناة أو
مصدر إعلامي آخر، والبدء بتساؤلات حول سبب الاختلاف والبحث عن أيهما أكثر
مصداقية منطلقاً من ثقافته ومعرفته بتوجه كل قناة على حدة، فضلاً عن تسليط
الضوء على أهمية المنطقة من وجهة النظر الإخبارية التي تزداد أهميتها
أضعافاً مضاعفة في ظل الأحداث الجارية في العالم العربي . لذلك من السهل
على أي متابع ملاحظة اهتمام وسائل الإعلام الدولية المتنامي الذي توليه
للمنطقة، والذي كان محصوراً خلال الفترة الماضية بالعراق وباكستان
وأفغانستان أو فلسطين مثلاً، ولكن الآن مع توجه المؤسسات الإعلامية الكبرى
نحو الاستثمار في الزمن والمال والأشخاص، وتقدم محاولات حثيثة لمواكبة
الأخبار المتواترة من كل من ليبيا وسوريا واليمن، والتي كانت في الماضي لا
تنال النصيب الكافي من الاهتمام رغم أن الأسباب التي أدت إلى ما يحصل الآن
موجودة منذ القدم وتحت عيون الإعلام، وبالتالي نحن نشهد صحوة إعلامية
ولكنها صحوة يشوبها التعاطف الإعلامي أكثر مما تشوبه المهنية وميثاق الشرف
الإعلامي .
أما برأي د . حصة لوتاه، رئيسة قسم الإعلام الجماهيري في جامعة
الإمارات، فالتناقض في الخبر الصحفي أو التلفزيوني يعود بالدرجة الأولى إلى
السياسات الإعلامية للجهة التي تبث الخبر، وإن انطلق المشاهد العربي من
مبدأ أن كل خبر يحتوي على درجة من التحيز سيدرك أن بث الأخبار يخضع لمرشحات
كثيرة تتحكم فيها وكالات الأنباء ومصالح المؤسسات المرتبطة بها، بما فيها
الأخبار التي تبدو وكأنها نقل للوقائع، وأبسط هذه السبل تكمن في نوعية
العبارة المصاغة والمعاني المضمنة فيها، إلى جانب الصورة التي تخضع لطريقة
العرض واختيار المحتوى والزاوية التي تعالج وتنقل الخبر، إضافة إلى الألوان
المستخدمة في صياغة ألفاظ وانفعالات مذيع الخبر تلعب دوراً مهماً في إظهار
التناقض .
يقول د . صلاح عبدالحي، أستاذ علم النفس في كلية التربية بجامعة
عجمان: الإعلام بالدرجة الأولى يستهدف التأثير في المتلقي، بحيث يفكر أو
يشعر أو يتصرف بالصورة التي يرغبها صانع الرسالة الإعلامية، خاصة الإعلام
المرئي والمسموع لأنه يستخدم أساليب شتى بغرض إحداث أكبر قدر ممكن من
التأثير في اتجاهات المشاهدين، بعضها يأخذ صفة التأثير المباشر . أما البعض
الآخر فيكون التأثير متدرجاً وبسيطاً ويأخذ وقتاً طويلاً ويتم بصورة غير
مباشرة وغير مدركة لكثير من الناس، ومع تطور وسائل وثورة المعلومات لم يعد
الإعلام المعاصر مجرد أداة لتوصيل المعرفة وتزويد الناس بالخبر والحدث، أو
حتى مجرد وسيلة للترويج والترفيه والتسلية، بل يحوي ذلك كله ليصبح أداة
فاعلة في صناعة الرأي العام الذي لم يعد مستقبلاً للمعلومة أو الخبر فقط،
بل أصبح يتفاعل ويتأثر عقلياً وفكرياً وسلوكياً، ويؤسس عليها اتجاهاته حيال
الأحداث الجارية سواء بالقبول أو الرفض، حيث تتولى وسائل الإعلام الدور
الملموس في تشكيل موقف الجمهور المتلقي من القضايا المطروحة على الساحة
المحلية والدولية، ولا يتوقف تغيير الاتجاه والموقف على القضايا العامة أو
الأحداث المثارة، بل يمتد إلى القيم وأنماط السلوك .
ويتابع: قد يحدث أن يتقبل المجتمع قيماً كانت مرفوضة قبل أن تحملها
الرسالة الإعلامية، أو يرفض قيماً كانت سائدة ومقبولة مستبدلاً بها قيماً
جديدة . لافتاً إلى أن وسائل الإعلام تنطلق في قوة تأثيرها في اتجاهات
المشاهدين من خلال قدرتها على مخاطبة الجماهير العريضة في وقت واحد .
الخليج الإماراتية في
09/11/2011 |