ينقلك حيث تجلس معه إلى عوالم أخرى، يتقمص الشخصية فتنطق باسمه، يتنفس
الصعداء حينما تذكر أمامه اسم المسرح فيتحسر على سني عمره التي ضاعت وراء
الماجستير والدكتوراه والتخصص التي ركنها جميعها على الحائط، وكأنها فقط
للمشاهدة؛ انها تشبه أوسمة قدماء المحاربين يتحسر كذلك على المسرح الغائب
أصلا.
وكذلك الجمهور الذي يفترض أن يكون نخبويا، فلم يعد هناك مسرح ولا جمهور
وأصبح كل واحد يلهث وراء لقمة عيشه على حساب «ابو الفنون» الذي اصبح يذوي
ليموت منسياً في احدى الزوايا، على حسب تعبيره. «الحواس الخمس» التقى
الدكتور حبيب غلوم، الكاتب والمخرج والممثل.
والذي شارك في العديد من الأعمال المحلية والخليجية والعربية، وقد كان
لنشاطه البارز الأثر الكبير في قلوب جماهيره الذين أحبوه، من خلال ادواره
في «حاير طاير» و«طماشة» و«دفاتر الايام» و«اللقيطة» و«الطريق الوعر» و«الدريشة»
ليبوح لنا بجديده وقديمه، وما يعتمل في خاطره.
·
ما هو الدور الذي تمثله في مسلسل
«ظلال الماضي»، وهل أنت من اختاره؟
عرض علي السيناريو، وأعجبني الدور كثيرا، حيث رأيت أنه طريق لأتخلص من دوري
القديم في مسلسل «بنات آدم»، الذي كنت أمثل فيه شخصية انتهازية بما للكلمة
من معنى أما في المسلسل الجديد فأمثل دور مبارك، صاحب الشخصية المعتدلة
التي تحاول إصلاح ما بين الأقارب المتنازعين على ارث والشخصية تمثل جانب
الخير والاعتدال ضمن العائلة المتداخلة، والشخصيات والأنماط السلوكية
المختلفة، وهذه حال الدراما، حيث يجب ان يكون الخير بجانب الشر.
·
أي أنك تؤدي دور شخصية دينية
لا، ابداً ليس بالمعنى الحرفي لما تصوره الدراما عن عالم الدين ذي لحية
طويلة وثوب قصير ويفتي ويزجر. مبارك شخصية عادية، ولكنها تغلب لغة المنطق
والحوار والسلوك الحسن من خلال ما يبذله من مجهود لتقريب وجهات النظر بين
الفرقاء الذين هم شخوص العمل. وبالنسبة لنا نحن، وفي ظل التطور السريع،
نحتاج فعلا الى هذه الشخصية التي تكون ميزاناً في الأمور الحياتية
لموازنتها والوقوف عليها لتستقيم.
·
من وجهة نظرك، هل هناك تشابه بين
«طماشة 2» و«حاير طاير»؟
لكل كاتب أسلوبه في مناقشة ما يتناوله من قضايا، لكن المشترك بين ما كتب
سلطان النيادي في مسلسل «طماشة 2»، وما كتبه جمال سالم في مسلسل «حاير
طاير»، هو المبدع جابر نعموش، الذي يضفي على الدور جواً من الحميمية بينه
وبين المشاهد.
ممثل ومسرحي
·
هل أنت أكاديمي أم مسرحي أم ممثل
تلفزيوني؟
أنا ممثل قبل التخصص ومسرحي، ولكن الآن الاتجاه صوب الشاشة لأن المسرح في
حالة غربة.
·
يقال في كل بلد فلان «أبو
المسرح» فمن وجهة نظرك «أبو المسرح» في الامارات؟
المسرح الاماراتي للاسف ليس له اب، ولا يعتمد على أسس أو نظم، وليس هناك
جمهور نخبوي يخاطبه. نحن لا نصنع مسرحاً بل نحاول أن نمثل. ولكي لا أكون في
موقف سوداوي أرى أن هناك من يجتهد لإيصال الرسالة التي لايزال يؤمن بها وهي
وجود مسرح يناقش هموم الناس، ويجسد نبض الشارع وليس المثقفين فحسب، لأنه في
الفترة الأخيرة وجدنا ان المسرح يقبل عليه النخبة فقط على الرغم من أنه منذ
قديم الأزل كان موجودا للترفيه عن الناس.
·
من أثر في المسرح؛ غياب
المسرحيين أم عزوف الجمهور؟
بالمنطق الناس في زماننا هذا مرتاحون، ولا يعانون مشقة الذهاب إلى المسرح،
فكل منا يوجد داخل بيته 100 قناة تلفزيونية، إن لم يكن اكثر، ويستطيعون
التنقل بين المحطات جميعها بضغطة زر، وهذا ايضا اثر في السينما طالما كل
شيء متوفر، حتى قرصنة الافلام للاسف تأتيك قبل أن تنزل في دور العرض أما
المسرح فالناس تذهب اليه، نحن اصابتنا حالة عجز لذلك كل هذا أسهم في الحجر
للاسف على المسرح .
شهادات للذكرى
·
حبيب غلوم انت صاحب اول تخصص
اكاديمي في المسرح بالامارات؛ فأين انت من شهاداتك؟
«يضحك» الشهادات ذهبت ادراج الرياح وشهادة الدكتوراه اكذوبة للأسف طالما
انك لا تستفيد منها في بلدك وهنا في الامارات الوحيدون الذين يستفيدون من
شهادات الماجستير والدكتوراه هم في شرطة ابوظبي ودبي، حيث العمل في التخصص
ويتم تقدير هؤلاء على عكس المجالات الأخرى التي تصبح شهاداتهم فقط للمسمى
«الدكتور فلان».
قلة في الأعمال
·
هل تُعدل على أدوارك وتتدخل في
عمل المخرج؟
لا ابدا، انا لا اعدل ولكن اقترح تعديلا يخدم الموضوع، وليس الخوض في
التفاصيل أي بطول الدور وقصره، واهتمامي ينصب بان تكون الشخصية موجودة
ومؤثرة في الاحداث.
·
لماذا لا نراك في معظم الاعمال،
وما سبب هذا التواري؟
انا مقل بالاعمال صراحة لسببين الاول: هو الدوام فانا غير متفرغ للتمثيل،
ويكون التصوير بعد الدوام، او في العطلات الرسمية، لذلك يشكل لي عائقا. اما
التواري فانا ابحث عن العمل الجيد، فمن بين خمسة نصوص تراني اختار واحدا
وهذا رغم انه يبعدني عن الشاشة قليلا، إلا انه يشعرني بوجود حبيب غلوم وهذا
هو الاهم.
·
كم تتقاضى على الحلقة او على
المسلسل؟
«يضحك» لا استطيع التصريح باجري، فهو يختلف من مسلسل لآخر، وحسب عدد
المشاهد والتصوير فهناك مسلسل مثلا تصور به 100 مشهد واكثر والتصوير
الخارجي فهذا شيء اما اذا كانت المشاهد قليلة والتصوير داخليا فهنا
الاختلاف، ولكنني لن اخبرك كم اتقاضى، وهذا يختلف من شركة لاخرى، وتراني في
عملنا نراعي العلاقات الاجتماعية؛ فالمنتج مثلا اعرفه لا استطيع ان احدد
عليه على اساس اننا نقف معه لانجاح العمل.
·
متى نراك في عمل عالمي على غرار
بعض الممثلين؟
أولا ما هو العمل العالمي؛ أن تمثل فيلما واحدا ويكون ضرورة الشخصية
العربية فانت تخدمهم قبل ان تخدم نفسك، العالمية هي الاستمرارية وليس دورا
واحدا طبعا لو عرض علي عمل عالمي سأقوم به، ولكن لن اعتبر نفسي عالميا هذا
دور فقط.
·
متى نرى فيلما اماراتيا؟
أولاً عرض فليم اماراتي للمخرج علي مصطفى وهو فيلم «سيتي اوف لايف»، وكان
من افضل عروض المهرجان لجودته وموضوعه ولكن الفيلم للاسف اصيب بنكبة غير
المختصين الذين اخذوا على عاتقهم تشريح الفيلم وقصته، ويتكلمون بأشياء
صغيرة بعيدا عن فنيات السينما.
واصبحوا للاسف اوصياء على العمل الفني، وانا اجزم أنه لن يأتي هكذا فيلم
على مدى الاعوام المقبلة، ولن يظهر مبدع اماراتي بسبب اوصياء مزيفين يريدون
ان يبقى مجتمعنا مغلقا، وغير متطور. المجتمع له ادواته وعاداته وتقاليده
ليست شكلا فقط، بل هي قيم.
وعلى الرغم من كل هذا التطور الذي نراه، إلا أنك لا تستطيع أن تعيدني للقرن
التاسع عشر، وتقول لي هذه عادات. نحن امة متطورة متحضرة في الامارات،
ونواكب الحضارة، لأننا من ابنائها، ولن يمس أحد بعاداتنا وتقاليدنا لأنها
تجري في دمنا .
·
أي أنك لا تتقبل النقد
نتقبل النقد الفني بحدود العمل الفني، أم أن تتعرض لنقد من اناس خارج الوسط
فهذه مشكلة، لانك تنجر في متاهات ودهاليز اناس يعيشون في الماضي ولا علاقة
لهم بالواقع، متناسين ان المسرح او التلفزيون او الافلام موجودة لتكون عين
المجتمع ولسان حاله.
البيان الإماراتية في
07/03/2011
تتمنى مشاركة جميع العرب في عمل
واحد
أميرة جواد: الدراما العراقية لا تتطور إلا
بتوافر الأمن
بغداد - زيدان الربيعي:
ممثلة عراقية تحسب على عدة أجيال في الفن العراقي سواءً في المسرح أو
السينما أو التلفزيون، حيث قدمت الكثير من الأعمال المتميزة التي جعلتها
تقف في المقدمة بين نظيراتها الممثلات . وما زالت تعمل حتى الآن بهمة
وروحية الشباب . إذ كل من شاهدها في عملها المسرحي الأخير لم يكن يتوقع
أنها هي وذلك بسبب خفتها ورشاقتها على خشبة المسرح، أميرة جواد التي دعت في
حوار أجرته معها “الخليج” جميع المبدعين العراقيين الذين يعيشون خارج
العراق إلى العودة لوطنهم حتى يسهموا في إعادة إعماره وبنائه من جديد .
وتالياً الحوار:
·
ما جديدك؟
- انتهيت قبل أيام من عرض مسرحية “حب في زمن الطاعون” على خشبة منتدى
المسرح في بغداد وهي من تأليف عبد الخالق كريم وإخراج أسامة السلطان
وحالياً أستعد لتصوير فيلم “انتر فيو” الذي يعني “إيقاع على الهواء” لدائرة
السينما والمسرح وهو من تأليف وإخراج أسعد الهلالي . حيث يدور هذا الفيلم
حول حياة امرأة تتزوج لكن بعد مدة من الزمن يتعرض زوجها إلى الفقد . حيث إن
حبها ووفاءها لزوجها يجعلانها تنتظره لمدة 30 عاماً متواصلة على أمل أن
تعثر عليه أو يعود إليها، لكنها في النهاية تعرف أنه تعرض للموت في اليوم
الأول لسفره بحادث سير، إلا إن صديقه كان يبعث للزوجة رسالة كما جرت العادة
بينهما وظلت تعيش على أمل هذه الرسائل وتدور القصة في هذا السياق وتحصل
فيها انعطافات كبيرة .
·
كيف وجدتِ المسرح العراقي في
الآونة الأخيرة؟
- لن أتحدث بخير أو شر، لكني أقول إن الخير يكمن في الأمن والاستقرار . حيث
متى نشعر أننا نسير بحرية كاملة ومن دون مخاوف تذكر فإن كل الأشياء يضاف
إليها الخير . على اعتبار أن كل الأشياء متعلقة بالأمن والاستقرار، فإذا
حصل هذا الأمر في الشارع العراقي فإن كل شيء سيتطور . لأنه الآن لو يوجد
استقرار تام في العراق فإن كل مسارح العراق ستكون فيها عروض مسرحية وكذلك
الحال مع دور العرض السينمائي الموجودة في البلد التي أغلبها أغلقت أبوابها
بسبب الظروف الأمنية . فضلاً عن ذلك إن الخط الدرامي في التلفزيون سيتغير،
لأن المبدع العراقي يشعر بوجود حرية واستقرار في بلده .
·
هل استطاعت الدراما العراقية في
الآونة الأخيرة النهوض بعد سبات طويل؟
- نعم . . هناك خطوات جيدة ومثمرة في الدراما العراقية برزت في السنتين
الأخيرتين وهذا الأمر يعود إلى وجود وضع أمني نسبي أفضل من السنوات التي
تلت احتلال العراق، لذلك أستطيع القول إن الدراما العراقية بدأت تسير
بخطوات واثقة نحو الأمام، إلا أننا مع كل هذه الخطوات المفرحة نطمح إلى
مستوى أفضل وأحسن، لأن الدراما العراقية تستند على إرث تاريخي متميز جداً،
حيث كانت في سبعينات وثمانينات القرن المنصرم تحسب من الدراما المتقدمة
عربياً وهذا الإرث بالتأكيد سيعطي حافزاً جيداً للدراما العراقية الحالية
لكي تبدع وتتألق حتى تحافظ على ماضيها الجميل .
·
هل أثرت الدراما التركية
المدبلجة في الدراما العراقية والعربية؟
- قد تكون أثرت في الشارع العراقي والعربي، لأن الدراما التركية بدأت
العائلات العراقية والعربية تتابعها بشكل مكثف، لكني شخصياً لا أشاهدها على
الإطلاق .
·
لماذا؟
- لأن الفكرة أو الموضوعة التي تتكلم عنها المسلسلات التركية المدبلجة
تتنافى مع بيئة الفرد العراقي والعربي، لأننا كعراقيين وكعرب لدينا تقاليد
تختلف اختلافاً جذرياً عن التقاليد التركية، وخصوصاً التقاليد العراقية
الشعبية البغدادية، لكن مع ذلك أعترف أن الشارع العراقي يشاهد ويحب
المسلسلات التركية لأنها تحمل جرأة في الحب كما تحمل في الوقت نفسه أسلوباً
جديداً بالخطوط التي تحرك مشاهد المسلسل التركي .
·
ما الذي تحتاج إليه الدراما
العراقية الآن؟
- تحتاج إلى إنتاجية قوية بالدرجة الأساس ثم بعد ذلك عليها أن تبتعد عن
حالات العنف، لأن الإنسان العراقي بدأ يمقت العنف من رأسه حتى أخمص قدميه،
لذلك أرى أن الدراما العراقية الآن مطالبة بالتركيز على القضايا الاجتماعية
الجميلة، لأن المتلقي العراقي متعطش لمشاهدة أعمال كهذه . علماً بأن
الدراما العراقية لا تعاني أزمة نص أو أزمة إخراجية، ولدينا ممثلون مبدعون،
وأينما نضعهم يصبحون كالإشارة المتميزة، كما نمتلك التقنيات العالية .لذلك
بوجود هذه الوسائل لدينا فإننا قادرون على صناعة دراما متطورة جداً لكن
بشرط أن تكون هناك شركات إنتاج ترعى العمل العراقي وتكون كريمة ومعطاءً
معه.
·
كيف ترين استعانة الدراما
العراقية بمخرجين سوريين؟
- وجهة نظري في الموضوع أن النص العراقي يجب أن يتولى إخراجه مخرج عراقي،
لأن المخرج العراقي قادر على فهم النص وتحليله وتفكيكه ومن ثم تركيبة ثانية
من دون أن يحصل فيه أي تشويه، لكن لا بأس في أن يقوم المخرج العربي بإخراج
النص العراقي، لكن بشرط أن يكون هذا المخرج قد تعامل مع البيئة العراقية،
ويعرف أدق التفاصيل عن المجتمع العراقي وعن بيئته، لأنه توجد تفاصيل دقيقة
جداً، لكنها لا تؤشر مؤشراً معيناً إلا أنها تترك فراغاً عند المتلقي .
وكمثال على ما أقوله أنه عندما يتم تصوير مسلسل عراقي في بيئة سورية، فإن
أبسط شيء يدلك على أن البيئة مغربة هو المطبخ، حيث إن الكثير من أدواته لا
تشبه أدوات المطبخ العراقي، علماً بأنني مع التلاقح العربي في الدراما
العربية، لأن هذا العمل العربي المشترك سيؤدي إلى تطوير الدراما العراقية
وحتى العربية ولا بأس أن تشترك جميع الدول العربية في عمل واحد، لكن بشرط
أن يعرف المنتج البيئة التي يعمل فيها حتى لا تظهر البيئة متنافية مع العمل
.
·
ما الشخصية التي أوصلتكِ إلى
الجمهور؟
- حقيقة ليست شخصية واحدة هي التي أوصلتني إلى الجمهور، بل هناك عدة شخصيات
منها شخصية “حياة” في مسلسل “نادية”، وكذلك شخصيتي في مسلسل “عنفوان
الأشياء” كان لها دور كبير في إيصالي إلى الجمهور، لكني أعتقد أن الممثل أو
الممثلة لا يمكن أن يصل إلى الجمهور بشخصية واحدة، بل إن وصوله إلى قلب
المتلقي يتم عبر سلسلة شخصيات .
·
ما الشخصية التي تتمنين تجسيدها؟
- كنت أتمنى تجسيد شخصيات معينة والحمد لله حصلت على فرصة تجسيدها ومن بين
أبرز هذه الشخصيات شخصية “عشتار في جلجامش” وشخصية “أحدب نوتردام” وشخصية
“الغانية في جلجامش” وشخصية “سيدتي الجميلة”، حيث كنت أحلم أن أجسد هذه
الشخصيات وأعيش معها هذه القصص الرائعة .
·
ما طموحاتكِ؟
- طموحاتي الشخصية الآن كلها مؤجلة، حيث الأمنية الأهم لديّ أن يرجع العراق
بلداً مستقراً ومزدهراً في كافة المجالات، كما أتمنى وأطمح أن يعود فرسان
العراق المهاجرون أو المهجرون إلى ربوع الوطن، لأن العراق بلدهم وهم الذين
يتولون مسألة بنائه من جديد بعد الخراب الكبير الذي تعرض له في السنوات
الأخيرة .
الخليج الإماراتية في
07/03/2011
الدراما العراقية تتطور ببطء: أزمة نصوص أم ضعف
إنتاج أم
غياب مخرجين؟
ميدل ايست أونلاين/ بغداد
فنانون يلمسون تحسنا كبيرا في الدراما العراقية في السنوات الأخيرة، ويدعون
إلى تخفيف جرعة العنف الموجودة أصلا في الواقع اليومي.
يبدو أن تحسن الوضع الأمني فرض نفسه على حركة الدراما العراقية التي يرى
البعض أنها أصابت تحسنا ملحوظا في السنوات الأخيرة، غير أنها مازالت بحاجة
لدعم كبير لتستعيد أمجادها السابقة.
وترى الفنانة العراقية أميرة جواد أن ثمة خطوات جيدة ومثمرة في الدراما
العراقية برزت في السنتين الأخيرتين و"هذا الأمر يعود إلى وجود وضع أمني
نسبي أفضل من السنوات التي تلت احتلال العراق، لذلك أستطيع القول إن
الدراما العراقية بدأت تسير بخطوات واثقة نحو الأمام".
وتضيف لصحيفة "الخليج" الإماراتية "إلا أننا مع كل هذه الخطوات المفرحة
نطمح إلى مستوى أفضل وأحسن، لأن الدراما العراقية تستند على إرث تاريخي
متميز جداً، حيث كانت في سبعينات وثمانينات القرن المنصرم تحسب من الدراما
المتقدمة عربياً وهذا الإرث بالتأكيد سيعطي حافزاً جيداً للدراما العراقية
الحالية لكي تبدع وتتألق حتى تحافظ على ماضيها الجميل".
وتؤكد جواد أن الدراما العراقية تحتاج إلى إنتاج قوي بالدرجة الأولى ثم بعد
ذلك عليها أن تبتعد عن حالات العنف "لأن الإنسان العراقي بدأ يمقت العنف من
رأسه حتى أخمص قدميه، لذلك أرى أن الدراما العراقية الآن مطالبة بالتركيز
على القضايا الاجتماعية الجميلة، لأن المتلقي العراقي متعطش لمشاهدة أعمال
كهذه".
وتضيف "الدراما العراقية لا تعاني أزمة نص أو أزمة إخراجية، ولدينا ممثلون
مبدعون، وأينما نضعهم يصبحون كالإشارة المتميزة، كما نمتلك التقنيات
العالية، لذلك بوجود هذه الوسائل لدينا فإننا قادرون على صناعة دراما
متطورة جداً لكن بشرط أن تكون هناك شركات إنتاج ترعى العمل العراقي وتكون
كريمة ومعطاءً معه".
وترفض جواد استعانة الدراما العراقية بمخرجين سوريين لأن "النص العراقي يجب
أن يتولى إخراجه مخرج عراقي، لأن المخرج العراقي قادر على فهم النص وتحليله
وتفكيكه ومن ثم تركيبة ثانية من دون أن يحصل فيه أي تشويه".
وتستدرك "لكن لا بأس في أن يقوم المخرج العربي بإخراج النص العراقي، لكن
بشرط أن يكون هذا المخرج قد تعامل مع البيئة العراقية، ويعرف أدق التفاصيل
عن المجتمع العراقي وعن بيئته، لأنه توجد تفاصيل دقيقة جداً، لكنها لا تؤشر
مؤشراً معيناً إلا أنها تترك فراغاً عند المتلقي".
ويختلف الفنان العراقي حيدر عبد ثامر مع جواد، حيث يرى أن الدراما العراقية
تحتاج إلى نص يعيد وجهة ثقة الناس بها "لأن هناك الكثير من الناس بدأوا
يشيرون إلى أن الدراما العراقية بدأت بالنزول، لذلك أدعو المنتجين
العراقيين إلى الاهتمام الكبير في مسألة اختيار النصوص".
ويضيف "بعد شهر رمضان تعودنا أن نعيش حالة من السبات شبه التام، حيث لا
أعمال تصور في الدراما العراقية وهذه ظاهرة غير صحية، لذلك باتت الدراما
العراقية دراما موسمية، حيث يوجد لدينا كتاب ومخرجون، لكن لا يوجد لدينا
اعتناء بالنص والحبكة والدراما، لذلك يعتمد النص لدينا على الضحك وربما
التهريج حتى يضحك الناس".
وترى الفنانة العراقية زينب فؤاد أن قلة الوجوه النسوية في الدراما
العراقية كان لها دور في فتح المجال أمام الممثلات الشابات للعمل وتأكيد
جدارتهن "كذلك الأعمار الشابة تكون أدوارها محجوزة سلفاً في الأعمال
الدرامية، حيث تسند لهن شخصيات طالبات أو أطراف في علاقات عاطفية، لأن هذه
الشخصيات لا يمكن إسنادها للممثلات الكبيرات".
وتضيف "يضاف إلى هذا أن جيلنا يمكن القول عنه إنه مبدع وتعب على نفسه
كثيراً واستطاع النجاح والحصول على الشهرة خلال سنوات قليلة جداً، لأنه
استغل الفرصة التي منحت له على أحسن وجه".
وتؤكد أن الدراما العراقية تطورت كثيرا خلال السنوات الأخيرة بفعل عاملين،
الأول يتمثل بالتنافس بين الفضائيات العراقية وشركات الإنتاج من أجل إنتاج
وعرض أفضل الأعمال "وهذه المنافسة خلقت حالة إبداعية جميلة انعكست بشكل
إيجابي على الدراما العراقية عموماً، أما العامل الثاني فيتمثل بغياب مقص
الرقيب الذي أدى إلى فتح كل الأبواب والمساحات أمام الكتاب لتناول مختلف
القضايا بحرية كاملة، لكن هناك البعض يحاول إيجاد مشكلة في جسد الدراما
العراقية".
وتضيف "المشكلة تتمثل بما يطلق عليه مصطلح 'دراما الداخل ودراما الخارج'،
وهذا المصطلح أراه قاسياً على وحدة الدراما العراقية، مع العلم أنني لم
أقدم أي عمل خارج العراق، لكني في الوقت نفسه أشيد كثيراً بكل الأعمال
الدرامية التي صورت خارجه، لأنها أعمال عراقية أولاً وأخيراً وكذلك هي دليل
أكيد على أن الممثل العراقي ما زال مثابراً ويعمل في كل الظروف، أما
الأعمال التي تصور داخل العراق فهي أيضاً جيدة وتركت بصمة في تاريخ الدراما
العراقية، لذلك أستطيع التأكيد أن الدراما العراقية تطورت في كل مجالاتها".
وترى أن الأعمال العراقية العربية المشتركة تمثل "تطوراً هائلاً في مسار
الدراما العراقية، على الرغم من أن الممثل العراقي كان وما زال ممثلاً
متميزاً، لكن بوجود التلاقح مع زملائه الممثلين العرب، سواءً في مصر أو
سوريا أو البلدان الخليجية، استطاع أن يطور نفسه ويضيف لتاريخه وأيضاً
لتاريخ الدراما العراقية أشياء جديدة".
ميدل إيست أنلاين في
07/03/2011 |