الأعمال الدرامية التركية “المدبلجة” فرضت نفسها على المشاهدين، خلال العام
المنصرم على نحو غير مسبوق أعاد للأذهان فترة الأعمال المكسيكية . وتمكنت
الأعمال التركية من إزاحة الدراما العربية لفترة ما دعا إلى سؤال صناعها عن
أسباب ذلك، فعزا بعضهم نجاح الدراما المدبلجة إلى ملامستها لمشاعر وأحاسيس
الناس التي افتقدوها في الأعمال العربية، ويشير العديد منهم الى أن خوف
المنتجين العرب من الاقتراب من الأفكار الجريئة خوفاً من المنع أفسح المجال
أمام الأعمال المستوردة، والآخرون يرون فيها خطورة على المشاهد بالإضافة
إلى تدنيها من الناحية المعرفية .
يؤكد المخرج عبدالوهاب الهندي أن هذه الأعمال المدبلجة لا يمكن أن تحل محل
الدراما العربية التي تعد الأقرب إلى المشاهد لأنها تعبر عن أحاسيسه
ومشاعره، بالإضافة إلى أنها نابعة من بيئته وثقافته، موضحاً أن هذه الأعمال
مجرد تنويعة تعرض وجوهاً جديدة جميلة الشكل، مزجت بجوار رومانسي تفتقده
الدراما العربية .
وأضاف: هذه الأعمال يتم الاتفاق عليها قبل صناعتها وتسويقها عربياً من خلال
شركات إنتاج عربية، همها تحقيق الأرباح فقط بغض النظر عن القيمة التي
دائماً ما تتعارض مع ثقافتنا وقيمنا .
وعن ارتباط المشاهد العربي بهذه الدراما، يشير الهندي إلى أنه ارتباط يحكمه
جمال الأماكن التي يتم التصوير فيها، وهي أجواء لم يعتدها المشاهد العربي
الذي لا يرى سوى الواقع الأليم في شوارعه، سواء كان في الدراما المصرية أو
السورية التي أصبح لا همّ لها سوى عرض سوءات الواقع الذي غالباً ما يرفضه
الرجل العادي الحالم دوماً بالرومانسية والجمال في الشكل والواقع الذي
يعيشه ويلفت إلى أن القائمين على صناعة الدراما في تركيا بالذات لا يقدمون
على فكرة إلا بعد دراسة السوق العربي الذي رأوه أخيراً متعطشاً لعمل وطني
عن قضية فلسطين، فأنتجوا مسلسل “وادي الذئاب” الذي نال إعجاب المشاهد بغض
النظر عن الأخطاء الفنية التي شابته، لأنه ركز فقط على أحاسيس ومشاعر
المواطن العربي، وهي أعمال لا تقربها الدراما العربية، خوفاً من منعها
رقابياً . ويكفي، حسب الهندي، أن “وادي الذئاب” أحدث هياجاً داخل “إسرائيل”
التي حاولت منع عرضه .
ويرى الفنان أحمد الجسمي أن مشاهدة هذه الأعمال لا يمكن أن يكون لها أثر في
المشاهد العربي، حتى وإن كانت القيم الموجود بها مغايرة لقيمنا العربية،
مؤكداً أنها لا تختلف عن ثقافة القراءة المتعددة، للتعرف إلى ثقافات الشعوب
الأخرى . ويؤكد أن من حقه كمشاهد أن يرى كل الأعمال التي تعرض في العالم،
خاصة أن هناك فئات تحصل على ثقافتها من خلال الأعمال الفنية .
وأضاف: إن كان هناك أشخاص يعتبرونها موضة وسرعان ما تزول، فلماذا استمرت
الأعمال الأمريكية والبريطانية حتى الآن ولم نر أحداً يتوقع لها الزوال؟
ويشير إلى أن هذا المنطق لا يخلو من نيات مبيتة ترتكز على مصالح كبيرة لا
يعرفها الشارع الذي دائماً ما يجنح لمشاهدة الأعمال التي يرى نفسه فيها بعد
أن بات يشاهدها في الدراما العربية بصورة أخرى لا ترضيه .
وأوضح الجسمي، أنه بذلك لا يبرئ كل المعروض من الأعمال المدبلجة، لكنه يرى
أن الإشكالية في كيفية التعامل مع المعروض منها، ويشير إلى ضرورة وجود آلية
يكون همها التبصير بأن هذا العمل المعروض ممتع لكنه لا يتفق مع ثقافتنا
وقيمنا العربية، بعيداً عن الأصوات العالية التي تشير إلى خطورتها علينا،
لأن ذلك، من وجهة نظره، يعطي هذه الأعمال قوة كبيرة، يحقق من ورائها
المنتجون والسماسرة أرباحاً هائلة، وتدفع صناعها إلى تقديم المزيد، ما يكون
وبالاً على المنطقة والدراما العربية أيضاً .
ويلفت إلى أن هذه الأعمال تضع للعرب فقط، وأنه لذلك تكمن القضية في القنوات
التي تعرض هذه الأعمال، مشيراً إلى أننا نعيش في زمن الفضائيات التي تقدم
ما يريده المعلن، بصرف النظر عن الأبعاد الفنية والدرامية والتنموية .
ويرفض الفنان سلطان النيادي ما يسميه “اللف والدوران” حول خطورة هذه
الأعمال، مؤكداً أنها مصيبة كبيرة على الدراما العربية والمشاهد أيضاً،
لأنها تقدم ما يتنافى مع قيمنا، حتى وإن كان منشأه دولة إسلامية، لأن هذه
الأعمال لا تخرج عن أنها استهلاكية تشترى بأموال ضخمة من قنواتنا
التلفزيونية .
وأضاف: هذه الأعمال لم تلق الرواج في بلادها، وهاجمتها الصحافة، فجاءوا بها
إلينا لنهتم بها، وندفع المشاهد إلى متابعتها، ذلك دفع بالمنتجين العرب إلى
التجويد في اختياراتهم لوجود منافس أجنبي، يعرض مادة رخيصة بلا محاذير،
لكنها تتميز بالشكل الجميل الواعي بالأبعاد والزوايا والحركة، بالإضافة إلى
التقنية العالية في الاخراج التي تفوق الدراما العربية .
ولفتت الفنانة هدى الخطيب إلى أن الدراما العربية مازالت مستهلكة لأنها
تنسخ نفسها في مصر وسوريا والخليج أيضاً، وهو ما دفع بالعديد من المنتجين
والقنوات الفضائية إلى تقليد الأعمال، المدبلجة، وقالت: نشاهد أعمالاً
عربية لا تمت للواقع العربي بصلة، فماتت فور عرضها، بخلاف الأعمال
التاريخية التى شاهدناها مؤخراً، ولا يقربها أعتى المنتجين الذين لا هم لهم
سوى البحث عن تحقيق الربح، فاندفعوا إلى الدراما التركية ودبلجوها وباعوها
.
ونوهت إلى ضرورة المطالبة بدبلجة أعمالنا العربية في تركيا، وفي المكسيك
وأوروبا أسوة بأعمالهم التي باتت تقض مضاجعنا، مشيرة إلى أنها تختلف كثيراً
مع ما تتردده دوماً الفنانة السورية لورا أبوأسعد حول أن فكرة الدبلجة ترجع
إلى المنتج أديب خير، لأن أول من قام بالدبلجة في العالم العربي هو المخرج
اللبناني نقولا أبوسمح الذي دبلج الكرتون والأعمال المكسيكية في التسعينات
من القرن الماضي، لذلك لا يمكن تقديم أحد عليه .
ويشبه المخرج محمود العباسي رواج الدراما التركية بموجة الأعمال المكسيكية
التي سادت خلال التسعينات ثم انتهت، لذلك يرى أنها ستنتهي قريباً رغم
ملامستها للواقع العربي الذي نعيشه، ولمشاعر المشاهدين الذين ارتبطوا بها
لجمال الأماكن التي تصور فيها، واختيار لغة تدفع إلى توهج المشاعر لدقائق
ثم انصدامها بالواقع الأليم بعد الانتهاء من مشاهدتها، ورفض رؤية العديد من
الأعمال الدرامية العربية .
وقال: دبلجة هذه الأعمال بلهجة سورية يوحي بأنها في النهاية تصنع لمنطقة
معينة، وهو ما يسهم في بقائها حتى الآن، في حين أنها إن دبلجت بلغة عربية
وسط، فإنها سوف تنتهي على الفور، لذلك يحرص أصحابها على عدم الاقتراب من
هدف اللغة الوسط .
وأضاف: هذه الأعمال حصدت نسبة مشاهدة عالية خلال السنوات الماضية خاصة
مسلسلي “نور” و”وادي الذئاب” وغيرهما، لأنها في مضمونها استهدفت المشاهد
العربي الذي تم دراسة نفسيته قبل الدفع بالدراما إليه بهدف التعرف إلى
احتياجاته .
ويرفض سليم الصايغ، رئيس مجلس إدارة تلفزيون “صانعو القرار” اتهام الأعمال
المدبلجة بفقر القيمة الفنية ومخالفة ثقافتنا، ويقول: هذا الكلام يعبر عن
الفشل العربي في مجال صناعة الدراما المنافسة، ولو كان لدى أصحاب هذه
الآراء دراما حقيقية تلامس مشاعر وأحاسيس المشاهد العربي ما جرأ أحد منهم
على إعلان رأيه العاجز، ويشير إلى أن لدينا أغاني مصورة ودراما أسوأ بكثير
من الأعمال الأجنبية المدبلجة وغير المدبلجة، وأنه لا يمكن لأحد إنكار ذلك
.
ولفت إلى أن الدراما المدبلجة، سواء أكانت تركية أو أوروبية تقدم بلغة
عربية صحيحة، وترسم جواً عائلياً جميلاً نفتقده، ما يجعلها تصب في مصلحة
المشاهد، بالإضافة إلى وجود أعمال إيرانية دبلجت بلغة رائعة أدت إلى قيام
الأطفال بترديدها، ويتهم الدراما العربية بأنها مازالت تقدم حكايات فارغة
ولا تقرب القضايا الجريئة التي يطرحها مسلسل “وادي الذئاب”، وتكتفي بالعبث
في الحارات المصرية والسورية، وخلق صراعات تافهة لا وجود لها .
وعن توقعات زوال هذه الصناعة قريباً، ترفض الفنانة والمنتجة السورية نورا
أبوأسعد في اتصال هاتفي هذا الكلام، مؤكداً أنها صناعة يعمل بها الآلاف من
الشباب المتخصص، ما دفعها إلى السير جنباً إلى جنب مع الصناعات الأخرى
كالسيارات والمواد الغذائية والملابس والمفروشات، وسوف تنمو للأفضل مع نمو
أشكال الإنتاج الإعلامي .
ونفت وجود سلبيات في هذه الأعمال، وإن وجدت، فإنها ترجع إلى القائمين على
دبلجتها لاستسهالهم في التنفيذ بأقل تكلفة بهدف تحقيق أعلى ربح، وتشير إلى
أن هذه الطريقة في التنفيذ هي التي تؤدي الى خلق الأصوات المعارضة
وارتفاعها مطالبة بوقف كل الأعمال المدبلجة، لأن الخطأ في كلمة أو جملة
يغير المضمون وقد يسيء للمشاهد نفسه، وهو ما يتطلب وجود رقابة من الشركة
التي تنفذ الدبلجة على كل الخطوات للحفاظ على شكل وروح وبيئة العمل الأصلي
.
وتساءلت أبوأسعد عن سبب هذه الضجة رغم أن الناس في تركيا لا يفعلون ذلك مع
الأعمال العربية المدبلجة إلى التركية ويكتفون بنقدها فنياً، وخير مثال على
ذلك في رأيها مسلسل “ليالي الحلمية” للكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة، الذي
ارتبط الناس به وباتوا يحافظون على مواعيد عرضه يومياً، ولم تقل الصحافة
أنها عطلت الناس عن أعمالهم مثلما قالت الصحافة العربية عندما عرض مسلسل
“نور” الذي قدم جرعة هائلة من الأحاسيس والمشاعر للمشاهد العربي . وتشير
إلى أنها بصدد دبلجة أعمال جديدة من أيرلندا ودول أخرى ستثير العديد من
التساؤلات وسوف تهجم عليها الصحافة العربية منذ لحظة عرضها على الفضائيات
التي تعاقدت معها . وهي تراهن على ذلك، لكنها في الوقت نفسه تسعى للتأصيل
لهذه الصناعة التي يستفيد منها آلاف الشباب على مستوى الوطن العربي .
وأشارت إلى أنها عرض عليها مؤخراً ترجمة أعمال درامية مصرية وسورية لتعرض
في تركيا وإيران وبعض دول أوروبا، وأنها بصدد توقيع العديد من العقود
قريباً، موضحة أن شركتها لم تقم بإنتاج عمل مدبلج على حسابها وإنما كل
الأعمال تنفذ لمصلحة تلفزيون أبوظبي ولشركات عربية أخرى، ومنها أعمال تركية
ومكسيكية وأوروبية .
وتصر أبوأسعد على أن فكرة الدبلجة ترجع إلى المنتج أديب خير، الذي كان على
علاقة جيدة بمحطة
M .B .C، والتقى مسؤوليها في مهرجان “كان” ،2006 وشاهدوا
أعمالاً تركية أخضوها للدبلجة، وبدأ بأول مسلسل مدبلج وهو “إكليل الورد”.
الخليج الإماراتية في
23/02/2011
بعضهم عاش أحداثها والآخر
غادرها
الفنانون السوريون في مواجهة
الثورة
دمشق - علاء محمد
مع تفجر الثورة الشعبية المصرية في الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني
الماضي، شلت الحركة تماماً في مصر، ما انعكس على حركة الفن والفنانين
المصريين والعرب ممن يعملون في مصر، وتضاربت الأنباء حول وضع عدد من نجوم
الدراما والسينما السورية ممن لهم أدوار رئيسية في هوليوود الشرق، فقيل
الكثير عن تقطع السبل بجمال سليمان وكندة علوش وجومانا مراد على وجه
التحديد، إلا أن المعلومات التي تم تداولها في الإعلام، صحفاً أو مواقع
إلكترونية، لم تكن دقيقة .
“الخليج” تبينت حقيقة الأمر من أصحاب الشأن، حيث حاورتهم بإيجاز، عن
أماكن وجودهم لحظة تفجّر الثورة، وعن مستقبلهم في مصر في هذا التحقيق .
“ليس من المنطقي أن يتحدث الإنسان في هذا الوقت عن عمله المهني تجاه
مصر والمصريين، فالأولى بنا أن نتحدث ونتمنى، أن تستقر الأوضاع هناك”، هكذا
بدأ الفنان جمال سليمان حديثه وتابع: كل ما آلمني منذ بدء الاحتجاجات في
الشوارع المصرية هو الصورة القاتمة التي ظهرت بها دولة عظيمة كمصر الشقيقة،
التي عملت فيها كما عملت في بلدي، وكرمتني إلى الحد الذي رحت أراها بلدي
الثاني بحق.
أما بالنسبة للعمل في مصر لهذا العام، فيؤكد سليمان أنه ليس محسوماً حتى
الآن، لا تأكيداً ولا نفياً، ويحتاج إلى وقت حتى نتمكن من بلورة ما ستؤول
إليه الأمور . وتابع قائلاً: لدي مسلسل لا أعلم إن كان سيرى النور هذا
العام أم لا، وهو مسلسل “الشوارع الخلفية”، تواصلت مع المخرج بعد اندلاع
الثورة، لكن لم نكن نتكلم في ما يخص المسلسل بل عن الأوضاع اليومية وأحوال
البلد، وحالي حال المصريين من أهل الفن، فإن هدأت الأمور وهو ما نتمناه
ستعود عجلة الدراما ويبدأ المخرجون بتصوير مسلسلاتهم، وبالتالي سأكون هناك
في مسلسل وربما أكثر، وإن “لا سمح الله”، استمرت الأزمة فسيتوقف الموسم،
وهذا لن يكون خسارة لجمال سليمان، وإنما خسارة لكل العرب التواقين لرؤية
الدراما المصرية كما في السنوات الماضية .
وعن معلوماته عما يجري والأحوال هناك قال: لم أكن في مصر عند بدء الثورة بل
كنت أستعد للسفر إليها، وقد ألغيت الرحلة بسبب ما حدث، لذا لا يمكنني
الحديث عما جرى .
كندة علوش وقعت هذا العام عقوداً لأربعة أفلام سينمائية ستلعب دور البطولة
في ثلاثة منها، وكان شهر فبراير/شباط الجاري هو موعد للبدء بتصوير أحدها،
لكن جاءت الثورة لتؤجل كل شيء .
وتقول كندة: كنت في مصر أثناء اشتعال الشارع، وقررت العودة مباشرة إلى
سوريا، لكن توقف رحلات السفر من وإلى مصر أعاق عودتي، وبعد حوالي الأسبوع
من الأحداث ذهبت إلى المطار ظناً مني أن هناك رحلة إلى دمشق، لكن الأمر لم
يتم، فاضطررت إلى المكوث يومين في المطار بانتظار الفرج، إلى أن تمكنت من
تأمين رحلة على الخطوط السورية لطائرة جاءت لتقل سوريين .
تتابع كندة حديثها عن الثورة: ليس لي موقف سياسي، فالمصريون خير من يتكلم
عن واقع بلدهم، وأنا ضيفة وحسب، وعندما تهدأ الأمور ويبدأ المخرجون
بالتصوير سأعود لتصوير أفلامي، لكنني لا أتوقع أن يكون الموسم الدرامي،
وحتى السينمائي لامعاً هذا العام، لكن بالمطلق، يجب على المصريين أن
يشتغلوا في الفن، فالفن هو رد فعل إيجابي على أي مأساة .
وعن متابعتها للأحداث هناك تقول: أتواصل بشكل يومي مع زميلاتي وصديقاتي في
مصر عبر الهاتف، وكم أشعر بالسعادة عندما أسمع أن أحوالهن بخير، ما يؤلم هو
أن تشاهد بلداً كبيراً، وله تاريخ عريق بحجم مصر يتعرض لما يتعرض له، لكن
كلي ثقة، ومن خلال معرفتي بالمصريين عن قرب، بأنهم سيتجاوزون هذه الأزمة
وبأسرع وقت، بغض النظر عن رغبتي في العمل في مصر لهذا العام من عدمه .
أما جومانا مراد، التي وقعت ثلاثة عقود للعام الحالي في الدراما والسينما
بمصر، فقد ظلت هناك من دون أن تتمكن من الخروج من القاهرة .
وقد أكد مدير أعمالها في سوريا، ومن خلال تواصله اليومي معها، أنها عاشت
حالة رعب منذ اليوم الأول لبدء الأحداث .
وقال: “منذ اليوم الأول شعرت جومانا برعب شديد وهلع سيطرا عليها، فقامت
بترك شقتها التي كانت تقيم فيها لتهرب إلى بيت إحدى صديقاتها من الممثلات
المصريات لتتجنب الوحدة في ظروف كهذه” .
وأضاف: “فكرت جومانا كثيراً بالمجيء إلى سوريا، لكن ضعف حركة الطيران من
وإلى القاهرة وبقية المدن المصرية حال دون تحقيق ذلك” .
واستطرد قائلاً “لكن بعد تركز التظاهرات مع تتالي الأيام في ميدان التحرير
دون غيره من المناطق في القاهرة، هدأت نفس جومانا وبدأت تتابع الأحداث
مثلها مثل أي شخص آخر” .
وبينما كانت تسعى جاهدة إلى الخروج من مصر أكد مدير أعمالها على لسانها
أنها لن تعود تفكر بذلك بعد أن اعتادت على الأجواء، وأنها تفكر بالبقاء في
القاهرة حتى تهدأ الأوضاع، وبعدها إما الذهاب إلى العمل إن بدأ المخرجون
بالتصوير حيث ستستأنف تصوير مشاهدها في فيلم “كف القمر”، وإما أن تعود إلى
سوريا حيث سيتعين عليها تصوير مسلسل محلي سوري في شهر إبريل/نيسان المقبل.
الخليج الإماراتية في
23/02/2011
ماذا يقول صناع
الدراما السورية عن «ثورة يناير»؟
ماهر
منصور/ دمشق
الروايات
والتفاصيل الإنسانية التي نمت على حواف الأحداث الأخيرة في مصر، ستتحول في
الأيام
القادمة إلى حكايات خصبة ومغرية لتناولها درامياً. ولعل ملامح تلك الأعمال
بدأت
تتبلور فعلياً في خطط الإنتاج الدرامية المصرية، فيتحدث المنتج السوري صلاح
طعمة
لـ«السفير» عن نية أحد أصدقائه المصريين، تنفيذ عمل عن «ميدان التحرير»،
وعن التنوع
الاجتماعي وما نشأ عنه من علاقات اجتماعية متعددة هناك».
أما الدراما السورية،
التي رصدت اهتماماً بالقضايا العربية، فإن صناعها اليوم ليسوا بعيدين عن
حكايات
ميدان التحرير. وهي الدراما التي تناولت القضية الفلسطينية، والحرب
اللبنانية،
والاحتلال الأميركي للعراق، ومؤخراً الثورة الجزائرية. ولن تكون بعيدة عن
نبض ثورة
شباب «الفايس بوك» في مصر.
وهذا ما يؤكده صنــاع الدراما السورية لـ«السفير»،
إذ يقول المخرج باسل الخطيب: «تشـكل «ثورة
يناير» في مصر مادة للكثير من
المسلــسلات والأفلام السينمائية، وهو منبر
جديد للفن التلفزيوني والسينمائي، وفتح
آفاق جـديدة أمام المبدعين العرب..».
ويؤكد الخطيب أنه «إذا عرض عليّ إخراج عمل
يتناول الثورة، فسأوافق حتماً. لا سيما
أنها انطوت على أحداث مصيرية كنا شاهدين
عليها، وتابعناها يوم بيوم..».
ويقول المخرج فراس دهني: «أنا مع أي عمل درامي
يتناول قضايا لها علاقة أولا بروح الشباب،
وثانياً بالتمسك بنبض الشارع بشكل
إيجابي.. على أن يحمل رسالة وطنية..».
ويرى الكاتب مــروان قاووق أن «ما حدث في
مصر يــجب أن يعالـج في الدراما
العربــية.. وهو مــوضوع يخص كل الناس، فلماذا لا
نكون متضامنين من الشعبين التونسـي والمصــري؟ وإذا طلب مني رصد أحدث
الثورة
المصرية الأخيرة في عمل درامــي، فــسأفعل وخصوصا أن الدراما اليوم باتت
أسرع وسيلة
للوصول إلى الناس».
ويرى السيناريست والكاتب نجـيب نصــير أن «تنــاول موضوع
الثـورة في الشــأن الدرامي الآن بهذه
السرعة هــو «نوع من الارتجـال والخفة، لأن
الوقت لم يزل مبــكرا جـداً.. فالقصة يجب أن تنــضج، ونحـن إلى الآن لـم
نفــهم كل
ما حدث... لذا علينا الانتـظار حتى تتضح معالم الثورة، وعنـدها سيكون واجبا
عليـنا
تناولها درامياً.. وإلا سيعتبر التجاهل في هذه الحالة تقصيراً».
ويلفت نصير إلى
أن هــناك العديد من المخرجين الذين قد يتناولون موضوع الثورة، حين يأخذون
لقطات من
نشرات إخبارية أو ما شابه. ولكن هذا التناول هو مجرد تقديم تحيـــة للثورة،
وليس
أكثر».
من جهته، لا يــتوقع المنــتج صلاح طعــمة أن تتطرق الإنتاجــات
الدراميــة العربية لموضــوع الثورة المصريـة قريـباً لأسباب تســويقية.
ويعتقد
بـأن عمــلا دراميــاً كهذا لن يبــصر النــور، ولن تحبذ الفضائيات العربية
تبني
عرضه في الوقت الحالي.
السفير اللبنانية في
23/02/2011
هوية بصرية جديدة
إبراهيم حاج عبدي
على خلاف التصريحات التي تطلقها وزارات الإعـــلام العـربـيــة حول نيتها
في
تغيير الهــويــة البــصرية لشـاشاتــها بــقصد الجاذبية
والتطوير، فإن هذه الهوية
البصرية الجديدة المنتظرة قد تغيرت فعلياً منذ أكثر من شهرين، ولكن ليس
بجهد «رسمي»، بل في شكل قسري فرضته الجماهير
الغاضبة، فنرى مشاهد الجموع تحتل الشاشات
لتذكرنا ببيت للشاعر السوداني محمد الفيتوري يقول: «الملايين
أفاقت من كراها ما
تراها ملأ الأفقَ صداها».
من النادر، ومنذ أسابيع، أن نجد خبراً عن قمة أو مؤتمر أو اجتماع يظهر فيه
المسؤولون، وكما جرت العادة، وهم منهمكون في «ترتيب أحوال
الرعية»، والبحث عن السبل
الكفيلة بتحقيق تطلعاتها ومصالحها! ولكن يبدو أن «الرعية» ملت من الانتظار
ومن
الكلمات المنمقة والوعود المؤجلة، وراحت تبحث بنفسها عما يحقق أمانيها
وآمالها،
لتكون هي مبتدأ الخبر ومنتهاه. في مثل هذه الأخبار، لن نجد
السيارات الفارهة وقاعات
الاجتماع الفخمة والولائم الباذخة، بل على العكس، سنصغي الى صرخات الغضب
وأنين
الجرحى، وسنرى ملامح البؤس والشقاء على وجوه أرهقها الزمن، تماماً كتلك
الصيحة
الموجعة التي يطلقها الرجل التونسي، وهو يمرر يده على شعره
الأشيب، والمرارة تعتصر
صوته الباكي: «هَرِمْنا...هرمنا في انتظار هذه اللحظة التاريخية».
جموع تموج وسط غابة من اللافتات والرموز والشعارات التي لم تعتدها
الكاميرات ولا
أعين المشاهدين، فهي تعلي قيمة الوطن فقط. جموع تتصدى لكل
آليات القمع من السيارات
التي تسير بسرعة جنونية لتحصد أرواح أبرياء، إلى الهراوات والعصي وأعقاب
البنادق
إلى الغازات المسيلة للدموع... وغيرها من الوسائل، وصولاً إلى استخدام
الذخيرة
الحية التي لم تنفع في إخماد الغليان وموجات الاحتجاج العاتية.
هي هوية مختلفة، إذاً، وصورة أخرى مغايرة راحت تغزو الفضائيات، وعلى رغم
أدوات
الحجب والتشويش والتعتيم الإعلامي، لكن الصور، وبمعونة
التكنولوجيا، تتسرب إلى
الشاشات على هذا النحو أو ذاك. وهي صور لا تنقل الحدث فقط، بل أحدثت
إرباكاً في
ذهنية المؤرخين وعلماء الاجتماع الذين أسهبوا في حديث يقول إن «هذه المنطقة
راكدة،
وهي غير مؤهلة للتغيير». لكن الأحداث الدراماتيكية قوّضت هذا
التصور النمطي، ولعل
الوثائق الهائلة المصورة التي ستستقر في أرشيف الفضائيات ستبرهن خطأ تلك
النظرة
النمطية، وستشغل الباحثين طويلاً للتنقيب في أسرار ما جرى.
هذه الهوية البصرية الجديدة لا تأبه بأناقة الصور «الرسمية» التي يجري
توليفها
بدقة متناهية بحيث لا يخالطها أي خدش أو خطأ. هنا الصور تأتي
عارية، مباشرة، من
فوضى الشارع ومن عتمة الزوايا الفقيرة والأحياء المنسية، ولا غضاضة في أن
تكون
مشوشة حيناً، مهتزّة أحياناً، ومفتقرة الى الضوابط المهنية في أحيان أخرى.
لكنها،
في كل الأحايين، تعيد ترتيب أوراق المشهد السياسي، وتشهد على
تحولات كبيرة فاقت كل
التوقعات.
الحياة اللندنية في
23/02/2011
عين واحدة لفضائيات
ليبيا واليمن والبحرين
ماهر
منصور/ دمشق
الغموض
الإخباري، ونهج النظر بعين واحدة، ومحاولة حجب الشمس بغربال، تبدو جميعها
السمات
الأساسية للسياسات الإعلامية العامة التي تتبعها الفضائيات
العربية الرسمية في
البلدان التي تندلع فيها اليوم مواجهات شعبية مطالبة بتغيير أنظمتها
الحاكمة أو
إصلاحات سياسية واجتماعية فيها.
وبينما ينشغل عدد من الفضائيات العربية بملاحقة
ما يوفره لها شهود العيان وكاميرات الهواتف المحمولة، حول الأحداث
الميدانية في
ليبيا واليمن والبحرين، تمضي الفضائيات الرسمية في هذه الدول في عملها
الإعلامي كما
في أحوال البلاد الطبيعة، أو أنها تسير على حافة الأحداث بما
تمليه عليها مصلحة
النظام. ففي الساعة الأولى من يوم الاثنين الماضي، على سبيل المثال، يمكن
للمشاهد
أن يرصد اكتفاء فضائيات «الليبية» و«الجماهيرية» و«الشبابية» و«ليبيا
الرياضية»
مثلاً ببث الأغاني الوطنية، أو رصد المظاهـــرات المؤيـــدة للنظام الليبي
الحاكم.
وحين يعود البث الفضائي إلى الاستوديوهات
يطل علينا مقدم ومقدمة، على خلفية شعار
يقول « أقوى من المحن» ليتحدث الاثنــان بطريقة وعظية عن معاني
الانتماء والوطنية.
ويختلفــان حول ما إذا كــان ما يحدث اليوم في ليبيا صدعاً أم شقاً
بسيــطاً، في
إطار حديثهما عن كلمة مرتقبة لنجل الرئيس القذافي سيف الإسلام. ثم يأمل كل
منها أن
ترمم كلمة الأخير تداعيات ما يحدث على الأرض.
وتتبع فضائية «البحرين» مبدأ «شيء
منه ولا كله». فيعرض برنامج حواري عودة الهدوء إلى شوارع العاصمة، مدعماً
بريبورتاج
يصور حركة السيارات في الشارع. ويتحدث مقدما البرنامج إلى مقدم في شرطي
المرور
للاطمئنان أكثر على الحالة المرورية، قبل أن يستقبلا ضيفاً
للحديث عن الهدوء وضرورة
الحوار. ثم سرعان ما يذهب البرنامج الحواري إلى مواضيع أخرى أبعد ما تكون
عن
الأحداث، منها على سبيل المثال لقاء مع موهبة فنية شابة.
أما فضائية «اليمن»
تبدو الأبعد عن الأحداث، فتبث محاضرات
نقدية عن جماليات اللون في قصائد شعرية...
هي صورة تجعلنا على كل حال نحنّ إلى زمن القنوات الأرضية. فيومها على
الأقل،
كنا نجهل ما يحدث في بلدان أخرى. وكنا نرتاب أحياناً بما تبثه
إذاعتا «لندن»
و«مونتي كارلو»، باعتبارهما تابعتين لمستعمرين قدامى للعرب. لكننا على
الأقل، لم
نكن نشعر بأن هناك من «يستغبي» عقولنا، عقول جيل صنعت اليوم التكنــولوجيا
ثورته في
مصر وتونس.
ترى، هل تخرج علينا الفضائيات قريباً بخبر عاجل، مفاده أن فضائيات
ليبيا واليمن والبحرين لم تسمع باحتجاجات شعوب بلدانها بعد؟
السفير اللبنانية في
24/02/2011 |